في الوقت الذي ينتهي يوم من أيام الشهر الفضيل لدى عدد من الأسر بـ السلطنة بالتخلص السريع من بقايا المأكولات والأطعمة التي تم صنعها للإفطار، يجتمع فريق خيري للتأكد من حفظ نسبة كبيرة من بقايا الأطعمة وضمان ايصالها للمستحقين أو استخدامها بطريقة جيدة تحقق ثمارها.
إذ أن من المؤكد أنه من العادات السيئة التي تصاحب شهر رمضان المبارك: الإسراف في صنع المأكولات، مما قد يسبب مشكلات اقتصادية من استهلاك يفوق قدرات بعض الأسر العمانية وتبذير دون مردود، وانتشار للروائح والحشرات و القوارض و الحيوانات السائبة نتيجة تراكم حاويات القمامة، ولذا فكرت مجموعة من شباب ولاية البريمي في مشروع للحد من ظاهرة الإسراف و الآثار المترتبة عليها، و جاء مشروعهم تحت مسمى ((نعمة)).
قرابة 40 شخص من فئات مختلفة – حتى رمضان الأعوام الماضية – من محافظة البريمي يشتركون في هذا المشروع، حيث أسست الفريق المتطوعة أحلام المقبالية وأشرفت على المتطوعين بشكل شبه يومي. تقول أحلام: “في رمضان 1434هـ شارك معنا ما يقارب 60 شخصا، وأشرف على كل أسبوع أحد الشبان القياديين، حيث سعدنا بتعاون الكثير من الأسر والشباب وحتى الصغار. وفي رمضان 1435 لم أقم بوضع أو إرسال أي إعلان لدعوة المتطوعين والأعضاء، إنما تركت المجال مفتوحا للمشاركة، وسعدت بتواجد القادة الشباب من رمضان الفائت، حيث عاد كل قائد بفريق جديد، وحتى الآن لا أعرف تماما كم عدد المتطوعين لهذا العام.
وتشير أحلام إلى أن فكرة المشروع تقوم على تجميع الفائض من طعام الأسر و المطاعم و إعادة توزيعها حيث مضى على المشروع ثلاث سنوات، و لم يكتف أصحابه بالتوزيع بل أدركوا أهمية التوعية اللازمة للمجتمع، فابتكروا طرقا جديدة للتوعية مستهدفة الأسر خاصة النساء و الأطفال. ومن الطرق المستخدمة للتوعية مسرح العرائس و الدمى الكرتونية الشهيرة و المسرحيات و الإعلانات في الدوائر الحكومية و الشركات والأماكن العامة.
وحول آلية عمل المشروع تقول أحلام: “هدفنا الأساسي والمهم هو أن لا تذهب نعمة الطعام لسلة المهملات، حيث ينقسم المشروع حتى الآن لقسمين طعام صحي (نعمة) يتم توزيعه للعمالة الوافدة في مناطق معينة من ولاية البريمي، وطعام للمواشي (نفعية) حيث يتم توزيعه لأصحاب الثروة الحيوانية. وتتلخص فكرة المشروع في استقبال النعمة في مطبخ مهيأ في حضانة الأجيال كمقر رئيسي، أو إحضار الطعام الفائض ثم توزيعه في صحون صحية (قصدير)، ثم يتم بعدها التوجه للمناطق التي يكثر فيها وجود العمالة الوافدة حيث يوزع الطعام لهم، وفي حالة الطعام الغير جيد للاستخدام الآدمي توجد لدينا أكياس خاصة لوضع طعام المواشي وتوزيعه لمربي المواشي والدواجن.
ولقد جاءت فكرة المشروع بعد زيارة (تعاون) الشبكة العمانية للمتطوعين لولاية البريمي ، في يونيو صيف 2012 ، حيث حضر الورشة ما يقارب الأربعين شخصا، وكانت ورشة رائعة وهدفها واضح. وبعد رحيل الفريق، كان لا بد من تقديم فكرة تخدم المجتمع و تتحول إلى واقع، وإلى فريق وعمل مستمر، ولذا اجتمعنا مرات عدة، وبينما كنا نطرح بعض الأفكار، قالت إحدى المتطوعات “نبيلة الجابرية”: من الرائع أن نطبخ لطلاب السكنات والموظفين المغتربين، وراقت لنا الفكرة ، إذ أن الكل في رمضان يطبخ ولو قمنا بتجميع صحن واحد من كل بيت من الأعضاء، سنحضى بمشروع خيري ناجح. وبينما كنا نفكر جديا بالفكرة، ونحاول أن نجعلها مميزة.. قررنا أن نربط الفكرة بقضية مهمة في رمضان، وخرجنا بقضية الطعام الفائض، وتسائلنا: أين يذهب؟ وإن كان لابد من الإسراف؛ فما هو الحل؟ وكيف لنا كشباب أن نساعد مجتمعنا ولو بالقليل في نشر الوعي في ما يتعلق بإهدار النعمة؟ فجاءت فكرة ( نعمة)، وأصبح لدينا فريق لحفظ النعمة، ثم اتفقنا على رفع شعار “لا لرمي نعمة الطعام في سهلة المهملات”.
وحول الدعم الحكومي المقدم للفريق تقول : هناك دعم بسيط جدا من قبل المؤسسات الحكومية؛ فبلدية البريمي ساعدتنا في الحصول على تصريح لإعلان السيارة ووضع الإعلانات في الشارع،أما إدارة البيئة والشؤون المناخية فساهمت في تكريم المتطوعين ومساعدتنا في توفير بعض الاحتياجات كالأكياس والبراميل والنقل ومخاطبة الجهات المعنية لتسهيل الإجراءات. أما المؤسسات الخاصة فهي أفضل حالا، إذ حصلنا على دعم من جهات تعليمية ومحلات تجارية ومصانع إضافة لدعم جمعية المرأة العمانية وأعضاء مجلس الشورى. وتشير أحلام المقبالية إلى أن العمل بأقل الموارد يشكل تحديا لاسيما مع الحاجة لتغطيات نفقات العمل والتوعية بالفكرة إضافة إلى غياب العنصر النسائي والحاجة لمتطوعين واعتماد الفريق رسميا.
وتقول : العمل التطوعي متنفس واستغلال جيد للطاقة التي بداخلنا نحن، وأنزعج شخصيا لهدر أوقاتنا في أمور غير مفيدة. أنظر للعمل التطوعي على إنه واجب لخدمة المجتمع؛ فنحن من نصنع التغيير كشباب فاعلين.
متابعة: أحمد البحري