يستعد الكاتب العماني نبهان الحنشي لطرح روايته الجديدة بعنوان ” جميلات جعلان” خلال الفترة القادمة إلكترونيا وذلك للمرة الأولى منذ بداية انخراطه في العمل الأدبي والروائي. وكشف “الحنشي” لـ “مواطن” عن سبب لجوئه للنشر الإلكتروني وهو “الهروب من الرقيب في مصادرة الكتب تعسفيا” موضحا أنه يريد الوصول لأكبر شريحة ممكنة من القراء خاصة بعد منع كتبه في عمان، مما نتج عن امتناع العديد من دور النشر عن النشر له.
وتفصيلا قال أن هناك سببين رئيسين للنشر الالكتروني، الأول هو حالات منع الكتب التي شهدها معرض مسقط للكتاب في دورات سابقة. “حالات المنع اتضح من خلالها استهداف أسماء معينة بسب نشاطهم السابق أو الحالي في مجالات مثل حقوق الإنسان أو السياسة أو أي مجال أدبي وثقافي لا يتفق وتوجهات الحكومة أو للبروباجندا الإعلامية التي تروج لها الحكومة في عمان أو منع كتب ذات مضمون لا ترغب الحكومة في انتشاره أو وصوله للقارئ العماني. “مصادرة الكتب شيء استنكره وارفضه بشدة. حالة تمثل نوع من الفكر الظلامي الذي شهدته عصور سابقة كان نتيجتها الدخول في دوامة من التخلف والانغلاق ومعاداة الآخر أو شيطنته. وكذلك هي ممارسة للوصاية على القارئ وتوجيهه فيما يجب عليه أن يقرأ وما لا يجب”.
“حالات المنع هذه أصبح متفق ومعمول بها في بعض معارض الكتاب في دول خليجية أخرى، مثل الكويت على سبيل المثال، لأسباب تلتقي فيها وأسباب الحكومة العمانية أو لأسباب مذهبية ودينية.. إلخ”. ويضيف: “تجربتي مع بعض دور النشر اللذين امتنعوا عن النشر لي لأسباب تتعلق في رغبتهم في الحفاظ على مصالحهم مع إدارة معرض الكتاب في مسقط أو مشاريعهم الثقافية المشتركة مع الحكومة المتمثلة في النشر”.
وحول إيجابيات وسلبيات النشر الإلكتروني قال الحنشي: “لا أدري إن كنت مدركا تماما للإيجابيات أو السلبيات لهذا النوع من النشر، خاصة مع تجربتي الأولى. لكن ما أستطيع التأكد منه هو إمكانية أي قارئ الوصول للكتاب أو أي كتاب آخر، مع ضمان سرية هذا الوصول طالما أنه ليس هناك من طرف ثالث”. وتابع: “كذلك أتفهم انزعاج البعض من فكرة الكتاب الإلكتروني كون أن الكتاب الورقي أكثر سهولة في التعامل والاحتفاظ به والعودة إليه في أي وقت، لكن أتمنى أن يكون القارئ في عمان أو العربي بصورة خاصة أن التوجه لهذا النوع من النشر، سواء عبر منصات إلكترونية رسمية احترافية مثل أمازون، أو عبر تحويل الملفات لصيغة “بي دي اف” ونشرها مجانا، هو نتيجة حتمية لا يمكن تجاهلها في ظل الرقابة والقمع التي تمارسها الأنظمة ضد الكتاب والكاتب”.
وأضاف: “بالنسبة لي، الكتاب الورقي أكثر ملائمة وسهولة، أنت لا تحتاج إلى بطارية في حالة نفدت بطارية جهاز الكندل أو الايباد أو التاب، وأنت قادر على الوصول للكتاب في أي وقت وكذلك قادر على التحكم والتنقل بين صفحة وأخرى دون صعوبة. لكن، كذلك اليوم مع التطبيقات أو الأجهزة المعدة لهذا النوع من الكتب، أصبحت القراءة أكثر سهولة، والوصول للكتاب أكثر يسر وسرعة من أي وقت مضى، ناهيك عن المكتبة الضخمة التي من الممكن أن تحصل عليها من الكتب والتي ستكلفك أقل بكثير مما قد يكلفك الكتاب الورقي، ولن تحتاج معها إلى تخصيص مكان أو مكتبة في بيتك.”
الحنشي الذي سبق وأن نشر 4 إصدارات أدبية، مجموعتين قصصيتين وروايتين، علق حول تجربته السابقة: “أستطيع أن أقول أن أحد أكثر الصعوبات التي واجهتني هو التكلفة المادية للكتاب وكذلك سوء التعامل الذي يواجهه الكاتب من بعض دور النشر التي تستأثر حتى بالربح المتفق عليه لنفسها وتبقي الكاتب أو المؤلف بعيدا عن أرقام المبيعات الحقيقية”.
يذكر أن السلطات في عمان صادرت عدة كتب في معرض مسقط الدولي للكتاب أكثر من مرة؛ ففي عام 2019 تم مصادرة نحو 30 كتابا، وفي 2018 صادرت السلطات أكثر من 22 كتابا، وفي 2017 صادرت السلطات كتابين وفقا للمركز العماني لحقوق الإنسان.
وحسب “مراقبون” يتضمن قانون الجزاء العماني العديد من المواد التي تتعارض مع الحريات ومنها معاقبة كل من ارتكب علانية أو بالنشر طعنا في حقوق السلطان، وسلطته، أو عابه في ذاته بالسجن لمدة تصل إلى 3 سنوات، وأيضا حظر نشر كل ما من شأنه المساس بسلامة الدولة أو أمنها الداخلي أو الخارجي وكل ما يتعلق بالأجهزة العسكرية والأمنية وأنظمتها ولوائحها الداخلية وأية وثائق أو معلومات أو أخبار أو اتصالات رسمية سرية. وأكد المركز العماني لحقوق الإنسان أنه بموجب هذا القانون عادة يُقمع أصحاب الرأي المخالف للتوجه الحكومي، أو الذين ينتقدون الأداء الحكومي، وكذلك سهولة استهداف أي كاتب أو ناشط ينشر كتاباته أو تقاريره في مؤسسات صحفية أو منظمات حقوقية خارجية أو حتى داخلية.
وفي السياق نفسه تراجعت حرية الصحافة في عمان 5 مراكز في عام 2019، وفقا لمنظمة مراسلون بلا حدود في تقريرها السنوي عن حرية الصحافة في العالم، وجاء ترتيب السلطنة في المركز رقم 132 بعد أن كان في المركز 127 من بين 180 دولة. كذلك صنفت منظمة “فريدم هاوس” عمان دولة “غير حرة”.
ويرى “مراقبون” أن حرية الصحافة في عمان تشهد الكثير من الانتهاكات ويخضع الإعلام لسيطرة السلطة ومن يخالف ذلك يتعرض للاعتقال والحبس كما حدث في عام 2012 والذي شهد موجة اعتقالات شملت أكثر من 30 ناشطا وناشطة، منهم كتّاب وحقوقيين ومدوّنيين وكانت الإدانات ضدّهم تتعلّق بمقالات أو آراء أو تقارير تمّ نشرها جميعها عبر الانترنت.