في مكتبه بوزارة الأوقاف والشؤون الدينية، التقت “مواطن” بسماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة، للحديث حول بعض اشكاليات الخطاب الديني ومشكلات التغيير والإصلاح في المجتمع العماني. آراء سريعة وأخرى مبنية من فكر سماحته ونظرته الشرعية والفقهية لقضايا ترتبط بدور الداعية وأشكال الخطاب الديني على وسائل الإعلام وفي منابر الجمعة، وقضايا أخرى تتصل بحال الإصلاح والتغيير في المجتمع ودور الفقيه والداعية في ذلك.
حاوره: محمد الفزاري
في البداية تحدث سماحته عن الخطاب الديني مشيرا إلى أنه لابد أن يتوافق مع مقتضيات الوقت، ويرشد الناس ويبصرهم نحو الحق سواء أكان ذلك عبر خطب الجمعة أو الجلسات الدينية المختلفة. والخطاب بحسب سماحته لا بد أن يكون ” متبدلا ومتغيرا” بحسب الأزمان، وذلك ردا على سؤال حول أشكال الخطاب الديني الذي لا يزال بعيدا عن قضايا المجتمع حتى مع تطور وسائل التواصل بين البشر.
سماحة المفتي : الفتاوى السطحية التي تنتشر في رمضان دلالة على ضعف رقي المجتمع فقهيا
وحول أدوار الداعية في الإصلاح، وارتباطه بقضايا العامة من الناس، أشار سماحة المفتي إلى أن الأولويات هي من اهتمامات الداعية واصفا إياه “بالطبيب” الذي يفترض أن ينظر في مصالح الناس ويقدم ” الأهم على المهم “، وهو بذلك – حسبما أشار سماحته – الواسطة الحقيقية بين القاعدة والقمة، وله دور كبير في أن يبصر الناس بما لهم وعليهم. وفي سؤال حول انتشار الفتاوى العامة والسطحية -لاسيما مع قرب شهر رمضان المبارك- في عدد من وسائل الإعلام، أشار سماحته إلى أن الأمر يعود لإدراك الناس ووعيهم ورقيهم فقهيا، قائلا : القاعدة ينبغي أن تفقه وتبصر، موضحا أن انتشار مثل هذه الأسئلة التي تناقش مواضيع سطحية من الفتاوى وتكرارها كل عام يعود لفكر السائلين ومستواهم الفقهي وهو ما يدلل – بحسب سماحته – على أن السواد الأعظم من المجتمع لم يصل للمستوى المطلوب من الرقي في الفقه.
سماحة المفتي : الداعية ضالع بالإصلاح ولكن لا ينبغي أن ينجرف نحو ضجيج العامة
وفي تعقيب لسماحته حول عدم مشاركته فعليا في المطالبات والاصلاحات التي ظهرت في عام 2011 في عدد من المناطق العمانية، وابتعاد عدد كبير من الدعاة عن الساحات العامة، قال : الداعية عليه أن يحمل هموم الوطن والمواطنين، وأن يضع نصب عينيه الإصلاح في المجتمع ولكن لا ينبغي أن يتوافق ذلك مع السواد الأعظم من الناس، ولا ينبغي أن ينجرف الداعية في ضجيج العامة؛ فذلك مرتبط بفهم الفرد ومستواه الثقافي والاجتماعي ورغبته في ذلك، مشيرا إلى أن سماحته كان واضحا من البداية في تأييده للمطالب ” المعقولة والمقبولة شرعا ” والتي خرج الناس لأجلها في الشوارع في عام 2011م، أو ما سمي – بالربيع العماني أو الحراك العماني لاحقا-.
سماحته: التسامح المذهبي مرهون بالعدالة بين أفراد المجتمع
وفي سؤال حول انتشار التسامح المذهبي والديني في السلطنة، ووجوده فعليا وواقعيا بين الأفراد، وغيابه في عدد من الدول المجاورة التي تشهد نزاعات عرقية وطائفية كسوريا والعراق واليمن، أشار سماحته إلى أن التسامح المذهبي الدائم في عمان ناتج عن العدل والانصاف في المجتمع العماني منذ قديم الزمان؛ فالمجتمع – حسب رأي سماحته – أنصف الأقليات، وأعطى كل ذي حق حقه، وهو ما يبرر الانسجام بين مختلف الأطياف، ولبقاء هذا التسامح واقعا يعيشه الأفراد
في المجتمع؛ أشار سماحته إلى أن هناك خطوات فعلية ينبغي أن تدعم هذا التسامح وتقويه مثل : ترسيخ مبادئ الوحدة الوطنية والتسامح الديني في المناهج الدراسية والوسائل الإعلامية، ونشر الوعي بالعدل وحق المواطنة بين جميع الأفراد؛ لكنه أكد أيضا ان ذلك مرهون بالعدالة والانصاف بين الأفراد؛ فمتى أحسوا بها شاع التسامح والتوافق بينهم.
سماحته : يجب الارتقاء بالشورى ومنحه صلاحيات محاربة الفساد
في سؤال حول التغيير بنظام الشورى التي عمل به الاسلام وضرورات عمل هذا النظام فعليا في الاصلاح في المجتمع قال سماحته: لابد أن يُرتقى بالشورى ويعطى أعضائه الصلاحيات ما يمكنهم من الاصلاح ومقاومة الفساد.