بدأ الشاب علي المقبالي مع عدد من أصدقائه رحلة لمشروع طريق الباطنة الساحلي، وهو أحد أهم المشاريع التنموية التي تشرع الحكومة في انجازها منذ ما يزيد عن 3 أعوام، حيث فاقت موازنة تكاليف المشروع ما يزيد عن مليار ريال عماني. بدأ المقبالي رحلته ابتداء من ولاية لوى ومرورا بولايات يشملها المشروع، لترصد كاميرته وملاحظاته مع عدد من أصدقائه وقفات من المشروع، واشكالياته ومعاناة المتضررين منه، والتحديات الاجتماعية التي سيتسبب بها هذا المشروع.
حيث يقول: عندما يذكر على مسامعك مشروع “طريق الباطنة الساحلي”، قد يتبادر إليك لحظة الإعلان عن المشروع قبل سنوات مضت، وتلك الوعود التي صرحت بها الحكومة عبر وسائل الإعلام حول المنافع الضخمة التي سيجنيها المواطن والدولة من هكذا مشروع، واستقبل الكثيرون تلك التصريحات بآمال كبيرة نسجت على أحلام المواطنين البسطاء الذين انتظروا مشاريعا حيوية تجذب الاستثمارات، وتحقق معدلات الرخاء الاقتصادي في المنطقة، ومقومات الحياة المثالية بما في ذلك تلك التعويضات الضخمة التي سيتحصل عليها المتضررين من هذا المشروع.
المقبالي: مشاهد لشوارع وجسور متقطعة لم يكمل من إنجازها إلا القليل
ويكمل: قبل عدة أسابيع خرجت مع بعض الأصدقاء في رحلة سريعة مقررين من خلالها استكشاف طريق الباطنة الساحلي ابتداء من ولاية لوى إلى نهاية ولاية شناص. وكان ما لاحظته أن نسبة الانجاز في المشروع لا تتجاوز بضع كيلومترات بعد مرور كل هذه السنوات، وربما هي لا تغطي سوى ما نسبته 30% إلى 40% من أجمالي طول الطريق الساحلي لولايتي لوى وشناص، والأكثر مرارة تلك المشاهد المخجلة لشوارع وجسور متقطعة وغير متكاملة، وتحيط بها بعض المنازل القديمة والمهجورة وبالقرب منها المجمعات السكانية التعويضية الشهيرة ببنائها غير المتقن والمتشققة في بعض جدرانها. وكنت ككثيرين أتابع تلك الأرقام الضخمة التي تتناولها وسائل الإعلام وصفحات الانترنت حول تكلفة المشروع، منها خبر قرأته على إحدى المواقع الإلكترونية نقلا عن صحف، ويتضمن تفاصيلا حول تكلفة المشروع، والتي وصلت إلى ما يقارب 1.7 مليار ريال عماني، وكان الخبر بعام 2012م ولذا تسائلت كم وصلت تكلفة المشروع الآن وبعد مرور 3 سنوات، وبعد استحداث أوامر تغييرية قد كلفت مبالغ طائلة أيضا؟
الكاميرا رصدت منازل مهجورة وبيوت جاذبة للجرائم
ويسرد المقبالي بعض المخاطر التي خلفها المشروع قائلا: كنت أستمع إلى الأصدقاء وهم يقولون أن تلك المنازل والمجمعات السكانية التي هجرها أصحابها بعد المشروع؛ أصبحت مرتعا للمتسللين واللقاءات والممارسات اللاأخلاقية عوضا عن إمكانية جذبها لمتعاطي المخدرات.
ويضيف: أحد سلبيات هذا المشروع يكمن في إضعاف البنية الاجتماعية للساكنين، حيث ستتفرق المجموعات السكانية وربما الأشقاء في ذات المنازل؛ ليسكنوا في مساكن تعويضية مما سيشكل بعدا اجتماعيا خطرا على هذه المنطقة. واضافة لذلك، فإن من السلبيات الأخرى والتي ظهرت مع بدء هذا المشروع هي اشكاليات الخط الساحلي الزراعي لمحافظة الباطنة، والمشهور منذ القدم بزراعات متنوعة، حيث جالت صادرات هذه المزارع المحيطات قديماً، ولا زلت أذكر تلك المزرعة التي أشتراها والدي قبل 20 عاما، وكنا نجني من خيراتها الكثير، ولكن تتفاجأ من خلال تجوالك على طول هذا الخط من جذوع النخيل اليابسة والآلاف الأمتار من المسطحات الزراعية اليابسة، وأعتبر أن مثل هذه الخسائر الأعظم إيلاما في تاريخ هذه الولايات؛ فالأمم المتقدمة تجتهد من أجل الحفاظ على المسطحات الخضراء، وحمايتها من الضياع والتخريب.
وبعد انتهاء هذه الرحلة السريعة، كنت أتسائل عن مدى نجاح هذا المشروع، لاسيما بعد كل هذا الغياب في المعلومات والتفاصيل التي جرى التكتم عليها، حيث تم الإعلان عن المشروع بتكاليفه المرتفعة، وها هي السنوات تمضي ببطء على هذا المشروع دون الاستفادة الحقيقية منه أو لمس تلك المنافع الضخمة التي أشار لها الإعلام ولا شك أن المشروع لم يخلوا من محاولات الاحتيال والنهب التي ينبغي أن تقدم المعلومات بشأنها لمعرفة الاخفاقات التي واجهها هذا المشروع.
متابعة: علي المقبالي وسمية اليعقوبية