“الفصل” و “التعاون” بين السلطات
تأتي عبارة “يقوم نظام الحكم على أساس فصل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية مع تعاونها” في دستور مملكة البحرين[1] لسنة 2002 في بداية المادة (32) التي تنظم الشكل العام للمؤسسات الدستورية في البلاد، ومن خلال قراءته لوحده يصبح من المتوقع أن يُطبق هذا النص عن طريق زيادة التنسيق بين المؤسسات الدستورية في أعمالها مع الحفاظ على استقلالية كياناتها، إلا أن قراءة البناء الدستوري ككل يوضح أن هذه العبارة في الحقيقة تأخذ منحنى آخر: فعلى الرغم من أن النظام الدستوري قائم على ثنائية التعيين الملكي والانتخاب الشعبي، إلا أنه جعل الجهات المعينة بالإرادة الملكية وصيًا وكفيلًا على الجهات المنتخبة شعبيًا، بحيث تستطيع توجيهها والتحكم في آليات عملها وقراراتها، مما يجعل مبدأ “التعاون بين السلطات” أمرًا واقعًا لا مفر منه، يترتب عليه حالة اتكال من قبل المؤسسات المنتخبة على الجهات المعينة ملكيًا للقيام بجميع المسؤوليات المناطة بها، وترتبط هذه الفكرة نظريًا بما يعرف في علم القانون الدستوري بـ “الرقابة والموازنة” حيث تقوم كل مؤسسة بدور الرقيب على المؤسسات الأخرى لضمان توازن القوى المتكافئة بينها، إلا أنه من خلال قراءة وتحليل النظام الدستوري في البحرين ككل، فإنه بالإمكان استنتاجه أن هذا المفهوم يتم تطبيقه بطريقة مشوهة واستغلالية كما ستوضحه الورقة لاحقًا، حيث أصبحت هوة القوى بين المؤسسات المنتخبة وتلك المعينة ملكيًا كبيرة جدًا، وهو وضع قد يُفسر على أنه أقرب إلى ممارسة واحتكار المؤسسات المعينة ملكيًا دور الرقيب على المؤسسات الشعبية لإعادة إنتاج توازنات القوى المائلة لصالح نفوذ الأسرة الحاكمة.
وتشير المذكرة التفسيرية[2] لدستور مملكة البحرين المعدل الصادر في سنة 2002، (والذي تعتبره الحكومة كما توضحه في المذكرة تطورًا قانونيًا ودستوريًا مبنيًا على دستور دولة البحرين لسنة 1973 بينما يعتبره آخرون[3] دستورًا مختلف تمامًا عن دستور 1973 (إلا أن هذا الجدل لا يشكل أهمية كبيرة بالنسبة إلى هذا الورقة)، إلى أن الدستور يأتي تطبيقًا للإرادة الملكية لإرساء “هيكل متوازن يؤكد الشراكة السياسية الدستورية بين الشعب والحكومة” وذلك عبر دعم وتطوير “النهج الوسط” الذي تبناه دستور 1973 من خلال جمعه “بين مظاهر النظام البرلماني والنظام الرئاسي”.
وبعيدًا عن الجدل القانوني حول ما إذا كان صدور دستور 2002 عبارة عن تعديل لدستور 1973 أو هو دستور جديد بحد ذاته، ستبين هذه الورقة أن الجوهر الفكري والتنظيمي للدستورين هو نفسه لم يتغير، لأنهما لا يختلفان إلا في بعض آليات العمل الشكلية غير الجوهرية لبعض المؤسسات الدستورية، وذلك عكس الرواية السائدة باعتبار دستور 2002 دستورًا معدلًا. وبناءً على ذلك، فإن دستور 2002 لا يشكل تطورًا دستوريًا من حيث البناء الفكري والتنظيمي، ولا يعني في المقابل أن دستور 1973 كان أفضل منه، وإنما الأساس الذي قام عليه دستور 1973 هو نفسه الذي قام عليه دستور 2002 فيما يتعلق بظاهرة ثنائية التعيين الملكي والانتخاب الشعبي مع اختلاف الأبعاد الشكلية وطريقة تطبيق مبدأ التعاون.
قراءة في هيكل الدولة الحالي
الهيكل الإداري لأي دولة في العالم يتكون من ثلاث سلطات: السلطة التنفيذية (الحكومة)، السلطة التشريعية والسلطة القضائية، فالبناء الدستوري بالبحرين أيضًا يتكون من سلطة تنفيذية متمثلة في مجلس الوزراء وسلطة تشريعية متمثلة في مجلسي النواب والشورى وسلطة قضائية متمثلة بالمجلس الأعلى للقضاء والأجهزة القضائية. قد تكون هناك مؤسسات حكومية أو أجهزة إدارية أخرى تابعة لإحدى هذه السلطات أو تعمل بشكل مستقل إداريًا عنها، ولكن كهيكل إداري عام يمكن تقسيم المؤسسات الدستورية الرئيسية إلى وظائف التنفيذ والتشريع والقضاء.
وحسب النظام الدستوري القائم، تتشكل السلطة التنفيذية عن طريق تعيين رئيس مجلس الوزراء وأعضائه بأمر ملكي، كما يتم تشكيل نصف السلطة التشريعية بأمر ملكي كما هو في مجلس الشورى وتشكيل النصف الآخر عن طريق الانتخاب العام السري المباشر في مجلس النواب، مع وجود بعض الصلاحيات التشريعية للملك في اقتراح القوانين والتعديلات عليها. وتتشكل السلطة القضائية برئاسة الملك للمجلس الأعلى للقضاء ويتم تعيين أعضائه بأمر ملكي، ويقوم المجلس بدوره في إدارة وتنظيم المحاكم والأجهزة القضائية.
تهدف هذه الورقة إلى رسم صورة توضيحية لهيكلية المؤسسات الدستورية في البحرين وتحليل بعض نتائج أبعادها العملية في محاولة لتوسيع نطاق التفكير حولها وحول نسبة مساهمة الدور الشعبي في تكوينها، وعليه ستتم قراءة البنية المؤسساتية من حيث آلية التشكيل والعمل بنظرة متكاملة لتصبح كيانًا موحدًا غير قابل للتجزئة لفهم الواقع السياسي بالبحرين، وذلك انطلاقًا من كون هذه المؤسسات مجتمعةً أساس الدولة ككل، فلا يمكن تحليل السلطة التشريعية على سبيل المثال فقط من خلال قراءة حال مجلس النواب المنتخب فحسب، بل ينبغي أن تشمل النظرة مجلس الشورى والمجالس البلدية أيضًا إلى جانب دراسة موقعها في الإطار الدستوري العام.
السلطة التنفيذية
يتكون أعضاء مجلس الوزراء الحالي[4] من رئيس للوزراء بالإضافة إلى خمسة نواب له، و 17 وزيرًا يتولون حقائب وزارية مختلفة مثل الصحة والنفط والداخلية، إلا أن هذا لا يعكس صورة دقيقة لواقع التشكيلة الإدارية للسلطة التنفيذية، حيث توجد عدة مؤسسات حكومية تتولى مسؤوليات وضع السياسات العامة للدولة في مختلف المجالات خارج إطار مجلس الوزراء، وهي غالبًا ما تأخذ شكل المجالس العليا التي يتم تشكيلها بأوامر ملكية، ولها صلاحيات قد تفوق الوزارة المعنية بالمجال في بعض الأحيان، ومن هذه المؤسسات: المجلس الأعلى للصحة والمجلس الأعلى للبيئة وهيئة البحرين للثقافة والآثار، هذا وبالإضافة إلى عشرات الهيئات والمؤسسات الحكومية وشبه الحكومية المتخصصة.
المجالس العليا: وزارة فوق وزارة، المجلس الأعلى للصحة نموذجًا
وجود مؤسسات حكومية مثل “المجلس الأعلى للصحة” الذي يتكون من ممثلين للقطاعات الصحية المدنية والعسكرية والذي يختص في وضع السياسة الصحية للدولة إلى جانب وزارة الصحة يثير العديد من التساؤلات حول دورها والغاية من وراء تشكيلها وخصوصًا حينما تتضارب مسؤولياتها بشكل مباشر، حيث أنه وبحسب المادة (5) من مرسوم التأسيس]5[ : “يتولى المجلس وضع الاستراتيجية الوطنية للصحة في المملكة ومتابعة تنفيذها مع الوزارات والمؤسسات والهيئات المعنية”، كما تتضمن مهامه وضع سياسة تمويل الخدمات الصحية وتحديد أماكن توزيع المراكز الصحية العامة والخاصة وإنشاء نظام إلكتروني موحد للقطاع الصحي ووضع تصور لضوابط تعيين مجالس إدارات المؤسسات الصحية ووضع ضوابط لعمليات شراء المواد الطبية، كما أنه معني برفع تقرير سنوي إلى مجلس الوزراء يتضمن تقييمًا لأوضاع القطاع الصحي وتوصيات لسبل تطويره. وبناءً على ذلك، يتبادر تساؤل هام في الذهن: ماذا تُرك من مهام لوزارة الصحة خاصة فيما يتعلق برسم السياسة الصحية في البلاد، باستثناء إدارة المراكز الطبية التي تنشط تحت إشرافها المباشر كمركز السلمانية الطبي والمراكز الصحية المحلية، (دون أن يشمل ذلك المستشفيات الخاصة والمراكز الصحية العسكرية)؟
كذلك من المثير للاهتمام عدم وجود وزيرة الصحة فائقة سعيد الصالح في عضوية المجلس ووجود وكيلة الوزارة الدكتورة عائشة بوعنق بدلاً عنها حتى فترة قريبة، فهذا يشير إلى أن المجلس كان يقوم بدور وزارة الصحة من ناحية وضع السياسات العامة دون مشاركة المسؤول دستوريًا في هذه المهمة (وهو وزير الصحة)، كما يعمل المجلس خارج إطار مجلس الوزراء، أي خارج إطار المساءلة القانونية والرقابة من قبل السلطة التشريعية حسب النظام الدستوري، والأهم من ذلك هو إن وجود مثل هذه المؤسسات ليس انتقاصًا من قيمة السلطة التشريعية وحسب بل إنها أيضًا تعد انتقاصًا من قيمة النظام الدستوري ككل بحكم أنها تنتقص أيضًا من السلطة التنفيذية لأنها تعمل “فوق” الوزارات باعتبارها المسؤولة عن وضع الاستراتيجيات والسياسات و”تتابع تنفيذها مع الوزارات” وتتواصل مع مجلس الوزراء مباشرة عوضًا عن التنسيق مع وزارة الصحة.
السلطة القضائية
تتكون السلطة القضائية بشكل أساسي من المجلس الأعلى للقضاء برئاسة الملك، إلا أن المادة (69) من قانون السلطة القضائية]6[ لسنة 2006 تذكر أن “للملك أن ينيب عنه من يراه في رئاسة المجلس”، وعليه يقوم الملك بتعيين باقي الأعضاء الإحدى عشر ورئيسهم في حال لم يرأس المجلس بنفسه، وينص القانون أيضًا على أن هذه المؤسسة مسؤولة عن الإشراف على عمل المحاكم والنيابة العامة وتنظيم الأجهزة القضائية واقتراح تعيينات القضاة وأعضاء النيابة العامة إلى الملك.
يدير المجلس الأعلى للقضاء الشأن القضائي عن طريق قراراته وتوجيهاته (واقتراحاته إلى الملك فيما يخص التعيينات) التي تحدد تشكيلة النيابة العامة والمحاكم المدنية والشرعية، بالإضافة إلى الأمانة العامة للمجلس التي تعمل كذراع تنفيذي وإداري له، ويشير القانون أنه يصدر بتشكيلها قرار من رئيس المجلس (أي الملك نفسه أو من ينوب عنه)، وبذلك قد تزيد نسبة تأثير المجلس في تحديد مخرجات القضاء.
ويتقاسم المجلس جزءًا بسيطًا من سلطته مع وزير العدل (المعين ملكيًا أيضًا) فيما يتعلق بتعيين مساعدي النيابة العامة. ولكن يجوز عزل هؤلاء من مناصبهم بناءً على اقتراح من المجلس، وهو أمر لا يجوز فيما يتعلق بالقضاة وأعضاء النيابة الآخرين، في مؤشر آخر على تمركز سلطة القرار في الجهات التابعة للملك مباشرة حتى وإن تنافست مع جهات معينة ملكيًا أخرى مثل الوزارات.
والجدير بالذكر أن بالسلطة القضائية، كما هو الحال في السلطة التنفيذية، لا يوجد دور يذكر للعمل الشعبي المؤسسي وإنما حق تشكيلها وإدارتها تقع في سلطة التعيين الملكي بشكلٍ مطلق.
السلطة التشريعية
تتكون السلطة التشريعية من 80 عضوًا ينقسمون على غرفتين بالتساوي: 40 عضوًا في مجلس الشورى المعين بمرسوم ملكي بينهم عضو واحد في منصب الرئيس بالآلية نفسها، وبعد ذلك ينتخب الأعضاء الآخرين نائبين له، ومجلس النواب المنتخب بآلية الانتخاب العام السري المباشر وينتخب الأعضاء رئيسًا من بينهم بالإضافة إلى نائبين له. ويُشكل مجلسا الشورى والنواب معًا ما يسمى بالمجلس الوطني المعني باقتراح القوانين والتصويت عليها إلى جانب الملك.
وحسب النظام الدستوري، فإن آلية التشريع بشكل مختصر تتطلب من مجلس النواب أو الشورى اقتراح قانون ما على مجلس الوزراء ومن ثم بعد ذلك تقوم الحكومة بدراسته، وفي حال الموافقة عليه تقوم هي بصياغته وعرضه على مجلس النواب للدراسة والتصويت، وبعد الحصول على موافقة النواب عليه ينتقل إلى مجلس الشورى للمزيد من الدراسة وأخذ الموافقة وأخيرًا يُرفع إلى الملك إما للتصديق عليه أو إرجاعه إلى مجلسي الشورى والنواب لمراجعته.
أما في حال عدم توافق المجلسين على قانون ما، ينعقد المجلس الوطني (أي المجلسين معًا)، وفي السابق كان يترأسه رئيس مجلس الشورى حتى تم تعديل المادة (109) من الدستور في سنة 2012 لإعطاء رئيس مجلس النواب صلاحية ترؤس المجلس الوطني.
المجالس البلدية
ترك الدستور شأن تنظيم الهيئات البلدية إلى القانون حسب نص المادة (50): “ينظم القانون المؤسسات العامة وهيئات الإدارة البلدية بما يكفل لها الاستقلال في ظل توجيه الدولة ورقابتها”، وحاليًا توجد أربع هيئات بلدية تمثل المحافظات الأربعة في الدولة: المحرق، العاصمة، الشمالية، والجنوبية.
ثلاثة من هذه الهيئات منتخبة انتخابًا عامًا سريًا مباشرًا، بينما يصدر أمر ملكي بتشكيل الهيئة البلدية الخاصة بالعاصمة. وكل واحدة منها تتكون من عشرة أعضاء وهي معنية بوضع الخطط التطويرية واتخاذ القرارات وممارسة الرقابة عليها تحديدًا فيما يخص حاجات المواطنين الخدماتية من بنى تحتية ومرافق عامة.
وآلية عملها تتلخص في أن المجالس البلدية تعمل بوصفها الجهة التشريعية في المعادلة عن طريق إصدار القرارات ووضع الخطط، بينما يمثل الجهاز التنفيذي للبلدية إلى جانب وزارة شؤون البلديات والأشغال والتخطيط العمراني الجهة التنفيذية لهذه القرارات.
وتنص المادة (30) من قانون البلديات[7] على أنه يتم تعيين مدير عام لكل بلدية بأمر ملكي ليكون مسؤولًا عن تنفيذ قرارات المجلس البلدي والإشراف على إدارات وأقسام البلدية ووضع الخطط الإدارية والمالية لها، ويعين مديرو الأقسام بقرار من رئيس مجلس الوزراء.
وحينما تتم مقارنة آلية اتخاذ القرارات على المستوى البلدي مع آلية العمل في السلطة التشريعية، يُلاحظ أنهما يتشابهان إلى درجة كبيرة، حيث يقوم المجلس البلدي باقتراح القوانين والتوصيات على وزارة شؤون البلديات والأشغال والتخطيط العمراني، وفي حال الموافقة على الإجراء تقوم الوزارة بتوجيه مدير عام البلدية المعنية بتنفيذه أو القيام بتنفيذه بنفسها إذا كان الأمر من اختصاصها، وفي حال رفضها يتم إرجاع القرار إلى المجلس لإعادة النظر فيه، أما إذا أصر المجلس البلدي على تمريره فيتم رفعه إلى مجلس الوزراء للنظر فيه.
ولعل الصورة تكتمل بعد إضافة نظام المحافظات إلى المعادلة بحكم أنها تخلق مستوًى آخر من العلاقات المتسمة بالتبعية والتوازي مع المجالس البلدية، حيث إنه من مسؤولية المحافظة التعرف على احتياجات المواطنين الخدمية وحل مشاكلهم والتنسيق مع الجهات المختصة للحفاظ على الأمن والنظام العام والإشراف على الخدمات والمرافق العامة، وذلك حسب قانون المحافظات[8] المادتان (8) و(13).
ويعين محافظ ونائب له بأمر ملكي، وتعتبر المحافظة ممثل السلطة التنفيذية في نطاق حدودها وتنسق معها في أغلب مهماتها حيث تباشر الاختصاصات المفوضة لها من الوزراء ورؤساء الهيئات العامة، كما أنها في بعض الأحيان تباشر مهام شبيهة بمهام المجالس البلدية. ولكن كما هو الحال بالنسبة للمجالس البلدية، فإن صلاحيات المحافظات محددة من قبل الجهات المعينة ملكيًا، إذ من المطلوب منها التنسيق مع وزارة الداخلية في أعمالها ولجانها التنسيقية المعينة من قبل رئيس مجلس الوزراء، مما يجعل دورها تنسيقيا في أغلب الأحيان مع صلاحيات محدودة لاتخاذ القرارات المستقلة بنفسها.
إضافة إلى ذلك، فقد تم إلغاء مجلس بلدي العاصمة في 2014 والاستعاضة عنه بمجلس أمانة العاصمة، وتنص المادة (5) مكرراً (1) من قانون البلديات المعدل[9] على أن تشكل أمانة العاصمة من عشرة أعضاء “يتم تعيينهم بمرسوم ملكي بمن فيهم الرئيس ونائب الرئيس” من ذوي الخبرة والاختصاص والعاملين في مؤسسات المجتمع المدني ذات العلاقة بالعمل البلدي. وبالرغم من كون هذه الهيئة معينة بأمر ملكي، إلا أن ذلك لم يوفر لها صلاحيات إضافية مختلفة عن المجالس البلدية المنتخبة، فلا تزال قراراتها رهن موافقة وزارة شؤون البلديات والأشغال والتخطيط العمراني.
ولكن يوجد اختلاف لافت بين أمانة العاصمة المعينة والمجالس البلدية المنتخبة وهو أنه لا يجوز استقالة أعضائها من مناصبهم إلا بقبول الملك للاستقالة، عكس المجالس البلدية الأخرى التي يتم قبول استقالة العضو بتسليم استقالته رئيس المجلس، وتعتبر مقبولة فور عرضها على المجلس في جلسته القادمة.
آلية استقالة الأعضاء إذاً تعطي مؤشرا على موقع المؤسسة في الإطار الدستوري، فبينما تتبع أمانة العاصمة الملك لضمان تعاونها، تحافظ المجالس البلدية المنتخبة على جزء من استقلاليتها في هذا الشأن.
من الواضح إذًا من خلال قراءة وتحليل النصوص القانونية المعنية بتنظيم العمل التشريعي والبلدي أن الغاية منها هي إنتاج حالة من الوصاية والتبعية للسلطة التنفيذية أو الجهات المعيّنة ملكيًا، بحيث يتم إخضاع تطبيق قرارات واقتراحات المؤسسات المنتخبة شعبيًا وكذلك أمانة العاصمة والمحافظات المعينة وجعلها رهن موافقة السلطة التنفيذية وتفسيرها، مما يعطي سلطة دستورية وقانونية للجهات التنفيذية للتحكم بمخرجات المؤسسات المنتخبة وحتى المعينة منها، مما يعطي مؤشرًا على أن المؤسسات الموازية حتى وإن كانت معيّنة ملكيًا فإنها لا تستطيع الخروج عن الدور المحدود المرسوم لها.
في الجزء الثاني من هذه القراءة، سينشر مستقبلا، قدم الكاتب مقارنة بين هيكل الدولة في 2017 و1973: التشابه الشكلي دون الجوهري.
الهوامش:
-
مملكة البحرين. دستور مملكة البحرين. 14 فبراير 2002
http://www.legalaffairs.gov.bh/102.aspx?cms=iQRpheuphYtJ6pyXUGiNqq6h9qKLgVAb
-
لجنة تعديل بعض أحكام الدستور. المذكرة التفسيرية لدستور مملكة البحرين المعدل الصادرف يسنة 2002
http://www.legalaffairs.gov.bh/93.aspx?cms=iQRpheuphYtJ6pyXUGiNqiE9wn3faJCY
-
جليلة السيد أحمد، حسن علي رضي، عبدالله الشملاوي، عيسى ابراهيم محمد، محمد أحمد عبدالله، عبدالعزيز حسن أبل، عبدالجليل حسن العرادي. الرأي في المسألة الدستورية – دستور مملكة البحرين. 31 أغسطس 2002
https://www.gulfpolicies.com/index.php?option=com_content&view=article&id=765:2012-02-06-15-44-27&catid=147:2011-04-09-07-47-31
-
أعضاء مجلس الوزراء. 14 أغسطس 2016
http://bahrain.bh/wps/portal/!ut/p/a0/hc69DoIwFEDhV3HpfCtNio4MBsOCxkRrF3IlF1Itt1AL8fH9eQHHLznDAQsGLOPiekwuMPqvrW72tdTrbJNVUqmdLGqdH_LzNjuWCk4YofoXGbi6-zTZAmwbONErgaE-LGOICX2DUciPKPJAnIScn9TNfuW4C3H4nQjZ4s0xJRgf5eUNTvUStA
-
مرسوم رقم (5) لسنة 2013 بإنشاء المجلس الأعلى للصحة. 31 يناير 2013
http://www.legalaffairs.gov.bh/LegislationSearchDetails.aspx?id=4246#.WYHeNYR97IU
-
مرسوم قانون رقم (42) لسنة 2002 بإصدار قانون السلطة القضائية. 23 أكتوبر 2010
http://www.legalaffairs.gov.bh/LegislationSearchDetails.aspx?id=4233#.WYHfTIR97IU
-
مرسوم بقانون رقم (35) لسنة 2001 بإصدار قانون البلديات. 19 ديسمبر 2001
http://www.legalaffairs.gov.bh/AdvancedSearchDetails.aspx?id=5579#.WYHgZ4R97IV
-
مرسوم بقانون رقم (17) لسنة 2002 بشأن نظام المحافظات. 10 يوليو 2002
http://www.legalaffairs.gov.bh/LegislationSearchDetails.aspx?id=3082#.WYHhWIR97IW
-
قانون رقم (24) لسنة 2014 بتعديل بعض أحكام قانون البلديات الصادر بالمرسوم بقانون رقم (35) لسنة 7 أغسطس 2014
http://www.legalaffairs.gov.bh/LegislationSearchDetails.aspx?id=71323#.WYHhq4R97IV