بعد عودة غالب بن ناصر البطاشي – موظف في شركة جريت وول دريلنج- وزملائه من إجازة، تفاجأ بعدم وجود أي من زملائه في موقع العمل، حيث كان الإضراب قد بدأ تنفيذه قبل 5 أيام من عودته، وتم تسليم قرار فصل لعدد من الموظفين في الشركة. يقول غالب : تمت مخاطبة كافة المضربين عن العمل من جانب الشركة، وتم الاتفاق معهم على أغلب الأمور، وتم متابعة العمل في آخر يومين؛ لكن المضربين وغيرهم من الموظفين تفاجئوا برسائل إنهاء الخدمة من الشركة. كان عدد المضربين يزيد عن 60 موظفا، وتم فصل 4 موظفين بينهم موظف لم يكن مضربا عن العمل.
ويشير البطاشي إلى أن قرار الفصل كان ” صادماً “، إذ تم تبريره بالمادة 37 وهي مادة غير مستوفية لأي سبب للفصل التعسفي؛ إذ أنها تختص بالعقود كأن يكون العقد محدد المدة وبإمكان الشركة إنهاء خدمات عامليها إذا كان العقد غير محدد المدة بلزوم توافر شروط معينة منها انتهاء مدة المشروع . ويقول البطاشي : قام المضربون بمخاطبة الجهات المعنية قبل الشروع بالإضراب، حيث تم مخاطبة وزارة القوى العاملة بدون جدوى. لقد تم فصلنا بطريقة غير لائقة في موقع العمل الذي يحتوي على مجموعة من موظفي الشركة وموظفي الشركات المساندة في عمليات الحفر، وتم تسليمنا رسالة إنهاء الخدمة ثم قمنا لاحقا برفع القضية في المحكمة، واستمرت لمدة عام كامل تقريبا وانتهت لصالحنا؛ ولكن لم يتم ارجاعنا للعمل بل اكتفى الحكم بالتعويض المادي “. ويشير البطاشي إلى أن وزارة القوى العاملة أبلغتهم أن القانون لا يفوضها إلزام الشركة إعادة العامل إلى عمله بعد فصله “تعسفيا”. ويقول : قمت بتوجيه شكوى لوزارة القوى العاملة، إذ أننا كمفصولين عن العمل ملتزمين بدفع أقساط مالية للبنوك والإنفاق على عائلاتنا. اتفق معي أحد المدراء في الوزارة في أن القانون لا يحمي العامل بتاتا، وأن الشركات تستغل الثغرات القانونية لتمارس انتهاكاتها دون أقل محاسبة”.
موظفون بالقطاع الخاص : الحقوقيون غائبون عن الانتهاكات الممارسة ضدنا
ويشير حمدان بن خميس الربعاني الموظف بشركة جريت وول دريلنج إلى أن العمال قبل تاريخ فصله عن العمل 1062012م في عدد من القطاعات النفطية كانوا مضربين عن العمل، وقبل الإضراب كانت النقابات العمالية في اجتماعات مستمرة مع وزارة القوى العاملة ولكن دون الوصول لاتفاق. ويقول: بعد تسلمي لقرار الفصل قمت مع الزملاء بمراجعات مستمرة لوزارة القوى العاملة والإتحاد العام للعمال، وتم عقد اجتماع مع ممثلين من إدارة الشركة. وكان الرد ” بأن الشركة تملك الحرية الكاملة في فصل عامليها”. ويضيف : لم تهتم أي جهة حقوقية بالنظر في قضيتنا رغم حكم المحكمة القاضي بأن الفصل غير نظامي. لا أحد يلتفت لموظفي القطاع الخاص وتعامل الشركات معهم. يتم استغلالنا واستغلال حقوقنا ولذا يتجه الشباب دوما للعمل في القطاع الحكومي”.
المطردون تعسفيا من الطيران العماني : وكيل وزارة القوى العاملة عرض علينا وظائف مقابل التنازل عن مقاضاة الطيران العماني
تقول منى الجهورية – موظفة خدمات أرضية – بمطار مسقط أنها تقدمت لشركة الطيران العماني مع مجموعة من زملائها في قسم خدمات الزبائن بمطالب منذ عام 2011 تتضمن تحسين بيئة العمل، والمطالبة بتأهيل الكادر العماني، وإيجاد آلية للترقيات؛ حيث أمضى بعض الموظفين ما يزيد عن 20 عاما دون ترقية. وتضيف : تعهد مدير القسم بتنفيذ هذه المطالب شرط أن لا نبدأ اضرابا عن العمل، واتفق الموظفون بعد أن اخذوا ضمانات شفوية بتنفيذ المتفق عليه على عدم الاستمرار في إضرار الشركة، وإنهاء الإضراب ولكن لم يتم النظر لجميع ما تم المطالبة به.
تقول : في 2012م وبحضور الرئيس التنفيذي للشركة بدأنا إضرابا ثانيا عن العمل، وكان الرد هذه المرة بالنظر في مدى أحقيتنا لهذه المطالب. كان الوقت يمضي في المماطلة وسياسة التجاهل. وفي فبراير 2013 تم ايهام الشركة بأننا نفذنا اضرابا عن العمل حيث تجمع حوالي 70 موظفا ممن انتهت مناوبتهم أو كانوا في فترة إجازة لعدم رغبتنا في تعطيل العمل، وحضر ممثلين من وزارة القوى العاملة وإدارة الشركة، وتم الاتفاق على قرارات لم يتم تنفيذها . وفي مايو 2013 تم تلبية مطالب أقسام أخرى مما دفع موظفي القسم الذي أعمل به، والذين كانوا في اجازة مع بعض موظفي الاقسام الأخرى إلى الاعتصام ، حينها تم فصل 13 موظف غالبيتهم كانوا في اجازة ولم يؤثر اعتصامهم على سير العمل، أو أن بعضهم لم يشارك في الاعتصام أصلا.
وتشير الجهورية إلا أنه تم اخطارها برسالة الفصل بدعوى ” التحريض والمشاركة في الاعتصام”. وتقول : قام الموظفون بتقديم رسالة لوزارة القوى العاملة والنقابة العمالية في فبراير 2013، ولكن لم يجدوا إي التزام اتجاه حقوقهم. كما أن لجنة التحقيق في سبب الاعتصام وتداعياته لم تسمح بإعطاء المفصولين عن العمل أي فرصة للدفاع عن أنفسهم. وتضيف: تم إخطار ثلاثة أشخاص بالفصل عن العمل بصورة جماعية، و الـعشرة البقية تم اخطارهم بصورة انفرادية. وتضيف: الشركة رفضت إبداء أي تبرير لنا عن الفصل، بل قالت أن هذه قرارات من جهات عليا في الشركة. وكيل وزارة القوى العاملة طلب مقابلتنا على انفراد، وعرض علينا وظائف أخرى بشرط أن نتنازل عن أي مطالبة ضد الطيران العماني. كما أن إدارة الشركة رفضت تدخل النقابة العمالية للطيران العماني بحجة أنهم مفصولين ولا علاقة لهم بالشركة. وتشير الجهورية إلى أن مجلس الشورى التقى في الفترة الماضية مع عدد من المفصولين تعسفيا وهناك نية لدى بعض منهم لمقاضاة المسئولين في الطيران العماني.
القانون لا يحمي من الفصل التعسفي
ويؤكد المحامي سامي السعدي أنه ليس هناك ثمة مادة قانونية تلزم الشركات أو أصحاب العمل في القطاع الخاص بإعادة العامل المفصول إلى عمله؛ فالقاضي مخير بين إرجاع العامل للعمل أو التعويض المادي، ولكن المحاكم تفضل الحكم التعويضي ولا تحبذ إرجاع العامل للعمل لما في ذلك من احتمالية لحدوث حالات توتر ونزاعات مستمرة بين الطرفين. ويشير السعدي إلى المادة 37 من قانون العمال تتحدث عن إنهاء الخدمة بالنسبة للعقود غير محددة المدة، وتشترك المادة في ظاهرها شرط واحد فقط وهو الإخطار ب 30 يوما، ولكن هناك شرط آخر أيضا وهو أن يتوافر سبب مبرر من توافر الشرطين وإلا أعتبر الفصل “تعسفيا”. وزارة القوى العاملة ونقابة العاملين – بحسب السعدي- لا تملكان سلطة إلزامية تجاه إدارات القطاع الخاص في إرجاع العامل المفصول إلى عمله، ولكن ينحصر عملهم في المفاوضات الودية بين الطرفين، وإذا لم يتم التوصل لحل ودي سيتم تحويل القضية إلى القضاء حتى يتم تنفيذ الحكم جبرا.
فتور العلاقة بين العامل والمسؤول في العمل تؤدي إلى الفصل التعسفي
ويتحدث عبدالله الفزاري – ممثل نقابة عمالية ومدير بشركة ميناء صحار الصناعي – عن أن السبب الرئيسي وراء الإضرابات العمالية هو فتور العلاقة بين العمال ومن يمثلهم ( نقابات العمال) وبين صاحب العمل، والوصول إلى نقطة مسدودة في الحوار والتواصل بين جميع الأطراف . ويقول: ثمة ممارسات تؤدي إلى رغبة العمال في البدء في اضراب عن العمل: منها عدم التزام صاحب العمل بالوعود المتفق عليها مع النقابة، أو المماطلة والتأجيل فيها، والأسلوب الغير لائق في الحوار من قبل أعضاء النقابة مع صاحب العمل أو العكس، أو إحساس العامل بعدم المساواة في الرواتب والعلاوات. ويرى عبدالله أن الطرد من العمل يعتبر تعسفيا عندما تنعدم المبررات والأسباب الحقيقية للطرد، ولا يستند صاحب العمل على أي مادة من قانون العمل أو أن يستند عليها بصورة شكلية فقط.
ويضيف: قانون العمل بحاجة إلى تعديلات فيما يختص بالطرد التعسفي؛ بحيث يتم اتخاذ اجراءات رادعة ضد أصحاب العمل في حال ثبوت طردهم لأي عامل بصورة تعسفية. للطرد التعسفي انعكاسات اجتماعية واقتصادية سلبية على العامل، كما أن اللجوء إلى القضاء قد يأخذ وقتا طويلا يزيد من تفاقم الأمور. وخلال تلك الفترة يبقى العامل بلا راتب مما يجعله غير قادر على توفير احتياجات أسرته المعيشية، أو إلتزاماته البنكية، وقد يؤدي الأمر به إلى السجن في مرات كثيرة.
متابعة: حمد الهاشمي