هدف هذا المقال إلى الوقوف على طبيعة الفروق الجوهرية: الشكلية والمضمونية بين المرسوم السلطاني رقم (3/83) بقانون تنظيم الجنسية العمانية، والذي يتضمن تسع عشرة (19) مادة بتفاصيلها، وهو المهيمن الناسخ لقانون الجنسية رقم (1/72) الخاص بالجنسية العمانية وتعديلاته، والمرسوم السلطاني (38/2014) حول إصدار قانون الجنسية الجديد، ومما تجدر ملاحظته أن المرسوم السلطاني رقم (5/86) نص على إجراء تعديلات في قانون تنظيم الجنسية العمانية، حيث وردت تعديلات في سبع مواد من المرسوم السابق؛ لترك تطبيق قانون الجنسية (3/83)، غير أننا نلاحظ العودة إلى هذا القانون مرة أخرى بعد المرسوم السلطاني رقم (58/93) بالتفويض في إصدار أحكام زواج العمانيين من الأجانب، وتعديلات في قانون تنظيم الجنسية العمانية ؛ حيث يتكون المرسوم من شقين: يتمثل الأول في ما يتعلق بزواج العماني بأجنبية، والآخر في طرح ملحق جديد بشأن الجنسية العمانية وإلغاء المرسوم (5/86) والعودة مرة أخرى إلى المرسوم السلطاني رقم (3/1983)، وهذا يعني أن القانون السابق دخل حيز التنفيذ مرتين في تاريخه.
ومن الإضافات الجديدة في قانون الجنسية العمانية الجديد (38/2014) تلكم التقسيمات لمواد القانون؛ بخلاف القانون السابق الذي وردت مواده العامة والتفصيلية بشكل متتابع؛ حيث يتكون القانون الجديد من خمسة فصول: جاء الفصل الأول في التعريفات والأحكام العامة في المواد (1-10)، والفصل الثاني في الجنسية الأصلية واستردادها وموادها (11-13)، والفصل الثالث في منح الجنسية وموادها (14-18)، ويليه الفصل الرابع المختص بفقد الجنسية وإسقاطها وسحبها في المواد (19-21)، ثم الفصل الخامس والأخير بالمادة الوحيدة رقم (22) المختصة بالعقوبات.
ولكي نقف على شكل القانون ومضمونه، سنحاول الإشارة سريعا إلى بعض الفروقات بين العهدين كأمثلة، ولكننا سنعاود التحليل التفصيلي لمواد القانون في المقالات تباعا حسب هدف كل مقال ومضمونه؛ فمثلا (في الفصل الأول المتعلق بالتعريفات والأحكام العامة المشار إليه آنفا؛ نجد المضامين العامة موجودة إذا تجاوزنا المصطلحات الافتتاحية في المادة (1) من القانون الجديد) والتي تعد إضافة جديدة؛ فمثلا ما ورد من نوع الاستثناء بموجب المرسوم السلطاني في المادة (3) من القانون القديم (3/83)؛ قد ورد في المادة (8) ولكن حسب موارد القانون وسياق فقراته؛ فالمادة (8) قد جمعت الاستثناءات في فقرة قانونية واحدة وهي تتعلق بالمنح أو الرد، حيث أن المادة (3) في القانون السابق قد اختصت بالمنح لعلاقتها بالمادة (2) من القانون ذاته وهي مادة تجنيس الأجنبي، كما أن المادة (17) من القانون السابق قد حددت المصطلحين: أجنبي و عماني، وما يقصد بهما من حيث الجنس (الذكر والأنثى) من باب التغليب في اللغة العربية.
و نجد الطريقة نفسها في ما يتعلق بالمادة (6) من القانون السابق؛ حيث تنص المادة على أن اختصاص المنح بالمراسيم السلطاني وبصورة فردية؛ فجاءت المادة (7) من القانون الجديد (38/2014) بجمع القضايا المتناثرة حول المنح والتنازل والرد والسحب والإسقاط. وفي القانون السابق نجد المادة (15) تتجه شطر الاختصاص بالفصل في المنازعات المتعلقة بالجنسية العمانية وعقوباتها وما يتعلق بهذا الجانب من تفاصيل؛ بيد أننا نلاحظ أن القانون الجديد أورد مادة عامة وكلية في الفصل الأول، وهي المادة (4) درء لأي تكرار، وهي متعلقة بعدم اختصاص المحاكم بالنظر في مسائل الجنسية. وقد نجد أحيانا فروقا حول نوع وجود جزء من مادة قانونية في القانون الجديد ضمن مادة سابقة في القديم؛ فمثلا ورد الجزء المتعلق برفض الطلب في مجال التجنيس دون إبداء الأسباب في المادة (3) في الجديد، ولكنها كانت جزئية في المادة (6) من القانون القديم، وهي متعلقة بطلب الجنسية العمانية ومنحها.
وفي الفصل الثاني الذي جاءت مواده حول الجنسية الأصلية واستردادها؛ نجد المادة (11) في تفصيل صفة العماني، وتحديد معناه بالأصالة. وقد جاء هذا التحديد في المادة (1) في القانون القديم؛ إذ تكونت من (4) فقرات، بينما جاءت المادة الجديدة بـ(5) فقرات، حيث الفقرة (2) تعد إضافة في القانون الجديد، وهي فقرة تعالج ظاهرة انعدام الجنسية لاتقاء وقوعها بالإشارة إلى ظاهرة (البدون)، كما جاءت الفقرة (3) لمعالجة الولادة من الأم الأصلية، حيث أصبح بغير جنسية بشرط الموافقة على الزواج مسبقا. أما الفقرة (4) فهي مطابقة مضمونا مع الفقرة (2) في القانون القديم مع بعض التغييرات بسبب إضافة مواد وحيثيات جديدة، ونستطيع القول: إن المواد القانونية في القديم (3، 6، 10، 12، 15) مواد متعلقة بقضايا الفصل الأول من قانون (2014) الجديد، وأن المواد (1، 9، 11، 14) في القديم متعلقة بالفصل الثاني من القانون الجديد المختص بالجنسية الأصلية واستردادها، وأن المواد القانونية (2، 3، 4، 5، 7) متعلقة بالفصل الثالث من الجديد المختص بالمنح، والمواد القانونية من القديم (8، 9، 10، 11، 13) علاقتها بالفصل الرابع المختص بفقد الجنسية، وإسقاطها، وسحبها، والمادة (16) من القديم مختصة بالفصل الخامس (العقوبات) من الجديد.
وقبل أن نختم هذا المقال، كان من الضرورة أن نقف على الفصل الرابع من القانون الجديد (فقد الجنسية وإسقاطها وسحبها) والذي اعتقد كثيرون بأنه إضافة جديدة في قانون الجنسية الجديد حيث اقتضته الظروف الحالية، والأمر ليس كما ظنوا وزعموا؛ حيث نجد أن المادة (9) من القانون السابق والمتعلقة بفقد العماني جنسيته درء لازدواجية الجنسية، وهي المادة (19) في القانون الجديد، كما نجد سقوط الجنسية في القديم وهو التجريد في القانون الجديد إذ تم الفصل بينهما بالمادتين (20-21) في الجديد؛ فما كان في المادة (20) من القانون الجديد يتعلق بالفقرات (2-4) من القانون القديم، وجاءت المادة (21) من الجديد مختصة بالفقرة (1) من المادة (13) من القديم المختصة بعنصر الجريمة في مجال التجنيس، وعلاقتها بالفقرة (2) من مادة القانون الجديد، وأما الفقرة (5) من القديم فإنها ترتبط بالفقرة (3) من مادة القانون الجديد، ولكن نستطيع القول إن الفقرتين (4-5) تعد إضافة جديدة. عليه فإن قضية إسقاط الجنسية أو الإقصاء خارج المواطنة ليست جديدة في القانون الجديد، وإنما الجديد أن القراء لم يطلعوا على قانون الجنسية بسبب أن القراءة في هذه الجوانب في مجتمعنا قراءة نستطيع وصفها أنها موسمية تستجيب للتيار أو المثيرات؛ فأكثر قوانين الجنسية تجعل الحفاظ على كيان الدولة وهويتها ومصالحها ضرورة قصوى للحفاظ على أمن المجتمع من النزعات والأهواء؛ لا سيما أن النظام الأساسي يحدد مفهوم الدولة وصفتها من حيث الانتماء والهوية، ولعلي أبسط هذه القضايا في المقالات القادمة تباعا.