كتب إيان بلاك المحرر السابق لشؤون الشرق الأوسط بالغارديان، يوم الثلاثاء 19 مارس، مقالاً مفصلاً في الغارديان يحمل عنوان “لماذا تتملق اسرائيل ممالك الخليج بهدوء؟“، واصفاً فيه علاقات إسرائيل السرية بدول الخليج وحرص نتنياهو على الإعلان عنها والتلميح لها في كل مناسبة وسبب ذلك. كما أوضح أيضاً التسلسل الزمني لحدوث التحالف المتنامي بين دول مجلس التعاون الخليجي وعلى رأسهم السعودية والإمارات، وبين العدو الرسمي للعرب، إسرائيل، هل عداؤهم المشترك لإيران وللجماعات الإسلامية وولعهم المشترك بترامب هو ما تسبب بظهور بعض هذه الروابط للعلن؟ هل لا زالت القضية الفلسطينية تمثل أولوية لدول الخليج؟ وما مدى تعاون اسرائيل مع ممالك الخليج؟ ولماذا لا تكون العلاقات علنية بالكامل؟ الإجابات عن هذه الاسئلة والكثير غيرها ستجدونها بشكل مفصل في هذا المقال الذي ترجمته “مواطن” إلى العربية:
ترجمة: الزهراء عزازي
- خطة نتنياهو تعزيز العلاقات مع الخليج لتهميش الفلسطينيين والضغط عليهم.
- تتزايد الأدلة على وجود علاقات وثيقة ومتنامية بين إسرائيل وخمس من الست دول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، والتي لا ترتبط أي منها بعلاقات رسمية مع الدولة اليهودية.
- لا تزال كلمة “التطبيع مع اسرائيل” كلمة قذرة بالنسبة لملايين العرب ولهذا السبب يخشى قادة الخليج المستبدين من المعارضة الشعبية لصداقتهم مع نتنياهو.
- كان الدافع الأصلي لهذه العلاقات المتطورة بين إسرائيل ودول الخليج هو الكراهية المشتركة لباراك أوباما. إذ أغضب السعوديين والإماراتيين وأزعج إسرائيل في السنوات الأولى من الربيع العربي، بتخليه عن الرئيس المصري حسني مبارك، ثم عبر عن تأييده للانتفاضة الشعبية في سوريا ودعا بشار الأسد إلى الاستقالة.
- الاعتراف بدولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية هو أكثر بكثير مما سيقبله نتنياهو، إذ لن يفكر ولن يقبل إلا بدولة فلسطينية “ناقصة”، ويرفض علانية تفكيك المستوطنات غير القانونية.
- رافق نتنياهو في زيارته لمسقط يوسي كوهين، رئيس جهاز المخابرات الاسرائيلي “الموساد”.
- بعد زيارة نتنياهو لِعُمان، قُتل 6 فلسطينيين وجُرح 180 بيد قناصة الجيش الإسرائيلي.
- قال الناشط الفلسطيني كمال حواش “إخواننا العرب (الخليجيين) طعنونا في ظهورنا وقلوبنا، إذ تخلوا عنا سياسياً بينما يرحبون بإسرائيل” و “يمكن أن ترفرف الأعلام الإسرائيلية قريبًا في سماء بعض دول الخليج، بينما يضغطون على القيادة الفلسطينية لقبول صفقة” سلام “غير مقبولة”.
- الناشط كمال جواش: “صور نتنياهو-زعيم الفصل العنصري القمعي، والملطخة يداه بدماء الكثير من الفلسطينيين والعرب والمبتسم بابتهاج أثناء ترحيب سلطان عمان المريض به مثيرة للغثيان”.
- لم يكن نتنياهو أول زعيم إسرائيلي يزور مسقط ويلتقي قابوس.
- رغم الإعلان عن بعض العلاقات بين اسرائيل ودول الخليج مؤخراً إلا أن غالبيتها العظمى تظل سرية.
- دبلوماسي إسرائيلي: عرب الخليج عمومًا “يؤمنون بأن إسرائيل يمكنها فعل العجائب”.
- التعاون السري بين إسرائيل والإمارات يتضمن مراقبة المخابرات الإسرائيلية لإيران وبيع الطائرات بدون طيار الإسرائيلية المستخدمة في حرب اليمن.
- أصبحت علاقة سلطنة عمان سيئة مع السعوديين والإماراتيين لأنها كانت دوماً على علاقات ودية مع إيران، مما أثار تكهنات بأن رحلة نتنياهو كانت تهدف إلى إرسال رسالة إلى طهران.
- كانت زيارة نتنياهو بدعوة من قابوس ليعلن الأخير عن اعتماده المؤيد لإسرائيل والموجه لواشنطن.
- ما زالت علاقات إسرائيل السرية مع الدول العربية تعتبر قضية أمن قومي في اسرائيل من قبل سلطات الرقابة العسكرية على المطبوعات.
- دبلوماسي إماراتي “لولا القضية الفلسطينية، لكانت هذه العلاقة مع إسرائيل علنية جداً، وستكون موضع ترحيب كبير، لأننا نحتاج إلى معداتهم العسكرية وتقنياتهم التكنولوجية”.
- جمال السويدي الداعم للنظام الموالي للنظام الإماراتي “لم تعد القضية الفلسطينية في طليعة اهتمامات العرب، كما كانت منذ عقود طويلة؛ لقد فقدت الأولوية بشكل كبير في ضوء التحديات والتهديدات والمشاكل التي تواجهها بلدان المنطقة”.
- لم يتم الإعلان عن العديد من التطورات الهامة في العلاقة المتنامية بين إسرائيل ودول الخليج لأنها تلثمت بمواقف عامة مناقضة – وأحيانًا بأكاذيب صريحة.
- نائب رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي أثناء عملية الرصاص المصبوب على غزة والتي راح ضحيتها 1400 فلسطيني “كان يتعاون كبار المحترفين في مجالي الاستخبارات والأمن من إسرائيل مع دول الخليج”، وأخطروا السعودية مسبقاً قبل الهجوم على قوافل السلاح في السودان.
- مندوب الإسرائيلي لشركة متعددة الجنسيات يسافر إلى الدول العربية بجواز سفر من الاتحاد الأوروبي: “هناك كم ضخم من التجارة يتم بين إسرائيل ودول الخليج”.
- هناك رحلات غامضة واسبوعية من اسرائيل للإمارات عبر عمّان.
- مندوب اسرائيلي يسافر للإمارات بجواز سفر أوروبي ” هناك كم ضخم من التجارة يتم بين اسرائيل ودول الخليج”
- التقى بندر بن سلطان في 2013، والذي كان يدير الاستخبارات العامة السعودية آنذاك، برئيس الموساد، تامير باردو، في لقاء وصفه مصدر بريطاني كبير بأنه “عشاء طويل مليء بالخمور” في أحد فنادق نايتسبريدج.
- مخابراتي اسرائيلي : “يمكنني فهم أن الإسرائيليين ما كانوا ليمنحوا السعوديين معلومات حساسة لأنهم لا يثقون بقدرة السعوديين على حماية المصدر، وهذا من شأنه أن يخلق مشكلة خطيرة في التجسس المضاد”.
- مخابراتي اسرائيلي “الإسرائيليون من الطراز العالمي والخليجيون ليسوا كذلك. ولن يدخل الإسرائيليون في علاقة ما لم يحصلوا على بعض الأرباح المناسبة”.
توجه رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، في منتصف فبراير 2019، إلى وارسو لحضور مؤتمر استثنائي للغاية. إذ التقى، تحت رعاية نائب الرئيس الأميركي مايك بنس، بوزراء خارجية المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، ودولتين خليجيتين أخريين لا تربطهما أي علاقات دبلوماسية بإسرائيل. وكان الهدف الرئيسي للقاء هو احتواء إيران، ولم يحضر أي فلسطينيين. كانت تتسم معظم الروابط القائمة بين إسرائيل ودول الخليج بالسرية، إلا أن هذه المحادثات لم تكن كذلك. إذ سرّب مكتب نتنياهو فيديو لجلسة مغلقة، مما أحرج المشاركين العرب.
أعلن الاجتماع للعامة الحقيقة المتمثلة، والتي حرص نتنياهو جداً على إعلانها، في أن إسرائيل تحظى بنوع ما من القبول من أغنى الدول في العالم العربي -حتى ولو كانت احتمالات حل المشكلة الفلسطينية القائمة حتى الآن في أدنى مستوياتها على الإطلاق-. كان هذا التقارب غير المسبوق مدفوعاً بشكل رئيس بالعداء المشترك لإيران، والسياسات المربكة الجديدة لدونالد ترامب.
كان العداء لإسرائيل سمة مميزة للمشهد الجيوسياسي في الشرق الأوسط منذ إعلان دولة إسرائيل عام 1948 وما رافقها من طرد ونزوح أكثر من 700000 فلسطيني- فيما يسميه العرب بالنكبة-. تلاشى، بمرور السنوات، التضامن العربي، ومقاطعة “الكيان الصهيوني” لحد كبير. وكانت آخر حرب بين إسرائيل والعرب عام 1973. ورغم أن معاهدات السلام بين مصر والأردن وإسرائيل لم تحظ بشعبية إلا أنها استمرت لعقود. وكان اتفاق أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993 إنجازاً تاريخياً- رغم كونه مخبياً للآمال-. وما يحدث الآن مع دول الخليج هو تحوّل مهم للغاية.
تتزايد الأدلة على وجود علاقات وثيقة ومتنامية بين إسرائيل وخمس من الست دول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، والتي لا ترتبط أي منها بعلاقات رسمية مع الدولة اليهودية. أبرز ترامب هذا التغيير المتسارع في أول رحلة خارجية له كرئيس -إلى العاصمة السعودية الرياض- عن طريق السفر بعدها مباشرة إلى تل أبيب. وتلاشت الآمال، منذ ذلك الحين، في الحصول على مساعدة السعوديين في “صفقة القرن” المُروج لها بكثافة على أنها ستُنهي الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. لكن نتنياهو يسعى، حتى الآن، لتطبيع العلاقات مع السعودية. وحتى أن هناك تكهنات حول عقد لقاء علني بينه وبين محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي الذي ألقى اللوم عليه على نطاق واسع في القتل الوحشي للصحفي جمال خاشقجي في أكتوبر الماضي. ستكون هذه لحظة مثيرة ومثيرة للجدل لأبعد حد، والتي يشير السعوديون بشكل محموم إلى أنها لن تحدث. ومع ذلك، فإن اللقاء مع نتنياهو في وارسو تجاوز كل ما حدث من قبل. الشاذ أصبح طبيعيا.
كان الدافع الأصلي لهذه العلاقات المتطورة بين إسرائيل ودول الخليج هو الكراهية المشتركة لباراك أوباما. إذ أغضب السعوديين والإماراتيين وأزعج إسرائيل في السنوات الأولى من الربيع العربي، بتخليه عن الرئيس المصري حسني مبارك، ثم عبر عن تأييده للانتفاضة الشعبية في سوريا ودعا بشار الأسد إلى الاستقالة. وكانت إسرائيل ومعظم دول الخليج من أشد المعارضين لتوقيع الاتفاقية النووية التي أجرتها الولايات المتحدة مع إيران عام 2015. وفي سبتمبر من ذلك العام، كان تدخل روسيا العسكري في سوريا بمثابة بداية نهاية الأزمة بالنسبة للأسد. كان دعم طهران الثابت لحليفتها في دمشق، ودعمها لحزب الله في لبنان – “محور المقاومة” لإيران – يُنظر إليه بوصفه مثيرا للاشمئزاز في القدس والرياض وأبوظبي.
أخبرني أحد كبار المسئولين السعوديين أن” السعودية وإسرائيل كرهتا إدارة أوباما لأنها تجاهلتهما”، وقد قدم مسؤول إسرائيلي مخضرم الحجة نفسها قائلاً “كان هناك شعور بأننا ننظر إلى إدارة أمريكية ليست ملتزمة بأصدقاء أمريكا التقليديين. كان لدينا سبب مشترك لأننا شعرنا بأننا قد تُركنا لندافع عن أنفسنا. وعن غير قصد، أسهم أوباما بشكل كبير في تعزيز العلاقات بيننا وبين الإمارات والسعودية”.
تعد خطة نتنياهو الجريئة هي تعزيز العلاقات مع الخليج وخارجه، وبالتالي تهميش الفلسطينيين والضغط عليهم. إذ قال بصيغة مصقولة بعناية “ما يحدث مع الدول العربية لم يحدث قط في تاريخنا، حتى عندما وقعنا اتفاقيات السلام”، وأن “التعاون الذي يتم بطرائق مختلفة وعلى مستويات مختلفة ليس بالضرورة أن يكون ظاهراً للعيان، ولكن التعاون غير الظاهر هو أكبر بكثير من أي فترة أخرى”. وكما قال دور جولد، مستشار الأمن القومي السابق لنتنياهو، وهو يشرح مبتسماً، هذه الكلمات “تمت صياغتها بعناية فائقة لإعطاء رسالة إيجابية دون كشف الأسرار”.
تعد أولوية السعوديين وحلفائهم هي مقاومة إيران، التي عززت، في السنوات القليلة الماضية، من موقعها في العراق وسوريا ولبنان واليمن، حيث تدعم المتمردين الحوثيين. وقد وصف محمد بن سلمان المعروف، آية الله علي خامنئي، القائد الأعلى لإيران، بأنه “هتلر جديد”.كما قارن نتنياهو اتفاق أوباما النووي باتفاق ميونيخ لعام1938 والذي حدث بين ألمانيا النازية، وبريطانيا وفرنسا وإيطاليا، وبعد أن أهمل ترامب ذلك الملف في الصيف الماضي، أشار نتنياهو إلى استعداد إسرائيل للانضمام إلى “تحالف دولي”ضد طهران. يقول أحد المحللين الإماراتيين: “لقد نشأنا ونحن نرى إسرائيل كعدو محتل لدول عربية”، “الحقيقة الآن هي أن الإسرائيليين موجودون سواء أحببنا ذلك أم لا. ولدينا مصالح مشتركة معهم – وهي متعلقة بإيران، والمصالح المشتركة، وليس المشاعر”.
هناك أيضًا اعتراف عملي في عواصم الخليج بفوائد الروابط الأمنية والتكنولوجية والاقتصادية مع إسرائيل القوية وغير المعادية لهم حالياً، ليس فقط لأجل مصلحتهم الخاصة، ولكن أيضًا بسبب موافقة الولايات المتحدة على بعض الأشياء مقابل ذلك. ترى إسرائيل أن العلاقات مع الخليج وسيلة مهمة لإظهار نفوذها في واشنطن. يقول إيران ليرمان، النائب السابق لرئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي: “من المشكوك فيه أن تستمر إمكانية منح المعونات (الأمريكية) للدول العربية دون دعم أيباك (اللوبي المؤيد لإسرائيل) والمنظمات اليهودية”.
لا يعني أي من هذا أن القضية الفلسطينية قد اختفت. إذ تظل كلمة “تطبيع”العلاقات مع إسرائيل كلمة قذرة بالنسبة لملايين العرب، ولهذا السبب يخشى قادة الخليج المستبدين من المعارضة الشعبية لصداقتهم الجديدة مع نتنياهو. رسمياً، تظل كل دولة من دول مجلس التعاون الخليجي ملتزمة بمبادرة السلام العربية لعام 2002، والتي تقدم اعترافًا بإسرائيل مقابل قيام دولة فلسطينية في الأراضي التي احتُلت عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية. لكن حتى هذا الاعتراف هو أكثر بكثير مما سيقبله نتنياهو، إذ لن يفكر إلا في دولة فلسطينية “ناقصة”، ويرفض علانية تفكيك المستوطنات غير القانونية التي تقسم الضفة الغربية إلى مقاطعات منفصلة. اشتكى العديد من منتقدي نتنياهو من الإسرائيليين -والغاضبين من اتهامات الفساد التي يواجهها مع اقتراب موعد الانتخابات في الشهر المقبل- من أنه يبالغ في كل من التهديد الإيراني وأهمية دبلوماسيته مع دول الخليج، بينما يتجاهل تمامًا الأزمة الوجودية الموجودة بالقرب من إسرائيل- وهي الفشل المستمر في صنع السلام مع الفلسطينيين.
لم يكن لقاء نتنياهو مع السعوديين والإماراتيين في وارسو أول لمحة عامة مثيرة للاهتمام عن هذا الواقع المتغير في الشرق الأوسط. إذ أجرى رئيس الوزراء الاسرائيلي، في أكتوبر الماضي، محادثات في مسقط، عاصمة عمان، مع حاكمها السلطان قابوس بن سعيد. وزار زميله في حزب الليكود، وزير الثقافة والرياضة ميري ريجيف، أبوظبي في الإمارات العربية المتحدة، بينما كان الرياضيون الإسرائيليين، في الوقت نفسه يتنافسون في الدوحة في قطر.
تضمنت أخبار رحلة نتنياهو لمسقط لقطات فيديو لمحادثاته في قصر بيت البركة المزخرف. إذ شوهد رئيس الوزراء، في حلة زرقاء وربطة عنق، يتبادل المجاملات مع السلطان، الذي كان يرتدي عمامة وثوب أبيض تقليديا. كانت سارة، زوجة رئيس الوزراء الإسرائيلي، هناك مع أعضاء آخرين من وفده، ومنهم ذلك الرجل الهادئ متوسط العمر والذي يدعى يوسي كوهين، والذي يشغل منصب رئيس جهاز المخابرات الاسرائيلي “الموساد”.
بكت ريجيف أمام الكاميرات في أبوظبي، أثناء مشاركة أكبر فريق جودو إسرائيلي في البطولة، عندما عُزف الهاتيكفاه، النشيد الوطني لإسرائيل (والذي تدور كلماته العبرية حول الحنين لصهيون). وقامت، في وقت لاحق، بجولة في مسجد الشيخ زايد الفخم، احتفالاً بذكرى مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة، الداعم المخلص للقضية الفلسطينية. وقد عززت هاتان الزيارتانالوزاريتان الإسرائيليتان لعواصم الخليج بقوة الانطباع بوجود تغييرات جذرية في تحالفات المنطقة.
لكن كان هناك تذكير بمخاطر رد الفعل العكسي مع انتشار أخبار زيارة نتنياهو لعمان. إذ قُتل ستة فلسطينيين وجُرح 180 على أيدي قناصة الجيش الإسرائيلي على حدود قطاع غزة، حيث تتحدى الاحتجاجات الأسبوعية الآن الحصار الذي تفرضه إسرائيل على القطاع منذ عام 2007.
تذمر الناشط الفلسطيني كمال حواش من قيام “إخواننا العرب (الخليجيين) بطعننا في ظهورنا وصدورنا، إذ تخلوا عنا سياسياً بينما يرحبون بإسرائيل”.قائلاً “يمكن أن ترفرف الأعلام الإسرائيلية قريبًا في سماء بعض دول الخليج، بينما يضغطون على القيادة الفلسطينية لقبول صفقة” سلام “غير مقبولة”. وأضاف “صور نتنياهو-زعيم الفصل العنصري القمعي، والملطخة يداه بدماء الكثير من الفلسطينيين والعرب- المبتسم بابتهاج أثناء ترحيب سلطان عمان المريض به مثيرة للغثيان”.
في الواقع، لم يكن نتنياهو أول زعيم إسرائيلي يزور مسقط. إذ التقى رئيس الوزراء العمالي إسحاق رابين بـ قابوس عام 1994، وكذلك خليفته شمعون بيريز. ولكن كانت تلك الزيارات في منتصف تسعينيات القرن الماضي، إذ كانت إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية بزعامة ياسر عرفات يناضلون من أجل عملية السلام في أوسلو، وإن كانت معيبة ومتعثرة بالفعل. وقد حدثت تلك الزيارات أثناء وجود احتمال أنه -من الممكن تقريبًا- الإيمان بنهاية سعيدة لأكثر صراعات العالم صعوبة. أما في الوقت الحالي، وعلى النقيض من ذلك، لم تجر أي محادثات سلام بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية منذ عام 2014، بعدما انسحبت إدارة أوباما أخيرًا معلنةً هزيمتها. لذا فالفارق كبير جدا.
لكن على الرغم من هذه اللمحات العلنية التي ظهرت مؤخراً، إلا أن الأدلة القوية على وجود روابط إسرائيلية مع دول الخليج لا تزال نادرة- لأنها تظل مخفية بشكل عام.
تظهر الروابط بشكل أوضح مع دولة الإمارات العربية المتحدة، إذ تتمتع إسرائيل، بشكل فريد، بوجود دبلوماسي رسمي في مقر الوكالة الدولية للطاقة المتجددة في أبوظبي- على الرغم من تأكيد كلا البلدين على عدم وجود علاقات ثنائية بينهما. عقد أفي جاباي، زعيم حزب العمل المعارض، محادثات هناك في ديسمبر الماضي. يُعتقد أن نتنياهو التقى القادة الإماراتيين في قبرص عام 2015لمناقشة كيفية التعامل مع إيران. لكن الاتصالات السرية بين البلدين كانت روتينية منذ منتصف التسعينيات والتي تم تسجيل بعضها في البرقيات الدبلوماسية الأمريكية التي نشرتها ويكيليكس. وقد أشار دبلوماسي إسرائيلي عام 2009 إلى أن الإماراتيين “يؤمنون بدور إسرائيل بسبب إدراكهم للعلاقة الوثيقة بين اسرائيل والولايات المتحدة وأيضاً بسبب شعورهم بأن بإمكانهم الاعتماد على إسرائيل ضد إيران”، مضيفًا أن عرب الخليج عمومًا “يؤمنون بأن إسرائيل يمكنها فعل العجائب”.
عانت هذه العلاقات “غير الظاهرة”من نكسة خطيرة عام 2010 عندما اغتال فريق من الموساد ضابط حماس محمود المبحوح في أحد فنادق دبي. كان المبحوح هو منسق حماس لشراء الأسلحة من إيران. وبسبب اغتياله منع الإماراتيون أي شخص يُعرّف بأنه إسرائيلي من دخول البلاد، حتى لو كان مسافراً بجواز سفر أجنبي. ولكن لم يمض وقت طويل قبل استئناف الروابط الدبلوماسية والتجارية المتحفظة بين البلدين. قال رجل أعمال إسرائيلي يتخذ من سويسرا مقراً له: “في مثل هذه الحالات، تقوم ببساطة بخفض رأسك والانتظار حتى ينتهي كل شيء”. كما تحدث الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز، عام 2013، من القدس عبر الأقمار الصناعية إلى وزراء خارجية 29 دولة من الدول العربية والإسلامية المشاركة في مؤتمر أبوظبي.
شارك الإسرائيليون بهدوء في مناورات عسكرية مشتركة مع القوات الإماراتية، في كل من الولايات المتحدة واليونان، اعتبارًا من عام 2016.وزار، في العام الماضي، أفراد من الجيش الإماراتي قاعدة جوية إسرائيلية لمراجعة العمليات العسكرية للطائرات الحربية الأمريكية من طراز F-35، إلا أن إسرائيل أنكرت هذا الأمر. كما يُعتقد أن التعاون السري بين البلدين يتضمن مراقبة المخابرات الإسرائيلية لإيران وبيع الطائرات بدون طيار الإسرائيلية المستخدمة في حرب اليمن.
جاء أوضح دليل على تداخل المصالح بين الخليج وإسرائيل في تصريحات عامة من مسؤولين خليجيين. ففي مملكة البحرين، حيث تضطهد مملكة آل خليفة السنية الأغلبية الشيعية وسحقت الاحتجاجات من خلال التدخل السعودي في عام 2011، واجه وزير الخارجية إدانة العام الماضي عندما تحدث عن حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها بعد إطلاق الصواريخ الإيرانية من سوريا. إذ انفجر معارضو التطبيع غاضبين على وسائل التواصل الاجتماعي العربية. ولكن في أواخر عام 2017، عندما أعلن ترامب عن القرار المثير للجدل بنقل السفارة الأمريكية في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس، غرّد وزير الخارجية البحريني قائلاً: “ليس مفيداً اختيار القتال مع الولايات المتحدة حول قضايا جانبية بينما نحارب معاً الخطر الحالي لجمهورية فاشية الإسلامية”. كما تسري شائعات بأن عاصمة البحرين، المنامة، قد تكون وجهة نتنياهو الخليجية التالية.
لطالما تصرفت قطر، المنشقة عن شبه الجزيرة، بشكل أكثر استقلالية، وأصبحت أكثر استقلالية منذ أن فرض تحالف يضم المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين ومصر حصارًا عليها في عام 2017، للضغط عليها بسبب دعمها للجماعات الإسلامية وتصورها المتسامح مع إيران. لكن في السنوات القليلة الماضية، لعبت الدوحة دوراً علنياً متنامياً في التوسط بين إسرائيل وحماس، التي تسيطر على غزة، مع قيام مبعوث قطر بتسليم حقائب مليئة بملايين الدولارات نقدًا لدفع الرواتب الرسمية وتخفيف الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة الناتجة عن حصارها من قبل إسرائيل. تنتقد السلطة الفلسطينية، التي تسيطر على الضفة الغربية، قطر لقيامها بإضفاء الشرعية على حماس، منافستها الإسلامية.
أصبحت علاقة سلطنة عمان سيئة مع السعوديين والإماراتيين لأنها كانت دوماً على علاقات ودية مع إيران، مما أثار تكهنات بأن رحلة نتنياهو كانت تهدف إلى إرسال رسالة إلى طهران. ومع ذلك، تعتقد المصادر العمانية أن دعوة السلطان كانت تتعلق بالإعلان عن اعتماده المؤيد لإسرائيل والموجه لواشنطن، إذ يشك فريق ترامب للأمن القومي، والمعروف بتشدده، بعلاقات عمان مع الجمهورية الإسلامية. وصرّح وزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف، في وقت لاحق أنه قد حُذر مقدمًا من رحلة نتنياهو واتهم إسرائيل بمحاولة إحداث خلاف في الخليج.
الخوف من إيران، قبل كل شيء، هو ما جمع إسرائيل ودول الخليج معًا. تعود الريبة في طهران إلى الثورة الإيرانية عام 1979، لكنها اشتدت في العقدين الماضيين. إذ جاء الاجتياح الذي قادته الولايات المتحدة للعراق عام 2003 -والذي زاد بشكل كبير من نفوذ إيران في المنطقة عن طريق إزالة عدوها العتيد، نظام صدام حسين الذي يهيمن عليه السنة- بعد عام من كشف منشأة سرية لتخصيب اليورانيوم ليدل أن إيران لم تتخل عن طموحاتها النووية. أدى ذلك إلى زيادة التركيز على تطلعات الجمهورية الإسلامية الإقليمية، بما في ذلك تهديدها المحتمل لاحتكار إسرائيل غير المعلن لبرنامج نووي.
حذر العاهل الأردني الملك عبد الله، في 2004، من ظهور “هلال شيعي” يمتد من دمشق إلى طهران عبر بغداد، بعد تمكين الغالبية الشيعية في العراق عبر إزاحة صدام. وفي 2005 ورّط اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري سوريا ومنظمة حزب الله الشيعية المدعومة من إيران. وفي يناير 2006، التقى بشار الأسد بالرئيس الإيراني المتشدد محمود أحمدي نجاد. وفي ديسمبر 2005، في قمة منظمة التعاون الإسلامي في مكة، استخدم أحمدي نجاد خطابه لإنكار الهولوكوست- والذي وصفه أحد المراقبين بأنه “تصرف وقح ليدل على تفوقه، بعد أن ترك آل سعود محرجين وغير قادرين على الرد”.
كانت نقطة التحول الرئيسية هي حرب 2006 بين إسرائيل وحزب الله. إذ أصبح الصراع الذي استمر 34 يومًا بمثابة تغييرا في الديناميات الإقليمية. أدانت الرياض توغل حزب الله لإسرائيل واختطاف جنديين إسرائيليين، واصفةً إياه بأنه ليس “مقاومة مشروعة” بل “مغامرة خاطئة”. ويتذكر دانييلكورتزر، الذي كان سفيراً للولايات المتحدة في إسرائيل حتى العام السابق، أن “السعوديين والإسرائيليين كانت لديهم مصلحة مشتركة في التعامل مع حزب الله وإيران ككارثة خطيرة”. انتقد رجال الدين المقبولون من النظام السعودي حزب الله رسمياً، في حين قام معارضو حكام المملكة العربية السعودية “باستغلال الحرب لتسليط الضوء على الحذر، والجمود، وعدم التقوى، وفي بعض الحالات عدم شرعية النظام السعودي” كما خلصت دراسة لاحقة. في أغسطس، أهان الأسد حكام المملكة العربية السعودية ومصر والأردن باعتبارهم “نصف رجال” بسبب عدائهم للميليشيات اللبنانية.
ازدادت، بعد ذلك، كثافة العلاقات الدبلوماسية السرية بين إسرائيل والدول العربية الموالية للغرب. إذ سافر رئيس الوزراء الإسرائيلي، إيهود أولمرت، في منتصف سبتمبر 2006، إلى العاصمة الأردنية عمّان، للقاء الأمير بندر بن سلطان، السفير السعودي منذ فترة طويلة في واشنطن العاصمة، والمعروف باسم “بندر بوش” بسبب صلاته الوثيقة بـ الأسرة الرئاسية. والذي كان حتى وقت قريب مستشار الأمن القومي للملك عبدالله. وبالعودة إلى الرياض، غضب السعوديون عندما تسربت أنباء عن الاجتماع – كما أخبرني مسؤول مخابرات إسرائيلي كبير سابق – ونفوا أن يكون قد حدث. علنًا، قال أولمرت فقط إنه “أعجب بشدة بالتحركات والبيانات المختلفة الخاصة بالسعودية”. ولم يشر إلى مقابلة بندر حتى عندما نشر مذكراته بعد عقد من الزمن. (ما زالت علاقات إسرائيل السرية مع الدول العربية تعتبر قضية أمن قومي من قبل سلطات الرقابة العسكرية على المطبوعات وتقوم لجنة وزارية بمراجعة المطبوعات التي ينشرها المسؤولون الحاليون والسابقون والسياسيون).
كان من بين اللاعبين الأساسيين في الجانب الإسرائيلي رئيس الموساد، مائير داغان، الذي يُنسب إليه وضع استراتيجية بناء تحالف استباقي مع العرب وغيرهم من الشركاء، جزئيًا كوسيلة لتمكين إسرائيل من اغتيال العلماء الإيرانيين وتخريب البرنامج النووي لطهران. قال ديفيد ميدان، الذي كان يدير قسم الموساد الدولي “كانت إسرائيل ودول الخليج في القارب نفسه”.
قال مسؤول استخبارات سابق متعجباً “فجأة كان الموساد يدرس الفارسية”. كانت هناك تقارير في هذا الوقت تقريبًا عن عقد اجتماع في منتجع العقبة الأردني المطل على البحر الأحمر بين داغان وبندر ورئيس المخابرات الأردنية، الذين قرروا “بناء وتعجيل عمليات تبادل المعلومات الاستخباراتية” لمواجهة التهديدات الإيرانية. وربما كان الوجود الواضح لخليفة داغان، يوسي كوهين – الملقب بـ “الموديل” بسبب بدلاته العصرية- إلى جانب نتنياهو في مسقط في أكتوبر الماضي يهدف إلى إرسال إشارة غير دقيقة إلى الإيرانيين حول وصول إسرائيل الاستخباراتي إلى عواصم الخليج.
أخبرني أحد الدبلوماسيين الإماراتيين السابقين أن التهديد الإيراني اليوم كان له تأثير موحد – إذ وحّد إسرائيل مع دول الخليج- مقارنة بغزو صدام حسين للكويت عام 1990، والذي أدى لتواجد عسكري أمريكي في المملكة السعودية، وهو الأمر الذي لم يكن مقبول مسبقاً. وقال الدبلوماسي السابق: “لولا القضية الفلسطينية، لكانت هذه العلاقة مع إسرائيل علنية جداً، وستكون موضع ترحيب كبير، لأننا نحتاج إلى معداتهم العسكرية وتقنياتهم التكنولوجية”.
أما جمال السويدي، مؤسس مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية الذي تدعمه الحكومة، فقال بصراحة: “لم تعد القضية الفلسطينية في طليعة اهتمامات العرب، كما كانت منذ عقود طويلة؛ لقد فقدت الأولوية بشكل كبير في ضوء التحديات والتهديدات والمشاكل التي تواجهها بلدان المنطقة”. وأضاف كذلك، أن مسألة إسرائيل لا تقارن بـ”التهديدات التي تشكلها.. إيران وحزب الله والجماعات الإرهابية”.
لا يزال هناك خلاف مسموع في الخليج حول التقارب المتنامي مع إسرائيل. إذ يقول عبد الخالق عبد الله، العالم السياسي بدبي، مصراً “أنا ضد التطبيع” مضيفاً “أنا ضد إسقاط القضية الفلسطينية لأن الآخرين يستفيدون منها سياسيا، وعلى الرغم من أن فلسطين ليست هي القضية رقم واحد، إلا أنها لا تزال مشكلة – في القلب ربما ولكنها لا تمثل مشكلة كبيرة في العقل”. ومع ذلك، يُمكن العثور على لمحة من أولويات الإمارات إن تابعت ضوابط الدولة الصارمة المفروضة على وسائل الإعلام، إذ ستجد أن مواقع الأخبار التابعة لقطر وإيران يتم حظرها، لكن المواقع الإسرائيلية غير محظورة.
اجتمعت دول الخليج وإسرائيل بسبب الازدراء المشترك إيران كما جمعهم، إضافة لذلك، العداء المشترك للأحزاب الإسلامية. إذ تقوم وسائل الإعلام العربية والإنجليزية المرتبطة بالإخوان المسلمين وتركيا وقطر بشكل روتيني بكشف وفضح روابط الإمارات مع إسرائيل. وتعد الجزيرة (قطر)مصدراً مهمًا لهذه القصص، وكذلك موقع ميدل إيست آي في لندن. ويرد الإماراتيون بتذكيرهم بأن أول مهمة إسرائيلية في الخليج على الإطلاق تم افتتاحها فعليًا في قطر، في شهر عسل ما بعد أوسلو عام 1996. (تم إغلاق مكاتب التمثيل الإسرائيلية في قطر وسلطنة عمان بعد اندلاع الانتفاضة الثانية، أو الانتفاضة الفلسطينية، عام 2000، لكن العلاقات السرية استمرت).
لم يتم الإعلان عن العديد من التطورات الهامة في العلاقة المتنامية بين إسرائيل ودول الخليج لأنها تلثمت بمواقف عامة مناقضة – وأحيانًا بأكاذيب صريحة. في ديسمبر 2008، عندما قُتل حوالي 1400 فلسطيني في غزة في عملية الرصاص المصبوب التي شنها الجيش الإسرائيلي، انتقد السعوديون إسرائيل علانية. بعد ذلك بوقت قصير، بدا أن الرياض قد أذعنت للقيام بالمزيد من الأعمال العسكرية الإسرائيلية ضد حماس، والتي جاءت على شكل غارات جوية على قوافل الأسلحة الإيرانية في السودان والتي كانت في طريقها إلى غزة. أظهرت البرقيات الأمريكية المسربة أن الإسرائيليين شنوا حملة دبلوماسية لوقف تسليم الأسلحة. وعندما فشلوا في ذلك، شنوا غارات بعيدة عبر البحر الأحمر وصولاً إلى السودان في أوائل عام 2009، لكنهم أخطروا السعوديين مسبقًا، وفقًا لمصادر مطلعة.
كان، في ذلك الوقت، ووفقًا لنائب رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي، “يتعاون كبار المحترفين في مجالي الاستخبارات والأمن من إسرائيل ودول الخليج”. وتؤكد المصادر نفسها، كما أُعلن من حين لآخر ولكن تم نفي تلك المعلومات رسميًا، بشكل دائم، بأن السعوديين وافقوا على غض الطرف عن رحلات سلاح الجو الإسرائيلي عبر أراضيهم في حالة حدوث ضربة إسرائيلية على المنشآت النووية الإيرانية، قبل التخلي عن الفكرة بسبب معارضة أوباما عام 2012.
تقدّر التجارة الإسرائيلية مع دول الخليج حالياً بمليار دولار سنوياً، على الرغم من عدم توفر إحصاءات رسمية من كلا الجانبين. ومع ذلك، فإن الاحتمالات هائلة – في مجال التكنولوجيا وخاصة الأمن السيبراني، والري، والإمدادات الطبية، وصناعة الماس، من بين أمور أخرى، وقد يصل حجم التجارة بينهم إلى 25 مليار دولار سنويًا، وفقًا لدراسة جديدة مفصلة.
يسافر رجال الأعمال الإسرائيليون الذين يستخدمون جوازات سفر أجنبية بانتظام إلى الإمارات العربية المتحدة، عادةً على متن رحلات تجارية عبر عمّان. إذ يقول المندوب الإسرائيلي لشركة متعددة الجنسيات يسافر إلى الدول العربية بجواز سفر من الاتحاد الأوروبي: “هناك كم ضخم من التجارة يتم بين إسرائيل ودول الخليج”.
قدمت شركة AGT International، والمملوكة للإسرائيلي ماتي كوتشافي، أسواراً إلكترونية ومعدات مراقبة بقيمة 800 مليون دولار لحماية الحدود الإماراتية وحقول النفط. ووصف المسؤولون الإماراتيون هذا الأمر بأنه قرار غير سياسي تم بدافع حماية مصالح الأمن القومي. وفي عام 2014، تصدرت العناوين الصحفية جريدة هاآرتس عندما رصدت لأول مرة رحلة أسبوعية خاصة غامضة من تل أبيب، عبر عمّان، إلى دبي. يتم الإعلان، هذه الأيام، عن الرحلات الجوية المباشرة بين الخليج وإسرائيل على وسائل التواصل، على الرغم من أنها لا تزال غير معروفة بشكل علني. وتعمل الشركات الإسرائيلية في الإمارات العربية المتحدة عبر شركات مسجلة في أوروبا. ويتم إنتاج سندات الشحن من بلد وسيط، غالبًا الأردن أو قبرص.
مثل الإماراتيين، قام السعوديون بإشراك الشركات الإسرائيلية بهدوء، لا سيما في المجال الأمني. إذ عملت إحدى الشركات الإسرائيلية كمقاولفرعي- تعاقدت من الباطن- لبناء الجدار عالي التقنية الذي شيدته عام 2014 شركة الدفاع الأوروبية العملاقة EADSعلى طول حدود المملكة مع العراق، وفقًا لما كشفه أحد كبار المخضرمين في مؤسسة الدفاع الإسرائيلية في مقابلة.
في عام 2012، عندما انتهك المتسللون نظام الكمبيوتر الخاص بشركة أرامكو السعودية، شركة النفط الوطنية، تم استدعاء الشركات الإسرائيلية. وقيل إن إسرائيل باعت طائرات بدون طيار إلى المملكة العربية السعودية عبر جنوب إفريقيا، لكنها أنكرت أنها باعت نظام “القبة الحديدية”للدفاع عن المملكة من الهجمات الصاروخية من قبل المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن. وفي عام 2018، سمح المراقبون العسكريون لوسائل الإعلام الإسرائيلية بالإعلان عن أن رؤساء الأركان الإسرائيليين والسعوديين التقوا في مؤتمر واشنطن لقادة الجيوش الحليفة للولايات المتحدة. وأنكر السعوديون القصة.
لا يزال التعاون الاستخباراتي بين إسرائيل ودول الخليج أكثر سرية – على الرغم من أن السياسيين والمسؤولين الإسرائيليين يشيرون إليه في بعض الأحيان. إذ تصدرت تصريحات رئيس أركان الجيش الإسرائيلي عناوين الصحف، عام 2017، عندما عرض تبادل المعلومات الاستخباراتية بشأن إيران مع المملكة العربية السعودية – مشيرًا إلى أن كلا البلدين تتشاركان في “العديد من المصالح المشتركة”. وتؤكد المصادر الغربية وجود مثل هذا التعاون. إذ قال دبلوماسي أمريكي سابق رفيع المستوى: “قد التقى رجال المخابرات الإسرائيلية الذين ذهبوا إلى هذه الدول مع قادتها”، مضيفاً “يعرف كل منهما الآخر جيدًا إلى حد ما”. كما أفادت التقارير أن هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية الأولى لأوباما، “عرفت أن الإمارات والسعودية تعملان … خلف الكواليس مع الموساد لمواجهة النفوذ الإيراني”.
يقول متحدثون سعوديون غير رسميين أن التعاون مع إسرائيل يقتصر على موضوعي إيران ومكافحة الإرهاب – ويرتابون في أن الإسرائيليين يبالغون في مدى هذه العلاقات لأغراض دعائية. كتلك التغريدة التي نشرها أحد صحفي سعودي يتمتع بروابط جيدة، والتي جاء بها الرفض النموذجي لمثل هذه العلاقة إذ قال: “أصبح صنم التعاون الغير موجود بين #السعودية/ دول مجلس التعاون الخليجي و #إسرائيل توجهاً عاماً في دوائر الإعلام الغربية / دوائر التفكير”. إلا أن الحكومات الأجنبية المقربة من كلا البلدين تعتقد بوجود خط ساخن للطوارئ بين كلا البلدين وأنهما على اتصال منتظم. إذ يقول مصدر مخابرات غربي: “هناك الآن تواصل بين الإسرائيليين والسعوديين”. مضيفاً “لديك بشكل فعال ذلك النوع من العلاقات الأمنية التي تتواجد بين الدول عندما تتقاسم الحدود. هناك أمور عملية تحتاج إلى ترتيب، لذا ينتهي بك المطاف بالقيام بعلاقة روتينية يمكن أن تخلق اتصالًا أكبر أهمية، وتوقعات استراتيجية أكثر من كلا الجانبين”.
إنه سر معروف إلى حد ما. في عام 2013،التقى بندر بن سلطان، والذي كان يدير الاستخبارات العامة السعودية آنذاك، برئيس الموساد، تامير باردو، في لقاء وصفه مصدر بريطاني كبير بأنه “عشاء طويل مليء بالخمور” في أحد فنادق نايتسبريدج. “لم يكن هناك مثل هذا التعاون النشط بين البلدين من قبل، من حيث التحليل والمخابرات البشرية واعتراض إيران والحركات الموالية لها مثل حزب الله والحوثيين ووحدات التعبئة الشعبية العراقية”، حسبما ورد في نشرة إخبارية متخصصة في الشئون الاستخباراتية عام 2016. وقيل فيها إن المسؤولين السعوديين “في غاية السعادة مثل دمية البانش”. -وهي دمية إيطالية بشعة يتم تصويرها على أنها راضية عن نفسها وتسعد بأعمالها الشريرة-.
على الجانب السعودي، هناك شكاوى من أن العلاقة غير متكافئة. يقال، إن إسرائيل لا تستجب دوماً لطلبات الاستخبارات، حتى عند إرسالها من خلال الولايات المتحدة. وهناك دلائل بالفعل على وجود نقاش داخلي في إسرائيل حول قيمة الروابط مع المملكة. إذ لا تتوافق قدراتها في المراقبة المتطورة مع ما يقدمه السعوديون، سواء كان ذلك معرفتهم بالقبائل اليمنية أو القبائل العربية في محافظة خوزستان الإيرانية، وفقًا لإسرائيلي له باع طويل في التعامل مع الرياض.
لا يزال هناك نقص في الثقة بين الجانبين. يقول مخضرم آخر في المخابرات “يمكنني فهم أن الإسرائيليين ما كانوا ليمنحوا السعوديين معلومات حساسة لأنهم لا يثقون بقدرة السعوديين على حماية المصدر، وهذا من شأنه أن يخلق مشكلة خطيرة في التجسس المضاد”، وتابع “ليسوا شركاء طبيعيين. لديهم ثقافات استخبارية مختلفة جداً. الإسرائيليون من الطراز العالمي والخليجيون ليسوا كذلك. ولن يدخل الإسرائيليون في علاقة ما لم يحصلوا على بعض الأرباح المناسبة”.
عزز وصول ترامب للبيت الأبيض من الروابط المتنامية بين إسرائيل والخليج- على الرغم من أن الخطط الأمريكية المبكرة لعقد اجتماع بين نتنياهو ومحمد بن سلمان السعودي وولي العهد الإماراتي، محمد بن زايد، لم تتحقق. لكن الاتجاه كان واضحا بالفعل في عهد أوباما. وقد تضاعفت بوادر تعميق العلاقات السعودية الإسرائيلية عندما ارتقى الملك سلمان العرش عام 2015، وتعمقت أكثر منذ أن تم ترشيح محمد بن سلمان- والذي جمعت المخابرات الاسرائيلية كافة المعلومات عنه بناء على أوامر نتنياهو – لولاية العهد.
وأعطت اسرائيل، في عام 2016، الضوء الأخضر لمصر لتنقل إلى المملكة العربية السعودية ملكية جزيرتي تيران وصنافير الواقعتان في البحر الأحمر، عند مصب خليج العقبة. ودعا رجل الضغط سعودي – اللوبي السعودي -سلمان أنصاري، إلى “تحالف تعاوني”مع إسرائيل لمساعدة محمد بن سلمان في مخطط رؤية عام 2030للإصلاح الاقتصادي والتنويع. وقال إن كلا البلدين يواجهان “تهديدات مستمرة من الجماعات المتطرفة … مدعومة مباشرة من قبل الحكومة الاستبدادية في إيران”.وقد اجتذب مشروع مدينة نيوم البالغ قيمته 500 مليار دولار، بالقرب من حدود الأردن ومصر وإسرائيل، اهتمامًا إسرائيليًا قويًا. ليصبح مضيق تيران، الذي حاصره الرئيس المصري جمال عبد الناصر الذي شن حرب 1967، الآن أمام مستقبل أكثر إشراقاً، يعكسه وصف المعلق عبد الرحمن الراشد “حيث يسود السلام والازدهار”.
قوبل قرار ترامب المثير للغضب بنقل السفارة الأمريكية في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس، في ديسمبر 2017، والذي انتهك إجماعًا دوليًا طويل الأمد، في البداية برد خفيف في الرياض. وناقش صهره جاريد كوشنر مع محمد بن سلمان “الصفقة النهائية” للرئيس لحل النزاع الإسرائيلي الفلسطيني.وتشير التسريبات اللاحقة إلى وجود دور رئيس للسعوديين في الضغط على الفلسطينيين. وعندما قام ولي العهد برحلة مدتها ثلاثة أسابيع إلى الولايات المتحدة في الربيع الماضي، نقل إشارات أوضح عن نواياه تجاه إسرائيل، وقال لحلف شمال الأطلسي إنه يجب على الفلسطينيين قبول خطة ترامب أو “الصمت والتوقف عن الشكوى” حول قضية لم تعد أولوية مقارنة بمواجهة إيران. كما اعترف محمد بن سلمان صراحة بالمطالبات اليهودية بدولة إسرائيل، وأعلن ذلك قائلاً:”أعتقد أن للفلسطينيين والإسرائيليين الحق في امتلاك أرضهم”. ولذلك أحرق المتظاهرون الفلسطينيون في غزة صورًا لأفراد العائلة المالكة السعودية.
كبح الملك السعودي، على غير العادة، جماح ابنه محمد بن سلمان. إذ أعلن سلمان في أبريل 2018، في قمة الجامعة العربية في الظهران، أنه سيتم تسمية القمة “قمة القدس”.وكما أوضح دبلوماسي عربي كبير “في المملكة العربية السعودية، الملك هو الذي يقرر هذه القضية الآن، وليس ولي العهد”. وكان استئناف المساعدات المالية السعودية للسلطة الفلسطينية التي تعاني ضائقة مالية – والتي جاءت أيضًا استجابةً للدعم القطري لغزة التي تحكمها حماس – دليلاً آخر على ذلك.
كانت هناك، في الخلفية، علامات أخرى على المرونة السعودية، إذ سمحت السعودية، في مارس 2018، لأول مرة لرحلة جوية تجارية من دلهي إلى تل أبيب بعبور المجال الجوي السعودي. ولكن كان هناك شرط كبير. قال خبير أمني إسرائيلي “طلب كيري من السعوديين السماح لـ (شركة الطيران الإسرائيلية) العال بالطيران فوق أراضيهم”، “ومن حصل على إذن؟ شركة الطيران الهندية! يُظهر ذلك أن السعوديين يمكن أن يكونوا مرنين لكنهم لا يستطيعون خيانة الفلسطينيين، ليس لأنهم يحبونهم أو يثقون بهم، بل لأن خيانتهم ستمثل مشكلة لشعبهم والمؤسسة الدينية – وأيضًا بسبب موقفهم المواجه لإيران. ومع ذلك، لاءم ذلك رواية نتنياهو التي كان يروج لها بشغف، وهي أن العلاقات مع الدول العربية الرئيسة “تتحسن بشكل يفوق الخيال” بغض النظر عن القضية الفلسطينية. وفي يونيو، انضم مدير المخابرات السعودية خالد بن علي الحميدان إلى كوشنر ومبعوث ترامب جيسون جرينبلات، وكذلك يوسي كوهين من الموساد ونظرائه من السلطة الفلسطينية، والأردنية، والمصرية، في العقبة لمناقشة الأمن الإقليمي.
عانت هذه العلاقات الدافئة على نحو متزايد من ضربة قاصمة بقتل جمال خاشقجي في إسطنبول في أكتوبر عام 2018. ووسط الإدانة الدولية وتغيير ردود الفعل السعودية باستمرار، كانت الحكومة الإسرائيلية صامتة في البداية. وعندما تحدث نتنياهو بشأن القضية في نهاية المطاف، أعرب عن أسفه لهذا الحادث “المروّع”،لكنه قال محذراً إنه من الهام أن تبقى السعودية مستقرة – وهو مالم يزد أو ينقص عما قاله ترامب أيضاً. وقالت مصادر سعودية إن موقفه “موضع تقدير كبير” في الرياض. كما قيل إن مجتمع المخابرات الإسرائيلي يشعر بالقلق من تهور محمد بن سلمان. إذ كتب الخبير الأمني رونين بيرجمان: “دعونا نأمل أنه إذا أراد اغتيال الناس مرة أخرى – كما يقول قادة الحرس الثوري الإيراني – فسوف يستشير بعض الأشخاص ذوي الخبرة”. وذكرت صحيفة واشنطن بوست أن معدات المراقبة التي صنعتها شركة NSOالإسرائيلية هي التي استخدمت لتعقب الصحفي السعودي. وكان أحد كبار مساعدي محمد بن سلمان والذين تم إلقاء اللوم عليهم في عملية القتل هو المسؤول السعودي الأرفع مقاماً الذي زار إسرائيل (بحثًا عن أحدث تقنيات المراقبة)، وفقًا لصحيفة وول ستريت جورنال. وتم الكشف أيضًا أنه تم وضع ترتيبات جديدة للسماح لرجال الأعمال الإسرائيليين بزيارة المملكة بهدوء.
ومع ذلك، في العلن، لا تزال علاقة المملكة العربية السعودية بإسرائيل حذرة ومتحفظة. إذ ترفض، بخلاف الإمارات العربية المتحدة والبحرين وقطر، السماح للإسرائيليين بحضورالأحداث الرياضية الدولية. وعلق على ذلك الكاتبُ طارق المعينة قائلاً”عدم استضافة بطولة الشطرنج مع المشاركين الإسرائيليين هو بيان لتصميمنا على فلسطين حرة”.وأضاف “بصفتها خادم الحرمين الشريفين، تتحمل المملكة العربية السعودية هموم العالم الإسلامي، وهذا الشكل من الالتزام ضروري لدرء المخططات الصهيونية الكبرى للمنطقة”.وفي ديسمبر الماضي، عارض السعوديون قرار الأمم المتحدة الذي يدين حماس، إلى جانب جميع الدول العربية الأخرى.
يبدو أن الإنذار قد خفت حدته بين القيادة الفلسطينية في رام الله. إذ قال السفير الفلسطيني في لندن حسام زملط، الذي طُرد من واشنطن كجزء من الهجوم الأمريكي على منظمة التحرير الفلسطينية، إن التكهنات حول مدى جرأة محمد بن سلمان على دعم إسرائيل لا تعدو كونها “تلميحات ثرثارة”. كما سخر صائب عريقات، كبير مفاوضي منظمة التحرير الفلسطينية، من “الأوهام الإمبريالية لفريق ترامب”، وأصر على أن “فلسطين بأكملها لا تزال قريبة من قلب كل عربي – ولن تتلاشى”.
لا يزال نتنياهو متمسكاً بنفس السيناريو، إذ تفاخر، أثناء زيارته لتشاد في يناير بأن علاقات إسرائيل مع ذلك البلد قد تجددت في وجه المعارضة الإيرانية والفلسطينية، وأنها جاءت نتيجة تحسين الروابط مع العالم العربي. ولكن عشية مؤتمر وارسو، قدر تقرير وزارة الخارجية الإسرائيلية الذي تم تسريبه أن السعوديين لم يكونوا مستعدين للمضي قدماً في تطوير العلاقات العلنية. وقد أدلى بنفس النقطة الأمير السعودي تركي الفيصل، مسؤول التجسس السابق، إذ قال في مقابلة هي الأولى من نوعها مع قناة تلفزيونية إسرائيلية، “يجب ألا ينخدع الرأي العام الإسرائيلي بالاعتقاد بأن القضية الفلسطينية قضية ميتة”.
تغيرت مواقف الحكومات الخليجية بشكل واضح. لكن خلاصة القول هي أن إسرائيل قد فشلت في تقديم الحوافز اللازمة للسعوديين وحلفائهم للخروج بعلاقتهم للعلن، وللسماح لهم بالتوفيق بين المنطق الجيوسياسي والشعور الشعبي، لأن إسرائيل لم تقدم أي شيء يقترب من كونه صفقة مقبولة للفلسطينيين. يقول محلل عربي في أبوظبي”يعرف الجميع بالتقارب مع إسرائيل، لكن لا يستطيع أحد التحدث عنه علنًا، ولا يمكن لأحد أن يدافع عنه لأنه لا يوجد شيء للفلسطينيين في المقابل”، واختتم حديثه قائلاً “الافتراض هو أنه إذا حدث ذلك علنًا، فسيتعين أن يكون مقابل شيء كبير، ولا يبدو أن ذلك سيحدث”.
يتفق العديد من الإسرائيليين مع هذا المنطق. حتى مدير الموساد السابق باردو يرى أن العلاقات السرية المريحة ليست بديلاً عن التعامل العام، مكررًا أنه بدون تقديم تنازلات هامة للفلسطينيين، ستظل علاقات إسرائيل مع الدول العربية محدودة ومركزة على الأمن وسرية إلى حد كبير. كان هدف نتنياهو، كما خلص ناقد آخر بعد زيارته إلى مسقط، هو “إثبات عدم وجود أساس للمزاعم اليسارية بأن الاحتلال والمستوطنات الإسرائيلية تعيق تطبيع العلاقات مع العالم العربي”. بمعنى آخر، لن يختفي الفلسطينيون ببساطة – مهما حدث.