تعرضت مواطنة عمانية للتهديد من قبل أحد أقارب عضو بمجلس الشورى بعد نشرها تغريدة انتقدت خلالها استهلاك عضو شورى الوقت المخصص له أثناء إلقاء كلمته في مدح أحد الوزراء. وقالت في تصريحات لـ «مواطن»: «لم أتوقع أن أتعرض لأي نوع من التهديد وخصوصاً من أشخاص نعوِّل عليهم في تمثيلنا وإيصال أصواتنا للحكومة!».
كلمة عضو الشورى
وكانت المواطنة «ميس الفارسي» طالبة علاقات دولية وعلوم سياسية ودراسات شرق أوسطية في جامعة أستراليا الوطنية نشرت مقطع فيديو عبر حسابها الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” تضمن كلمة عضو الشورى وقال فيها: “معالي الشيخ بعد التعبير عن عظيم مشاعرنا وخالص تقديرنا واحترامنا وشدة إعجابنا وإنجازات معاليكم المشهود لها في خدمة الوطن والمواطن والتفاني في العمل من أجل إسعاد المواطن العماني والعمل على راحته التي تنم عن مدى حبكم وإخلاصكم لعمان الحبيبة والوفاء والإخلاص لقائدنا أبقاه الله.
وتابع: فهنالك إنجازات عديدة لمعاليكم يشهد لها الجميع داخل الوطن وخارجه ويسطرها التاريخ بأحرف من نور لتظل خالدة فريدة.. لمعاليكم شخصيا خالص الشكر المغلف بمعاني الفخر وجميل العرفان ومفردات الإعجاب بما نشاهده ونلمسه وما نسمعه من إطراء جماهيري مشهود تتسم به معاليكم .
مقاطعة عضو الشورى لم تمنعه من الاستمرار في المدح
وسٌمع خلال المقطع صوت رئيس المجلس “كما يبدو” يقاطع عضو الشورى قائلا : إذا تدخل في الموضوع لو تكرمت أكون شاكر لك ” إلا أن حديثه لم يوقف عضو الشورى عن استكمال الثناء والمدح.
وأردف قائلا: تتسم به معاليكم من تميز وتفوق وتقدم وسمو ورقي بالحكمة والخبرة العملية والهدوء والعقلانية مع الإخلاص والحسم والعزم وحسن التدبير والتنظيم وبالحلم والتواضع .. واستمعتم معاليكم مشكورا للمواطن وأحسنتم استقباله .. وبكل معاني الإنسانية ساعدتم الأيتام والأرامل والمحتاجين والفقراء والمطلقات وكل صاحب حاجة من فئة الضمان الاجتماعي والدخل المحدود ولمعاليكم كل الشكر والتقدير والاحترام والعرفان .
انتقاد المواطنة لـ «عضو الشورى»
وأرفقت الفارسي مقطع الفيديو بتعليق قائلة: ” رسالة لشعبنا العُماني العزيز: في الدورة القادمة تفادوا التصويت لمن يستهلك جل الوقت المخصص له في مدح إنجازات الوزراء -الزائفة-؛ فهذا الوقت الذي ضاع في مدح معالي الوزير وسعادة الوكيل هو وقتكم؛ وهذا الصوت صوتكم! مللنا من المدح و التبجيل الذي لم يحصد منه المواطن العُماني أي شيء!”.
رسالة تهديد
وحول تعرضها للتهديد قالت «الفارسي»: أرسل لي أحد أفراد عائلة “ممثل الشعب” رسالة على أحد مواقع التواصل الاجتماعي. في البداية لم أكن أعرف أن الشخص هو ابن “عضو مجلس الشورى” إلا أنه ذكر ذلك بشكل صريح في رسالته الموجهة لي! و التي أحتفظ بنسخة من منها… بالرغم من أنه قام بحذف الرسالة اليوم. و كان فحواها تهديدي- بصيغة الجمع- أنهم سيوصلون الموضوع للمحكمة!! إن لم أقم بحذف التغريدة! الأمر الذي أرى فيه مصادرة لحقي في مشاركة رأيي و انتقادي لتقصير المسؤولين! و ربما و أقول ربما تخويفي بنفوذ والده!.
مهام عضو الشورى
وأشارت إلى أن مجلس الشورى لم يخُصص أبداً لمدح إنجازات أي وزير أو أي مسؤول؛ لأن هذا الدور تقوم به وسائل الإعلام المختلفة. و أما دور ممثل الشورى فهو مساءلة و محاسبة الوزير أو المسؤول. لذا من غير المقبول أن يُخصص أي عضو شورى دقائق من وقته (الذي يعتبر وقتاً للشعب)؛ في مدح معاليه.. بدلاً من أن يستغل كل دقيقة وكل ثانية من وقته في نقل هموم المواطن!.
وتابعت: علينا أن نُفرّق بين المواطن الطيب والكريم والمتواضع اجتماعياً، وبين المواطن الذي يستطيع أن يقوم بدور سياسي في مجلس الشورى! فقد يكون المرشح ناجح اجتماعياً؛ ولكن قد يفشل بالقيام بدوره السياسي في مجلس الشورى. لذا يُفترض أن نقوم بترشيح الأشخاص الذين يمتلكون وعي سياسي و أدوات سياسية لإيصال صوت الشعب ولتحقيق مطالبه.
حرية التعبير
وأضافت: بالنسبة لتجربة الديمقراطية والتعبير عن الرأي أعتقد أن الوضع في عمان أفضل من بقية دول الخليج.. هنالك هامش من الحرية في التعبير ولكن لازالت هنالك الكثير من الخطوط الحمراء التي يُحرّم و يُمنع تجاوزها.
وأشارت إلى أن الكثير من الأشخاص داخل عمان يخشون التعبير عن آرائهم؛ لذا فأي انتقاد يذكرونه يُتبعوه بجملة من المدح. وتابعت: ” أنا لا ألومهم طبعاً. وبالرغم من ذلك، لازلت مؤمنة أن هذا الوضع يمكن تغييره وهذه المخاوف يمكن كسرها وأن الانتقاد سيُصبِح ثقافة سائدة في عُمان. أما تجربة الديمقراطية المتمثّلة في مجلس الشورى؛ فأتمنى أن تكتمل بإعطاء أعضاء المجلس صلاحيات أكثر ليكون أكثر فعالية. وأعتقد أن الوقت قد جاء لمنح المجلس هذه الصلاحيات إلى جوار تعديل بعض شروط الترشح ليحقق المجلس غايته.
تضامن رواد تويتر
وفي السياق ذاته أعلن الكثير من العمانيين عبر حساباتهم على “تويتر” عن تضامنهم مع ” الفارسي” معربين عن رفضهم لأي تقييد لحرية الرأي والتعبير .
وقال الكاتب والإعلامي سليمان المعمري : ” لا مشكلة ولا يحزنون. من يضع دقيقتين من أصل أربع دقائق فقط هي كل الوقت الممنوح له للكلام، في مدح وتبجيل الوزير، دون أن يقول أي شيء عن مشاكل أو هموم المواطن الذي انتخبه، من يفعل ذلك، لا يستحق أن يصوت له أحد. لم يتم استدعاء الوزير من أجل كيل المديح. وإنما لمساءلته ومحاسبته “. وأضاف” أتفق بشدة مع ما قالته ميس. ومتضامن معها ضد أي تهديد من سعادة العضو أو عائلته”.
وعلقت مغردة تدعى ” عائشة عبدالله العلوي“: ” لم تسيء @maismmm1 الى ممثل ولاية صور في مجلس الشورى ، لم تحرف كلامه، ولم تضف عليه ، ولم تذع سرا فالجلسة كانت علنية ، وكونه عضوا برلمانيا فيجب تمتعه بقبول الرأي الآخر ، وما قام به من تهديد ليس سلوكا محمودا ، ويجب عليه الاعتذار .”
وكتب مغرد يدعي ” عامر العزري“: “متضامن مع أختي ميس ضد أي محاولة لمنعها أو منع غيرها من الحق في حرية التعبير والمشتمل على حرية انتقاد الأداء الحكومي أو البرلماني – كما هو الحال مع تغريدتها التي لم تتضمن أي إساءة لشخص العضو – وأدعو الجميع للتضامن مع بعضهم في هذا الشأن”.
وأضاف المغرد “مهدي بوسعيدي“: لم ترتكبي خطأ في منشورك ميس فأنتِ نشرتي منشور متاح للجميع ووضعتي تعليق مهذب يعكس رأيك كمواطنة تجاه ممثل الشعب الذي اخترتيه واختاره المواطنين لتوصيل صوتك وأصواتهم واحتياجاتك واحتياجاتهم لذا انتقاده وارد ومن حق الجميع طالما سعادته لم يظهر بالصورة التي رغبناها وأضاع وقتنا في المدح”.
وقالت مغردة موجهة حديثها لـ ” الفارسي”: ” نحن جميعا معك ولن نترك مثل هذه الحماقة تمر مرور الكرام، وعلى من يعتقد بأن صوته لا يعلى عليه أن يتم لجمه بقوة القانون وأن لا نسكت أبدا فالسكوت عن الحق ليس شيطان أخرس فحسب بل حماقة وسذاجة ودمار للشعوب”.
وأضاف مغرد: ” كون الانتقاد لكرسي عضو مجلس الشورى وليس سب وقذف شخصه، فليس هناك قضية يستطيع أن يرفعها عليك. وحتى صفة التشهير غير موجودة. كون العضو ظهر على قنوات رسمية ومن حق أي مواطن ان ينتقد فعله”.