شهدت العاصمة العمانية مسقط في الآونة الأخيرة هطول أمطار متوسطة توزعت على مختلف ولاياتها، واستبشر الجميع بهذه الأجواء الرائعة ،ولكن لم يكن في الحسبان أن هذه الأمطار ستكشف كواليس البنى التحتية التي قد أنشئت في العاصمة منها مستشفى النهضة وطريق العامرات بوشر، حيث اتضح للجميع سوء التخطيط الذي اقترفته الشركات المسؤولة عن هذا الجانب، بالرغم من وصول تكلفة هذه المشاريع إلى الملايين الريالات ،فيما استنفرت الجهات المعنية في السيطرة على ما خلفته هذه الأمطار من غرق المستشفى وتساقط الأحجار وتسرب المياه في عقبة العامرات بوشر وما نتج عنه من سوء لتصريف المياه. وفي ما ضجت مواقع التواصل الاجتماعي لاسيما تويتر بسيل الانتقادات والصور التي تعبر عن سوء حال بعض المرافق العامة في مسقط، أصبح التساؤل حول تكرار هذا المشهد كل عام ضروريا ومستدعيا للبحث عن إجابات .. تنشر مواطن هذا الاستطلاع لعدد من المواطنين حول أزمة فساد بعض البنى التحتية في العاصمة.
أزمة احتكار شركات
يقول ابراهيم الصلتي :”ظلت الحكومة على مدى سنوات طويلة تعتمد في تنفيذ مشاريعها على شركات معينة، مما أوجد الاحتكار، وليس بالإمكان الاعتماد على شركات دولية أو إقليمية. إن سياسة التعمين التي إعتمدتها الحكومة خلال السنوات الماضية، أوجدت مثل هذه المشاريع الضعيفة في مستوى البنى الأساسية للمرافق الحكومية ولكافة المشاريع التي تخدم المواطنين والمقيمين مثل الشوارع والمستشفيات والمرافق الخدمية الأخرى”.
ويضيف” بسبب اعتماد الحكومة على شركات بعينها؛ جعلها مجبرة بالقبول بأي مبالغ تطلبها هذه الشركات لتنفيذ هذه المشاريع، ولا يوجد لدينا متخصصين في المتابعة والمعاينة من قبل الحكومة؛ فهي تعتمد على مكاتب استشارية في الأصل تابعة من الباطن على هذه الشركات، فكيف يمكن للشركة أن تراقب مشاريعها؟!”
البنى التحتية ضعيفة أمام المتغيرات المناخيةوتقول عزيزة الحبسية “هناك هدر كبير يتضح من عدم تحمل البنية التحتية لأي تغير مناخي مفاجئ، إلا أن التعميم لا في هذا المجال أمر غير عادل؛ فهناك مشاريع أيضا هي قائمة ولها اسهاماتها الاقتصادية والثقافية والتعليمية، إلا أن الاخطاء تظهر في الطرق خاصة الواقعة على مجاري الأودية، والتي يظهر خللها واضحا مع اختبار تأثيرات المتغيرات المناخية.
خسارة كبيرةموسى المعمري يضيف قائلا :”خسارة كبيرة ونحن في السنة ال 45 من عمر النهضة المباركة، وفي كل مرة نرى العاصمة تغرق نتيجة لمياه الأمطار التي لو استمرت بصورة أكثر هطولا لحدثت الكارثة. شوارع وطرقات تغلق، وبعضها غارق بالماء، ولا توجد أية رقابة وتقييم حقيقي للمشاريع الجاري إنشائها، وبالطبع يغيب في معظم الأحيان الإخلاص وإعطاء الأمانة حقها؛ فهذه ليست الأمطار الأولى التي تتسبب في هذا الحال المرير.
مشاريع الملايينويضيف عمر الناعبي :”بعض المشاريع التي تقوم الحكومة بتعديلها، والانفاق عليها بالملايين هي في الاصل لا تصل قيمتها للملايين، ومثالا على ذلك المهرجانات. في حين يقول ابراهيم الصلتي:”ايضا بخصوص المبالغ التي تصرف للمهرجان سنويا؛ فالدولة في مرحلة تسويق وترويج للسياحة ومثل هذه المهرجانات بالرغم أنها تأخذ نسبة كبيرة من ميزانية الدولة لكن العائد منها سوف يكون للسنوات القادمة بإذن الله. وكانت عضوة المجلس البلدي الشيماء الرئيسية قد انتقدت استمرار دعم مهرجان مسقط عبر حسابها على تويتر في الوقت الذي تستمر فيه معاناة السكان من توقف الطرق وخدمات البنى التحتية في كل مرة تهطل فيها الأمطار.
أهم ملامح النهضة يغرقأما عن تأثيرات الأمطار على مستشفى النهضة الذي احتاجت الأودية أركانه المختلفة وتسببت في إغلاقه لمدة أسبوع كامل ونقل جميع المرضى منه؛ فتقول عزيزة الحبسية:” إنه أمر مؤسف جدا، حيث يعنى هذا المستشفى للعمانيين الكثير. هو في الحقيقة أحد ملامح النهضة العمانية ومعالمها الرئيسية ودخول مياه الأمطار عليه خطأ تتحمله الجهات المسؤولة والقائمين على وضع خطط البنى التحتية في البلد، اضافة إلى أنه يجب أن لا تكون هناك مساومة على أرواح البشر، فإن مظهر إخلاء المرضى من داخل المستشفى بسبب دخول مياه الأمطار منظر لم يكن مقبولا خاصة وأن المشكلة حدثت من قبل، وتم الاعلان عن اجراءات ستتخذ لتفاديها، ولم يحدث شيئا بهذا الخصوص إلى أن تكرر المشهد مرة اخرى”.
وتضيف أماني الجردانية:” بعد اطلاعي على نشرة الأخبار وما حدث لمستشفى النهضة، أتساءل عن الجهة المسؤولة على ذلك؟ ، وأتمنى أن تتجه الجهات الموكلة بهذا الامر لعمل الاجراءات اللازمة لتفادي هذه المشكلة مستقبلا، وذلك لضمان سلامة الجميع بما فيهم المرضى.
ضعف الكوادرعمر الناعبي يضيف:” التخطيط التي تتبعه الشركات هو تخطيط ينبى على كادر “هندي”، و كادر وطني بسيط، وعليه يجب تغيير المناهج؛ فالمهم هنا أن المسؤولين يجب ان يعوا ان مناهج التخطيط للمدن و التعمير قد تغيرت و تجددت.
طريق العامرات بوشر
وتقول عزيزة الحبسية عن طريق العامرات بوشر :”من المعروف أن طريق العامرات تم انجازه بعد ما حدث في الأنواء المناخية”جونو” عام 2007، ولا ننكر أن التضاريس الصعبة للمنطقة كان لها دور في إتمام إنجاز هذا الطريق، خاصة وأن المواطنين عانوا كثيرا أثناء الإعصار وما خلفه من هدم للبنية التحتية وللطرق في ولاية العامرات، إلا أن هذا لا يبرر أبدا استمرار هدر الأموال في تنفيذ مشاريع تكلف البلد أموالا طائلة ثم لا تؤتي أكلها، واعتقد أن التسرع في إسناد المشاريع، وبالتالي أيضا التسرع في تقييمها فنيا من قبل جهات متمكنة وموثوقة هو الذي يجعلنا نعيش هذه المشاهد المتكررة من البناء والهدم لمشاريع يفترض أن تقام لمرة واحدة، الا في ظروف نادرة كمشاريع الطرق والجسور.
متابعة: علياء الجردانية