مقدمة:
انتفضت شعوب العالم مجددا “وليست الحكومات إلا ما ندر منها”،وذلك منذ بدء العدوان الإسرائيلي الغاشم على غزة في مطلع شهر يوليو الماضي. ولقدخرجت كل تلك الحشود للتعبير عن غضبها، ومحاولة كسر الصمت الذي ساد المجتمع الدولي، حيث لم يبادر إلا من رحم ربي بالتنديد على مجازر الإبادة والحصار الذي تعرض له الشعب الفلسطيني منذ أكثر من ستة وستون عاما، واستمرار القصف الجوي والبري، ومنع دخول المساعدات إليه كالغذاء والدواء.
وعليه؛ فقد قامت العديد من هذه الشعوب تحت مظلة مؤسساتها الحقوقية والإنسانية بتنظيم سلسلة من المظاهرات والمسيرات والوقفات المنددة بالعدوان الغاشم على غزة، والبدء بتنفيذ العديد من البرامج والأنشطة الخيرية؛ بهدف جمع التبرعات لإغاثة الضحايا وأغلبهم من الأطفال والنساء والمدنيين. وقامت هذه المؤسسات بالتعاون مع عدد من الشخصيات المعروفة والمؤثرة بدولهم بالإعلان عن حملة دولية واسعة؛ لمقاطعة المنتجات الإسرائيلية والتي تزامنت مع خروج آلاف المتظاهرين بتلك الدول في مسيرات حاشدة؛ لإظهار تكاتفهم مع غزة ومع القضية الفلسطينية، ولإعلان رفضهم لسياسات حكوماتهم الموالية لإسرائيل، ولتوعية الآخرين بالقضية الفلسطينية بهدف حشد التأييد والضغط على حكوماتهم بالإسراع لنجدة أهالي غزة، ووقف العدوان الإسرائيلي، واعتبار اسرائيل دولة ارهابية.
وخلال فترة تواجدي في ايرلندا، قررت المشاركة في بعض هذه المظاهرات والوقفات؛ لعدة أسباب أهمها:
أولا: لإظهار تكاتفي مع أهالي غزة والقضية الفلسطينية، وثانيا: لممارسة حقي في التعبير عن رأيي دون قلق أو منغصات من الملاحقات الأمنية، والتهديد الذي نواجهه في دولنا، بعد أن قامت الحكومات الخليجية بتجريم هذا الحق من خلال وضع قوانين مُجحفة، مثل: قانون منع التجمهر، وقانون المطبوعات والنشر وغيرها، والتي تخالف الاتفاقيات الدولية التي صدّقت عليها هذه الدول، وثالثا: لتقديم صورة مختصرة للمتابع العُماني حول ثقافة التظاهر التي تمارسها كافة شعوب العالم، بل وتُلاقى بالاحترام والتقدير من كافة شرائح المجتمع، وخصوصا الساسة كونها حق من حقوقهم، وهو ما يخالف الصورة المشوهة التي يحاول المشرع العربي ايهام الناس بها عن ما يُعرف بحق التظاهر، من خلال اتهام منظميه والمشاركين بجملة من الاتهامات “كالمخربين أو تخوينهم عبر إلباسهم التهم، كـتبنّي أجندات خارجية وزعزعة الأمن، ومحاولة قلب نظام الحكم”.
وكل هذا يتم مخافة تبعات مثل هكذا حراك، والذي قد يمتد دون أدنى شك إلى هذه الحكومات التي تخنق شعوبها خوفا من زوالها.
والجهات المنظمة لمظاهرات دَبلن لنصرة غزة هي:
المنظمة الايرلندية لمناهضة الحروب، والتحالف الايرلندي لأجل السلام والحياد، والاتحاد الايرلندي لنقابات العمال، وهذه الجهات تعمل تحت مظلة واحدة باسم: حملة التضامن الايرلندي الفلسطيني(Irish Anti-War Movement, Peace and Neutrality Alliance and the Irish Congress of Trade Unions)
Ireland Palestine Solidarity Campaign – (IPSC)
وعنوان صفحتها على موقع التواصل فيس بوك : https://www.facebook.com/IrelandPSC?fref=ts
كما أن هذه الحملة تعمل مع شراكة مع المنظمين في لندن من خلال حملتها هناك، وهي:
Palestine Solidarity Campaign UK
وعنوان صفحتها على الفيس بوك : https://www.facebook.com/palestinesolidarityuk?fref=ts
وخلال تواجدي في دبلن ، قمت بالمشاركة في عدد من المظاهرات والوقفات، وهي:
– الوقفة أمام السفارة الإسرائيلية في دَبلن، وذلك في يوم الاثنين بتاريخ 14 يوليو 2014،وكان الهدف منها: التجمع خلال ساعات العمل الرسمي، وخلال فترة تواجد السفير الإسرائيلي وموظفيها.
– الوقفة أمام السفارة الفلسطينية، والتوقيع على كتاب الدعم يوم الأحد بتاريخ 27 يوليو 2014.
– سلسلة من المظاهرات التي نُظمت كل أيام السبت منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة، ولقد شاركت بالتواريخ الآتية:
26 يوليو و ( 2 _9 _16) / أغسطس / 2014.
التظاهرة الاسبوعية:
وقامت اللجنة المنظمة بالإعلان عن تنظيم مظاهرات اسبوعية؛ بحيث تقام في كل يوم سبت من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، ولصق المنشورات على أعمدة الإنارة بالشوارع العامة ومراكز التسوق بمختلف المواقع والمناطق الرئيسية بالمدن والقرى الايرلندية، علما بأن نقطة التجمع ووقت انطلاق المسيرة كانتا ثابتتان لا تتغيران -في ساحة الأسباير بوسط العاصمة دَبلن-، ووقت الانطلاق في الساعة الثانية ظهرا؛ بحيث تنطلق المسيرة مشيا على الأقدام لمسافة ثلاثة كيلو متر تقريبا الى مقر السفارة الاسرائيلية.
ويبدأ المنظمون بالتوافد الى موقع الحدث منذ الساعة الواحدة ظهرا؛ حيث تُرفع الأعلام الفلسطينية، وتُفتح الطاولات الخشبية المؤقتة. ويقوم المشاركون بتسجيل أسماءهم مع البريد الالكتروني؛ لكي يتم ارسال آخر الأخبار والمستجدات، كما تباع القمصان الخاصة بفلسطين والشماغ والأعلام التي يعود ريعها لضحايا العدوان الاسرائيلي، وأيضا يتم توزيع المنشورات واللاصقات الخاصة بتوعية المستهلك بالمنتجات الاسرائيلية المنتشرة في المحلات الايرلندية؛ لمقاطعتها، وهناك منشورات تبين المجازر، وآخر الأخبار المتعلقة بـغزة. كما يقوم بعض المنظمين بتوزيع قطع صغيرة من القماش الأسود للمتظاهرين؛ لربطها في اليد أو الكف، وهي دلالة على فترة الحداد والحزن.
وقبل نصف ساعة من انطلاق المسيرة، يبدأ المنظمون بترديد الشعارات عبر مكبرات الصوت اليدوية؛ لكي يحفظها المتظاهرون، وتُرفرف الأعلام الفلسطينية عاليا، كما تُسمع أصوات الصفارات هنا وهناك، ومن ثم يتوزع المتظاهرون على جانبي الشارع الرئيسي في أكثر الشوارع حركة في دَبلن؛ لتشجيع الآخرون بالانضمام. وبعدها تُلقي رئيسة اللجنة المنظمة كلمة مختصرة وغاضبة؛ لكي ترفع من معنويات المتظاهرين؛ فتبدأ بالإعلان عن عدد الضحايا خلال ذلك الأسبوع – خصوصا من الأطفال والنساء- وعن استهداف اسرائيل عمدا لمدارس الأطفال، وحتى أثناء لعبهم على شاطئ البحر. كما تدعو رئيسة اللجنة الحكومة الايرلندية بالكف عن نشر الأكاذيب للشعب الايرلندي، وسرعة اتخاذ موقف سياسي حازم والتوقف عن دعم اسرائيل. ومباشرة تنطلق بعد ذلك المسيرة، وتعلو الشعارات المنددة بإسرائيل مثل:
?Hey Hey Netanyahu .. how many kids did you kill today
Free Free Palestine
Boycott Israel
From the river to the sea .. Palestine will be free
we are all Palestinians
ويتحرك المتظاهرون بتوجيهات من أفراد الشرطة، والذين يقودون الناس في مقدمة المسيرة وآخرون في نهايتها، بحيث يوقفون المرور بشكل تتابعي؛ لكي لا يتعطل المرور سوى لدقائق قليلة فقط، وبالكاد تلمح أحدا يتذمر أو يشتكي من المظاهرة؛ لأنه أصبح أمرا اعتياديا.
توقف المتظاهرون لحظة الوصول إلى مبنى مقر الاتحاد الأوروبي في دَبلن، حيث ألقى أحد الضيوف كلمة للمتظاهرين، وأبلغهم عن مدى انحياز الاتحاد الأوروبي في صف اسرائيل، وموقفه المخزي الذي لا يمثل إرادة الشعب الايرلندي، وسكوته عن العدوان الغاشم على غزة، وحينها بدأ المتظاهرون بالصراخ وهم يرددون: عار عار عار.
كما يردد المتظاهرون: عار عار عار،كلما اقتربوا نحو إحدى فروع محلات [تيسكو]، ويقومون بالإشارة بأصابعهم نحوها، وهم يرددون بصوت عالي: عار عار عار،كونها تدعم المنتجات الاسرائيلة. وحينها تلمح زبائن المحل، وهم متسمرون بأماكنهم، وقد انتابهم احساس بالخجل والحرج، مما أجبر إدارتها للتصريح بوسائل الإعلام عن عدم دعمها للمنتجات الاسرائيلية.
وقبل الوصول إلى مقر السفارة الاسرائيلية بدقائق، يعلن أحد المنظمون عن قرب وصولنا إلى مقر السفارة، ويدعوهم بالإلتزام بالنظام، وعدم حرق الأعلام؛ لأن المظاهرة سلمية، وهدفها توصيل رسالة، وليس الدعوة للعنف إنما انهائه. وتقف في نهاية المسيرة شاحنة مكشوفة موصلة بمكبرات للصوت وضخمة. ويبدأ المتحدثون – وهم ضيوف الشرف لذلك اليوم- بإلقاء الكلمات للجمهور، وعادة ما يكونون شخصيات معروفة سواء من الكتّاب أو المثقفون أو الرياضيون أو الإعلاميون أو الأكاديميون أو الأطباء أو أحد الضحايا من الفلسطينيين وأسرهم، وأحيانا ما يكون بين المتحدثين يهود أو اسرائيليون يعارضون السياسات الاسرائيلية، وعدوانها على غزة.
ملاحظات عامة:
– الشرطة هم من كانوا يقودون المتظاهرين.
– من بين المتظاهرين أطفال رضع وكبار السن، يشاركون في مقاعد متحركة.
– الكل عبر عن رأيه بأسلوب راق، ولم يحدث أي عنف في التلفظ أو في الفعل.
-لم يتراجع المتظاهرون رغم هطول أمطار غزيرة.
– المتظاهرون الايرلنديون كانوا يقدمون كل من يحمل ملامح عربية نحو الصفوف الأمامية للمظاهرة تعاطفا معهم .
– الجالية الآسيوية المسلمة كانت حاضرة وبقوة.
الروابط الخارجية:
http://www.thejournal.ie/dublin-gaza-protest-1612329-Aug2014