تشكل الصالونات والملتقيات الثقافية فرصة مهمة للتبادل الثقافي وهي تعزز من حضور القضايا الثقافية والأدبية وتمثيل النخب الثقافية والأدبية في الحياة العامة ولطالما حفلت الساحات الأدبية والثقافية بالكثير من النماذج المهمة التي كانت تتشكل بلقاءات الأدباء والمثقفين وتجمعهم في إطار معين عرف باسم الصالونات الثقافية. ومنذ عام 2010م، ظهر صالون فاطمة العلياني الأدبي في ولاية البريمي ليشكل انطلاقة مهمة نحو تسخير اللقاءات بين الأدباء والمهتمين بهذه المجالات في دعم الحراك الثقافي وضمان استمراره مع توسع التحديات التي تواجه هذا المجال. التقت مجلة مواطن بمؤسسة الصالون الدكتورة فاطمة العلياني للحديث عن تجربة ثرية من الأدب والجهد لنشر الاهتمام بقضايا الثقافة والأدب.
1- من هي الدكتورة فاطمة العلياني وكيف تأسست فكرة هذا الصالون الأدبي؟
أعتبر نفسي مواطنة عمانية تفتخر بكونها معلمة تأمل أن تخدم وطنها بقدر ما تستطيع. أما الصالون فهو تجمع أدبي ثقافي فكري يسعى للعلم والتعلم ومجاراة الأحداث الأدبية والتعامل مع متغيرات الحياة الثقافية وإثراء المجتمع بإبداع المثقفين والمفكرين من الجنسين، فلا يقتصر على جنس واحد بل يخاطب الرجل والمرأة على اختلاف أعمارهم وثقافاتهم وتوجهاتهم. وبدأت عضوية الصالون بعدد قليل من المهتمات بالأدب والثقافة من محافظة البريمي ثم توسعت العضوية لتعم محافظات السلطنة وبدأ العدد في الازدياد وفي العام الثاني للصالون فتحنا المجال لعضوية الرجال لتتسع تلك العضوية لاحقا لتشمل عضوات وأعضاء من دول الخليج العربي ومصر والمغرب وتونس وفلسطين وسوريا والأردن والسودان.دوتكون الهيكل التنظيمي للصالون من عدة لجان هي: اللجنة الأدبية واللجنة الإعلامية واللجنة التنظيمية ولجنة حفظ التراث.
2- في إحدى حواراتك مع وسيلة إعلامية، ذكرت أن فكرة الصالون بدأت في 2010 و تم تدشين الصالون في عام 2011 بالتحديد . فهل الحراك المجتمعي في 2011 وما صاحبه من انفراج في مستوى الحريات كان له الأثر في انطلاق الصالون مثل غيره من الصالونات التي ظهرت في تلك الفترة؟
الصالون بدأ كحلم منذ أن كنت طالبة في الجامعة. وكوني معلمة كنت مهتمة بمعرفة حاجات النشء واحتياجاته الثقافية؛ فبدأنا بصالون أدبي لطالبات محافظة البريمي في عام 2010 فلم يكن ارتباطه بأحداث ذلك العام بقدر ما كان ارتباطه بالحاجات الثقافية والحاجة الماسة لتلبية تلك الاحتياجات.
3- غاب صالون فاطمة العلياني عن التكريم الداخلي ولكن تم تكريمه خارجيا. ماذا يعني ذلك بالنسبة لكم؟ خاصة أن التكريم جاء من مجلس التعاون الخليجي كمنظمة أقليمية لها اعتباراتها وما أثر الجائزة في سير عمل الصالون؟
في الحقيقة أنني حظيت بهذا التكريم نتيجة لترشيح السلطنة لي ممثلة في وزارة التراث والثقافة. هذا التكريم الذي جاء ضمن مجموعة من المبدعين على مستوى دول مجلس التعاون فهو وسام شرف أعتز بكونه تكريما محليا وخليجيا.
4- في حوارك مع ملحق الجسر الثقافي لصحيفة اليوم السعودية قلت إن أبرز معوقات الصالونات النسائية هي مدى تقبل المجتمع للفكرة وذكرت بالأخص مدينة البريمي التي تأسس بها هذا الصالون. هل تجاوز الصالون هذه المعضلة وخاصة فيما يتعلق بالمرأة أم أن هنالك تيارا رجعيا يؤثر بصورة قوية؟ وخاصة ما تشهده الساحة من غياب حضور النساء للفعاليات الثقافية باستثناء العاصمة.
غالبا ما تتركز الحركة الفكرية في العواصم وهذا ليس في السلطنة فحسب بل في مختلف الدول. والحقيقة أن مجتمع البريمي مجتمع منغلق نسبيا إلا أن الوعي الفكري في ازدياد وإن كان نسبيا إلا أنه بدأ بالظهور بحيث نأمل أن تتواجد الأسرة وتكون حاضرة للاستمتاع بالمنشط الثقافي . وسيكون للمرأة تواجد وصوت وتعبير فكري رائد بإذن الله وهذا ما لمحناه في فعاليتنا في الأيام الأدبية العمانية الإماراتية حيث تواجدت المرأة حضورا ومشاركة مما يدل على أنها قادرة على تجاوز جميع المعضلات لنصل إلى جيل واع بقيمة الكلمة والفكر.
5- هل هنالك معوقات أخرى سواء من الحكومة أو من المجتمع أو من المثقف نفسه يُحد من فعالية الصالون وما يأمل تحقيقه ؟
حاليا نصادف بعض العقبات التي لا تمهد للمشاركة المجتمعية وهذا ما تواجهه جميع المجتمعات وهذا يتعلق بالنضج المجتمعي وتقديره للعمل الثقافي المدني. فبعض الجهات الحكومية مساهمتها بسيطة جدا أو تكاد لا تذكر أو أحيانا تضع بعض العقبات مما يؤدي إلى تأخير بعض المناشط والحد من جودتها ومثال ذلك ضعف التغطية الإعلامية لمناشط الصالون علما بأنه يصل للجهات المختصة بالإعلام في الولاية رسائل رسمية واتصالات حول تلك المناشط وهنا نتساءل هل لا يشعر أولئك بقيمة العمل الثقافي وأهميته أم هو مجرد تقصير في التغطية؟ في حين أن وزارة التراث والثقافة متمثلة في وكيل الوزارة وجميع القائمين على هذه الوزارة الموقرة دعمت ومازالت تدعم الصالون لتجاوز تلك العقبات.
6- اقترح أحد المثقفين أن يغير الصالون اسمه من صالون فاطمة العلياني إلى صالون فاطمة ليعطي الاسم عمومية أكثر؟ فهل لدى إدارة الصالون نية في ذلك؟
بدأ هذا الصالون باسم صالون فاطمة العلياني الأدبي وسيستمر بهذا الاسم ما دام الهدف أنبل من المسميات.
7- ما خطط صالون فاطمة العلياني المستقبلية في ظل الصعوبات التي تواجه أي مشروع ثقافي في منطقتنا؟
وضع خطط مرنة قابلة للتعديل مع الظروف الراهنة والتعامل بمرونة مع التغيرات الثقافية والاجتماعية في المنطقة. كما نأمل تفعيل وسائل التواصل الاجتماعي لنصل إلى أكبر عدد من شرائح المجتمع المختلفة ومواصلة دعم النشء وتطعيم الأدب العماني بما يخدمه من قراءات شعرية ونثرية.
8- أحد أهم قواعد الانتشار والديمومة لأي عمل ثقافي هو التعاون مع بقية المؤسسات داخليا وخارجيا لتكوين جسر، خاصة أن صالون فاطمة العلياني في منطقة حدودية بين دولتين. ما حجم التعاون وطبيعته بين صالون فاطمة العلياني والمؤسسات الثقافية العمانية المركزية منها والفرعية والخارجية وخاصة في دول مجلس التعاون؟
على المستوى المحلي يتعاون الصالون مع أغلب المؤسسات الحكومية والخاصة والأهلية. كما للصالون مشاركات في معرض مسقط الدولي للكتاب والمؤسسات الثقافية المركزية كالنادي الثقافي بمسقط، وتواصل مستمر مع وزارة التراث والثقافي. وكانت الأيام الأدبية العمانية الإماراتية جسرا ثقافيا ممتدا بين أدباء البلدين وسيستمر بإذن الله في التواصل مع بقية دول الخليج والدول العربية سنويا . كما نأمل أن يكون هذا التواصل أوسع وأعمق خلال الفترة القادمة.
حاورها: أحمد البحري