أقيم في الثامن من ديسمبر حفل تسليم جائزة الكرامة للمدافعين عن حقوق الإنسان لسنة 2015 في العاصمة السويسرية جنيف، حيث فاز بها عضو مجلس الشورى العماني السابق د. طالب المعمري . الحفل الذي جاء تزامنا مع الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان، وحظي بحضور عدد من النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان ومنظمات حقوقية وخبراء قانونين.
المدير التنفيذي للكرامة: طالب المعمري نموذج للمناضل السلمي الشجاع ومثال في المجتمع العماني ومنطقة الخليج بشكل عام للكفاح من أجل ضمان حقوق المواطنين
عبر الدكتور مراد دهينة المدير التنفيذي للكرامة عن أسفه لعدم وجود شخص مثل طالب المعمري في جنيف لتسلم جائزته قائلا: “للأسف، لا يوجد معنا اليوم طالب المعمري، لأنه مُعتقل من أجل جرائم لا تُعاقب عليها إلا الحكومات القمعية والديكتاتورية مثل ‘التجمع’ أو ‘النيل من هيبة الدولة’”.
في بداية الحفل عبر دهينة في كلمته مشيرا فيها الى أن الكرامة قررت: “منح جائزتها السنوية لشخصية بارزة للنشاط السلمي المناهض للقمع في منطقة الخليج العربي”. وأردف قائلا بأن: “طالب المعمري نموذج للمناضل السلمي الشجاع ومثال في المجتمع العماني ومنطقة الخليج بشكل عام للكفاح من أجل ضمان حقوق المواطنين ولكي تصبح الحكومات مسؤولة أمام مواطنيها”.
المسؤولة القانونية للكرامة: يحكم عمان نظام ملكي مطلق، يجرم أي انتقاد ولا يسمح للشعب بأي إمكانية حقيقية للمشاركة في صنع القرار السياسي وإدارة الشأن العام
وشارك في كلمات الحفل خديجة نمار، المسؤولة القانونية عن منطقة الخليج العربي، قائلا بأن: “عمان في الواقع من البلدان القلائل في المنطقة التي لم تصادق على اتفاقية مناهضة التعذيب. يحكمها نظام ملكي مطلق، يجرم أي انتقاد ولا يسمح للشعب بأي إمكانية حقيقية للمشاركة في صنع القرار السياسي وإدارة الشأن العام”، واصفة في كلمتها وضع مجلس الشورى العماني على أنه: “مجلس الشورى بمثابة برلمان منتخب، ولكنه كما يوحي بذلك اسمه دوره استشاري فقط”.
المتحدث باسم الفريق المعني بالاحتجاز التعسفي بالأمم المتحدة: طالب كان من أشجع المنتقدين للحكومة، وهو ما يجب أن يقوم به كل مسؤول منتخب لكي تتحسن رعاية المواطنين بشكل مستمر
ووصف سيتوندجي رولان أدجوفي –خبير القانون الدولي والمتحدث باسم الفريق المعني بالاحتجاز التعسفي بالأمم المتحدة- طالب المعمري بأنه كان “مدافعا استثنائيا عن حقوق الإنسان” وأن المعمري “دافع عن حقوق مواطنيه لا سيما حقهم في بيئة آمنة ونظيفة، ضد التلوث الكبير والمستمر الذي تعاني منه المنطقة. كان من أشجع المنتقدين للحكومة، وهو ما يجب أن يقوم به كل مسؤول منتخب لكي تتحسن رعاية المواطنين بشكل مستمر”.
وأما الباحث المتخصص بمنطقة الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش، آدم كوغل، دعا السلطات العمانية إلى “وقف أعمال القمع الشرسة ضد نشطاء حقوق الإنسان والمعارضين السلميين” وإلى “تعديل القوانين الغامضة التي تستخدم للحد من الحقوق الأساسية”. وكان آدم كوغل قد التقي بأفراد من أسرة طالب المعمري في منتصف 2014 وعبر عن رؤيتهم في قضية اعتقال المعمري خلال الحفل بقوله إن أسرة طالب تعتقد “أنه ما كان ينبغي أبدا اتهامه في المقام الأول”.
المدير القانوني للكرامة: غياب أفراد عائلة المعمري ومحاميه ونشطاء محليين خوفا من قمع السلطة
ولغياب أفراد أسرة المعمري و بقية النشطاء المحليين عن الحفل، والذي بات واضح الأسباب في وجهة نظر خبراء حقوق الإنسان والمنظمات الحقوقية، استلم جائزة الكرامة للمدافعين عن حقوق الانسان 2015 السيد يولي لوينبغر رمزيا نيابة عن المعمري والتي قام المدير القانوني لمنظمة الكرامة رشيد مصلي بتسليمها.
وفي ذلك قال رشيد مصلي: “في غياب المعمري ومحاميه الذي اعتقل أيضا قبل أسبوعين، بتهمة النيل من هيبة الدولة، وأيضا أفراد أسرته الذين لم يستطيعوا الحضور إلى جنيف خوفا من الانتقام، يسرني أن أقدم الجائزة إلى السيد يولي لوينبرغر، الذي يتقاسم مع فائزنا قيما عالمية مشتركة”.
مدير معهد الثقافات العربية والمتوسطة: أتمنى أن تصبح ليالي طالب في السجن أقصر، وأن أكون قادرا على تسليمه هذه الجائزة في أقرب وقت
ويعد السد يولي لوبنبغر برلماني سويسري وناشط سياسي وبيئي عرف عنه دفاعه عن حق المهاجرين واللاجئين السياسيين وقد أختير مؤخرا كرئيس جديد لمعهد الثقافات العربية والمتوسطة بجنيف، كما أنه أختير لتسلم جائزة الكرامة نيابة عن الدكتور طالب لاشتراكهم في قيم: الدفاع عن حقوق الإنسان، والدفاع عن البيئة.
وتعهد السيد يولي بالمحافظة على الجائزة وبأنه سوف يسلمها “إلى رجل حر لكي يكمل مسيرته التي أشاركه فيها”، متمنيا أن “تصبح ليالي طالب المعمري وغيره من السجناء السياسيين في عُمان أقصر، وأن أكون قادرا على تسليمه هذه الجائزة في أقرب وقت”.
جائزة الكرامة جائزة سنوية تمنح للمدافعين عن حقوق الإنسان في العالم العربي ويتم تسليمها في حفل يقام بمدينة جنيف
وقد منحت جائزة الكرامة هذه السنة 2015 الى د.طالب المعمري “تقديرا لدفاعه عن حقوق الإنسان في السلطنة ووقوفه أمام البرلمان باسم المجتمع المدني لتذكير الحكومة والشركات البتروكيماوية بمسؤولياتها والتزاماتها” بحسب تقرير الكرامة بموقعها الإكتروني.
جائزة الكرامة جائزة سنوية تمنح من قبل منظمة الكرامة للمدافعين عن حقوق الإنسان في العالم العربي ويتم تسليمها في حفل يقام بمدينة جنيف في 8 من ديسمبر من كل عام.
للمزيد من المعلومات حول ملابسات قضية د. طالب اقرأ : الأمم المتحدة تصدر تقريرا حول قضية عضو الشورى طالب المعمري
د.طالب المعمري هو عضو سابق في مجلس الشورى العماني أنتخب من قبل أبناء ولايته لوى في سنة 2011م وذلك تزامنا أيضا مع الربيع العماني ليمثل صوت الشعب أمام مجلس الشورى، البرلمان العماني. حرص طالب على أن إيصال صوت أبناء ولايته ومطالباتهم بالإصلاح خصوصا وأن لوى كانت ولا زالت تعاني من آثار المشروعات البتروكيماوية للحكومة والتي تواجه صمتا مطبقا من قبل المسؤولين.
المعمري نادى في عدة جلسات لمجلس الشورى عن حق الشعب في محاسبة الحكومة والمسؤولين، وعن الحق بالشفافية في مناقشة موازنة الدولة، كما أنه خرج في مظاهرات سلمية مطالبة بتحسين الوضع البيئي التي تتعرض له لوى ووقف المشروعات الكيماوية التي يختنق بسببها أبناء الولاية، إلا أن تلك المظاهرات أفضت بالدكتور طالب الى السجن بتهم “التحريض على التجمهر” و”قطع الطرق” حيث تم اعتقاله في 24 أغسطس 2013م ، وبعد عدة محاكمات وصفتها منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان بأنها غير عادلة لعدم توفر المعايير الدولية للمحاكمة حيث منع الدكتور طالب من رؤية محاميه خلال جلسات الاستئناف وأفضى به حكم الاستئناف الى السجن لمدة 4 سنوات وغرامة تقدر ب700 ريال عماني وذلك في 31 من أكتوبر 2014م.
للمزيد من المعلومات حول ملابسات القضية اقرأ البيان المترجم بالعربية الذي نشرته مواطن سابقا بعنوان : الأمم المتحدة تصدر تقريرا حول قضية عضو الشورى طالب المعمري.
متابعة: بسمة البادية