بالنظر في خريطة منطقتنا العربية، لا نرى فقط خطوط وحدود جغرافية تُعيق الحركة والتكامل، بل نشهد نزيفًا مستمرًا للشعوب العربية في شكل أزمات اقتصادية واجتماعية تعصف بالمنطقة من أقصاها إلى أقصاها. في هذا العالم الذي يتسم بالسيولة وسرعة التحول، وفي ظل تحديات إعلامية ضاغطة، يسرنا في “مواطن” أن نقدم لكم هذا الملف الخاص تحت عنوان “الاقتصادات العربية ومرايا أزماتها” من إعداد وتحرير “شبكة فبراير”، والذي يعد ثمرة جهد مشترك بين مجموعة من أبرز المنصات الإعلامية المستقلة في المنطقة العربية. هذا الملف الذي يسعى إلى تجاوز السطح ليخترق العصب العميق للأزمات، في محاولة لتفكيك أزمة تلك الاقتصادات العربية.
عبر هذا التعاون نسعى للتأكيد على أهمية الصوت المستقل في رصد الواقع ونقل الحقائق والقصص التي تمس جوهر الإنسان العربي في لحظتنا الراهنة الصعبة. إذ تأتي أهمية هذا المشروع المشترك من كونه يجمع بين رؤى متعددة من داخل الأزمات التي تعصف بمنطقتنا، ويعكس التزام هذه المنصات بالإضاءة على الحقائق بعيدًا عن ضغوط الأجندات السياسية أو التجارية.
وفي هذا السياق، لا يسعنا إلا أن نشيد بالدور الكبير الذي قامت به “شبكة فبراير” ومحررا الملف “قاسم البصري” و “بيسان كساب”، ليس فقط على تنسيق الجهود، بل أيضًا في تقديم دعم متواصل لمختلف مراحل المشروع. هذا الجهد الجماعي يمثل رمزًا للأمل في قدرة الإعلام المستقل على لعب دور حيوي في نقل صورة واقعية لما يحدث في منطقتنا، والإسهام في تشكيل وعي جماعي أكثر عمقًا وشمولًا.
من سوريا التي أنهكتها الحرب والانقسامات، إلى لبنان الذي يغرق في دوامة أزمات سياسية واقتصادية، مرورا بفلسطين الصامدة في وجه العدوان، إلى الخليج العربي الذي يواجه لأول مرة في تاريخه الحديث ضغوطات اقتصادية مع التحديات البيئية، يروي هذا الملف قصصًا من قلب المعاناة والأمل، لنقدم لكم صورة بانورامية متعددة الأبعاد عن واقع هذه الاقتصادات.
نأمل أن يكون هذا العمل المشترك خطوة نحو فهم أعمق لما تمر به هذه الدول، ودعوة مفتوحة للنقاش والتفكير في مستقبل أكثر عدلًا وإنسانية.
*مقدمة “مواطن” لملف (الاقتصادات العربية وأزماتها)