مهما وصل مستوى متوسط دخل الفرد في أي دولة بالعالم فإنه يظل أبدًا في حاجة إلى مساحات من الحرية والقدرة على التنفس بعيدًا عن وصاية السلطات الحاكمة وتوصياتها غير العادلة التي تجثم على أنفاسه فتخنق في داخله الأمل وتسلبه القدرة على الحياة والعطاء والإنتاج وتفقده الرغبة في العمل والإبداع وكذلك العمل على الارتقاء ببلاده وجعلها في مصاف الدول المتقدمة.
هذا ليس إلا نزرًا يسيرًا مما تشهده أوضاع حقوق الإنسان في المنطقة العربية ودول الخليج على وجه الخصوص التي تسمح فيها الأنظمة الحاكمة ببصيص من الحرية في الحديث لا تتعدى الطنطنة، والتغني بأمجاد وإنجازات- أغلبها زائفة- لأنظمة وحكومات ديكتاتورية، لكنها تقمع بشدة فكرة الحديث عن تداول السلطة أو انتقاد أوضاع مآساوية تنال من حرية الإنسان البسيط،
لذلك تشهد جهود المعارضة دائمًا ملاحقات وملاسنات بالتخوين والعمالة تطاردهم من قبل أبواق الإعلام التابع لأنظمة عفا عليها الزمن لا تغادر كراسيها إلا إلى القبور، وما تلك المطاردات إلا محاولات مستمرة لإجهاض أي رغبة أو حلم في التعبير عن الرأي في ظل مناخ سياسي وحقوقي لا يعرف للإنصاف طريقًا ولا ينشد إلا استمرار الجلوس على الكراسي على حساب محكومين غلبوا على أمرهم في أوطان حبيسة سياسيًا وحقوقيًا التي تستغل مصادر الدخل وعوائده في النكاية بآخرين أبرياء في دول عربية أخرى بينها اليمن وسوريا ما يعمق جراحها.
بدورها حاولت مجلة “مواطن” الوقوف على أبعاد الحالة الحقوقية وأوضاع حقوق الإنسان من خلال استشفاف أبعاد وخريطة المشهد الحقوقي في المنطقة العربية والخليجية على وجه التحديد في لقاء مع الناشط الحقوقي والبرلماني البحريني السابق المهندس جواد فيروز -رئيس منظمة سلام للديمقراطية وحقوق الإنسان، والذي يعد واحدًا من الدفعة الأولى من البحرينيين الذين أسقطت جنسيتهم البحرينية- في سطور الحوار التالي:
حوار: محمد النبهان
- أنظمة الخليج لا تؤمن بتداول السلطة سلميًا.. وتمجيد الحاكم وسياساته آفة خطيرة
- الشيعة بالبحرين يعانون التمييز والاضطهاد الممنهج
- منظومة حقوق الإنسان والحريات في المنطقة الخليجية تتراجع من سيئ إلى أسوأ
- التشريعات والقوانين العربية تجرم حريات التجمع السلمي وإبداء الرأي والتعبير
- مليارات السعودية والإمارات وقطر أججت الصراعات وانعكست سلبًا على السوريين واليمنيين
- السلطات العمانية تبذل قصارى جهدها لمحاصرة حرية الصحافة ومصادرة الآراء
- المعارضة تعتمد الأسلوب السلمي في المطالبة بالتحول إلى الديمقراطية في البحرين
- البحرينيون لديهم تجربة مؤلمة مع القضاء العسكري
- لا توجد في البحرين سلطة تشريعية مستقلة عن إرادة السلطة
فإلى نص الحوار:
1- صف لنا أوضاع حقوق الإنسان في منطقة الخليج العربي والبحرين على وجه الخصوص؟
في ظل غياب المشاركة الشعبية في إدارة شؤون الحكم وافتقاد الأنظمة السياسية في الخليج العربي إلى نظام التداول السلمي للسلطة وعدم وجود فصل فعلي للسلطات الثلاث مع ضعف أو انعدام صلاحيات السلطة التشريعية فإن الوضع الحقوقي للمواطنين في هذه المنطقة في تراجع ومن سيئ إلى أسوأ.
ففي أغلب الدول الخليجية ومنها البحرين تجد النخب السياسية المعارضة والنشطاء الحقوقيين معتقلون ومحكومون بعقوبات قاسية أو أضعف الأحوال ممنوعون من السفر! مع الأسف الشديد، القبضة الأمنية هي الحاكمة على كل مجريات الأمور وكل ذلك على حساب الحريات العامة والحقوق المدنية والسياسية للمواطنين.
2- لكن ألا ترى بصيصا من أمل في دول الخليج حاليًا؟
في جميع دول الخليج دون استثناء هناك حرية واحدة فقط وهي تمجيد الحكم وسياساته! فجميع وسائل الإعلام ممولة وتدار بصورة مباشرة أو غير مباشرة من الأنظمة الحاكمة فلا وجود للرأي الآخر في الإعلام، كما لن تجد وسيلة إعلامية تعبر عن رأي المعارضة وحتى أغلب وسائل التواصل الاجتماعي مراقبة وهناك العديد من المغردين على سبيل المثال أُدِينوا بسبب آرائهم وحكم عليهم بالسجن كما أن العديد من كتّاب الأعمدة منعوا من الكتابة وكذلك تم حظر الخطابة على عدد من خطباء المنابر الدينية.
3- ماذا عن سجناء الرأي؟
سجناء الرأي، هم الأغلبية الساحقة بين عموم السجناء في البحرين مثلا، والملفت بأن جل هؤلاء من نخب المجتمع من زعماء للمعارضة وعلماء دين ونواب وبلديين وشخصيات حقوقية بارزة وأكاديميين خبراء وكتّاب وإعلاميين وهكذا، كما أن المعارضة كانت وما زالت تعتمد الأسلوب السلمي في المطالبة بالتحول إلى الديمقراطية في البحرين.
4- ذكرت آفة دول الخليج المتعلقة بالحريات لكن ما تقييمك لمستواها في سلطنة عمان وهل يمكن إدخالها ضمن المنظومة؟
ذكرت منظمة العفو الدولية في تقريرها لعام 2016 – 2017 بأن السلطات واصلت فرض قيود على حرية التعبير وتكوين الجمعيات، فقبضت على عدد من منتقدي الحكومة ونشطاء حقوق الإنسان واحتجزتهم. وأُفرج عن معظمهم في غضون أيام، ولكن بعضهم أُحيلوا لمحاكمات وتعرضوا للسجن، مما خلق مناخاً من الرقابة الذاتية.
وظلت المرأة عرضةً للتمييز في القانون،كما تعرض العمال الأجانب للاستغلال والإيذاء، إلى جانب ذلك فرضت السلطات قيودًا على حرية التعبير وتكوين الجمعيات، وألقى مسؤولو أمن الدولة القبض على عدد من الصحفيين في الصحف المطبوعة والإلكترونية، وعلى مدوِّنين وغيرهم.
وخضع معظمهم للتحقيق ثم أُفرج عنهم بدون توجيه تهم لهم بعد بضعة أيام، إلا إن ثمانية أشخاص على الأقل حُكم عليهم بالسجن بموجب مواد قانونية ذات صياغات فضفاضة تتعلق بالنظام العام أو الإهانة أو الأمن القومي، وذلك بسبب تعبيرهم سلمياً عن آرائهم.
إلى جانب ذلك فإن إغلاق جريدة الزمن يعد مؤشرًا واضحًا على تراجع حرية التعبير في السلطنة ومنع الإعلام المستقل من التداول وممارسة حقه في النقد والرقابة على جميع السلطات وهي أمور عبثية، لأن من يخشى كشف السلبيات يعمد إلى إسكاتها.
5- لو حدثتنا عن مدى المضايقات التي تقوم بها السلطات الأمنية في البحرين بحق الشيعة فماذا تقول؟
المواطنون الشيعة في البحرين هم مكون رئيسي من مكونات المجتمع البحريني، فلهم حقوق المواطنة وعليهم واجبات كالبقية، ولكن مع الأسف الشديد يتعاطى النظام معهم بحالة من الدونية مع ممارسة التمييز والاضطهاد الممنهج ضدهم! وتؤكد ذلك التقارير الدولية منها الخارجية الأمريكية والهيئات والمنظمات الحقوقية، كما إننا في منظمة سلام للديمقراطية وحقوق الإنسان أصدرنا أكثر من تقرير بهذا الخصوص ومنها تقرير “اضطهاد المواطنين الشيعة في البحرين” وتقريرنا الأخير “مملكة الاضطهاد”، إذ تم رصد لاستهداف علماء الدين الشيعة في البحرين في الفترة 2011-2017.
6- نسمع دائما في بعض الدول العربية عن مصطلح «الاختفاء القسري»هل يوجد في البحرين اختفاء قسري؟
بخصوص الاختفاء القسري فذلك سلوك ممارس بصورة منتظمة من قبل الأجهزة الأمنية وإنني شخصياً كنت أحد ضحايا هذه الجريمة في فترة اعتقالي عام 2011! وأغلب المعتقلين يتم اختفائهم قسرياً لمدة طويلة لحين يسمح لهم باتصال لمدة دقيقة لذويهم فقط لإبلاغهم بأنهم بخير ولكن يحرمون من بقية حقوقهم الأساسية مثل سبب الاعتقال والاتصال بالمحامي ومكان الحجز وبقائهم في الحبس الانفرادي معصوبي العينين وعزلهم تماماً عن العالم الخارجي!.
7- بما أنك رجل حقوقي في رأيك، ما الآلية التي يمكن من خلالها الحفاظ على هوية الإنسان العربي من الانتهاكات الأمنية والسياسية؟
لا يمكن المحافظة على هوية الإنسان العربي في ظل أوطان غير مستقرة يحكمها الاستبداد ومع وجود أنظمة ديكتاتورية لا تؤمن بالمشاركة السياسية وتصادر الحقوق المدنية والسياسية للمواطن! فأمن الوطن من أمن المواطن ولا يتحقق الأمران بدون تبني نهج يعتمد على الإصلاح السياسي المستمر مع مشاركة المواطن في صنع القرار، واعتماد التنمية المستدامة في عموم الخطط والمشاريع ومنها الاقتصادية، وكل ذلك من خلال تطبيق مبادئ ومواثيق الحقوقية الدولية في إطار الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والحقوق المدنية والسياسية للمواطنين.
8- من، في رأيك، أكثر الدول العربية أو الخليجية التي تراجعت بها حرية التجمع السلمي في الفترة الأخيرة؟
مع الأسف الشديد فإن جميع الدول العربية إلا ما ندر فإن التجمع السلمي محظور وهناك قيود مشددة على الترخيص لحق التجمع للدول التي تسمح به! كما أن هناك مفارقة كبيرة في صياغة التشريعات المحلية فبدل أن تكون حامية ومدافعة عن الحريات الأساسية ومنها التجمع السلمي تجدها تسن وتشرّع لقمع وسلب هذه الحريات! فمثلاً في البحرين أصدرت السلطة تشريعاً بمنع التظاهر والتجمع في العاصمة، كما شددت الإجراءات في منح الترخيص لأي تجمع في بقية المناطق! وبالرغم ذلك لم تمنح الترخيص لأي جهة للتظاهر منذ عام 2014! ماعدا بالطبع التجمعات المؤيدة للحكم والتي يسيّرها النظام وينظمها ويموّلها!.
9- إن وجدت السلطة البحرينية مبررا لملاحقة الناشطين داخلها فما هو مبررها لملاحقة الحقوقيين خارجها مثل جنيف وغيرها؟
بسبب النشاط المحموم للناشطين الحقوقيين البحرينيين في مجلس حقوق الإنسان في جنيف وصدق ونزاهة رصدهم للانتهاكات وتقاريرهم الدورية ومداخلاتهم المكتوبة والشفهية والمنعكسة لحقائق الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في البحرين وفي المقابل فشل الحكومة وأدواتها “الحقوقية” الشكلية في مجارات ذلك النشاط، عملت الأخيرة بحل أغلب المنظمات الحقوقية المحلية المستقلة وملاحقة أعضائها باستدعاءات متكررة وتعذيبهم وتلفيق تهم ملفقة للبعض (كما حصل للحقوقية ابتسام الصايغ) وسجن البعض الآخر (كما هو حاصل للحقوقي عبدالهادي الخواجة ونبيل رجب) ومنع البقية من السفر! كما اتبعت سياسة ملاحقة وإيذاء عوائل وذوي الناشطين الحقوقيين في الخارج، معتمدة على سياسة الترهيب والترغيب وكذلك الطلب المباشر من البعض منهم للعمل مع الأجهزة الأمنية وكتابة تقارير دورية عن نشاط وعمل ذويهم من الحقوقيين!
10- حدثنا أكثر عن تقرير”مملكة الاضطهاد” الذي يهدف إلى رصد انتهاكات حقوق الإنسان ضد علماء الدين الشيعة في البحرين بين عامي 2011 و2017؟
تقرير “مملكة الاضطهاد” يهدف إلى رصد انتهاكات حقوق الإنسان ضد علماء الدين الشيعة في البحرين وذلك في الفترة ما بين عامي (2011-2017) وقد شملت هذه الانتهاكات إصدار أحكام الإعدام والمؤبد وإسقاط الجنسية والترحيل القسري والاعتقال التعسفي إضافة إلى تعرض العديد منهم للإهانة والتعذيب الجسدي. حيث بلغ عدد المحكومين بالإعدام منهم 3 وأسقطت جنسية 19 من ضمنهم ثلاثة من كبار العلماء وهم الشيخ عيسى قاسم والشيخ محمد سند والشيخ حسين نجاتي، والذي تم ترحيله قسرياً في شهر أبريل 2014 كما تم إصدار أحكام المؤبد ضد 8 منهم دون حصولهم على ضمانات قضائية عادلة ومخالفة بذلك المعاهدات والمواثيق الدولية، إلى جانب ذلك تم إيقاف 5 من خطباء المنبر الديني من الخطابة.
11- وما أهم المطالبات التي خلص إليها التقرير؟
طلب التقرير من الأطراف الدولية ممارسة الضغط على حكومة البحرين من أجل وقف استهداف علماء الدين الشيعة ووقف سياساتها التمييزية ضد عموم المواطنين ومنهم الشيعة، كما يحث الهيئات الدولية على تحديد الانتهاكات على عاتق السلطات في البحرين فيما يتعلق بقواعد ومعايير حقوق الإنسان الدولية، خاصة فيما يتعلق بجميع ممارسات التعذيب والإذلال والاعتقالات التعسفية ضد المعارضين السياسيين بتهم تتعلق بالحريات الدينية أو الحريات العامة ومنها حق التعبير.
12- كيف تقيم الأوضاع في اليمن وسوريا وما مسؤوليات الدول الخليجية حيالها؟
مع الأسف الشديد تؤكد التقارير الحقوقية للمنظمات والهيئات الدولية بأن الواقع العام لحقوق الإنسان في اليمن وسوريا، في تراجع كبير وسيئ للغالية وتقع مسؤوليتها على جميع الأطراف المتنازعة، كما أن للدول الخليجية دوراً سلبياً في حماية هذه الحقوق ولا يرتجى منها غير ذلك ففاقد الشيء لا يعطيه!.
13- لكن ما طبيعة الدور الخليجي وانعكاسه على أوضاع حقوق الإنسان في اليمن وسوريا؟
في اعتقادي من الأسباب الرئيسية لاستمرار الأزمة السياسية والتدهور الأمني واحتدام حالات الصراع السياسي وانعكاسه السيئ على واقع حقوق الإنسان هو التدخلات الخليجية في هاتين الدولتين وخصوصاً السعودية والإمارات وقطر! فبدل أن تصرف هذه الدول أموالها وهي بالمليارات على التنمية والبنى التحتية وتحسين الواقع المعيشي للشعب السوري واليمني فقد تم صرفها على الأسلحة المدمرة وإرسال الجيوش لشن حرب وتسليح الأطراف المتنازعة وخلق صراعات طائفية ومذهبية مما أدى إلى دمار البلاد وقتل العباد!.
14- بعد الاضطهاد الذي تعرضت له في البحرين.. هل النظام استهدفك في الخارج ولماذا؟
بسبب عضويتي في كتلة المعارضة النيابية بمجلس النواب في الفترة 2006-2011 ومواقفي المناهضة لفساد الحكومة ودفاعي عن الثروات الوطنية المصادرة واحتجاجي على ممارسة التعذيب في السجون إضافة إلى وقوفي وتأييدي للحراك الشعبي الذي انطلق في 14 فبراير 2011، تم إلقاء قنابل حارقة على منزلي وبعد ذلك اعتقالي وتعذيبي، إذ عذبت على يد أحد أفراد الأسرة الحاكمة، وهو مسؤول الآن في أحد الأجهزة الأمنية في الدولة. وبعد الإفراج المؤقت عني صدر حكم بالسجن وقبل ذلك بيومين، وتحديدًا في تاريخ 7 نوفمبر 2013، صدر قرار من وزارة الداخلية بإسقاط جنسيتي بدون ذكر الأسباب وبدون حكم قضائي وذلك أثناء تواجدي في بريطانيا.
15 – هل تثق في مجلس النواب في البحرين أن يكون مؤسسة معارضة لنظام الحكم المستبد من وجهة نظرك؟
لا توجد في البحرين سلطة تشريعية مستقلة عن إرادة السلطة-ومع وجود مجلس الشورى المعين والذي صلاحياته التشريعية أرفع من مجلس النواب وكذلك مع توزيع الدوائر الانتخابية توزيعا غير عادل وصدوره بمرسوم ملكي-فلا يمكن أن تتمكن المعارضة من تشكيل الأغلبية في المجلس الوطني، كما أنها لن تتمكن من تفعيل دورها الرقابي على الحكومة وهذا ما حدث عندما كانت المعارضة ممثلة في مجلس النواب في الفترة 2006-2011! أما الآن فجميع أعضاء مجلس النواب طوع رأي الحكومة وهم على علم بأن السبب الرئيسي لدخولهم المجلس رضا نظام الحكم عنهم وبالطبع لديهم الرغبة في الترشح مجددًا لذا لن يتخذوا أي موقف معارض ليضمنوا دخولهم المجلس مرة أخرى.
16 –برأيك هل اضطهاد الشيعة في البحرين سببه أن رؤوس السلطة تنتمي للسنة.. وهل الاضطهاد السياسي للحريات العامة سببه ديني أم سياسي؟
الأزمة في البحرين سياسية بامتياز وجميع أنواع الاضطهاد والقمع والتمييز منشؤها تمركز كل السلطات بيد الأسرة الحاكمة وفهمها الخاطئ للوطن وحقوق المواطن. فهي ترى الوطن كالملكية الخاصة لها حصريًا والمواطنين أتباع لها! لذا كل من يعارض هذا النهج ويرفض العبودية للحكم ويطالب بحقوق المواطن وبدولة يكون الشعب مصدر السلطات وسلطته أعلى من سلطة أي فرد أو عائلة أو قبيلة يتم اضطهاده وقمعه بمختلف الأسباب والمسببات. لذا تسعى السلطة بافتعال صراعات وخلافات مذهبية لتعميق الفرقة والتناحر بين أبناء الوطن الواحد وليخشى مكون اجتماعي معين من مكون آخر لتدعي هذه السلطة بأنها هي الحامية للجميع ومصدر الأمن والاستقرار لتفادي التناحر والتنازع بين هذه المكونات الاجتماعية. لذا فمخالفة الحاكم ليس بسبب انتمائه المذهبي وإنما بسبب استبداد السلطة واضطهادها لكل مكونات الشعب.
17 – ما تعليقك على أحكام الإعدام التي صدرت بحق المتهمين باستهداف قائد للجيش؟
أصدرت المحكمة العسكرية في البحرين بتاريخ 25 ديسمبر 2017 حكماً في هذه القضية على 18 مواطنًا مدنيًا وأحدهم فقط عسكري، 10 منهم داخل البحرين، و8 خارج البلاد وقضت بإعدام 6 منهم، وإسقاط الجنسية كما أيدت محكمة الاستئناف العسكرية هذه الأحكام بتاريخ 21 فبراير 2018.
أيضًا المجتمع البحريني لديه تجربة مؤلمة جدًا مع القضاء العسكري، الخبرة التي عكست له مدى الدافع للانتقام والتجاهل للقانون وحقوق المواطنين في القضاء المنصف والمحاكمات العادلة. لذلك، فإن العودة إلى القضاء العسكري كمحاكم دستورية تؤكد المسار العسكري الذي تتخذه السلطات البحرينية. ويتطلب هذا التدخل لإيقاف استمرار هذا المسار، أو الضغط المباشر والصريح لوقف محاكمة المدنيين في المحاكم العسكرية.
كما أن المحاكم العسكرية هي تلك التي تتعامل مع الجرائم التي يرتكبها أفراد عسكريون وما يرتبط بها من مهام عسكرية، وهذا هو الوصف الذي جاء في دستور البحرين بخصوص المحاكم العسكرية، لاسيما في الفقرة ب من المادة 105 منه والتي تنص على أن “تقتصر اختصاص المحاكم العسكرية على الجرائم العسكرية التي يرتكبها أفراد قوات الدفاع والحرس الوطني وقوات الأمن ولا يمتد إلى أشخاص آخرين إلا في حالة إعلان الأحكام العرفية وضمن الحدود المنصوص عليها في القانون”.
وبشهادة محامي المتهمين فإن المحكمة انتهكت مبادئ المحاكمات العادلة، وتعرض المتهمون للتعذيب وإساءة المعاملة. وأصدرت المحكمة أحكاما تعسفية قاسية ضد ما لا يقل عن ثلاثة أطفال متهمين، وبالإضافة إلى ذلك، لم تحقق السلطة القضائية في ادعاءات المدعى عليهم بالتعذيب وإساءة المعاملة، وبدلًا من ذلك، هددت السلطات الأمنية الأطراف المعنية بإخضاعهم لمعاملة مهينة إذا كشفت الانتهاكات إلى وسائل الإعلام أو منظمات حقوق الإنسان. ولذلك، استغلت السلطة القضائية قرار جلسات الاستماع السرية لارتكاب انتهاكات وتمكين المتورطين في تعذيب المدعى عليهم لتجنيبهم المساءلة.
18 – تحدثت عن إرسال السعودية والإمارات جحافلها لداخل البحرين لقمع المعارضين، ما دليلك؟
اجتياح القوات السعودية للأراضي البحرينية بتاريخ 13 مارس 2011 كان أمام مرأى ومسمع العالم ولا زالت الأفلام المصورة موجودة وتعرض كما أنها لازالت موجودة في البحرين إلى اليوم. وصرح العديد من المسؤولين العسكريين السعوديين بأن هذه القوات باقية ومستقرة في قواعدها العسكرية التي بنيت من أجل ذلك.
أما الإمارات فلديها قوات أمنية ميدانية تشترك مع القوات الأمنية البحرينية في الانتشار في المناطق التي تشهد احتجاجات شعبية بصورة يومية وما مقتل أحد الضباط الأمنيين الإماراتيين في إحدى المواجهات التي جرت في تاريخ 3 مارس 2014 في منطقة “الديه” إلا خير دليل.
19 – أخيرا هل للفعاليات التي تنظمها في بريطانيا مردود إيجابي على الواقع في البحرين؟
تقوم عدة أطراف حقوقية وسياسية وإعلامية بحرينية في لندن بفعاليات عدة وفي مختلف المناسبات لتعريف المجتمع البريطاني خصوصًا والرأي العام الدولي عمومًا بطبيعة النظام الاستبدادي في البحرين وما يجري فيها من انتهاكات جسيمة. وهذه الفعاليات تشمل إقامة مؤتمرات صحفية في البرلمان البريطاني والتواصل واللقاء مع أعضاء البرلمان البريطاني والأحزاب السياسية والمنظمات الحقوقية وكذلك الكتابة في الصحف المحلية والظهور الإعلامي في مختلف القنوات الإعلامية الموجودة في لندن. من الفعاليات أيضًا الاعتصامات الدورية أمام السفارة البحرينية وعمل معارض لصور الضحايا والانتهاكات التي تحصل في البحرين في الساحات القريبة من المواقع السياحية، وكذلك إقامة الندوات والمؤامرات السياسية والحقوقية في المؤسسات التابعة لمختلف الجاليات العربية والإسلامية.
ورفع الظلم عن أي مضطهد ونصرته واجب إنساني وعلينا أن نعمل بمسؤولياتنا الدينية والوطنية في الدفاع عن شعبنا المظلوم والمقموع من قبل النظام بغض النظر عن مدى تحقيق النتائج ولكننا نعلم بأن استمرار هكذا فعاليات له مردود إيجابي على معنويات الناس في البلد ولها تأثير ضاغط على المجتمع الدولي عامة والحكومة البريطانية خاصة، للبحث عن أطر لإصلاح الأوضاع في البحرين وتحقيق الإصلاح الحقوقي والسياسي المنشود.