دخلت العلاقات بين إيران وإسرائيل خلال الأسابيع الأخيرة مرحلة جديدة من مراحل التوتر عبر بوابة الأزمة السورية، حيث نجحت طهران في ملء الفراغ الذي خلفه تنظيم داعش في سوريا من خلال مليشياتها هناك وتوسيع مجالها الحيوي لإنشاء “الحلم الإيراني” للهيمنة الإقليمية، والاحتفال برحلة العبور إلى المتوسط، فجيشت عدتها وعديدها من المرتزقة والسلاح الصاروخي وغير الصاروخي.
في المقابل، لم يقف الاحتلال الإسرائيلي مكتوف الأيدي، فوضع خطوطا حمراء استعدادًا للدخول في مواجهة مباشرة مع طهران وحزب الله وغيره من أتباعها، بعدما حصل على الضوء الأخضر بذريعة الدفاع عن النفس المتفق عليها بين موسكو، وتل أبيب.
التوترات بين إيران وإسرائيل مستمرة منذ فترة طويلة، وتعود في معظمها إلى طموحات طهران النووية وتصريحات قادتها المستمرة بمحو إسرائيل عن الخريطة ودعم حزب الله، لكن الأحداث الأخيرة في سوريا توحي بأن الصدام المتوقع قد يحدث عاجلًا وليس آجلًا.
نهاية التعاون الإيراني الإسرائيلي
بوقوف رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في عرض مسرحي، وصفه الكاتب “عقيفا ألدر” في موقع “مونيتور” بـ«الطفولي والممل»، للحديث عن البرنامج النووي الإيراني، تكون إسرائيل كتبت سطور النهاية للتعاون الإسرائيلي الإيراني الخفي، بعدما كشفت تل أبيب ما أسماه نتنياهو “دليلًا دامغًا” على كذب طهران وخداعها للعرب والعالم بشأن نواياها النووية السرية عبر تنفيذ برنامج للأسلحة أطلق عليه اسم “مشروع عماد”.
ذلك التعاون الذي ظهر جليا إبان الحرب الإيرانية العراقية، والذي كشفت عنه صحيفة “التايمز” البريطانية عام 1981 عن تعاون عسكري بين الطرفين، حيث أكدت الصحيفة أن إيران استلمت ثلاث شحنات أسلحة من إسرائيل.
وفي عام 1982 أقر “مناحيم بيجن” رئيس وزراء إسرائيل آنذاك بأن “تل أبيب” كانت تمد إيران بالسلاح، بهدف إضعاف عراق صدام حسين. وفي العام ذاته أفادت مجلة “ميدل إيست” البريطانية أن مباحثات كانت تجري بين إيران إسرائيل بشأن عقد صفقة يحصل الكيان بموجبها على النفط الإيراني في مقابل حصول إيران على السلاح الإسرائيلي.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في مؤتمر صحفي نقلته وسائل الإعلام الإسرائيلية والعالمية، قال إنه قدم معلومات مخابراتية جديدة بشأن امتلاك إيران لأسلحة نووية، إلى الولايات المتحدة، وإنه سيوفد مبعوثين إلى فرنسا وألمانيا لعرضها. وتحدث عبر الهاتف أيضًا مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وأضاف: “إيران كذبت بشأن أنها لم تمتلك برنامجًا للأسلحة النووية أبدًا، يثبت 100 ألف ملف سري أنها فعلت ذلك. ثانيًا، حتى بعد الاتفاق، واصلت إيران الحفاظ على خبراتها المتعلقة بالأسلحة النووية وعززتها لاستخدامها في المستقبل”.
بدوره علق البيت الأبيض في بيان على تلك المعلومات، بالقول إنها “توفر تفاصيل جديدة ومقنعة بشأن جهود إيران لصنع أسلحة نووية يمكن إطلاقها من صواريخ”، وأعقبها الرئيس الأمريكي بالانسحاب من الاتفاق النووي مع طهران، وبذلك يكون قد خطى خطوات واسعة نحو تسريع الحرب بين الجانبين.
وفي محاولة من إيران الدفاع عن موقفها، ردت الدولة على لسان وزير خارجيتها محمد جواد ظريف، عبر “تويتر”، لتبرر أن هذه الأدلة قديمة، وما هي إلا خدعة طفولية من ” نتنياهو” للتأثير على قرار أمريكا بشأن الاتفاق النووي.
إسرائيل ضد إيران
تزامنت الحرب السياسية الإسرائيلية مع أخرى عسكرية وميدانية على مسرح الأراضي السورية، فشن الاحتلال ضربات على “مواقع إيرانية” في سوريا، في أعقاب سقوط إحدى مقاتلاتها من طراز اف-16 في شهر فبراير الماضي في سوريا، وهي الأولى التي يعلن فيها الجيش الإسرائيلي بشكل واضح ضرب أهداف إيرانية.
وفي التاسع من إبريل الماضي استهدفت قاعدة “تي فور” العسكرية التابعة للجيش السوري في محافظة حمص وسط البلاد، قتل فيها 14 عنصرًا من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، بينهم 3 ضباط سوريين و7 قادة مقاتلين إيرانيين، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان ووكالة «تسنيم» الإيرانية.
ويعتقد أن إسرائيل تقف وراء الغارة الأخيرة، التي وقعت في إبريل الماضي، وأدت إلى مقتل 40 شخصًا على الأقل وإصابة نحو 60 آخرين بجروح.
وسقط العشرات من القوات السورية الحكومية والقوات والميليشيات الإيرانية بين قتيل وجريح في غارات استهدفت مواقع عسكرية تابعة للنظام السوري في ريفي حماة وحلب، فيما أشارت أصابع الاتهام إلى إسرائيل.
مراقب صحيفة «نيويورك تايمز» توماس فريدمان اعتبر في مقال له، أن هذه التطورات الأخيرة تدل على بدء مواجهة مباشرة بين إسرائيل وإيران.
تهديد وزير الطاقة الإسرائيلي «يوفال شتاينتز» بقتل الرئيس السوري بشار الأسد، إذا تعرضت إسرائيل لهجوم إيراني، كان بمثابة صب زيت على النار المشتعلة أيضًا، حسبما ذكر موقع «واللا» العبري.
بدوره، رد نائب رئيس لجنة الأمن القومي الإيراني، أبو الفضل حسن بيغي، على تهديد وزير الطاقة الإسرائيلي بقوله: إن إسرائيل عاجزة عن اغتيال الرئيس السوري بشار الأسد، حسبما ذكرت قناة «العالم» الإيرانية، كما وجه وزير التعليم الإسرائيلي نفتالي بينيت، وهو عضو في المجلس الوزاري المصغر، “تحذيرًا قويًا لحزب الله” اللبناني من أنه سيخسر لبنان إذا شن حربًا على إسرائيل، مشددًا على أن سوريا ستكون “فيتنام خاصة بإيران”. وأن “عمر نظام آية الله مستعار وانهياره محتوم”. مطالبًا بضرورة استهداف رأس الأخطبوط، لا أذرعه، بحسب صحيفة «معاريف الإسرائيلية».
فيما تحدثت تقارير إسرائيلية عديدة في الأيام الأخيرة عن حالة من الاستنفار الأمني في المناطق الإسرائيلية الحدودية مع سوريا، تحسبًا لشن إيران ضربات انتقامية على الدولة العبرية.
سيناريوهات محتملة
في المقابل نشرت صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية، تحليلًا مطولًا عن سيناريوهات الحرب المحتملة بين إسرائيل وإيران حال وقوعها، في ظل تصاعد الحرب الكلامية والضربات المتبادلة بين الطرفين في الآونة الأخيرة.
وذكر أستاذ الدراسات السياسية والشرق الأوسط في جامعة بار إيلان، هيليل فريش، في تحليله أن احتمالات الحرب تتزايد مع تصميم إيران تحويل سوريا إلى قاعدة أمامية لعملياتها العسكرية، وتصميم إسرائيل على منعها من تحقيق ذلك، بل وتعتبره خطًا أحمرًا.
وبحسب صحيفة «جيروزاليم بوست» الإسرائيلية، يعتقد الكاتب أن الحرب بين إيران ووكلائها (ميليشيات حزب الله اللبناني) من جانب، وإسرائيل من جانب آخر، ستكون “مدمرة” للجانبين، والدول العربية المجاورة مع أفضلية نسبية لصالح إسرائيل.
وإذا ما اندلعت الحرب فعلًا، فإنها ستغير قواعد الاشتباك التقليدية، التي فرضتها حرب عام 1973، وستؤسس لبداية نوع جديد من الحروب العابرة لأكثر من دولة، فقد تهاجم إسرائيل المطارات في لبنان وسوريا وحتى العراق، لمنع تحرك القوات والمعدات العسكرية الإيرانية.
ومن الاحتمالات الواردة أن تهاجم إيران إسرائيل بشكل مباشر، وليس عن طريق حزب الله لعدم قدرته على ردع تل أبيب من معاودة مهاجمة البنية التحتية العسكرية الإيرانية في سوريا، وإدراك إيران أن ميليشيات حزب الله قد انهكت في حرب 2006، والآن تستنزف في الحرب السورية.
وجهة النظر هذه أكدها أيضًا المعلق العسكري لدى صحيفة «يديعوت أحرنوت» العبرية، رون بن يشاي، بقوله إن “حزب الله لن يعمل من لبنان؛ لأن إيران تريد الاحتفاظ به كذراع استراتيجية في حالة قيام إسرائيل بمهاجمة منشآتها النووية، ولذلك، من المرجح أن تقوم طهران بالانتقام من إسرائيل عبر إطلاق الصواريخ”.
وبحسب تحليل “جيروزاليم بوست”، ستكون مشاركة ميليشيات حزب الله في الحرب مرتفعة إذاما اقتصرت على الضربات الجوية الصاروخية، وهو الاحتمال الأكبر لدى المحللين، لأن إيران لا تملك سلاحًا جويًا متطورًا مقارنة مع إسرائيل، وتجد صعوبة في إرسال قوات لربما تكون فريسة للقوات الجوية الإسرائيلية في الطريق.
استنفار ورعب
وبعد شهر من محاولات إسرائيل منع إيران من الرد على قصف مواقعها في سورية، جاء الرد الإيراني، حيث شنت القوات الإيرانية في سوريا 20 هجومًا صاروخيًا على قواعد عسكرية إسرائيلية في مرتفعات الجولان في وقت مبكر من يوم الخميس 10 مايو 2018، مما أدى إلى واحدة من أعنف الضربات الإسرائيلية على سوريا منذ بدء الصراع هناك في 2011.
وزعم المحلل العسكري رون بن يشاي لموقع صحيفة “يديعوت أحرونوت” أن “الهجوم الانتقامي لحرس الثورة الإيرانية، يشكل خرقًا فظًا لسيادة إسرائيل، وهجومًا مباشرًا من قبل إيران الدولة على قوات الأمن الإسرائيلي”، واعتبر أن ذلك يشكل انتهاكًا للقانون الدولي، وذريعة للحرب، بموجب قوانين الحرب الدولية.
وأضاف بن يشاي: على إسرائيل أن تقرر ما إذا كانت ستنهي الجولة الحالية أم تصعد القتال، وتواصل تحدي الإيرانيين إلى حين يتخذون قرارهم بأنه لم يعد بالإمكان تلقي المزيد من الضربات، ويتوقفون عن المبادرة لشن هجوم، أو الاستمرار حتى الحرب الشاملة، والتي يمكن أن يدخل فيها حزب الله، ولكن لا أحد يرغب بذلك حاليًا، رغم أنه ممكن بسبب الوضع الحالي المتفجر.
وفي ظل هذا التوتر، أظهرت لقطات فيديو حالة تأهب عسكري للقوات الإسرائيلية في الجولان المحتل، حيث نشر الجيش الإسرائيلي منظومات دفاع جوي، وطائرات بدون طيار، وذلك بالتزامن مع قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الانسحاب من الاتفاق النووي مع طهران، وأعلن جيش الاحتلال حالة الاستنفار القصوى بعد رصد “نشاطات وصفت بغير العادية للقوات الإيرانية في سوريا”.
ونشرت القناة العاشرة الإسرائيلية لقطات مصورة لصفارات إنذار تدوي في سماء هضبة الجولان السورية المحتلة. كما طلب الاحتلال من المحليات سرعة فتح الملاجئ، فضلًا عن استدعاء الكثير من جنود الاحتياط تحسبا لمختلف تطورات السيناريوهات.
ودعا وزير المخابرات يسرائيل كاتس، الإسرائيليين إلى الوثوق في قوات الأمن لحمايتهم، في وقت يشهد مطار بن جوريون الدولي في تل أبيب تدريبًا لمحاكاة حالة طوارئ بمشاركة حوالي ألف عنصر من أجهزة المطافئ والإسعاف والشرطة وسلاح الجو، بحسب «القناة الثانية الإسرائيلية».
من جانبه، قال وزير الحرب الإسرائيلي أفيجدور ليبرمان: “آمل أن نكون انتهينا من هذا الفصل وأن يكون الجميع قد فهم الرسالة”، مؤكدًا أن تل أبيب لا تريد تصعيد الوضع، بحسب “القناة الثانية” الإسرائيلية.
ولفت المعلق العسكري لدى صحيفة “يديعوت أحرنوت” العبرية، رون بن يشاي إلى وجود ما أسماه “قلق إسرائيلي من مهاجمة المليشيات الإيرانية أهدافًا إسرائيلية على الأرض في مرتفعات الجولان”. ومضى ليبرمان قائلًا في مقابلة مع “القناة الثانية” الإسرائيلية إن “إسرائيل تعد العدة لأي سيناريو، و أي ثمن ندفعه حاليًا سيكون أقل من الذي سندفعه مستقبلًا.
كما أكد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، جادي آيزنكوت، “أن الجبهات المحيطة بإسرائيل قابلة للانفجار بأي لحظة، وهذا يتطلب من الجيش الإسرائيلي، توجهات أكثر حزمًا، والاستعداد لكافة السيناريوهات”، بحسب «الإذاعة العامة الإسرائيلية».
في المقابل طلب محلل الشؤون العسكرية في صحيفة “هآرتس”، عاموس هريئيل، من الكنيست عدم الانجرار وركوب موجة الثقة والتعجرف الذي قد يملأ قسمًا من أخبار وسائل الإعلام الإسرائيلية، ووسائل التواصل الاجتماعي.
كما سادت حالة من الرعب بين المستوطنين وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، في إسرائيل، تفاعلًا كبيرًا من قبل إسرائيليين تناقلوا شائعات مفادها أن هجومًا إيرانيًا سيشن على إسرائيل، خلال الأيام المقبلة وفق تقديرات لجيش الاحتلال الإسرائيلي.
وتسببت الشائعات، لا سيما المنتشرة عبر تطبيق “واتس آب” في حالة من الذعر والهلع بالنسبة للإسرائيليين. وجاء في إحدى هذه الشائعات على موقع التدوينات المصغرة «تويتر» أن “المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية دعا إلى اجتماع طارئ، عقب تقديرات الجيش التي تفيد بأن هجومًا إيرانيًا سيشن على إسرائيل خلال الأيام المقبلة، حتى أن وزير الأمن الموجود في زيارة للولايات المتحدة، عاد إلى إسرائيل على وجه السرعة، وعقد الاجتماع بشكل طارئ وفوري، حيث تناول الاجتماع الملف النووي الإيراني”. إلى ذلك، تحدثت وسائل إعلام إسرائيلية عن تراجع الأسهم في بورصة تل أبيب بسبب الأحداث الأخيرة.
كواليس ما قبل الضربة الإسرائيلية
أعلنت شبكة NBC الأمريكية أنه بالتزامن مع التوتر المتزايد بين إسرائيل وإيران من جهة، وبين الولايات المتحدة وإيران من جهة أخرى، التقى مسؤولون بارزون في الجيش الإسرائيلي مع نظرائهم في الجيش الأمريكي، في إسرائيل وفي الولايات المتحدة، لمناقشة إمكانية الحصول على دعم أمريكي كي تنفذ إسرائيل ضربة عسكرية استباقية “قوية” لإيران في سوريا، وقال مسؤولون أمريكيون إن إسرائيل طلبت كذلك دعمًا استخباراتيًا يساعدها على تنفيذ الضربة.
وفي سياق متصل أكدت شبكة NBC مجددًا على أن القصف الجوي “المجهول” على اللواء 47 يمثل تطورًا نوعيًا في التوتر الإسرائيلي الإيراني، ويمهد لنشوب مواجهة عسكرية علنية بين الطرفين.
حشد ومواجهة علنية وسريعة
وذكرت تقارير عسكرية إسرائيلية، أن إيران خلال الأسابيع الماضية قد سرَعت من عمليات النقل الجوية لطائرات من سلاح الجو التابعة لها إلى سوريا، وأغلب هذه الطائرات كانت محملة بالأسلحة الخفيفة والذخائر وصواريخ الأرض جو، وذلك بهدف تعزيز القدرات العملية للقوات العسكرية الإيرانية التي تنشط على الأرض في سوريا، إلى جانب التخطيط لضرب إسرائيل.
ورغم تصريح ليبرمان لـ«القناة الثانية الإسرائيلية» بعدم ترجيح الحرب مع إيران، فإن الاستنفار العسكري الإسرائيلي ليس خافيًا على أحد، والمعركة ربما تبدأ أسرع مما توقع البعض، وإذا كانت العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد إيران في سوريا تحدث من وراء ستار حتى الآن، فعما قريب ربما تكون المناوشات حربًا علنية.
ويرى الخبير القانوني الدولي “جلعاد شير” والباحث “جل بيرل فينكل” الباحثان بمركز أبحاث الأمن القومي، أن اقتصار اتخاذ قرار الدخول في حرب على رئيس الحكومة ووزير الدفاع، وهما في الوقت الحالي بنيامين نتنياهو وأفيجدور ليبرمان، ينذر بنشوب حرب سريعة وغير محسومة العواقب بعد تصريحاتهم النارية حيال إيران. كما أن تصريحات وزير الدفاع أفيجدور ليبرمان تكشف عن الاهتمام الإسرائيلي القوي بالتخلص من بوادر التهديد الإيراني.
أما الكاتب “يونان بن مناحم” فقد كشف في مقال له بموقع “المركز الأورشليمي لشؤون الجمهور والدولة” أن معظم المعلقين السياسيين والجنرالات المتقاعدين يرون أن هناك مواجهة إسرائيلية – إيرانية قادمة لا محالة داخل سوريا، معتقدين أن شرارة المواجهة بدأت بقرار الرئيس الأمريكي ترامب بالانسحاب من الاتفاقية النووية مع إيران.
ورأى الكاتب أن إيران تنتظر التوقيت الأفضل بالنسبة لها للرد عسكريًّا على إسرائيل، وإننا فقط في المراحل الأولى من المواجهة المرتقبة، معتقدًا أن الإيرانيين يخططون لمواصلة بناء منشآت وقواعد عسكرية في سوريا وتقديمهم أسلحة متطورة، وبالطبع إسرائيل مصممة على منع ذلك.
ووصف جوناثان شانزر، النائب الأول لرئيس مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، هذه المواجهة بأنها ستكون “أسوأ حرب” في الشرق الأوسط منذ عقود. وأضاف شانزر، وهو محلل سابق في مجال تمويل الإرهاب للحكومة الأمريكية، في صحيفة بوليتيكو. “وكلاء سوريا ولبنان في إيران، المسلحون بأكثر من 250 ألف صاروخ، يستعدون لمعركة الجيش الأكثر تطورًا في الشرق الأوسط. إنها تعد بأن تكون أسوأ حرب شهدتها المنطقة منذ عقود”.
بدروها، أعلنت القناة الثانية الإسرائيلية، أن الجيش الإسرائيلي سيكشف عن كل منظومة الطيران الإيرانية في سوريا، استباقًا لأي رد إيراني محتمل حسبما نقلت “يديعوت أحرونوت”.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، عبر حسابه الرسمي على موقع «تويتر» إن القوات الجوية الإيرانية في سوريا تضم 3 وحدات، هي وحدة استطلاع الطائرات دون طيار، ووحدة صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى، ووحدة الدفاع الجوي.
وبحسب صحيفة التايمز فقد حددت الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية وتكنولوجيا الأقمار الصناعية ما لا يقل عن 10 قواعد عسكرية إيرانية في سوريا، مشيرة إلى وجود عشرات الآلاف من قوات الحرس الثوري الإيراني ضمن هذه القواعد، الهدف منها قيام عمليات عسكرية في الخارج، بالإضافة إلى صواريخ ومرافق نقل لدعم “حزب الله”.
وتنظر إسرائيل إلى أن الاستراتيجيات الإيرانية تشكل تهديدًا خطيرًا لأمنها واستقرارها بعد أن تحوّلت سوريا إلى مزرعة إيرانية، وخروج دولة الولي الفقيه عن الدور الوظيفي المناط بها من الانتقال من أحد أدوات الفوضى ونشر النزاعات داخل الجسد العربي، وحماية نظام بشار الأسد، واستنزاف قدرات الدولة السورية، إلى مرحلة الشراكة مع إسرائيل والغرب، مما يمكّنها من تحويل سوريا إلى ورقة مقايضة وجبهة دائمة لصيقة بإسرائيل.
وأخيرًا، تشي التطورات بأن مسار الأحداث يتجه نحو التصعيد، وأن التوتر بلغ مداه وإذا استمر المسار الحالي، قد تصل الأمور بين إسرائيل وإيران للمنازلة على الأرض السورية، وتنزلقان إلى حافة الهاوية في نهاية المطاف؛ فإسرائيل وضعت خطوطها الحمراء، وهددت بالرد في حال تجاوزها، لكن الخطوط الحمراء الإيرانية في هذه المرحلة غير واضحة واكتفت بالإعلان عن حقها بالرد في الزمان والمكان المناسبين.