نشرت مجلة VICE الأمريكية تقريرا مطوّلا عن تدريب مهني تحصّل عليه مجموعة من أفراد شرطة عمان السلطانية للتحكم في أعمال الشغب والمظاهرات، وتفاصيل مقابلة جرت بين حسن الشريقي، المفتش العام للشرطة والجمارك، ورئيسة حزب الاتحاد الديمقراطي الإيرلندي الشمالي. كذلك نشرت جريدة PRIAVATE EYE الإنجليزية تقريرا قصيرا عن الموضوع نفسه مؤخرا. مواطن تنشر لكم ترجمة للتقرير المنشور في VICE في يونيو 2017.
زعيمة حزب الاتحاد الديمقراطي التقت قائد شرطة خليجي في مطعم “كوكتيل بار”
التقت رئيسة حزب الاتحاد الديمقراطي في إيرلندا الشمالية، أرلين فوستر، مع أكبر ضابط شرطة في عمان في أحد الغرف الخاصة في مطعم “كوكتيل بار” في بالفاست، عام 2015، حسبما كشفت VICE الأمريكية، وأظهرت الوثائق التي تم الكشف عنها بموجب قانون حرية المعلومات، كيف أن حزب الاتحاد الديموقراطي أقام علاقة “دافئة” -حسب وصف المجلة- مع شرطة سلطنة عمان، وأتى هذا الاجتماع كجزء من استراتيجية لتصدير خبرة الشرطة الشمالية الإيرلندية إلى أنظمة الخليج الوحشية.
وتناقش الطرفان خلال العشاء، حول التدريب على التحكم في الشغب، الذي تقدمه شرطة إيرلندا الشمالية إلى عمان. وأفاد المفتش العام للشرطة والجمارك في عمان، حسن الشريقي، عن مدى رضى وزارة الداخلية العمانية عن هذا التعاون. وقدمت له فوستر بعدها، والتي كانت وزيرة التجارة سابقا في إيرلندا الشمالية، قلما كهدية.
وأشارت الوثائق كذلك، إلى تأييد حزب الاتحاد الديمقراطي – أكبر الأحزاب في إيرلندا الشمالية- لسياسة التجارة التي اعتمدتها حكومة المحافظين في المملكة المتحدة مع حكومات الشرق الأوسط، والتي اعتمدتها رئيسة الوزراء تيريزا ماي كخطة استراتيجية من ضمن خطط الخروج من الاتحاد الأوروبي “بركست”، رغم بعض المخاوف بشأن انتهاكات حقوق الإنسان في تلك المنطقة.
وكما أظهرت الوثائق كذلك، فإن اللقاء في مطعم “كوكتيل بار” هو الزيارة الخامسة لمسؤول رسمي عماني رفيع المستوى إلى إيرلندا الشمالية خلال سنة واحدة. كما زعمت الوثائق أن هناك علاقة “دافئة” بين عُمان وإيرلندا الشمالية ووزارة التجارة، تمّ تطويرها ويتم رعايتها بشكل جيد.
وكانت الدورات التدريبية للتحكم في الشغب أو المظاهرات، بدأت في عام 2014، واستمرت حتى مارس 2017. وقامت وزارة الخارجية البريطانية بتمويل هذه الدورات، والتي كلفت مبلغا لم يتم الكشف عنه من أموال دافعي الضرائب[1]. وتعتبر شرطة إيرلندا الشمالية القوّة الوحيدة في المملكة المتحدة التي تستخدم مدافع الماء والرصاص المطاطي في التعامل مع المظاهرات والشغب. وكان الشريقي قد شاهد عرضا للأسلحة النارية وآلية التحكم في المظاهرات قبل ساعات من بدء اجتماعه مع “فوستر” في مطعم كوكتيل بار.
جرى التدريب على التحكم في المظاهرات وأعمال الشغب، بالرغم من التقييد على حرية التجمع السلمي في عمان، حيث يحكم السلطان قابوس عمان منذ 46 عاما –أطول فترة حكم في الشرق الأوسط– بعد أن أنتزع العرش من أبيه بانقلاب دبرته المخابرات البريطانية MI6.
وقد شهدت مظاهرات عام 2011 -الربيع العربي- مقتل متظاهرين برصاص القوات الأمنية، وظهور عدد من الادعاءات عن تعذيب حدث في سجون الشرطة في عمان، كما أغلقت الحكومة صحيفة محلية عام 2016، وسجنت ثلاثة من صحفييها بتهم تتعلق بالنيل من هيبة الدولة والإخلال بالنظام العام.
وحثّ موظفون حكوميون بريطانيون زعيمة حسب الاتحاد الديمقراطي الشمالي الإيرلندي، على استغلال اجتماعها في مطعم كوكتيل بار مع المفتش العام للشرطة والجمارك العماني، لـــ توسيع التعاون في أمور تدريب الشرطة العمانية بالاستفادة من خبرة الشرطة الشمال إيرلندية في هذا المجال. وكانت السفارة البريطانية في عمان وصفت الزيارة بــ “نجاح كبير وساعدت على تعزيز التعاون”.
عدد من الدبلوماسيين البريطانيين علّقوا على الاجتماع بقولهم: إيرلندا الشمالية فعلت كل شيء من أجل إنجاح التعاون. وشكروا رئيسة الحزب “فوستر” على العشاء الودّي والمُريح الذي استضافته مع المفتش العام للشرطة والجمارك. وأضافوا أن العشاء، فتح الشهية على تعاون أوسع مع إيرلندا الشمالية، وبالخصوص مع إنفست نورث آيرلند. حسب تعبيرهم.
وتعتبر “انفست نورث آيرلند” جزءًا من قسم التجارة في ستورمونت -البرلمان في إيرلندا الشمالية- والتي يتم إدارتها من قبل الاتحاد الديمقراطي في السنوات العشر الأخيرة، حيث تسعى إلى تعزيز فرص الاستثمار الأجنبي في إيرلندا الشمالية. وتمتلك “إنفست” منظمة/شركة تدعى “إيرلندا الشمالية للتعاون الخارجي NI-CO، تقوم بإرسال أفراد شرطة سابقين إلى الخارج، لأغراض التدريب. وهي التي نظمّت دورات تدريب أفراد من الشرطة العمانية، ولطالما روّج حزب الاتحاد لعمل هذه المنظمة/الشركة في دول الخليج العربي. كما أظهرت الوثائق، أن زعيمة حزب الاتحاد الديمقراطي، فوستر، قادت سابقا بعثة تجارية لأغراض استثمارية، إلى عمان والإمارات، وأظهرت كيف أنّ عمان أبدت اهتمامها، خاصة في التعاون مع NI-CO.
والتقت “فوستر” بالشرطة العمانية بمرافقة “دونكان ويلسون” من ملحقية الشرطة والأمن في السفارة البريطانية في عمان، وهو ضابط سابق في شرطة أوليستر الملكية. ونجحت هذه الملحقية إلى تنظيم 27 اجتماعا مع الشرطة العمانية شملت زيارة مؤتمرات ومعارض ولقاءات هامة، منذ عام 2014، حسب ما كشفته الوثائق.
وعملت NI-CO مع عُمان منذ 2014 بشكل مكثّف، واستضافت كذلك ممثلين من مجلس الأمن القومي لإيرلندا الشمالية في 3 مناسبات. وهو ما أدى لاحقا في 2014 إلى تأمين عقود تدريب التحكم في الشغب. كما كشفت الوثائق ذلك، أن وزارة الخارجية أوصت على NI-CO من أجل مشروع عن العدالة الشبابية في عُمان.
وتشكّل المشاريع في عمان جزءا من حزمة مشاريع أوسع يتم إدارتها من NI-CO و “إنفست” ووزراء في حزب الاتحاد الديمقراطي، والذين يعملون على زيادتها في الشرق الأوسط. وأظهرت الوثائق: “أنه تبعا لتغيير استراتيجية العمل قبل ثلاث سنوات، فإن NI-CO بدأت في استهداف عددا من الدول الخليجية منذ 2014، واستطاعت جني ما يزيد قليلا عن مليون جنيه إسترليني من قيمة عقودها مع عمان والبحرين وقطر، وهي مشاريع تمّ تمويلها من وزارة الخارجية البريطانية بالنسبة لعمان والبحرين، أمّا قطر فتمّ تمويلها عن طريق وزارة الداخلية القطرية نفسها”.
عمل NI-CO مع البحرين وعمان مجددا شمل حزمة جديدة من التدريب على التحكم في الشغب والمظاهرات لشرطة هذين البلدين والذين هما بالمقابل غير مولعين بالاحتجاجات. وتُظهر أوراق مجلس إدارة NI-CO خطة توسيع الاستثمار ليشمل بلدانا أخرى في الشرق الأوسط والخليج العربي وأفغانستان وشمال أفريقيا، حيث تمّ اعتبار هذه الخطوة مخاطرة مالية نظرا إلى عدم الاستقرار السياسي في دول هذه المناطق.
ومع ذلك، فإن حزب الاتحاد الديمقراطي وقف إلى جانب الالتزام بتنفيذ الاستراتيجية، ورفض مطالب بتعليق أنشطة NI-CO في البحرين رغم التحدّي القانوني الذي أثارته مجموعة من منظمات حقوق الإنسان. وحذّر المعهد البحريني لحقوق الإنسان إلى جانب منظمات أخرى ضد الإعدام، من فشل هذا التعاون للشركة مع الأمن البحريني في منع عمليات إعدام ضد نشطاء سياسيين.
وأصرّ السياسي في حزب الاتحاد الديمقراطي، وعضو الجمعية التشريعية، سيمون هاملتون، والذي كانت لديه المسؤولية المطلقة عن NI-CO في ذلك الوقت، على أن NI-CO ستواصل تقديم البرامج ومشاركة تعليم وخبرة إيرلندا الشمالية لتغيير المواقف والثقافة والسلوك، مع هدف نهائي وهو موائمة هذه البلدان للمعايير والصكوك الدولية، حسب تعبيره.
الهوامش:
[1] جريدة Private Eye كشفت عن 500.000 ألف جنيه إسترليني تمّ تحويلها من الخارجية البريطانية إلى NI-CO.