تتجه شوانه الفارسية – معلمة مدرسة – يوميا للمنزل واضعة كامل مسؤوليتها على مربية المنزل الفلبينية التي استقدمتها من أجل الاعتناء بأطفالها بعد أن اختارت هذا الوضع حلا مناسبا يمكن أن يبقي أطفالها بأمان خلال فترة عملها بـ المدرسة. وبين ساعات الدوام يبقى التفكير معلقا بما تفعله عاملة المنزل مع الأطفال، حيث تقول:” كثيرا ما كنت أخرج خلال ساعات الدوام من المدرسة لأتفقد أطفالي وافاجأ العاملة بوجودي حتى أشعر بأن الأوضاع مستتبة في المنزل، لاسيما بعد سماعي لعدد من القصص التي أفقدت زميلاتي بالعمل الثقة في عاملات المنازل“.
إنها أزمة جديدة بدأت تتكشف بين عدد من العاملات العمانيات في المؤسسات الحكومية والخاصة في السلطنة وباتت الأصوات تتعالى للمطالبة بتنفيذ إلزامي وفوري لحقوق الطفل تتكفل به الحكومة وتنفذه كافة المؤسسات على مختلف الأصعدة . تقول خديجة اليعقوبي – وهي معلمة بمدرسة تبعد قرابة 50 كيلو متر عن منزلها – : “قمت بجلب عاملة منزل آسيوية للبقاء مع أطفالي ولكن فكري وذهني يبقى معلقا طيلة فترة الدوام، فبعيدا عن الآثار السلوكية والاجتماعية التي تؤثر بها هذه العاملة على أطفالي ؛ أنا لست متأكدة فعلا من أنها تحسن معاملتهم ويحصلون معها على الرعاية التامة” . وتضيف ” على صعيد المدرسة وعلى صعيد الوزارة بشكل عام ، أرى تجاهلا صريحا لحقنا في رعاية أطفالنا؛ فحين أضطر للذهاب لعلاج طفلي المريض بالمستشفى يتم احتساب اجازتي بشهادة حضور وهو ما يقلل أيام اجازتي المسموحة، كما أن التعاطي مع حالاتنا في المدارس ومن جانب اداراتها غير مرن بتاتا” . وتتساءل :” إلى متى نبقي الحال كما هو ؟؟ هل وصلنا إلى مرحلة نختار بها بين العمل ومواجهة أعباء ومصاريف الحياة وبين تربية أطفالنا وضمان عدم انتهاك حقوقهم من جانب مؤسسات حكومية لا تنفذ القوانين – التي أقرّتها سلفا– وبين عاملات منزل يختلفن عنا في السلوك والأخلاق والقيم. أعتبر أن ما يحدث الآن ستكون له نتائجه الكارثية على أطفالنا وهذا بسبب سعينا للعمل والتقليل من أعباء الحياة“.
أحلام الحضرمي – موظفة – تقول: “كثيرا ما سمعت عن رغبة الكثير من الزميلات في العمل تركه بسبب خوفهن من مستوى الرعاية الموفرة لأطفالهن أو بعد سماعهن لقصص ثبت فيها تعرض أطفال للخطر أو الأذى بسبب تغيب الأم عن المنزل لفترات طويلة. [box type=”shadow” align=”alignleft” width=”150px” ]القرار الوزاري رقم 20019 يقضي بتشكيل لجنة لمتابعة تنفيذ اتفاقية حقوق الطفل. [/box] لقد أصبحت هذه القضية ملحة على صعيد المجتمع و المؤسسات الحكومية. تقول لي إحدى الزميلات: متى أصبح لديك أبناء ستفكرين بترك العمل !”.
وترى أحلام أن عدم تطبيق السلطنة لبنود قوانين حماية الطفل ورعايته : كاتفاقية حقوق الطفل التي وقعت عليها السلطنة منذ ما يزيد عن 15 عاما يعد “انتهاكا لحقوق الطفل“، ذلك أن اشعار العالم بوجود مثل هذه القوانين في السلطنة هو إلزام حقيقي بتنفيذها. كما تعتقد أن الوقت قد حان لنشر الوعي بين أفراد المجتمع لكي تناقش كل فئة حقوقها وتطالب بتفعيل هذه الحقوق بصورة عاجلة ولابد من جهات معنية تؤدي أدوار الرقابة خصوصا في البدايات.
لكن أمل الزدجالي – مهتمة بمجال الطفل والأسرة – تعتقد أن تاريخ السلطنة في مجال حقوق الطفل مليء بالانجازات المشرفة لكن هناك ضرورة ملحة في الوقت الحالي لوجود هيئة معنية بالطفل وحقوقه وهي تضطلع بأدوار مراقبة تنفيذ هذه الحقوق على مستوى مؤسسي وعلى مستوى الافراد. [box type=”shadow” align=”alignleft” width=”160px” ]انضمت السلطنة لإتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل في 11يونيو 1996م. [/box] وتقترح أمل أن يتم تكثيف المطالبات لتعديل الوضع الراهن للمرأة لاسيما مراعاتها في فترة الأمومة وتقليل ساعات العمل والمرونة في التعاطي مع ساعات الرضاعة وإيجاد حلول بديلة كالتي اتخذتها بعض المدارس بالسلطنة – كمبادرات فرديه – عبر انشاء حضانات لأطفال العاملات داخل المدارس .