تُظهر الحالة الحقوقية لدى دول الخليج العربي حالة تراجع كبير في الحريات يتبعها ارتفاع مستوى الانتهاكات، ويظهر ذلك في السياسات التي اتبعتها السلطات تجاه المعارضين أو النشاطين في منطقة الخليج، حيث أعمال التعذيب والاعتقالات والمداهمات، والتمييز بحق النساء والتوقيفات التعسفية وقمع وجهات النظر.
في هذا التقرير تسلط مجلة “مواطن” الضوء على أبرز الانتهاكات التي تم رصدها بحق المعارضين والنشطاء في عدد من دول الخليج العربي أهمها، “السعودية، والبحرين، والكويت، وسلطنة عمان، وقطر“.
السعودية
انتهاكات وقضاء سري
رأت “منظمة العفو الدولية” أن النظام القضائي السعودي يعاني نواقص أساسية تؤدي لارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان. ما دفعها لمناشدة لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة بأن تولي اهتمامًا خاصًا بالوضع الخطير في السعودية، وشجبت “المنظمة” النظام القضائي السعودي “القائم على السرية” والتمييز بحق النساء والعمال المهاجرين والأقليات الدينية مثل الإسماعيليين في محافظة نجران، بدورها طالبت منظمة “هيومن رايتس ووتش”، السعودية بالتحقيق الفوري في ادعاءات بسوء معاملة السلطات لأشخاص بارزين، احتُجزوا في نوفمبر الماضي، ومحاسبة المسؤولين، ورأت “العفو الدولية” أن “سوء المعاملة المزعوم في فندق “ريتز كارلتون” يشكل ضربة خطيرة لمزاعم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بأنه إصلاحي عصري، محذرة من أن الاعتقالات الجماعية التي جرت تثير مخاوف تتعلق بحقوق الإنسان، ويبدو أنها تتم خارج أي إطار قانوني معروف، حيث يُجبر المعتقلون على تقديم أصولهم المالية والتجارية مقابل حريتهم.
قتل وتعسف
تضمن التقرير السنوي للخارجية الأمريكية حول حالة حقوق الإنسان، أن أكبر انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها السلطات السعودية تشمل “القتل غير الشرعي، والتعذيب والاعتقالات والتوقيفات التعسفية للمحامين والحقوقيين والمعارضين والمعتقلين السياسيين؛ والتدخل التعسفي في الحياة الشخصية وتقييد حرية التعبير عن الرأي”. أيضًا شمل تقييد التجمع السلمي والتجمهر وتقييد حرية المعتقد وحرمان المواطنين من إمكانية اختيار الحكومة عبر انتخابات حرة وعادلة، وتجارة البشر واستخدام العنف ضد النساء والتمييز الجنسي وتجريم النشاطات الجنسية لأحد الجنسين”، إضافة لذلك تواصل السعودية العملية العسكرية الجوية في اليمن بصفتها زعيمًا للتحالف العربي العسكري.
سلطنة عمان
وفاة حسن البشام
توفي، السبت الثامن والعشرين من أبريل من العام الجاري، الدبلوماسي العُماني السابق «حسن مبارك البشام»، داخل زنزانته بسجن سمائل، عن عمر يناهز 52 عاما، حيث كان يقضي حكما بالسجن لمدة ثلاث سنوات بسبب آرائه على مواقع التواصل الاجتماعي. وهو الأمر الذي جعل نشطاء وحقوقيين متعاطفين معه يدشنون، وسما على «تويتر»، حمل اسم «حسن البشام في ذمة الله»، نعوا فيه «البشام» وعددوا مناقبه. وكانت منظمات حقوقية منها “الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان” ومركز الخليج لحقوق الإنسان، قالت في تقارير سابقة، إن “البشام”، تعرض للتعذيب حتى أصيب بالشلل عندما كان معتقلا.
دعوات للإفراج عن عبدالله حبيب
وجه التحالف العُماني لحقوق الإنسان والذي تم تأسيسه في مارس 2018، والمكون من مركز الخليج لحقوق الإنسان، والمركز العُماني لحقوق الإنسان، والجمعية العُمانية لحقوق الإنسان، ومركز مواطن لحرية الصحافة، الدعوة لإطلاق سراح الكاتب والناقد السينمائي والناشط عبدالله حبيب، الذي أيّدت محكمة استئناف مسقط بتاريخ 02 إبريل 2018، الحكم بسجنه لمدة 3 سنوات مع تنفيذ 6 أشهر فقط، وقال التحالف في بيانه: “وُجهت إليه تهمة انتهاك المادة 19 من قانون جرائم تقنية المعلومات وذلك بسبب “استخدام الإنترنت في ما من شأنه المساس بالنظام العام للدولة” بالإضافة إلى تهمة “ازدراء الأديان”. إنها تهم غالبًا ما يتم فرضها على المدافعين عن حقوق الإنسان بما في ذلك نشطاء الإنترنت”. داعيًا السلطات إلى إطلاق سراحه وإسقاط التهم الموجهة ضده.
قانون الجزاء الجديد
واعتبر المركز العماني لحقوق الإنسان أن المادة 269 من قانون الجزاء الجديد (العقوبات) بصيغتها الراهنة، أو نصها السابق في قانون الجزاء السابق (المادة 2019) استُخدمت أكثر من مرّة ضد ناشطين عبّروا عن آرائهم الدينية، وعُوقبوا بناءً عليها بالسجن والغرامة، منهم: حسن البشّام الدبلوماسي السابق، وعبدالله حبيب الكاتب والمترجم والناشط على فيس بوك. وآخرون نشروا مقالات انتقدوا فيها بعض جوانب التاريخ الإسلامي، وبسببها هُدِّدوا بالسجن إن نشروا في نفس الموضوع وأجبروا على توقيع تعهد بعدم العودة للكتابة مرة أخرى في المواضيع نفسها، وبشكل عام يرى “المركز” أن القانون يقمع كل وجهات النظر المخالفة ولا يحمي الملحدين أو الناشطين في أي مجال، وأنه يسن عقوبات تمييزية صارمة على هؤلاء.
قطر
تعزيز العقوبات.. (العتيبي) مثالًا
قدمت “منظمة الكرامة” الحقوقية، تقريرًا موازيًا في نهاية مارس، للجنة مناهضة التعذيب بالأمم المتحدة حول قطر، أشار التقرير لحالات انتهاكات هناك منذ آخر مراجعة لها في 2013، وقصور في التشريعات المحلية بشأن التعذيب وسوء المعاملة. وحول التعذيب أدرجت قطر في قانون العقوبات تعريفًا للتعذيب مطابقًا لما ورد في المادة 1 من اتفاقية مناهضة التعذيب، إلا أنها لم تضمنه أية أحكام لضمان عدم الاحتجاج بأي ظروف استثنائية لتبرير التعذيب أو سوء المعاملة، كما أن قطر عززت العقوبات على مرتكبي التعذيب، لكن القانون لم يحدد العقوبة الدنيا، وبالتالي لا يأخذ بعين الاعتبار خطورة الجريمة، من جانب آخر تلزم المادة 16 من الاتفاقية الأمنية بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية لعام 2012 الدول الأطراف “بتسليم الأشخاص الموجودين في إقليمها الموجه إليهم اتهام، أو المحكوم عليهم من السلطات المختصة لدى أي منها”، وهذا ما يجعل المقيمين عرضة للإعادة القسرية على خلفية مجموعة من الجرائم غير المحددة، واستشهدت “الكرامة” بـ “محمد العتيبي”، الحقوقي البارز، والذي تم اعتقاله في الدوحة بينما كان في طريقه للنرويج للحصول على اللجوء السياسي، وتم تسليمه للسعودية في مايو 2017.
وأدت التشريعات القطرية المتعلقة بمكافحة الإرهاب، لانتهاكات عديدة للإجراءات القانونية. فعلى سبيل المثال، هناك “محمد مشعاب” الذي جرى اعتقاله في ديسمبر 2015 بدون أمر قضائي. وتعرض للمعاملة السيئة واحتُجز انفراديًا حتى أغسطس 2016. وما زال رهن الاحتجاز بالدوحة.
البحرين
تقييد للحريات ومداهمات
احتلت البحرين المرتبة الأولى بين بلدان الشرق الأوسط من حيث معدل السجناء وفقًا لـ”لائحة موجز السجون في العالم”، من بينهم خمسة بالمئة نساء ونحو ثلاثة بالمئة من الأطفال، ويبلغ عدد السجناء 4 آلاف سجين.
من جانب آخر أعلن “منتدى البحرين لحقوق الإنسان” رصده 1668 انتهاكًا لحقوق الإنسان خلال مارس الماضي، بمعدل زيادة يقترب من الثلث على الشهر السابق، وذلك تزامنًا مع إصدار القضاء أحكامًا بالسجن وإسقاط الجنسية عن 24 مواطنًا بتهمة تشكيل “جماعة إرهابية”، وتسجيل 115 اعتقالًا تعسفيًا، بينهم 31 طفلًا و42 حالة اختفاء قسري، و489 مادة إعلامية ورسائل تحرض على الكراهية ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء السياسيين. وزيادة وتيرة الانتهاكات خلال مارس عما سبقه، بمعدل 563 انتهاكًا، بينها مداهمات للمنازل، وقمع الاحتجاجات السلمية، وتقييد حرية التنقل.
اليمن
عمليات اغتصاب وإعدام
أكدت “هيومن رايتس ووتش” أن مسؤولين حكوميين يمنيين عذبوا واغتصبوا وأعدموا مهاجرين وطالبي لجوء من القرن الإفريقي بمركز احتجاز في مدينة عدن جنوب اليمن. وحرمت السلطات طالبي اللجوء من فرصة طلب الحماية كلاجئين، ورحلت مهاجرين بشكل جماعي في ظروف خطيرة عبر البحر، ومنعت السلطات اليمنية المنظمات الإنسانية الدولية التي زارت المركز من فحص المهاجرين المصابين بإصابات خطيرة نتيجة الضرب الشديد.
من جانب آخر، طالبت “منظمة العفو الدولية” الحوثيين بإلغاء حكم الإعدام الصادر بحق المواطنة اليمنية أسماء العميسي والتوقف عن إصدار هذه الإدانات والأحكام غير الآمنة، مشيرة إلى أن أحكام الإعدام الصادرة بحق أسماء وبعض أقاربها جاءت فى أعقاب محاكمة بالغة الجور، وقد ترقى هذه الانتهاكات لجرائم حرب، مشيرة إلى أن الجماعات الحوثية تمارس عمليات إخفاء قسري وتعذيب ومنع الاتصال بذوي المعتقلين والمحتجزين.
الكويت
تمييز ضد المرأة وأحوال العمالة
أوضحت “وزارة الخارجية الأميركية” في التقرير السنوي لها أن هناك تمييزا ضد الكويتيات، في ظل حرمان المرأة القدرة على منح الجنسية لأبنائها في حال زواجها من غير الكويتي. وفيما يتعلق بالحريات العامة، ذكر التقرير أن الحكومة الكويتية تراقب ما يتم كتابته على شبكة الإنترنت، لافتًا إلى وجود ما أسماهم «معتقلين سياسيين»، أما فيما يخص العمالة الوافدة، فذكر التقرير أنها تعمل تحت ظروف غير طبيعية، ويصل عدد ساعات العمل لأكثر من 48 ساعة في الأسبوع.
الإمارات
أحوال المعتقلين.. أبرزهم “بن غيث”
وقال “المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان” إن الأكاديمي الإماراتي ومعتقل الرأي ناصر بن غيث، ممنوع من الزيارة أو التواصل معه، من قبل إدارة سجن الرزين منذ دخوله الإضراب، وسط تخوف من تدهور حالته الصحية، خاصة أن حالته الصحية غير جيدة، وحمّل المركز سلطات الأمن المسؤولية الكاملة عما قد يتعرض له “بن غيث” داخل المعتقل.
دعم ميليشيات مسيئة
من جانب آخر ذكرت “منظمة هيومن راتيس ووتش” أن هناك انتهاكات جسيمة ترتكبها القوات الإماراتية جنوب اليمن، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن الإمارات لا تعمل منفردة بل مع الولايات المتحدة الأمريكية. مبينة أن الإمارات تدعم مليشيات مسيئة تنفذ بدورها حملات أمنية جنوب اليمن، وتدير مرفقين غير رسميين للاحتجاز في اليمن، ويتعرض المعتقلون إلى الانتهاكات والتعذيب داخل المرافق التي تديرها القوات الإماراتية والقوات المدعومة من “أبوظبي”.