يعاني العالم العربي من أزمات عدة منها السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولعل أبرزها غياب الديمقراطية الحقيقية التي تتيح للشعوب ممارسة أبسط حقوقهم في التعبير عن الرأي سواءً بالكلمة أو الانتخاب الحر. فإذا كنت تبحث، عن رئيس سابق فلن تجد ذلك متاحًا عربيًا، ولكن ستضطر للبحث في أمريكا وأوروبا، لأنه بطبيعة الحال تنتهي مدة الرئيس في الوطن العربي ودول العالم الثالث إما بوفاته أو بثورة شعبية أو انقلاب عسكري.
أما في الولايات المتحدة الأمريكية، فالأمر هناك مختلف، فالحديث لن يدور حول رئيس سابق فقط، وإنما من الممكن أن نرى خمسة رؤساء سابقين، تولوا مقاليد الحكم وسكنوا في البيت الأبيض، ولا يزالون على قيد الحياة، ليس هذا فحسب بل هؤلاء الرؤساء وبرغم اختلافاتهم السياسية، إلا أنه تجمعهم علاقات وروابط متينة تجعلهم يلتقطون الصور التذكارية في مشهد قلما تجده في العالم العربي، فقد التقطت عدسات المصورين صورًا تجمع جيمي كارتر وجورج بوش “الأب” وبيل كلينتون وجورج بوش “الابن” وأخيرًا باراك أوباما.
ممارسة الديمقراطية بشكلها الحقيقي المتعارف عليه في الأنظمة السياسية لها أشكال عدة، وكلها تتيح للشعوب أن تأتي بمن تريد ليحكمهم وفقًا لبرامج انتخابية محددة، فلا غضاضة أن يتولى قيادة بلد ما رئيس شاب أو أن تتولى امرأة، مقاليد الحكم في أخرى أو أن تنتهي مدة الرئيس ويغادر الحكم ويعود لممارسة عمله السابق بصورة طبيعية.
تداول السلطة في إجازة
تفتقد الأنظمة السياسية في عالمنا العربي لطبيعة الانتقال السلمي للسلطة الذي فيه يتسلم رئيس من آخر مقاليد الحكم بناءً على رغبة المواطنين بعد ممارسة أبسط حقوقهم في التعبير وانتخاب من يمثلهم لفترة يحددها الدستور المتوافق عليه من الشعب أيضًا.
فالواقع العربي، يرصد لنا احتكار النخبة الحاكمة للسلطة لفترات طويلة ومدد انتخابية متعاقبة، وهو ما يخالف مفاهيم الديمقراطية في العالم، ما يمهد لبقائهم حتى الموت أو خلعهم من كرسي الحكم إما بثورة وإما بانقلاب عسكري، وعلى العكس تمامًا نجد أن المواطن في الغرب لا يحتاج مطلقًا إلى الاضطرار للقيام بثورات أو أن تخطط المؤسسة العسكرية في دولة ما لانقلاب على رئيس منتخب من الشعب، فيتاح تداول سلمي ديمقراطي سلس للسلطة ويتسلم الرئيس الجديد السلطة من الرئيس السابق في مشهد يحلم به المواطن العربي.
وفي هذا السياق،يقول الناشط الحقوقي، أحمد جويد،في إحدى مقالاته “أثبتت التجربة السياسية القائمة في الدول المتحضرة المزدهرة اقتصاديًا والمستقرة أمنيًاوسياسيًا والأكثر احترامًا لحقوق الإنسان وحرياته، أنها قد آمنت بمبدأ التداول السلمي للسلطة وعملت على ترسيخ هذا المبدأ في أدبياتها الحزبية وسلوكياتها السياسية ونصوصها الدستورية، فمنحتها تلك الممارسات المزيد من الاستقرار والرقي والتقدم”.
وقد يبدو للبعض أن بقاء الحاكم لفترات طويلة دليل على استقرار الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في هذا البلد، إلا أن حقيقة الأمر عكس ذلك، لأن تقدم الدول وازدهارها وتحسن أوضاعها على جميع المستويات لا يأتي إلا بالتغيير الحقيقي من قبل النخب الحاكمة شرط أن يكون صوت الشعب هو الفيصل في هذا التغيير لأن الشعوب لن تقبل إلا بالعدالة ومحاربة الفساد بجميع أنواعه المتعارف عليها.
ويرى المفكر السوري الفرنسي، برهان غليون، أن استمرار النخب الحاكمة لعقود طويلة قد يبدو دليلا على الاستقرار الذي تسعى إليه جميع الدول والحكومات من أجل خلق مناخ ملائم للتنمية وجذب الاستثمار، هذا صحيح عندما يتم التجديد للنخبة الحاكمة من خلال مسار طبيعي واستشارة شعبية واضحة، لكن الأمر يختلف عندما يكون الاستمرار في الحكم نتيجة الاستخدام القاسي للقوة أو التلاعب بالرأي العام، ومنع التعبير عن المصالح الاجتماعية الحقيقية، فهنا لا ينبغي الحديث عن الاستقرار ولكن عن أزمة تداول السلطة أو أزمة التداول على السلطة.
الأمور بالنسبة للأنظمة الحاكمة العربية كانت تسير بصورة نمطية،فإما أن يموت الملك أو الأمير ليتولى ولي العهد الحكم من بعده وإما أن تنتهي مدة الرئيس ليقرر القيام باستفتاء عليه وغالبا ما تكون النتيجة 99.9 %، ويجد المواطن العربي نفسه مضطرًا للقبول لهذا الواقع، وظلت الأمور تسير بهذا الشكل حتى عام 2010 مع انطلاق شرارة الربيع العربي التي فرضت لفترة من الزمن مفاهيم جديدة للسلطة ورسخت المبادئ الأولى لانتقال سلمي سلس عبر صناديق الاقتراع، ولعل مشاهد اصطفاف الناخبين التي رأيناها للمرة الأولى في العواصم والمدن العربية سابقة تعكس مدى اشتياق الشعوب لحقهم في اختيار الحاكم دون أدنى تدخل من قبل مؤسسات الدولة.
رئيس شاب في مقتبل العمر
مشهد آخر، لن نراه في واقعنا العربي الأليم،وهو صعود شاب في مقتبل العمر مفعم بالحيوية والنشاط والقدرة على التغيير الحقيقي، ليتولى أعلى المناصب في الدولة ويصبح رئيسًا لبلاده بعد انتخابات ديمقراطية حقيقية.
فعلى سبيل المثال، أصبح سيباستيان كورتز (31 عامًا)، الذي فاز حزبه في الانتخابات التشريعية بالنمسا، الأحد 16 أكتوبر 2017، أصغر قادة دول العالم، في مشهد يتحسر عليه أي مواطن عربي يحلم بالتغيير الحقيقي من أجل مستقبل أفضل لبلاده.
فوق الثمانين
وبالإطلاع على أعمار الحكام العرب نجد في تلك القائمة أن 6 حكام تخطت أعمارهم 80 عامًا، هم عبد العزيز بوتفليقة (80 عامًا) الذي يتولى رئاسة الجزائر منذ عام 1999، وكان عمره آنذاك 62 عامًا، يليه سلمان بن عبدالعزيز آل سعود (81 عامًا)، واعتلى عرش المملكة العربية السعودية قبل عامين، ثم محمود عباس أبومازن (82 عامًا)، رئيس السلطة الفلسطينية منذ 2004، وكان عمره 69 عامًا، ويأتي بعد ذلك الرئيس اللبناني ميشال عون (82 عامًا)، حيث تولى رئاسة لبنان العام الماضي، ثم صباح الأحمد الجابر الصباح (87 عامًا)، وتولى إمارة دولة الكويت عام 2006، وكان عمره 76 عامًا، ويعد الباجي قائد السبسي،أكبر الرؤساء العرب سنًا حيث يبلغ عمره 90 عامًا، وتولى رئاسة تونس في نهاية 2014، أي عندما بلغ من العمر 87 عامًا.
فوق الستين
بينما هناك 8 حكام تتراوح أعمارهم بين الـ60 والـ80 عامًا، وهم عبدالفتاح السيسي عمره 62 عامًا، تولى رئاسة جمهورية مصر العربية قبل ثلاثة أعوام، يليه حمد بن عيسى آل خليفة (67 عامًا)، تولى حكم مملكة البحرين عام 1999 وكان عمره 49 عامًا، ثم إسماعيل عمر جيله (69 عامًا)، تولى رئاسة دولة جيبوتي عام 1999 وكان عمره 52 عامًا، ثم خليفة بن زايد آل نهيان (69 عامًا)، وأصبح رئيسًا لدولة الإمارات العربية عام 2004 وكان عمره 56 عامًا، ثم عبد ربه منصور هادي (71 عامًا)، أصبح رئيسًا للجمهورية اليمنية عام 2012، وعمره وقتها 67 عامًا، وهناك أيضًا عمر البشير (73 عامًا)، الذي تولى رئاسة السودان عام 1989 وكان عمره 45 عامًا، ثم قابوس بن سعيد (76 عامًا)، وتولى حكم سلطنة عمان سنة 1970، وكان عمره 30 عامًا، ثم فؤاد معصوم (79 عامًا)، تولى رئاسة العراق سنة 2014 وكان عمره 77 عامًا.
وينفرد أمير دولة قطر بين حكام العرب جميعًا كونه أصغر حاكم عربي، حيث يبلغ من العمر 36 عاما وتولى إمارة قطر في 2013، وكان يبلغ من العمر وقتها 33 عامًا.
وقد رصدت وكالة الأنباء الفرنسية القادة الذين وصلوا الحكم وهم شباب منهم:
– إيرلندا: ليو فارادكار البالغ من العمر 38 عامًا، أصبح في مايو 2017، أصغر رئيس وزراء لجمهورية إيرلندا.
– فرنسا: إيمانويل ماكرون، انتُخب رئيسًا للدولة في مايو 2017، ليصبح في سن 39 عامًا أصغر رؤساء الجمهورية الفرنسية الـ25.
– إستونيا: أصبح الوسطي يوري راتاس في سن الـ38 رئيسًا للوزراء في نوفمبر 2016، وقد تولى الحكم خلفًا لشاب آخر هو تافي رويفاس، الذي أصبح رئيسًا للحكومة في الـ34 في 2014.
– أوكرانيا: تولى فولوديمير هرويسمان رئاسة الحكومة في 2016 في الـ38 من عمره.
– اليونان: عُيّن ألكسيس تسيبراس رئيسًا للوزراء في 2015، في الأربعين من عمره.
– كندا: وصل رئيس الوزراء، جاستن ترودو، إلى الحكم وهو في الـ43 من العمر في 2015.
– بولندا: أصبح أندريه دودا رئيسًا في الـ43 من عمره في 2015.
– بلجيكا: أصبح شارل ميشال في 2014 رئيسًا لحكومة بلاده في الـ38 من عمره.
– جورجيا: انتُخب جيورجي مارغفيلاشفيلي رئيسًا في الـ44 من عمره في 2013.
– المجر: كان فيكتور أوربان رئيسًا للوزراء في 1998 حين كان في الـ35 من عمره، أُخرج من الحكم، ثم عاد إليه في 2010.
المرأة الحديدية “تحكم”
مشهد آخرلم يراه المواطن العربي وهو تولي امرأة مقاليد الحكم لتصبح رئيسة لدولة عربية، وهذا يعود ليس فقط لأسباب تتعلق بالدساتير أو العادات والتقاليد المرتبطة بمفاهيم الذكورة وإنما يعود أيضًا لأسباب عقائدية نظرًا لأن الدول العربية تدين بالدين الإسلامي الذي ينص على أن يكون ولي الأمر رجلاً، وعلى الرغم من أن هذا النص لم يكتب في غالبية الدساتير العربية إلا أنه لم يطبق فعلاً.
ونعرض في السطور التالية أبرز 10 نساء يحكمن بلادهم بقبضة حديدية:
- أنجيلا ميركل مستشارة ألمانيا
- تريزا ماي رئيسة وزراء بريطانيا
- ميشيل باشليه رئيسة تشيلي
- بارك غوين هيه رئيسة كوريا الجنوبية
- تساي إنغ وين رئيسة تايوان
- شيخة حسينة واجد رئيسة وزراء بنجلاديش
- كوليندا غرابار كيتاروفيتش رئيسة كرواتيا
- داليا غريبة وسكايتي رئيسة ليتوانيا
- أمينة غريب رئيسة موريشيوس
- إلين جونسون سيرليف رئيسة ليبيريا