الحالة الحقوقية في الخليج العربي أحد مؤشرات تراجع الحرية وتصاعد انتهاكات حقوق الإنسان، وهي دليل متين على بطش السلطات وقمعها لأي معارض لها، ومدى انزعاجها كذلك من أي أنشطة فكرية تناقش الأوضاع السياسية أو نشاطات حقوقية ترصد وتوثّق الانتهاكات وكذلك تطالب بالعدالة والمساواة وتوفير أساس حقوقي للمواطن الخليجي يضمن له حرية الرأي والتعبير والمعتقد وغير ذلك. في هذا التقرير، مواطن توثق عددا من الحالات الحقوقية في دول خليجية مختلفة.
البحرين
هجوم وحصار لمنطقة الدراز خلّف قتلى وجرحى، واستمرار احتجاز نبيل رجب
نفذت قوات الأمن البحرينية عملية أمنية على منطقة الدراز ذات الأغلبية الشيعية يوم الإثنين 22 مايو/آيار 2017، خلّفت العملية حسب منظمة العفو الدولية (أمنستي)؛ خمسة قتلى على الأقل، و268 معتقلا، وأكثر من مئة جريح، 8 منهم في العناية المركزة، و19 جريحا من قوات الأمن البحرينية.
وأتى هذا الهجوم الأمني للقوات البحرينية على بلدة الدراز ذات الكثافة السكانية (18 ألف نسمة) بعد اعتصامات قام بها محتجون بسبب الحكم الصادر ضد المرجعية الشيعية آية الله عيسى قاسم واثنين من معاونيه، وجميعهم أُسقطت جنسياتهم، وحكم بسجنهم سنة مع وقف التنفيذ، وغرامة تصل إلى 265 ألف دولار أميركي، ومصادرة أموالهم وعقاراتهم التي كانت الحكومة قد تحفظت عليها. وذلك بعد توجيه تهم تتعلق بغسيل الأموال، وصفها العديد من الناشطين بأنها تهم كيدية بقصد محاصرة الشيخ عيسى والانتقام منه بسبب نشاطه السلمي ضد الحكومة، وشعبيته الواسعة لدى المحتجين.
وقد أدانت العديد من المنظمات الحقوقية، منها منظمة العفو الدولية هذا الهجوم الأمني، وطالبت هذه المنظمات كذلك بضرورة تدخل أممي لوقف الانتهاكات التي تقوم بها حكومة البحرين، وكذلك طالبت بضرورة وجود فريق تحقيق دولي محايد للاطلاع والتحقيق في هذا الهجوم والمزاعم التي ادعتها الحكومة، حسب تعبيرهم.
نبيل رجب
رفضت محكمة بحرينية يوم 16 مايو/آيار 2017 طلب الإفراج عن نبيل رجب، الناشط الحقوقي البحريني البارز وأحد مؤسسي مركز الخليج لحقوق الإنسان. وكان نبيل رجب اعتقل مجددا في يونيو/حزيران 2016، بسبب تغريدات له انتقد فيها حرب اليمن. وتعرض سابقا للاعتقال والحبس مرّات عدة منذ اندلاع الحركات الاحتجاجية في البحرين، 14 فبراير/شباط 2011. وطالبت العديد من المنظمات، مثل هيومن رايتس ووتش والعفو الدولية، بإطلاق سراح نبيل رجب، كما حثّت لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدّة على إخراج رجب من الحبس الانفرادي الذي ظلّ فيه أكثر من تسعة أشهر.
السعودية
هروب جديد لفتاتين، ومحاكمة رأي و تعذيب!
أشواق و أريج الحربي
شهد منتصف شهر مايو/آيار 2017، حالة هروب جديدة لفتاتين سعوديتين من مطار محمد بن عبد العزيز إلى تركيا، بعد أقل من شهر من حادثة هروب دينا علي، التي كانت متوجهة إلى أستراليا ولكن ألقت السلطات الفلبينية القبض عليها وأعادتها إلى السعودية، حيث لا يُعرف عنها شيء إلى الآن.
وكانت السلطات التركية ألقت القبض على شقيقتين سعوديتين، هما أشواق وأريج الحربي، من مواليد المدينة المنوّرة، هربتا من السعودية عبر مطار محمد بن عبدالعزيز إلى تركيا، وذلك بعد أن تقدّمن بطلب الإقامة في تركيا، ولكن سلطات الأمن التركية رفضت وألقت القبض عليهما بحجة أنهما مطلوبتان من السلطات السعودية. وحسب فيديو للشقيقتين، بثتاه وهنّ في طريقهن إلى أحد مراكز الشرطة التركية، قالتا إن سبب هروبهن هو تعرضهن للعنف الأسري منذ طفولتهن، من الأب والأم وأخوتهن الصغّار، وتم طردهن من البيت، وحين لجأتا إلى منزل عمّهن، حبسهنّ هذا الأخير في إحدى غرف منزله لمدة شهر، قبل أن يتمكنا من الهروب.
وحالات هروب فتيات سعوديات بسبب التعنيف المنزلي أو بسبب انتقاص حقوقهن في المعيشة والعمل وحرية التنقل ليست بجديدة، فقد سبق أن هربت فتاتان إلى كوريا، كما هربت فتاة كانت برفقة أسرتها في تركيا إلى جورجيا، إضافة إلى حادثة القبض على فتاة في الفلبين (دينا علي) كانت تنوي الهروب إلى أستراليا شهر إبريل/نيسان الماضي.
إبراهيم السكران
حكمت الجزائية المتخصصة بسجن المحامي الشاب إبراهيم السكران 5 سنوات، بعد توجيه تهم متعلقة بالمساس بنظام الأمن العام والإساءة إلى قادة دول عربية. وكان السكران قد تم اعتقاله في يونيو/حزيران 2016 بسبب تغريدات عدّة انتقد فيها سياسة المملكة العربية السعودية الخارجية، وطريقة وصفهم وتعاملهم مع الأحداث الجارية العراق وسوريا ومصر.
وحسب منظمة القسط الحقوقية، فإن المحكمة الجزائية المتخصصة حكمت على السكران يوم 25 مايو/آيار 2017 بالسجن خمس سنوات، بسبب تغريدات.
تعذيب في سجن بريدة
نشرت منظمة القسط الحقوقية، عن وجود حالات تعذيب وسجن انفرادي لعدد من سجناء سجن بريدة في السعودية، بعد نشرهم مقاطع فيديو عن الأوضاع داخل السجن والانتهاكات الحقوقية التي تحدث فيه بصورة يومية.
وحسب ما جاء في مقاطع الفيديو، فإن السجناء تحدثوا عن السوق السوداء داخل السجون، وطريقة السلطات السعودية في إدخال الممنوعات إلى داخل السجون ومن ثم مصادرتها لاحقًا، وتحدثوا عن الضرب والتعذيب والإهانة التي يتعرضون لها، وانعدام سبل التواصل مع الجهات العليا أو تسجيل شكاوى ضد المنتهكين، وتحدثوا عن انعدام حقوق الإنسان، وعدم رؤيتهم لأي من الجهات الحكومية أو شبه الحكومية التي تدعي السلطات أنها تختص في حقوق الإنسان، وتحدثوا عن الإشكال الإداري المتمثل في فقدان الوثائق والمستندات، والمصاعب الأخرى التي يتعرضون لها، كانقطاع الماء، وعدم وصول ملابسهم وحاجياتهم الخاصة بهم، وكذلك وعن الإشكال الصحي والقصور في تأمين العلاج، وتحدث أحدهم عن حرمانه من زيارة والدته المصابة بالجلطة.
منظمة القسط، التي أدانت هذا الأمر، كانت في تقارير سابقة مشابهة، أكدت أن السجون السعودية تعج بالجرائم والمخدرات والتعذيب وسوء المعاملة ونقص الرعاية الصحية وسوء الإدارة.
عُمان
سجن كاتب والإفراج عن معلّم
منصور المحرزي
حكمت محكمت مسقط الابتدائية يوم 23 مايو/آيار 2017 بسجن الكاتب منصور ناصر المحرزي ثلاث سنوات وغرامة 1300 دولار أميركي، وتحديد مبلغ 2600 دولار أميركي حالة الاستئناف.
وحسب المركز العماني لحقوق الإنسان، فإن اعتقال المحرزي حدث بسبب كتابه “عمان في مربع الفساد”، الذي تمّ سحبه سابقا من قبل المؤلف نفسه من الأسواق. ولكن الاعتقال حدث وبحسب رواية الادعاء العام العماني، بعد أن تقدم أحد المواطنين بشكوى على الكتاب الذي ادّعى بأنه قد اشتراه في نوفمبر 2016 من معرض الشارقة الدولي للكتاب، وهو الأمر الذي نفاه محامي منصور المحرزي، الذي أكّد على أنّه لا توجد أي نسخة منه في الأسواق، وأن النسخة التي تواجدت سابقا ما هي إلا مسوّدة تخللها الكثير من الأخطاء وعدم الدقّة مما تتطلب سحبها. وطالب محامي منصور كذلك قاضي المحكمة، يوسف الفليتي، استدعاء المواطن صاحب الدعوى للشهادة في المحكمة، وهو الأمر الذي رفضه القاضي!
منصور المحرزي كاتب وباحث عماني، له إصدار سابق في 2014 بعنوان “الدولة والمجتمع في عمان”، وتعرض للمضايقات الأمنية والمساءلة بسببه بعد نشره عددا من المواضيع المتعلقة بالانتهاكات الحقوقية والأمنية التي مارستها السلطات ضد الكتّاب والنشطاء في عمان منذ 2011.
وكان مركز الخليج لحقوق الإنسان والمركز العماني لحقوق الإنسان أدانا هذا الاعتقال والحكم لاحقا، وطالبا بضرورة الإفراج عن منصور وإسقاط التهم الموجهة إليه.
أحمد البحري
أفرجت السلطات العمانية ممثلة بجهاز الأمن الداخلي يوم 16 مايو/آيار 2017، سراح المعلم أحمد البحري، الذي كانت قد اعتقلته سابقا في الــ 17 إبريل/نيسان. وحسب المركز العماني لحقوق الإنسان، فإن اعتقال البحري حدث بسبب تغريدة له انتقد فيها انتشار سيارات الدفع الرباعي التابعة لأجهزة الشرطة في محافظة البريمي. ولم يتم السماح للبحري طوال فترة اعتقاله التواصل مع المحامي أو مقابلته، أو الكشف عن مكان اعتقاله، وحسب المركز العماني، فإنه قد تمّ التحفظ على قضية البحري، وتمّ الإفراج عنه بعد شهر من اعتقاله دون توجية أيّة تهم إليه.
قطر
حقوق العمالة الوافدة
أدانت منظمة العفو الدولية “أمنستي” استمرار انتهاك حقوق العمالة الوافدة العاملة في مواقع بناء منشآت كأس العالم لكرة القدم، في قطر. وأتت هذه الإدانة بعد يوم 18 مايو/آيار 2017، قبل يوم من استضافة استاذ خليفة الدولي، أحد الملاعب الرئيسية المعدّة لهذه البطولة، لأول مبارة بعد تجديده. وقال نائب مدير قسم القضايا الدولية في منظمة العفو الدولية، جيمس لينش،: “لقد مر عام منذ أن عرضت منظمة العفو الدولية أشكال استغلال العمال الأجانب الذين ساعدوا في بناء استاد خليفة، ومع ذلك لا تزال الانتهاكات مستمرة في مواقع بطولة كأس العالم لكرة القدم للعام 2022 في قطر”.
وكانت منظمة العفو الدولية قد نشرت في عام 2016 تقريرا بعنوان: “الجانب القبيح للرياضة الجميلة: استغلال العمال في موقع بطولة كأس العالم لكرة القدم في قطر 2022″، سلَّطت فيه الأضواء على صنوف استغلال العمال الأجانب في “استاد خليفة الدولي”. حيث طالبت العفو إلى ضرورة إعادة النظر حتى لا تصبح الانتهاكات هي الميراث لبطولة كأس العالم 2022.
محمد العتيبي
قامت السلطات القطرية يوم 28 مايو/آيار 2017 بترحيل الناشط الحقوقي السعودي محمد العتيبي إلى السعودية. وكان العتيبي قد خرج من السعودية إلى قطر في مارس/آذار 2017 خوفا من اعتقال السلطات السعودية له، حيث من المحتمل أن يتم توجيه تهم إليه تتعلق بــ: إنشاء جمعية غير مرخصة، والمشاركة في إعداد وإصدار بيانات تسيء للملكة العربية السعودية”.
وقد أدانت العديد من المنظمات الحقوقية مثل العفو الدولية، وهيومان رايتس ووتش، والقسط لحقوق الإنسان ومركز الخليج لحقوق الإنسان؛ ترحيل العتيبي، وحذّرت من أنه قد يتعرض لمحاكمة غير عادلة في السعودية وسجنه لسنوات طويلة.