شارك وزير الإعلام العماني الدكتور عبد المنعم بن منصور الحسني ورئيس تحرير وكالة الأنباء العمانية في المؤتمر الدولي لحرية الإعلام الذي نظمته كلٌّ من بريطانيا وكندا، في لندن على مدار يومين، واختتم أعماله، أمس. بهدف الدفاع عن حرية الإعلام في مواجهة ممارسات التقييد الحكومية وتشجيع المشاركين فيه على تطوير خطط لوضع تشريعات تدعم حرية الصحافة وسلامة الصحفيين وتواجه التضليل.
وناقش المؤتمر الذي عقد في لندن بحضور عشرات الوزراء ونحو ألف صحافي وممثلي المجتمع المدني من شتى الدول، سبل حماية الإعلام، ورفع مستوى الحوار والتعاون العالميين حول قضايا تتعلق بحرية الإعلام، وأيضا ناقشت الجلسات مواضيع مختلفة منها صحة الصحافيين الميدانيين النفسية، وسبل محاربة المعلومات المغلوطة والحد من ظاهرة الأخبار الكاذبة، ودعم الصحافيين المتعاونين في الدول النامية والمناطق المنكوبة، وغيرها.
وقال وزير الخارجية البريطاني جيريمي إن الدول التي تقيد حرية الإعلام ينبغي أن تدفع ثمنا دبلوماسيا محذرا من تدهور الوضع في الصين وأماكن أخرى. وتابع “إذا تحركنا معا يمكننا إلقاء الضوء على الانتهاكات وإجبار أولئك الذين يلحقون الأذى بالصحفيين أو يمنعونهم من أداء عملهم على دفع ثمن دبلوماسي”.
جاءت مشاركة وزير الإعلام العماني في الوقت الذي يتعرض فيه الصحفيين في عمان إلى تقييد حرياتهم ومصادرة وإغلاق الصحف وصولا إلى الاعتقال، بالإضافة إلى مصادرة الكتب في معرض مسقط الدولي للكتاب أكثر من مرة دون إيضاح أسباب ذلك.
في عام 2019 تراجعت حرية الصحافة في عمان 5 مراكز وجاء ترتيب السلطنة في المركز رقم 132 بعد أن كان في المركز 127 العام الماضي. وذلك وفقا لبيان أصدرته منظمة مراسلون بلا حدود حول تقريرها السنوي عن حرية الصحافة في العالم، متناولة 180 دولة.
وأفاد المركز العماني لحقوق الإنسان أن المادة 115 من قانون الجزاء العماني الجديد تعتبر تهديدا لأي محاولة لعمل صحفي خارج الخط الحكومي والأمني المفروض على بقية الصحف الأخرى. المادة تعاقب بالسجن مدة لا تقل عن (3) ثلاثة أشهر، ولا تزيد على (3) ثلاث سنوات.
كما أن المادة 26 من قانون المطبوعات والنشر ينصّ على : حظر نشر كل ما من شأنه المساس بسلامة الدولة أو أمنها الداخلي أو الخارجي وكل ما يتعلق بالأجهزة العسكرية والأمنية وأنظمتها ولوائحها الداخلية وأية وثائق أو معلومات أو أخبار أو اتصالات رسمية سرية سواء أكان النشر من خلال وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة أو من خلال استخدام الشبكة المعلوماتية أو وسيلة من وسائل تقنية المعلومات إلا بإذن من السلطات المختصة. وهو الأمر الذي اعتبره العديد من الناشطين والكتاب والصحفيين والمدونين انتهاكا صارخا لحرية الرأي التعبير والنشر.
وفي يولو 2016، نشرت جريدة الزمن في عددين منفصلين تحقيقا صحفيا حول فساد رئيس المحكمة العليا ورئيس الادعاء العام. لكن تعرض رئيس التحرير ومدير التحرير وأبرز صحفيي الجريدة للسجن لفترات وأحكام متفاوتة وصل أشدها في مرحلة التقاضي الابتدائية 3 سنوات، وفي مرحلة الاستئناف سنة واحدة وفي يوم التاسع من أغسطس 2016، أصدر وزير الإعلام قرارا بإغلاق الجريدة ووقف تداولها وفي يوم الخامس من أكتوبر 2017، أصدرت المحكمة العليا قرارا نهائيا بغلق جريدة الزمن.
في 30 أكتوبر 2016، أعلنت صحيفة البلد عبر بيان نشر في موقع الصحيفة عن توقف البلد عن النشر. ولكن البيان لم يوضح السبب الرئيسي للتوقف رغم التلميح في البيان إلى “ضغوط” تعرضت لها الصحيفة. وحسب المركز العماني لحقوق الإنسان، فإن رئيس التحرير كان قد تم استدعائه من جهاز الأمن الداخلي (المخابرات) واحتجازه للتحقيق مدة 3 أيّام، وبعد إطلاق سراحه تم نشر بيان التوقف. وحسب مصدر المركز، فإن السبب الرئيس -إضافة إلى أسباب أخرى- إلى استدعاء رئيس التحرير، كان بسبب نشر البلد تقريرا مترجما عن وكالة رويترز، أشار إلى أن عمان أحد الدول التي يتم تهريب السلاح منها إلى اليمن.
في 3 مايو 2017، يوم حرية الصحافة، قامت السلطات بحجب موقع مواطن، تزامنا مع إعلان مواطن عودتها إلى النشر مجددا. كما تعرض سابقا مؤسسها ورئيس تحريرها، لمضايقات أمنية، وتعرض قبلها لعدة تهديدات واعتقالات كما تعرض كاتب وصحفيين إلى الاعتقال. وفي السابع عشر من يوليو 2015، قرر رئيس تحرير مواطن الخروج من عمان والاتجاه إلى المملكة المتحدة لطلب اللجوء السياسي.
في السياق ذاته شهد معرض مسقط الدولي للكتاب العديد من حالات مصادرة الكتب وعدم عرضها بناء على قرار صادر من وزير الإعلام العماني كان آخرها ما حدث عام 2019 حيث منعت إدارة معرض الكتاب في مسقط نحو 30 كتابا. وانتقدت الكاتبة ” منى سالم المعولية” سحب الكتب – من المعرض قائلة: يبدو أن سقف الحرية الأدبية في عمان سينجرف برؤوسنا نحو السحيق، لا أعلم حقيقة ما هو القادم. لكن أعلم جيدا أني غير متفائلة.
وأفاد “المركز العماني لحقوق الإنسان “ أن عدد من المتابعين أكدوا أن هناك كتباً ممنوعة تلزم دور النشر التي نشرتها الصمت إزاء منعها، وذلك مقابل تلقي مردود مالي من السلطة العمانية ذات السجل الحافل باستمالتها عدداً من المؤسسات الصحفية والصحفيين ودفع مبالغ طائلة لهم نظير إظهارها بلداً متسامحاً حريصاً على حرية التعبير.