خالد بن سليمان العمير اعتقل لمدة 6 أشهر عام 2005 بسبب مداخله له في قناة الجزيرة، وفي فبراير 2008 اعتقل العمير مرة أخرى خلال تجديد جواز سفره ثم أفرج عنه لاحقا على خلفية مواقفه الداعية إلى “ الإصلاح ” الديني و السياسي في المملكة. وفي 5-1-2009 اعتقل العمير مجددا والسبب دعوته إلى نصرة قطاع غزة الذي كان يتعرض إلى عدوان صهيوني.
تعرض العمير إلى الاعتقال على يد المباحث السعودية، حيث أُخفي لمدة طويلة ولم يستطع ذووه من الوصول إليه أو التعرف على مكان احتجازه التعسفي، كما جرى تعذيبه خلال فترة الاحتجاز، وهو ما وثّقته كاميرا هاتف جوال استطاع التقاط صور له داخل المعتقل.
اعتبر العمير أحد الدعاة المنادين بـ الإصلاح الدستوري من خلال الانخراط والمشاركة في عدد من النشاطات مع عدد من الإصلاحيين. وكان أحد أفراد الحرس الملكي المكلفين بحماية الملك الراحل فهد بن عبدالعزيز، غير أنه غادر هذا القطاع لاحقاً.
وعلى الرغم من اعتقاله في مطلع عام 2009، بقي العميري خلف القضبان لسنوات عدة دون محاكمة كحال الكثيرين. تعرضت جلست المحاكمة الخاصة به للتأجيل لأكثر من 10 جلسات وعلى مدار سنة كاملة، كفرصة للمباحث لتثبت عليه إحدى التهم المنسوبة إليه الشروع في مظاهرة لأجل غزة كونه قبض عليه قبل أن يشارك فيها.
ورغم أن إحدى التهم لم تثبت عليه في المحكمة، فإن قرار الحكم جاء مفاجئًا للجميع، حيث صدر الحكم بحقه 8 سنوات وأُبلغ أنه لو ثبتت التهمة الثانية بحقه لتضاعفت عليه العقوبة وتم التلويح بتشديد العقوبة بعد أن ناقش العميري الحكم الصادر بحقه، وهو أكد أنه لم يحاكم على خطأ ارتكبه وأنه لو عاد به الزمن فسيكرر فعلته مرة أخرى، نصرة لإخوانه في قطاع عزة، وهو ما يزال حتى اليوم يدفع ضريبة نصرة قضية العرب العادلة.
إلى نص البيان:
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
مساء الحرية
“أنا لست أدري هل ستذكر قصتي
أم سوف يعدوها رحى النسيان
أو أنني سأكون في تاريخنا
متآمرًا أم هادم الأوثان
كل الذى أدريه أن تجرعي
كأس المذلة ليس في إمكاني
فإذا سقطتُ سقطتُ أحمل عزتي
يغلي دم الأحرار في شِرياني”
– هاشم الرفاعي
مرت سنوات السجن وكأنني أخذت غفوة ثم صحوت رغم أن الزنزانة كانت ضيقة فإنها كانت صحوة من الجنة لقد وجدت الله، لقد كان السجن الذي قيل عنه إنه مقبرة الأحياء وشماتة الأعداء واختبار الأصدقاء وجامعة العظماء أحبّ إليَّ من أن أشاهد تلك الدماء الذكية التي سالت على أيدي الصهاينة المجرمين، والذي لم يتعلم من غزة العِزَّة فلا عزة له، خرجت من السجن حاملًا مشعل الحرية، داعيًا إلى الثورة الفكرية، مطالبًا بدولة المؤسسات القائمة على الفصل بين السلطات الخاضعة حكوماتها للمساءلة والمحاسبة الصارمة سواء لأبناء الشعب، أو لأبناء الأسرة الحاكمة من قِبَل برلمان منتخب متوج بدستور ينظم العلاقة بين هذه السلطات، خرجت من السجن أمام هذه الأحداث المهيبة شعوب ثائرة وأخرى حائرة وثالثة أصبحت قواها خائرة، ورابعة أصبحت سبيًا للجماعات الإجرامية الجائرة، وخامسة نحو اتحادها بإذن الله ثائرة.
إن اتحاد دول الجزيرة العربية بما فيها اليمن الجريح قنوات للوحدة الكبرى وإعادة التوازن الاقتصادي والسياسي والعسكري لأمتنا واجب مقدس يجب تذليل كل العقبات من أجل تحقيقه، ولكن ذلك لن يكون إلا بعد كتابة دستور لدولة اتحادية فيدرالية تكون حرية الاعتقاد وحرية الرأي والتعبير من دون قذف أو تشهير حقًّا مقدسًّا يحرم المساس به.
وأحب أن أنوه بأن دفاعي عن حقوق الإنسان ومطالبتي بـ الإصلاح الشامل لا يعني أبدًا أنني إنسان كامل؛ فأنا ابن الطبقة الشعبية نشأت في أحضانها، ورضعت ألمها، وعشت آلامها وأحلامها، وسوف أستمر في هذا الطريق حتى يحصل أبناء شعبنا على كامل حقوقهم المشروعة.
أعتذر إليكِ أمتي أمة التوحيد إن كنت قسوت على أحد من أفرادك، أو جماعة من جماعاتك، ولكن الناقد بصير، ولا بد من الخطأ والتقصير؛ فمهمة النهضة لا تحتمل المجاملة، فبالنقد وبنقد النقد تخرجين من الظلمات إلى النور، كما يخرج الخبز من التنور.
نحن إصلاحيون ولسنا سياسيين لا نسعى لإرضاء أحد على حساب المبادئ، الإصلاح الاجتماعي والديني و السياسي غايتنا، وهو مهمة الرسل والأنبياء، وأصحاب هذه الطريق عليهم أن يخلعوا فورًا عباءة الطائفة والحزب والقبيلة والمذهب وينتصروا للمبادئ الخالدة: الحرية والعدالة والمساواة؛ فكلنا سواسية كأسنان المشط، وكلنا من آدم وآدم من تراب، ومَن أبًى فحثوا في وجهه التراب لا تحقيرًا ولكن تذكيرًا له بأصله وجوهر مادته.
دعونا نقول الحقيقة ونبتعد عن المجاملة إن الفكر الديني في بلادنا الموالي للسلطة والمعارض لها -إلا ما ندر- رسَّخ الطبقية الاجتماعية، وشرع للاستبداد السياسي وهو مصاب بلوثة من الجاهلية الأولى التي حاربها الرسول صلى الله عليه وسلم وحاربته وخاض ضدها ثورته الفكرية الحضارية المستلهمة من السماء، والتي يجب أن نخوضها كما خاضها.
كما لا يفوتني أن أطالب الدولة السعودية في هذا العهد الجديد بالاعتراف بالمعارضة الإصلاحية أن الكون -كل الكون- قائم على التكامل، فلا قيمة للقمر من دون الشمس، ولا قيمة للمرأة من دون الرجل، وكذلك الحكومة لا قيمة لها من دون معارضه قوية تهدي العيوب في وقت السلم، ويُشَد بها الظهر في وقت الحرب.
لقد وقف سلمان الفارسي يومًا أمام عمر بن الخطاب معارضًا وهو يقول: لا سمع ولا طاعة حتى تخبرنا من أين أتيت بهذا الثوب، فأقر عمر وأجاب وقال لبقية الصحابة الحاضرين: لا خير فيكم إذا لم تقولوها، ولا خير فينا إذا لم نسمعها، يعني كلمة الحق التي يعتقدها الإنسان، لم يسجنه أو يشتت شمله أو يحاربه في رزقه أو يجبره على اللجوء السياسي خارج وطنه.
هؤلاء هم سلفنا الصالح فلماذا لا تقدرون أن الأمة تمر بمرحلة انعطاف تاريخي خطير يجب أن تتكاتف فيها الجهود، ولا يمكن أن تتجاوز أمتنا هذه المرحلة من دون أن يكون هناك تكاتف وتعاضد من الجميع، ويجب أن يحفظ كل منا حق الآخر في الحياة، حقه في اعتناق ما يؤمن به من أفكار، حقه في أن يعبر عنها دون خوف أو وَجَل، بهذا نستطيع أن نناقش جميع أفكارنا، ونناقش جميع قضايانا السياسية والاجتماعية والاقتصادية المحلية والدولية.
أسأل الله أن يجمع قلوبنا، وينسق جهودنا، ويساعدنا لنخرج ونعبر هذه المرحلة إلى بر الأمان.
أخوكم،
خالد العمير
مواطن – لندن