صادقت سلطنة عمان عبر مرسوم سلطاني على الإتفاقية الأمنية الخليجية، والتي أُقرت في قمة مجلس التعاون الأخيرة بالكويت، والمكونة من 20 مادة حسب ما سرب منها. ورغم تحفظ الدول الأعضاء على بنودها، ولكن الإتفاقية سربت عندما تم عرضها على المجالس التشريعية المنتخبة في الكويت والبحرين وهما الدولتان الخليجيتان الوحيدتان اللتان يجب أن يوافق مجالسها الشعبية على أي إتفاقية دولية أو إقليمية قبل توقيع الحكومة عليها.
ولنرجع إلى خلفيات هذه الإتفاقية، وإلى نشأة مجلس التعاون الخليجي بعام 1981 وما رافقها من توجهات؛ فلقد كان هناك توجها عاما لتحقيق تكامل إقتصادي وتعاون أمني بين الدول الأعضاء بالمجلس؛ فالإتفاقية الاقتصادية وقُعت وتم المصادقة عليها من قبل جميع الدول الأعضاء رغم عدم تلبيتها مطالب الشعوب وما يضمن لهم الرفاه الاقتصادي, وأما الإتفاقية الأمنية فقد واجهت معارضة كويتية من قبل الحكومة لمعارضتها الدستور الكويتي، ومبادئ حقوق الإنسان وتمت مناقشتها لمدة 13 سنة حتى تم التوقيع عليها مبدئيا بنوفمبر ،1994 وكانت إتفاقية إطارية مكونة من 45 مادة تهدف للتعاون الأمني بين الدول الأعضاء.
وبعد أحداث الربيع العربي وما واجهته بعض دول الخليج من حراكات شعبية خصوصا عمان والبحرين، وتخوف دول الخليج الملكية من إنتقال المد الثوري للربيع العربي لشعوبها وظهور المد الإخواني الواضح بالخليج بعد تولي الأخوان المسلمين الحكم في مصر، باشرت الحكومات الخليجية بالإحكام على جميع الأنشطة السياسية وملاحقة جميع النشطاء والمعارضين، وتشديد القوانين المقيدة للحريات، فظهرت رغبة مشتركة بين الأنظمة لوجود تكامل أمني يهدف إلى التعاون المشترك بين الأجهزة الأمنية الخليجية في ملاحقة النشطاء وتبادل المعلومات حولهم.
والمتابع للاتفاقية الأمنية الخليجية الحالية – والتي أبدى العديد من البرلمانيين والحقوقيين استياءهم منها لمعارضتها لمبادئ حقوق الإنسان العالمية والتي بها بنود كثيرة تقيد من حرية التنقل- يلحظ أنها تهدف إلى خنق أي حراك سياسي خليجي، كما دعى رئيس مجلس الأمة الكويتي السابق أحمد السعدون في وقت سابق إلى رفض الإتفاقية الأمنية الخليجية من قبل جميع شعوب المنطقة.
وقد ذكر وزير الداخلية البحريني في وقت سابق من عام 2012 في تصريح صريح ” أن الإتفاقية الأمنية الخليجية ستحقق المصلحة المشتركة لأنظمة دول الخليج”، مما لا يدع مجالا للشك أن الاتفاقية تم رسمها وصياغتها بهدف حماية الأنظمة من أي حراكات شعبية أو مطالبات شعبية تهدف للإصلاح السياسي ورغم وجود بنود قليلة تهدف إلى تعزيز الدور الأمني المشترك وتبادل الخبرات، ولكن الإتفاقية لم توضح إذا ما كان ذلك ضد الجرائم كالمخدرات والتهريب والدخول الغير مشروع أو سيصب إلى ملاحقة النشطاء السياسيين والحقوقيين فيما بين دول الخليج.
وتظهر المادة الرابعة من الإتفاقية التعارض الشديد مع صيانة المعلومات والسرية الشخصية للفرد عبر )تعاون كل online casino دولة طرف بإحاطة الأطراف الأخرى – عند الطلب – بالمعلومات والبيانات الشخصية عن مواطني الدولة الطالبة او المقيمين بها، في مجال اختصاصات وزارات الداخلية والأجهزة الأمنية الأخرى(.
وهناك عدة مواد غير واضحة ولا يُفهم ما هو المقصود، منها وهذا ما أدى إلى تذمر كثيرين من الاتفاقية الأمنية الخليجية, فكما يعرف أن النصوص القانونية يجب أن تكون واضحة وصريحة وخصوصا في الاتفاقيات الدولية حيث تتضمن تعريف للمفاهيم، ولكن في هذه mobile casino الاتفاقية تم ترك الأمر مبهما لحاجة في نفس casino يعقوب, فكما هو واضح في المادة (6) الجزء (أ) )تبادل المعلومات والخبرات التي من شأنها الإسهام في تطوير سبل منع ومكافحة الجريمة على اختلاف أشكالها وأنواعها، ” لاسيما الجريمة المنظمة عبر الوطنية المستجدة” ، وتقديم الدعم الفني في جميع الشؤون dgfev online casino الأمنية بما يحقق التكامل المنشود(, فماذا يقصد بالجريمة عبر الوطنية المستجدة؟؟
وتعتبر المادة (10) من الإتفاقية الأمنية الخليجية هي من أخطر البنود More importantly, the origi- online casino nal data recovery deleted files itself is unmodified as well. والتي تتعارض مع بند آخر في الاتفاقية، وعلى مبادئ ووثائق الأمم المتحدة وحقوق الإنسان العالمية، وتتعارض مع ما تنادي به بعض الدول الأعضاء وخصوصا السلطنة من عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، فالمادة تقول online slots أنه )تعمل الدول الأطراف بشكل جماعي أو ثنائي، على تحقيق التكامل الفعلي للأجهزة الأمنية والتعاون الميداني فيما بينها، وتقديم الدعم والمساندة ـ في حالة الطلب ـ لأي دولة طرف، وفقا لظروف الدولة والدول الأطراف المطلوب منها، وذلك لمواجهة الاضطرابات الأمنية والكوارث(, فكما هو واضح من المادة أنه إذا قبلنا الدعم والتعاون خلال الكوارث فما الذي يعنيه مصطلح “الإضطرابات الأمنية” ؟ هل هي المظاهرات او المسيرات او الاجتماعات العامة او الندوات؟ وماذا يقصد بعبارة الدعم والمساندة: هل تقتصر على افراد الشرطة وقوات مكافحة الشغب أم تشمل أفراد الاستخبارات ام تتسع للقوات المسلحة “الجيش”؟!.
وتعتبر أيضا المادة (16) مادة خطيرة بحق الإنسان وتعارض جميع مبادئ حقوق الإنسان العالمية والتي ” تتيح تسليم المتهمين بين الدول” ، وقد نستغرب كيف وقعت دول كالكويت والبحرين وعُمان على الإتفاقية الأمنية الخليجية رغم وجود مواد في دساتيرها توضح أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته, وهو ما يدعو للشك حول مدى شرعية الدساتير والعمل بها واقعا في هذه البلدان، وكونها هدف لمناورة الشعوب وإسكاتهم وتلميع الصورة الخارجية, فلا نستطيع أن نفهم كيف أن تسلم دول طرف إلى الدولة الطالبة أي فرد بمجرد أنه أُتهم في قضية، وهذا ما يفتح المجال كثيرا لملاحقة النشطاء السياسيين والحقوقيين بمجرد انتقادهم لأي دولة طرف في الاتفاقية.
الغريب في الموضوع برمته أن سلطنة عمان عارضت وبالأمس القريب مشروعا سعوديا يهدف إلى نقل مجلس التعاون إلى إتحاد بدون كشف تفاصيل رفضها للشعب أو إتاحة الفرصة على الأقل للمجلس المنتخب (مجلس الشورى بدون صلاحيات تشريعية حقيقية) للإطلاع على مسودة مشروع الإتحاد، ومعرفة رأي الحكومة الذي دعاها لرفض المشروع، وتأتي اليوم لتصدر مرسوما يصادق على إتفاقية أمنية توضح بنودها أن الهدف هو فقط حماية الأنظمة من مطالبات شعبية مشروعة للإصلاح، وبدون أن يطلع أعضاء الشعب المنتخبين على مسودة الإتفاقية وإبداء رأيهم فيه مما يدل على عدم وجود رغبة حقيقية على الأقل من منظور قريب من قبل الأنظمة الخليجية؛ لتلبية تطلعات الشعوب الخليجية، والمشاركة بعمل إصلاحات سياسية قريبة مما يكرس الاستبداد السياسي والظلم.