قد يتسائل البعض لماذا يهتم القائمون على “مواطن” بالحريات الصحفية. ببساطة غياب الحريات بشكل عام ، بالإضافة إلى حرية الصحافة بشكل خاص، في أي مجتمع يؤدي إلى ضعفه، وضعف القدرات العقلية والاجتماعية والثقافية للإنسان.. ببساطة لأن غياب الحريات بشكل عام، وحرية الصحافة بشكل خاص، في أي مجتمع يؤدي إلى ضعفه، وضعف القدرات العقلية والاجتماعية والثقافية للإنسان، وتجعله خائفٌ من كل شيء وهنا تصبح إنسانيته منصوقة وبدل من أن يخرج إلى المجتمع ويعبر عن ذاته ينكمش وينعزل ويختبئ وراء لغة النفاق. إذن فالمجتمعات التي تسيطر فيها العبودية وتغيب عنها الحرية بالضرورة ينتشر فيها الفساد بشتى أنواعه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية. لذلك فإن صلاح المجتمع وإعلاء الحرية هدفٌ واحد لا يمكن فصلهما عن بعض. لا يمكن أن يتقدم المجتمع دون الحرية، ولا يمكن أن يسود الأمن دون الحرية، وكذلك لا يمكن أن يُنتج دون الحرية.
أما في دول الخليج العربي فيكاد أن يغيب عنها الحرية بمعناها الصحيح إلا في بعض المساحات والهوامش المرسومة من قبل السلطات الحاكمة، والسماح لبعض الأفراد للتعبير عن آراءهم في مواقع وأوقات محددة ومنع غيرهم في مواقع وأوقات أخرى، ووضع الرأي المسموح في الواجهة وغير المسموح في أسفل القائمة، حيث تصمم السلطات الحرية تماماً كما المهندس يصمم العمارات، ويختار المواد والآليات والأجهزة والأشخاص المناسبة لكل غرض. “هندسة الحرية” في الخليج العربي عملية متواترة ومؤثرة في بنية المجتمع. فكيف تنشأ وتهدم وتلغى وتبقى وتصمم وتعاد بناء العلاقات بين المواطنين والدولة؟ فلكل دولة تركيبتها، ولكن ما يجمع بينها هو تخرج سلطاتها من نفس الكلية الهندسية.
البحرين: الحكومة تغرد بمفردها
دخلت الصحافة المعاصرة إلى البحرين مبكراً بصدور “جريدة البحرين” في العام 1949 [1] الذي تلتها صحف عديدة ذات توجهات قومية وناصرية ويسارية وليبرالية على مر العقود المتتالية إلا أن أغلب هذه التجارب لم تدم طويلاً بسبب الظروف السياسية المتقلبة[2] . وكان الاستثناء الوحيد لهذه القاعدة هي القنوات والصحف الحكومية وشبه الحكومية التي واصلت عملها دون توقف أو تعطل منذ نهاية ستينيات القرن المنصرم وكانت هذه المنصات تعمل لأكثر من 20 عاماً دون منافس يذكر قادر على مزاحمتها في الساحة الإعلامية. فمنذ تأسيس قناة وإذاعة البحرين كمؤسسة بث حكومية في 1975 [3] على سبيل المثال كانتا تمثلان القناة التلفزيونية والإذاعية الوحيدة في البلد إلى يومنا هذا على خلاف تجارب الدول الخليجية الأخرى في التعددية الإعلامية في المجال المرئي والسمعي.
ويثير أيضاً وضع الصحافة الورقية بعض التساؤلات حول طبيعة علاقتها مع الحكومة حيث أن جريدتا أخبار الخليج والأيام ذات التجربة الصحفية الأقدم في الساحة، مملوكة أو مدارة من قبل شخصيات مقربة لكل من رئيس الوزراء والملك[4]، وبقيتا دون منافس للساحة لأكثر من عقدين من الزمن.
نقطة التحول الأولى أتت بدخول البحرين الألفية الجديدة وإقدام الحكومة على إصلاحات سياسية فتحت المجال للترخيص لصحف يومية أخرى مثل جريدة البلاد وصحيفة الوسط وصحيفة الميثاق وصحيفة الوقت[5] . ولكن شابت هذه التجربة بعض التحديات حيث لم تختلف أغلب هذه الصحف الجديدة عن الأيام وأخبار الخليج من حيث علاقتها مع الحكومة ورموزها بالإضافة إلى المحتوى التي تقدمه حيث تكاد تكون الصفحة الأولى في كل صحيفة متشابهة.
أما نقطة التحول الثانية فكان اندلاع حركة الاحتجاجات المتأثرة بموجة الربيع العربي في العام 2011 التي أنهت هامش الحرية المحدود الذي كام ممنوحاً للصحف والصحفيين، وأصبحت مهنة الصحافة تشكل خطراً حقيقياً على حياة الصحفيين وعوائلهم ورزقهم وسلامتهم وحريتهم. وتذكر الاحصائيات أنه قتل 3 صحفيين[6] إلى جانب الاعتقالات[7] التي طالت عدد من الصحفيين[8] والمصورين[9]، وتراجع ترتيب البحرين على قائمة حرية الصحافة من 117 في العام 2003 [10] إلى 166 في العام 2018.[11]
كما تم مؤخراً إغلاق صحيفة الوسط في يونيو 2017، وهي كانت الصحيفة المستقلة الوحيدة ذات السجل الطويل والحافل، بقرار من وزارة الإعلام “لمخالفتها القانون وتكرار نشر وبث ما… يؤثر على علاقات مملكة البحرين بالدول الأخرى”[12]، وكانت هذه المرة الرابعة التي يتم فيها إيقاف الصحيفة عن الإصدار مؤقتاً منذ 2011.[13]
وفي صلة متصلة كان الأمل في تطوير المجال المرئي والسمعي في البلد معلقٌ على نجاح قناة العرب الفضائية المملوكة للأمير الوليد بن طلال آل سعود بعد أن أعلنت نيتها افتتاح مقر أعمالها في البحرين. [14] وكانت تجربة قناة العرب الأبرز والأكثر غرابة على الإطلاق حيث تكررت تصاريح مدير القناة جمال الخاشقجي بنيتهم بانتهاج الحيادية والجرأة في تغطية الأحداث[15] وذلك وسط شكوك بعض المحللين من قدرتها على تجاوز الخطوط الحمراء العديدة لدى الحكومة البحرينية.
وعلى عكس ذلك اتضح لاحقاً دعم الحكومة نحو استضافة لما في ذلك أثراً إيجابياً على سمعة البحرين الدولية حسب ما جاء على لسان وزير الإعلام الذي وصف افتتاحها بـ “الخطوة المبارك“[16]. ورغم كل ذلك لم تستمر القناة في العمل لأكثر من يوم واحد حيث منعت من البث بقرار من وزير الإعلام بعد استضافة القناة للمعارض البحريني خليل المرزوق[17]، وفي نهاية المطاف لم تؤدي محاولات التفاوض بين الحكومة وإدارة القناة إلى نتيجة إلى أن غادرت البحرين نهائياً[18].
والجدير بالذكر تجربة قناة اللؤلؤة التي تأسست كقناة فضائية مستقلة ذات توجه معارض في لندن العام 2011 كأول قناة فضائية بحرينية مستقلة عن الحكومة [19]، وللقناة علاقات ونشاطات تمتد إلى جميع أقطار الوطن العربي.
أما المساحات الإلكترونية فلم تشهد تحسناً كبيراً أيضاً، لا سيما مع ملاحقة ومحاكمة العشرات من المغردين والمصورين والمدونين في السنوات الأخيرة بسبب نشاطهم على مواقع التواصل الاجتماعي[20] . ولكن تبلورت تجربة جديدة للصحافة الإلكترونية في شكل موقع “مرآة البحرين” (وإلى حد ما “البحرين اليوم”) التي تأسست أيضاً كمؤسسة مستقلة في الخارج[21].
تشير هذه الحقائق مجتمعة أن البنية الإعلامية في البحرين قائمة على انفراد الحكومة في الساحة الإعلامية إلى درجة كبيرة ولا سيما في المجال المرئي والسمعي، ولا يبدو أن هنالك تحسن للأوضاع في آفاق وخصوصاً مع تدهور الأوضاع السياسية في البلد.
قطر: معضلة الجزيرة والصحافة المحلية
على الرغم من صغر دولة قطر مساحياً وسكانياً إلا أنها اكتسبت حجماً أكبر اقليمياً وعالمياً على الصعيدين الدبلوماسي والإعلامي يمكّنها من منافسة الدول الاقليمية الكبرى. والمصدر الرئيس لهذه القوة هو قناة الجزيرة والثقل التي تمثله في الصحافة العالمية بقدرتها على التأثير على المجتمعات والدول وسياساتها، وفسر المحللون أنها هذه القدرة على التأثير بالذات كانت إحدى الأسباب الرئيسية للأزمة الدبلوماسية بين قطر وجاراتها الامارات والبحرين والسعودية في 2013 لعدم رضى الدول الثلاث بتأثير الجزيرة اقليمياً في تنافس مع النفوذ السعودي على وجه الخصوص[22].
المستوى العالي من المهنية والريادية التي تنتهجها قناة الجزيرة يبدو متناقضاً مع أوضاع الصحافة القطرية المحلية التي لا تختلف كثيراً على نظيراتها في دول الخليج من حيث البنية المؤسسية والاتكالية على الأخبار التي تورد إليها من الحكومات وسقفها المنخفض.
ولكن يوجد ثمة قاسم مشترك بين الجزيرة والصحافة القطرية وهو استخدام الحكومة القطرية لهما كأداة سياسية تصب في صالح السياسية القطرية الخارجية. فمن جانب تظهر قطر نفسها للعالم عبر قناة الجزيرة كدولة متقدمة وعصرية تؤمن بالديمقراطية والحرية والتعددية والحوار، بينما في الجانب الآخر لم تسمح لصحافتها في الداخل أن تلعب دورها الصحيح كسلطة رابعة لعدم ممارسة الثقافة الديقمراطية في البلد حسب ما تشير إليه التقارير الدولية، لا سيما مع وجود رقابة ذاتية مشددة على الصحافة[23].
وفي صلة متصلة، لا زال موقع صحيفة Doha News الإلكترونية الناطقة بالإنجليزية محظور في قطر منذ العام 2016 لمخالفتها نظام الترخيص الإعلامي في الدولة ورغم محاولات الصحيفة المتكررة لتصحيح أوضاعها والعمل من داخل قطر بشكل قانوني إلا أنها عللت في بيان لها “أن الحكومة القطرية لا تعترف تعاون الصحيفة مع شركة قطرية” إلى جانب عدم توضيحها للإجراءات اللازمة لتصحيح أوضاع الصحيفة ما أدى لنقل أعمالها إلى الخارج[24].
وتعقدت الأمور مع بدء الأزمة الخليجية مع السعودية وأصبحت الأوضاع مشحونة إعلامياً وخصوصاً مع التراشق الإعلامي الذي تمارسه كل من البحرين والسعودية والإمارات وقطر على حد سواء.
الكويت: نموذج اقتصادي منفتح يتصادم مع الواقع السياسي المنغلق
لعل ما يميز الكويت عن باقي دول الخليج هو دخول الصحافة إلى قاموسها الثقافي مبكراً جداً في فترة متقاربة للصحافة البحرينية، إلا أن الكويت أقدمت على نموذج إعلامي مختلف عن البحرين عموده التعددية الصحفية والإعلامية حيث تم السماح مبكراً لإنشاء الصحف ذات التوجهات المختلفة بالإضافة إلى تأسيس القنوات التلفزيونية المستقلة عن أجهزة الدولة.
وقد يعود تطور هذه السمة إلى حالة التمازج بين قوة رأس المال وسلطة السياسة، إذ شكلت رغبة بعض رجال الأعمال والأسر التجارية البارزة لكسب شيئاً من النفوذ السياسي في الدولة إحدى الدوافع التي أدت إلى ظهور صحف يومية متعددة منذ السبعينيات، إلا أن نقطة التحول الكبرى أتت مع السماح لتأسيس قنوات فضائية خاصة ضمن توجه عام لفتح الاقتصاد للرأس المال الخاص، بدءً بقناة الراي وتلتها قناة الوطن والفنون والكوت واليوم.
ولكن حصلت بعض التصادمات بين هذه القنوات والحكومة، كما حصل مع 3 قنوات فضائية وصحيفتين خلال الخمس سنوات الأخيرة بينها قناة اليوم[25] وقناة الوطن[26] وقناة الكوت[27] بالإضافة إلى صحيفتي الوطن[28] والعالم اليوم[29]، حيث انتهت الظروف السياسية بإصدار أحكام قضائية مسيّسة على أفراد معينة في مجالس إدارة هذه المؤسسات وسحب تراخيصها.
وشهدت الصحافة الإلكترونية بمختلف قطاعاتها الكتابية والمرئية والسمعية تطورات أيضاً بظهور أكثر من 240 موقعاً اخبارياً وقناة وصحيفة. وأصبح الترخيص من وزارة الإعلام ملزم بموجب قانون الإعلام الإلكتروني لسنة 2016، فيما ذهب رؤساء تحرير الصحف الإلكترونية أن منذ تطبيق القانون زادت حالات إحالة الصحف إلى الجرائم الإلكترونية كان بعضها بسبب “تداول أخبار كاذبة وزعزعة العلاقات مع دولة شقيقة”.[30]
وعلى صعيد متصل لم يسلم النشطاء والكتاب والمغردين من القمع المتزايد حيث تشير الاحصائيات إلى وجود أكثر من 500 قضية تتعلق بحرية التعبير جاري النظر فيها في المحاكم حتى العام 2016[31]، لا سيما مع استغلال الحكومة بعض القوانين الفضفاضة لوصف الانتقادات للحكومة والأمير على أنها جرائم أمنية[32].
كما يواجه الكويتيون تحديات كبيرة في حريتهم في تناول الشأن العام في الدول الأخرى[33] حيث يواجه عدد من المغردين قضايا جنائية على خلفية انتقادهم سياسات دول خليجية أخرى ووصلت بعض هذه الأحكام إلى 31 سنة بالسجن.[34]
السعودية: الدولة المركزية تسترد قوتها
التنوع الحضاري والثقافي بالسعودية مكن السعوديون من ابتكار تجارب صحافية وإعلامية متعددة التوجهات والأهداف، وتتراوح طبيعتها من الصحف المناطقية الصغيرة وإلى الصحف الوطنية والعالمية، إلى القنوات الفضائية ذات تأثير في الوطن العربي.
ما يمكن قوله عن التجربة السعودية الإعلامية أنها تجربة مركبة تجمع بين الخصائص الموجودة في دول الخليج الأخرى لتبتكر نموذج خاص بها يجمع بين طموح الدولة الإقليمية وإيجاد مساحة للتعبير عن الرأي في الشأن العام، وربما يعود ذلك إلى دور الطبقة التجارية السعودية في تحريك وتفعيل المنصات الإعلامية بشكل مستقل إلى حد ما عن الدولة ما أدى إلى ضعف فاعلية أدوات الرقابة والمحاسبة لدى الدولة.
فليس من المستغرب أن تظهر شخصيات سياسية ذات توجهات معارضة على القنوات الفضائية السعودية وتعبر عن آراءها بهامش من الحرية في انتقاد السلطات العامة[35] بل وحتى مناقشة بعض المسائل الدينية الحساسة تفوق الهامش الموجود في بعض دول الخليج الأخرى مثل البحرين وقطر وعمان رغم عدم تبلور حياة سياسية حقيقية في المملكة.
أما اليوم فالأوضاع بدأت أن تتغير وتصبح أكثر تضييقاً على حرية الصحافة حيث شهدت السعودية مؤخراً حملة اعتقالات موسعة طالت عشرات الصحفيين[36] والكتاب والباحثين والأكاديميين وعلماء الدين لمخالفتهم سياسات الدولة الخارجية والداخلية[37]، وكانت بعضها بأوامر ملكية مباشرة[38] . وفسر المحللون أن هذه الحملة الموسعة تأتي متزامنة مع زيادة نفوذ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان آل سعود في الدولة وزيادة مركزية اتخاذ القرار فيها[39]، فالرغم من ظهور بعض الخطوات مؤخراً للانفتاح الاجتماعي إلا أن هذا الانفتاح لم يترجم إلى انفتاح سياسي.
كما توجد في السعودية ظاهرة “الحسابات الوهمية”، الموجودة في جميع دول الخليج إلا أنها تشاهد في الفضاءات السعودية بكثرة، وتشير دراسة بريطانية أنها تنشأ مئات الحسابات الجديدة عبر برامج إلكترونية في فترة محددة متزامنة مع الأحداث السياسية وغالباً ما يكون محتواها منسوخ[40] ما يشير إلى وجود استراتيجية ممنهجة وراء الظاهرة.
الإمارات: الإعلام في سبيل تضخيم الدور الإقليمي والدولي
تتشابه الإمارات إلى حد كبير مع الحالة القطرية برغبتها في كسب شيئاً من النفوذ الاقليمي عبر الاعلام وبالتحديد قناةSky News العربية كمؤسسة الإعلامية منافسة لقناة الجزيرة، كما تهتم الإمارات بحفر مكانة خاصة لها في مجال الإعلام عبر تنظيم الجوائز والمؤتمرات الإعلامية الكبرى التي تحظى على اهتمام اقليمي والعالمي كبير[41]، لا سيما مع اهتمام إمارة دبي بشكل خاص بإنشاء مناطق خاصة من المدينة لتنمية مجال الإعلام مثل “مدينة دبي للإعلام”.
أما الواقع في الداخل الإماراتي فيختلف عن الواجهة الإعلامية للدولة، فالعديد من برامج الاتصالات الحديثة مثل برنامج Skype وخاصية الاتصال عبر برنامج WhatsApp و Discord محظورة[42]، والقوانين الإماراتية المقيدة لحرية الصحافة التي تجعل من الصحفي الإماراتي يتحرك بكل حذر حول القضايا السياسية والاقتصادية والخارجية[43].
ويتأثر الخطاب الإعلامي في الدولة كثيراً بانتشار نظريات المؤامرة عن تعرض الإمارات إلى “حرب ممنهجة تهدف إلى تشويش الدور الريادي والمشاريع الحضارية لدولة الإمارات” على مواقع التواصل الاجتماعي، كما جاء على لسان ضرار بالهول القيادي في جهاز أمن الدولة أثناء حديثه في منتدى الإعلام الإماراتي[44]، إذ العقلية الأمنية باتت مهيمنة على جميع مفاصل الإعلام في الدولة لا سيما تجاه تنظيمات الإسلام السياسي.
وفي صلة متصلة باتت جميع تحركات الصحفيين والكتاب والنشطاء عامة تحت المراقبة الأمنية المستمرة لا سيما مع سياسة الحكومة الإماراتية في تطوير امكانياتها التجسسية عن طريق شراء أحدث الأجهزة[45].
كما انخفض معدل الإمارات في معدل حرية الصحافة 9 مواقع بين العام 2017 و 2018 [46] ما يدعو للتساؤل حول دور المتغيرات الاقليمية وعلى رأسها الأزمة الخليجية في الانحسار.
عمان: الملاحقات القانونية مستمرة وتطال الكتاب والصحفيين والروائيين
تجربة الصحافة العمانية بقت متواضعة بسبب تأخر نشأتها نسبياً بالمقارنة بالمحيط الخليجي حيث بقت وسائل الإعلام في السلطنة تقليدية لا تخرج عن الخطوط المرسومة لها، إلا أنه بعد موجة الاحتجاجات التي بدأت في فبراير 2011 في مختلف المحافظات العمانية غيرت في العلاقة بين الدولة والمواطنين وباتوا العمانيون أكثر استعداداً لتشكيل مؤسسات مدنية مستقلة التي تهتم بالشأن العام إلى جانب زيادة مستوى التنسيق والتواصل بين الكتابة والباحثين والنشطاء بهدف ترشيد الجهود.
وهي من خلال هذه التجارب التي برزت فيها صحيفة البلد المستقلة في العام 2012 كأول صحيفة عمانية إلكترونية[47] لتقدم للساحة العمانية الموضوعات والقضايا العامة بطريقة مغايرة تماماً عن وسائل الإعلام الرسمية والصحف الورقية سواء كان ذلك من حيث آلية نقل المعلومة عبر استخدام وسائط الإعلام الحديثة أو من حيث طبيعة المواضيع التي تطرح. إلا أن هذه التجربة الجديدة لم تتمكن من الاستمرار حيث أعلنت الصحيفة في بيان لها بالعام 2016 أنها لظروف مالية وإدارية خارجة عن إرادتها قررت إغلاق الصحيفة[48].
وفي صلة متصلة أنشأت أيضاً مجلة مواطن في العام يونيو 2013 كمجلة سياسية ثقافية فكرية تهتم بقضايا المواطن والمجتمع إلا أنها أيضاً اضطرت لإغلاق أبوابها بعد تعرض عدد من كتابها إلى الاعتقال والاختفاء القسري. [49] هذا إلى أن تم إعادة افتتاح المجلة في يوم حرية الصحافة 3 مايو 2017 من العاصمة البريطانية لندن ولكن تم حجب موقع المجلة في عمان بعد أقل من 24 ساعة من إطلاقه.[50]
وواجهت الصحافة الورقية تحديات كبيرة تمثلت في قضية جريدة الزمن التي أغلقت بحكم محكمة إثر نشرها موضوع عن الفساد في القضاء العماني، وحكم على رئيس التحرير ومسؤول التحرير بـالسجن 3 سنوات وعلى صحافي آخر بالسجن مدة سنة في المرحلة الابتدائية. [51].
وتشهد السلطنة بشكل عام كثرة الاعتقالات والمحاكمات للكتاب[52] والروائيين والصحفيين والمغردين[53] بتهم تتعلق بإهانة السلطان والدين وتشويه سمعة الحكومة[54].
ومن جانب آخر، قامت السلطنة بحظر 23 إصدار من معرض مسقط الدولي للكتاب 2018 [55] رغم تصريحات وزير الإعلام في السنوات السابقة بعدم منع أي مؤلفات[56]، وطال قرار الحظر قائمة متنوعة من الكتب منها السياسية والثقافية والروايات بينها مؤلفات صادرة عن وزارة الثقافة العمانية وتشير قائمة الحظر إلى أن القرار كان يمس المؤلف بشخصه أكثر من أنه اعتراض على محتوى المؤلفات حيث على سبيل المثال تم منع جميع مؤلفات الباحث سعيد سلطان الهاشمي من المعرض في نسخته الأخيرة رغم تنوعها بين روايات ومقالات صحفية وكتب أكاديمية[57].
التلخيص
البحرين
- انفردت الحكومة في المجال المرئي والسمعي والصحافة لأكثر من 25 سنة
- تحاول أن تبقي الحكومة سيطرتها على الصحافة الورقية عبر دعم الصحف المقربة لها
- شهدت البحرين بعض التطورات في 2001 إلا أنها لم تكن بالشكل المأمول
- أغلقت الحكومة صحيفة الوسط المستقلة في العام 2017
- أغلقت الحكومة قناة العرب المملوكة للأمير الوليد بن طلال آل سعود بعد أقل من 24 ساعة من بدء البث بسبب استضافتها المعارض البحريني خليل مرزوق
- زاد تشدد الحكومة بعد الحراك السياسي الذي بدأ في 2011
- قتل 3 صحفيين مواطنين بعد 2011
- عشرات الاعتقالات للصحفيين والمصورين وعدم تجديد رخص مراسلين الوكالات الأجنبية
- تراجع ترتيب البحرين في قائمة مراسلون بلا حدود من 117 في العام 2003 إلى الترتيب 166 في العام 2018
- ظهرت قناة فضائية بحرينية وصحيفة إلكترونية مستقلان عن الحكومة في الخارج بعد 2011
قطر
- قناة الجزيرة تشكل قوة ناعمة للدولة القطرية وقدرتها على التأثير على الدول احدى أسباب الأزمة الخليجية
- المستوى العالي من المهنية التي تنتهجه قناة الجزيرة لم يترجم إلى تحسين أوضاع الصحافة القطرية المحلية التي تبقى مملوكة إلى أفراد من الأسرة الحاكمة أو لشخصيات مقربة لها
- الرقابة الذاتية شديدة وقاتلة وتؤثر في كل المواد المنشورة
- تم حجم موقع Doha News ما أدى لنقل أعمال الصحيفة إلى خارج قطر
- تستخدم قناة الجزيرة كوسيلة لتقوية موقفها كدولة متقدمة ودامعة لحرية الصحافة
الكويت
- تتميز بسقف أعلى من بقية دول الخليج وبالتعددية الإعلامية سواء من حيث الصحف الورقية أو الإلكترونية أو القنوات الفضائية
- تمازج الراس المال الخاص مع السياسة ساهم في انطلاق القنوات الفضائية الخاصة
- حدثت تصادمات بين الحكومة وبعض هذه القنوات ما أدى إلى إغلاق 3 منها: قناة العالم، قناة الوطن، قناة الكوت
- كما تم إغلاق صحيفة العالم اليوم وصحيفة الوطن التابعتين لقناة اليوم وقناة الوطن
- استهدفت هذه الاجراءات أفراد في مجالس الإدارة أو ملاك القنوات
- على سبيل المثال سحبت جنسية مالك قناة اليوم ما أدى إلى عدم استفائه شروط الترخيص الإعلامي فقامت وزارة الإعلام بإغلاق القناة
- زيادة وتيرة القمع والاعتقال واستغلال القوانين المقيدة للحريات
- في 2016 كانت المحاكم تنظر في 500 قضية تتعلق بحرية الرأي
- لا يستطيع الكويتيون تناول الشأن العام في الدول الأخرى خوفاً من توجيه تهمة “زعزعة العلاقات مع دولة شقيقة”
السعودية
- نموذج مركب يجمع بين محاولة كسب النفوذ الاقليمية والانفتاح الاقتصادي
- كانت تظهر شخصيات معارضة أو إصلاحية على القنوات الفضائية وتنتقد سياسات الحكومة بين الحين والآخر
- تغير الأمور اليوم بزيادو نفوذ ولي العهد الأمير محمد بن سلمان آل سعود وزيادة مركزية اتخاذ القرار
- حملة اعتقالات موسعة طالت العشرات من الكتاب والباحثين والصحفيين وعلماء الدين لمخالفتهم سياسات الدولة الداخلية والخارجية
- الخطوات للانفتاح الاقتصادي والاجتماعي لم تترجم إلى انفتاح سياسي
- دراسة بريطانية: الحسابات الوهمية ظاهرة متفشية وممنهجة في السعودية تتزامن أوقات إنشاء الحسابات الجديدة مع الأحداث السياسية
الإمارات
- تحاول كسب النفوذ الاقليمي والعالمي عبر قناة Sky News العربية واستضافة المؤتمرات والجوائز الإعلامية وإنشاء مشاريع إعلامية كبرى مثل مدينة دبي للإعلام
- برامج الاتصال محظورة Whatsapp و Skype و Discord
- القوانين الإماراتية مقيدة في حرية نشر المعلومة رقمياً
- تدعي الدولة وجود حرب إعلامية ضدها حسب تصريح القيادي في جهاز الأمن ضرار بالهول: تتعرض الإمارات إلى حرب ممنهجة تهدف إلى تشويش الدور الريادي والمشاريع الحضارية لدولة الإمارات
- تشتري الإمارات أحدث الأجهزة والبرامج التجسسية حتى من الشركات الإسرائيلية
- انخفض معدل الإمارات في مؤشر حرية الصحافة 9 مواقع بين العام 2017 و 2018
عمان
- حركة الاحتجاجات كان لها تأثير كبير ونقل البنية الإعلامية من السيطرة الحكومية التقليدية إلى التجارب الصحفية المستقلة
- تاسست صحيفة البلد كأول صحيفة إلكترونية وأول صحيفة مستقلة في عمان
- أغلقت الصحيفة أبوابها في 2016 لظروف إدارية ومالية خارجة عن إرادتها
- أنشأت مجلة مواطن في العام 2013 إلا أنها اضطرت أن توقف عملها لتعرض كتابها للاعتقال والمضايقات الأمنية
- تم إعادة افتتاح مجلة مواطن في يوم حرية الصحافة 2017 من العاصمة البريطانية لندن
- محاكمة جريدة الزمن لنشرها قضية فساد في القضاء العماني
- تم إغلاق الصحيفة والحكم على كل من رئيس ومدير تحريرها بالسجن 3 سنوات وصحفي آخر بالجريدة بالسجن سنة
- تشهد السلطنة سنوياً عشرات حالات الاعتقال والمحاكمة للكتاب والصحفيين والمغردين بتهم تتعلق بإهانة السلطان والدين وتشويه سمعة الحكومة
- في معرض مسقط الدولي للكتاب 2018 تم حظر 23 إصدار رغم تصريحات وزير الإعلام المتكررة بأن “زمن المنع انتهى”