عدد من الزيارات التي قام بها ممثلون عن اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان لسجن سمائل المركزي، تم نشر تفاصيلها عبر وسائل الإعلام، في الوقت الذي تناقلت فيه وسائل الإعلام تصريح رئيس اللجنة – في وقت سابق- حول خلاصة الزيارات المستمرة التي قام بها مختصون لسجن سمائل والتي لمست من خلالها اللجنة مميزات ملحوظة للسجن في ما يتعلق ببرامج اصلاح السجناء وأماكن التغذية والترفيه والتسلية ونشر ثقافة الاندماج مع المجتمع.تنشر مواطن هذا التقرير حول شهادات سجناء رأي سابقون، حيث يسردون خلاصة تجربتهم، وما تم ملاحظته خلال فترة مكوثهم في سجن سمائل المركزي ومراكز التوقيف.
مراكز توقيف “تفتقر” للمعايير الصحية
تحدث عدد من السجناء السابقين عن معايير صحية سيئة تعاني منها مراكز التوقيف المؤقتة؛ حيث قال- سجين الرأي السابق- محمود الجامودي “أن مراكز توقيف السجناء تجمع كافة المساجين بدون تصنيف لنوع الجرائم أو حالات المساجين أو أعمارهم؛ وبالتالي تكون هناك فرصة لوجود حالات مرضية قابلة للعدوى منها مرض الإيدز خصوصا بين أولئك المتعاطيين أو المروجين للمخدرات عبر الإبر”. ويضيف : ” من خلال مشاهداتي، لاحظت أن عدداً من السجناء يستطيعون ادخال الابر المخدرة إلى مراكز التوقيف أثناء غياب التفتيش الكلي أو انعدام الرقابة. بعض السجناء يعترفون أنهم مصابون بأمراض معدية كمرض الايدز، ويتم فصلهم ولكن ليس هناك ثمة فحص طبي يستطيع التعامل مع هذه الحالات على اختلافها “.
ويعتبر الجامودي أن سعي الحكومة الحالي لتطبيق ما يعرف “بالحكومة الالكترونية” ينبغي أن يتم تطبيقه على مثل هذه الأوضاع الحساسة؛ فالسجل الصحي لأي فرد يتعرض للسجن أو التوقيف يشترط أن يتم الوصول إليه بسرعة، واستخراج المعلومات الخاصة منه لمعرفة إصابته بأي مرض وعزله مباشرة. ويقول : ” لا يوجد أعمار محددة لدمج السجناء في مراكز التوقيف ، حيث يحدث أن يتم سجن أشخاص يتجاوزون الخمسين عاما مع شبابٍ مراهقين، وهو ما يشكل خطورة على هذه الفئة، ودافع نحو انتشار ممارسات غير أخلاقية”.
“ملف المختلات شعوريا”
ونشرت – سجينة الرأي السابقة- باسمة الراجحي على صفحتها على تويتر تغريده تحدثت فيها عن سجينات وصفتهن “بالمختلات شعوريا”، وليس ضدهن أحكام أو قضايا؛ ولكن تم سجنهن بسجن سمائل المركزي تحت بند ” التحفظ” عليهن . وعقب التغريدة التي أثارت “حفيظة كثيرين”، قال ممثلون من اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان إنهم زاروا السجن المركزي للتعرف على هذه الحالات، وأكدوا وجودها بالسجن مبررين أنه تم التحفظ على هذه النساء، وذلك لحالتهن العقلية والذهنية السيئة و رفض ذويهن الاهتمام بهن. وأشارت ماجدة المعمري – ممثلة للجنة عبر صفحتها على تويتر في وقت سابق- إلى أن اللجنة اطلعت على أحوال هذه الفئة من النساء وأكدت أن السبب من بقائهن في السجن هو رفض عائلاتهن الاعتناء بهن.
باسمة الراجحي أكدت لمواطن أنها خلال فترة السجن، علمت أن 3 حالات لمختلات شعوريا يتم التحفظ عليهن بالسجن، وأوضحت أنهن يعانين من حالات ذهنية وعصبية، ويتم وضعهن في غرف وزنازين انفرادية . وأضافت : “غالبا ما كنت أسمع أنه يتم تخديرهن بدلا من تقديم البرامج التأهيلية أو الارشاد النفسي. وجودهن ضرر على أنفسهن وعلى السجينات الأخريات كما أنه مخالف لحقوق الإنسان”. بينما تقول بسمة الكيومية – سجينة رأي سابقة- : “لا يبدو أن الشرطيات مؤهلات للتعامل مع مثل هذه الفئات، خصوصا مع طول فترة مكوث السجينات لسنوات في زنازين انفرادية” . وتضيف :” كنا نسمع أحيانا صراخهن لعدم خروجهن من الزنازين لأيام .. تلك حالة مريعة وغير إنسانية”
وتشير الراجحية إلى أن بين هذه الحالات – حسبما عَلِمت – سجينتين مختلات شعوريا، ولكن صدر بضدهن أحكام: أحدهما حكم بالإعدام، وأخر سجن لـ 15 عاما. كما أشارت أيضا إلى وجود سجينات غير عمانيات تم الإبقاء عليهن في السجن لفترة تزيد عن المدة المسموحة قانونيا، حيث تقول : ” الإبقاء على مثل هؤلاء السجينات ليس مخالفة للقانون فحسب، بل هو إهدار للمال وجهود العاملين بالسجن”. إضافة إلى ذلك، تتحدث الكيومية عن انعدام النصائح القانونية والاستشارات لمثل هذه السجينات، مما يؤدي إلى غياب حقهن أحيانا، وتثبيت الأحكام ضدهن دون أن يدركن ذلك . وتشير إلى أن عدد من السجينات هن من ديانات غير الإسلام، وبحاجة إلى ممارسة طقوسهن الدينية، أو الاتصال بمؤسساتهن الدينية، وإلا عدم الإبقاء عليهن لفترات طويلة في السجن. كما تتحدث الراجحية عن انعدام البرامج التأهيلية للسجينات، وغالبا ما تكون هناك برامج دينية فقط تتكرر كل عام من قبل واعظات “لسن مؤهلات”، وأحيانا يتم عمل ورش خاصة بالرسم أو الخياطة . وتقول الكيومية : “هناك شح كبير في البرامج التعليمية والثقافية والإصلاحية، أو تلك المرتبطة بدمج السجين مرة أخرى في مجتمعه . بهذه الحاله لا يمثل السجن مؤسسة اصلاحية في السلطنة بقدر كونه مؤسسة عقابية “.
مستوى التغذية
تتحدث باسمة الراجحية عن توفير أنواع من الأطعمة؛ لكنها تقدم بصورة سيئة للسجينات، وهناك طعام يقدم للسجينات المصابات بحساسية من الأطعمة. كما تشير إلى أن هناك مواد غذائية مفيدة يتم منعها أو تقديمها بصورة نادرة مثل الحليب والفواكه والبيض. وتتحدث الكيومية عن غياب الرقابة في متابعة مستويات الطعام الذي تقدمه شركة تتولى اعداد الوجبات للسجينات.
مستنقع مخدرات” بالسجن “
يقول – سجين الرأي السابق- بسام أبو قصيدة أن الجناح الذي تم سجنه فيه كان مزيجا من مختلف القضايا، بينها قضايا مدانين بالمتاجرة أو التعاطي أو حيازة المخدرات. ويعتبر أبو قصيدة أن السجن “مأوى للمخدرات”؛ إذ يتم تهريب المخدرات إليه بطرق مختلفة، منها عبر بعض أفراد الشرطة، أو عبر السجناء المنقولين من أقسام الشرطة بالولايات إلا في الحالات التي تلجأ فيها الشرطة – أحيانا – لتفتيش المساجين بالأشعة السينية. ويقول: “يقوم أحيانا المساجين بصناعة مواد مخدرة في السجن اعتمادا على زيادة كمية المواد المهدئة التي يتم تقديم لها، وشربها دفعة واحدة أو مع مواد غذائية معينة؛ لضمان مفعول قوي على أجسامهم”. ويشير إلى أنه خلال الثلاثة والثمانين يوما التي قضاها في السجن المركزي – قبل أن يتم الافراج عنه بعفو سلطاني – تواردت الأخبار عن حالة وفاة واحدة على الأقل بسبب تناول جرعة مخدر زائدة من أحد المدمنين في جناح آخر.
ويقول ” عدد من هؤلاء المدمنين كانوا يقولون أنهم لن يعودوا لطريق الإدمان مرة أخرى، وأنهم عازمون على بدء حياة جديدة نظيفة من هذه السموم، لنتفاجأ بعد خروجهم بأقل من أسبوع أن اثنان منهما قد توفيا، فيما نجى الثالث من الموت بأعجوبة بعد أن بقي في العناية المركزية لمدة تقارب الأسبوعين. ولقد قام أحد هؤلاء المدمنين بتأليف كتاب يزيد عن 300 صفحة يحكي فيه يومياته في السجن، إلا أن الموت كان أقرب إليه من حلم طباعته و نشره!”. ويضيف: ” كان الأولى أن يتم التعامل معهم كمرضى . إذ يتوجب علاجهم و تأهيلهم و إصلاحهم ومتابعتهم بعد انقضاء مدة السجن ، وتوفير مقومات الحياة الكريمة لهم حتى لا يقعوا في براثن الإدمان مرة أخرى. لكن الواقع أنهم يعاملون كمجرمين يقضون مدة حبسهم ليتلقفهم الشارع مرة أخرى بما فيه من مغريات تعمل على جرهم مرة ثانية إلى مستنقع الإدمان”.
متابعة: حمد الهاشمي