تلعب المنظمات الحقوقية دورا مهما في حماية وترسيخ مفاهيم حقوق الإنسان في دول العالم عن طريق حملات التوعية أو عن طريق التنديد والتوثيق لحالات الانتهاك. وفي دول العالم المتقدم أصبح دور هذه المؤسسات فاعلا في المجتمع المدني وجزءا لا يمكن أن تُقبل محاربته والتضييق عليه سواء على المستوى الشعبي أو الحكومي؛ إيمانا بدورها الفاعل والمهم في تعزيز وحماية مبادئ حقوق الإنسان . بيد أن وجود مثل هكذا منظمات في الدول غير الديموقراطية ما زال غير متقبل وينظر له بنظرة الريبة والعداء. وللتعرف على الوضع الحقوقي الخليجي أكثر، مواطن تجري حوارا مع الناشط العراقي (الخليجي)، مدير مركز الخليج لحقوق الإنسان، خالد إبراهيم.
– حوار: محمد الفزاري
- ليس حقوقيا من ينظر بعين مفتوحة لبعض الانتهاكات في بلد ما ويغلقها لانتهاكات أخرى في بلد آخر.
- الحكومات الخليجية تنظر للمنظمات الحقوقية كمنظمات خارجة عن القانون ولمدافعي حقوق الإنسان كأعداء في الوقت الذي يجب أن نكون فيه نحن شركاءهم بناء المجتمع.
- وبسبب القمع والترهيب، اضطر الكثير من النشطاء لمغادرة بلدانهم إلى الغرب وهذا بدوره سيؤدي إلى إضعاف حركة حقوق الإنسان في المنطقة برمتها.
- عندما يكون خصمك هو الحكم فلابد أن تكون تقاريره هي مجرد من باب ذر الرماد في العيون؛ فلا تنصف ضحية ولا تعين مظلوما.
- قامت الأجهزة الأمنية بزرع جواسيسها وشراء البرامجيات المتطورة لمراقبة الحراك الشعبي عبر الإنترنت.
نص الحوار:
1- من هو الناشط خالد إبراهيم؟ ولماذا قرر دخول هذا الطريق المتعب جدا في ظل الظروف غير الديموقراطية التي تتصف بها الدول العربية؟
مدافع عن حقوق الإنسان من العراق، كان سعيداً بتدريس الفيزياء والحاسوب لطلبته، لكن الأحداث الماسأوية في العراق والمنطقة العربية والمستمرة والمتسمة غالبا بمصادرة الحقوق المدنية والإنسانية للمواطنين، جعلته يتجه للعمل في مجال حقوق الإنسان منذ بداية التسعينات ولحد الآن. لقد أمضى أكثر من عشر سنين في العمل مع فرونت لاين ديفندرز كموظف مؤسس، وبعدها في سنة 2011 انتقل للعمل لمركز الخليج لحقوق الإنسان ولا زال.
2- يعد حاليا مركز الخليج لحقوق الإنسان من أبرز المنظمات الحقوقية الخليجية. حسب رأيك ما الذي يميز هذا المركز عن غيره من المؤسسات والمراكز الخليحية؟
مركز الخليج لحقوق الإنسان يتميز بالاستقلال التام والعمل الجاد غير المسيس من أجل ترسيخ ودعم وحماية عمل المدافعين عن حقوق الإنسان في منطقتنا. وفي هذا فإننا لا نميز بين بلد وآخر ونرصد ونوثق الانتهاك أينما وقع ونعمل على إيقافه بكل الجهود. ليس حقوقيا من ينظر بعين مفتوحة لبعض الانتهاكات في بلد ما ويغلقها لانتهاكات أخرى في بلد آخر. سنستمر في بذل جهودنا الصادقة لدعم العمل الحقوقي في بلداننا.
3- ما أهم المعوقات التي يواجهها مركز الخليج بشكل خاص، والعمل الحقوقي المؤسسي بشكل عام في الخليج العربي؟
المعوقات كثيرة وفي مقدمتها نظرة الحكومات لمنظمات حقوق الإنسان كمنظمات خارجة عن القانون ولمدافعي حقوق الإنسان كأعداء في الوقت الذي يجب أن نكون فيه نحن شركاءهم وفي طليعة الصفوف من أجل بناء مجتمع تسود فيه قيم المحبة والسلام والعدالة الاجتماعية والمساواة واحترام حقوق الإنسان.
4- كيف ترى حراك نشطاء الحريات والمجتمع المدني في الخليج العربي، وما تقييمك للحراك الشبابي وحالة المجتمع المدني؟
الحقيقة أن المساحة اللازمة للعمل المدني والحقوقي غير متوفرة أساسا عندنا. وكذلك يواجه مدافعو حقوق الإنسان وناشطو الإنترنت الاستهداف المستمر؛ فهم يقبعون غالبا في السجون أو يواجهون الاعتقال، والاستجوابات المطولة، والمعاملة غير الإنسانية، والتعذيب، والمحاكمات الشكلية التي لا تتبع المعايير الدولية في المحاكمة العادلة والإجراءات القانونية و بتهمٍ باطلة تتعلق بعملهم المشروع والسلمي في مجال حقوق الإنسان. والجدير بالذكر أنه مؤخرا وبسبب القمع والترهيب اضطر الكثير من النشطاء لمغادرة بلدانهم إلى الغرب من أجل الحصول على حرياتهم وهذا بدوره سيؤدي إلى إضعاف حركة حقوق الإنسان في المنطقة برمتها.
5- ما تقييمك لتقارير حقوق الانسان والحريات الإعلامية والثقافية الرسمية التي تصدرها دول منطقة الخليج؟
عندما يكون خصمك هو الحكم فلابد أن تكون تقاريره هي مجرد من باب ذر الرماد في العيون؛ فلا تنصف ضحية ولاتعين مظلوما ولاتحق حقا ولاتقوم اعوجاجا.
6- هل تعتقد بأن تقارير المنظمات العالمية جميعها منصفة ودقيقة؟ أم أن بعضها إيحابي بعض الدول في المنطقة على حساب اخرى كما يتم الإشارة لذلك أحيانًا؟
المنظمات الدولية والإقليمية والوطنية المستقلة تاريخها معروف وتقاريرها تتسم بالشفافية والوضوح والدقة وأما الأخطاء فكلنا خطاؤون ولكن خير الخطائين هم التوابون اللذين يصححون أخطاءهم ويتعلمون منها الدروس المفيدة.
7- هل ساهم الربيع العربي في فضح الأنظمة الدكتاتورية، وخلق جيل جديد يستطيع المطالبة بحقوقه أم أن ما حدث مثلا في سوريا واليمن وليبيا جعل الأجيال الحالية تكفر بفكرة الإصلاح وتفضل عليها الاستقرار ولو كان تحت سلطة دكتاتورية على حساب الحريات والإصلاح؟
ساهم الربيع العربي في وضع معظم مدافعي حقوق الإنسان البارزين في السجون؛ فالذي حصل أن الحكام في بلداننا بعد أن وجدوا سقوط عروشٍ بعد حركات شعبية سلمية أصدروا القوانين واتخذوا الإجراءات التي تشدد قبضتهم على سدة الحكم. وهكذا فقد صادروا الرأي الآخر وقاموا بمحاكمة الناشطين باستخدام قوانين مكافحة الإرهاب وقوانين الجريمة الإلكترونية. إن امتلاكهم للإعلام التقليدي دفع الناس إلى استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وهنا قامت الأجهزة الأمنية بزرع جواسيسها وشراء البرمجيات المتطورة لمراقبة الحراك الشعبي عبر الإنترنت. فلا غرابة أن تجد الناشطين في السجون بسبب رأي أو تغريدة نشروها على الفيسبوك أو تويتر.
8- نذهب للحالة العراقية كونك مواطنا عراقيا قبل كل شيء، ما رأيك في العلاقة الإيرانية العراقية حاليا.. إيجابياتها وسلبياتها من حيث الواقع الحقوقي؟
كمواطن عراقي وخليجي يعيش في المنطقة، أؤمن بالحوار كسبيل لحل جميع المشكلات العالقة وكذلك أؤمن بالعلاقات التي تقوم على مبدأ الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية والتعاون في كل ما من شأنه رفاهية الشعوب ومستقبلها الزاهر واحترام حرياتها العامة.
9- أين ترى المجتمع المدني الخليجي بعد عشر سنوات؟
أنا متفائل ولن أفقد الأمل مطلقا حيث إن أجمل ترنيمة لم نسمعها بعد، وإن غدنا سيكون أجمل وأحلى وستحترم الحريات العامة وينهض مجتمعنا المدني من كبوته الحالية ليكون شريكا أساسيا في التغيير القادم، والذي لا ريب فيه من أجل بناء مجتمعات مزدهرة تسودها مفاهيم العدالة والمساواة واحترام حقوق المواطنين المدنية والإنسانية.