انتقدت منظمات حقوقية دولية، ما أسمته ب الانتهاكات الحقوقية تطال “المواطنين وبعض الأجانب” في دولة الإمارات العربية المتحدة، مشيرة إلى أنه على الرغم من تأكيد السلطات في الإمارات على الالتزام بقوانين تكفل الحريات والحقوق لجميع المواطنين والعمالة المهاجرة، إلا أنه تم رصد وتوثيق العديد من الإجراءات التي اتخذت ضد ناشطين وصحفيين اعتبرت الانتهاكات الحقوقية للحريات وأيضا تعرض السكان الذين يتحدثون عن قضايا حقوقية لخطر الاحتجاز التعسفي والسجن والتعذيب. وأظهر تقرير أصدرته منظمة مراسلون بلا حدود حول تقريرها السنوي عن حرية الصحافة في العالم عام 2019، تراجع حرية الصحافة في الإمارات حيث جاءت في المركز رقم 133 من ضمن 180 دولة شملهم التقرير. كما تمثل بعض نصوص القوانين تمييزا ضد المرأة بالإضافة إلى نظام الكفالة الذي يواجه انتقادات قاسية. بخلاف التساؤلات التي تثار حول تدخلها وصراعها الخارجي في عدة دول مثل اليمن.
في السياق نفسه شغلت الأخبار التي جرى تداولها بشأن مغادرة الأميرة هيا الزوجة السادسة لحاكم دبي الرأي العام دولة الإمارات خلال الفترة الماضية الرأي العام حيث تمكنت من الخروج برفقة طفليها وقدمت طلبا للمحكمة العليا لإنجلترا “بعدم التعرض” الذي يحمي من المضايقة أو التهديدات. كما تقدمت بدعوى قضائية طلبت خلالها بـ”الحماية من الزواج القسري“ يتعلق بأحد ولديها. وجاء ذلك بعد تداول أنباء في أوقات سابقة عن المحاولة الفاشلة لهروب الشيخة لطيفة ابنة حاكم دبي عام 2018 وكذلك محاولة الهروب الفاشلة للشيخة شمسة أيضا عام 2000 ما أثار العديد من التساؤلات عن الحريات داخل أسوار قصر حاكم دبي.
وتلقي “مواطن” في هذا التقرير الضوء على أبرز الأحداث والأوضاع التي تتعلق بحقوق الإنسان في الإمارات وكذلك القوانين التي تضمنها دستور الإمارات بشأن الحريات والحقوق.
حرية الصحافة والتعبير
تراجعت حرية الصحافة في الإمارات عام 2019 وجاءت في المركز رقم 133 من ضمن 180 دولة وذلك وفقا لبيان أصدرته منظمة مراسلون بلا حدود حول تقريرها السنوي عن حرية الصحافة في العالم.
وحسب بيان “المنظمة” تراجعت حرية الصحافة في الإمارات 5 مراكز عام 2019 عن ترتيب عام 2018 والذي أعلنته المنظمة واحتلت فيه أبوظبي المرتبة 128. وقالت المنظمة إن “الإمارات أصبحت رائدة في المراقبة الإلكترونية للصحفيين الذين أصبحوا أهدافًا دائمة بعد أن تمّ إقرار قانون الجرائم الإلكترونية سنة 2012”. وتابعت: “أصبح الصحفيون المواطنون والمدوّنون هدفًا للسلطات بمجرّد تقديمهم أي نقد ويقع اتهامهم عادة بالقذف والإساءة إلى الدولة وبنشر أخبار زائفة قصد المس بصورة البلاد، وتهددهم عقوبات سجنية ثقيلة ويتعرضون إلى معاملة سيّئة”.
وأضافت “رغم أنّ دستور البلاد يضمن حرية التعبير فإن النظام يمكنه صنصرة منشورات محلية أو أجنبية كلما تضمنت نقدًا للسياسة الداخلية والعائلات الحاكمة والدين وعلاقات البلاد مع شركائها وأيضًا اقتصاد البلاد، طبقًا لأحكام القانون الفيدرالي لسنة 1980 الخاص بالمطبوعات والمنشورات”.
وفي تقرير نشرته المنظمة في يناير 2019 ذكرت أنه “تم تأكيد الحكم على أحمد منصور بالسجن لمدة 10 سنوات وغرامة قدرها 270 ألف دولار أمريكي. وكان أحمد منصور قد حكم عليه في 30 مايو بتهمة “تشويه سمعة الإمارات العربية المتحدة ومكانتها ورموزها” ونشر “معلومات كاذبة” على منصات التواصل الاجتماعي. كما سبق أن حُكم عليه بالسجن لمدة ثلاث سنوات في 2011 بتهمة “استخدام الإنترنت لإهانة قادة الإمارات”، إذ صدر في حقه عفو بعد أشهر من الضغوط الدولية.
وأشارت إلى أن السلطات اعتقلت تيسير النجار، وهو صحفي أردني، يعمل في دولة الإمارات. وقد اعتُقل في ديسمبر2015، عندما كان على وشك مغادرة البلاد، على خلفية تعليقات على فيسبوك اعتُبرت “مهينة لسمعة الدولة”. لافتة إلى انتهاك حقوقه في الدفاع ومضت قائلة: “بينما لم يتمكن من توكيل محامٍ للدفاع عنه لأكثر من عام، لم يتم إبلاغ عائلته بمكان احتجازه بعد إلقاء القبض عليه”.
احتجاز سجناء رغم إنهاء محكوميتهم
قالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” خلال بيان صحفي أصدرته في 9 يوليو 2019 إن: “السلطات الإماراتية احتجزت 5 سجناء إماراتيين على الأقل رغم أنهم أنهوا محكوميتهم. وتابعت “المنظمة” حُكم على 3 من الرجال بالسجن 3 سنوات، وسنتين إلى 5 خمس سنوات بتهم تتعلق بأمن الدولة في أعقاب ما يبدو أنها محاكمات جائرة عامي 2014 و2016، وهم الناشط الرقمي أسامة النجار؛ وخليفة ربيعة وعثمان الشحي، الناشطان الرقميان والعضوان في “جمعية الإصلاح”، وهي حركة سياسية إسلامية غير عنيفة مسجلة قانونا، حظرتها الإمارات عام 2014 على أنها “إرهابية” ردا على الاضطرابات في تونس ومصر وأماكن أخرى؛ بالإضافة إلى بدري البحري وأحمد الملا، وهما ناشطان لهما صلات بالجمعية.
وأشارت إلى أن النجار كان استخدم “تويتر” في حملة لإطلاق سراح والده وغيره من المعتقلين السياسيين في أبوظبي، وانتقاد إدانة 69 مواطنا إماراتيا في يوليو 2013 في محاكمة جماعية للنشطاء الذين طالبوا بالإصلاحات السياسية. فيما اعتقلته قوات الأمن في مارس 2014 واحتجزته دون تهمة لأكثر من 6 أشهر. وفي نوفمبر 2014، حكمت عليه محكمة أمن الدولة في المحكمة العليا الاتحادية بالسجن 3 سنوات بموجب قانون الجرائم الإلكترونية شديد التقييد، بتهم فضفاضة منها “الإضرار بالمؤسسات” و”التواصل مع منظمات خارجية لتقديم معلومات مضللة”.
كما اعتقلت قوات الأمن البحري والملا في أبريل 2014. وفي يونيو 2016، حكمت عليهما محكمة أمن الدولة في المحكمة العليا الاتحادية بالسجن 3 سنوات بتهمة الانضمام إلى “التنظيم السري”. وكان من المقرر إطلاق سراحهما في أبريل 2017. وقُبض على ربيعة والشحي في يوليو 2013 واحتُجزا انفراديا في أماكن غير معلنة لعدة أشهر قبل محاكمتهما. وفي مارس 2014، حكمت محكمة أمن الدولة في المحكمة العليا الاتحادية عليهما بالسجن 5 سنوات بسبب تعليقاتهما على تويتر لدعم عشرات المعارضين السياسيين الذين اعتُقلوا عام 2012، وكثير منهم حوكموا جماعيا في يوليو 2013.وأضافت “المنظمة” في أغسطس 2019 أنه في وقت لاحق تم الإفراج عن السجناء “أسامة النجار وعثمان الشحي وبدر البحري”.
وفي نفس الإطار أشارت المنظمة، إلى أن قوات الأمن اعتقلت المواطن البريطاني ماثيو هيدجز وهو طالب دكتوراه في “جامعة دورهام”، في “مطار دبي الدولي” في 5 مايو 2018 بينما كان يستعد لمغادرة البلاد، بعد رحلة استغرقت أسبوعين إلى الإمارات. ولم يسمح له بالاتصال بمحام إلا في 10 أكتوبر، في ثاني جلسة استماع له في المحكمة، بعد أكثر من 5 أشهر من اعتقاله.
ووجهت له تهم متعلقة بأمن الدولة ومنها “التخابر لمصلحة دولة أجنبية” مستندا جزئيا إلى اعترافه. في 21 نوفمبر، حكمت محكمة أبوظبي الاتحادية الاستئنافية على هيدجز بالسجن مدى الحياة. بعد 5 أيام، وبعد ضغوط دبلوماسية متزايدة وغضب دولي، أصدرت الإمارات عفوا عنه.
وفي مايو 2019 قالت “هيومن رايتس ووتش” إن قوات الأمن الإماراتية عام 2015 اعتقلت المواطنة علياء عبدالنور 42 عاما وأصيبت بسرطان الثدي، بعد فترة قليلة من اعتقالها. مشيرة إلى أن السلطات حرمت علياء من الرعاية الطبية الكافية، إذ أبقت السلطات يديها وقدميها مقيدة بسريرها أثناء مرضها لفترات طويلة وتجاهلت السلطات الدعوات المتكررة من قبل منظمات حقوق الإنسان الدولية والبرلمانيين الأوروبيين وخبراء “الأمم المتحدة” وأفراد أسرتها لإطلاق سراحها لأسباب صحية. وأساءت معاملتها لأكثر من 3 سنوات في الحبس إثر محاكمة جائرة، قبل وفاتها في 4 مايو 2019.
وقالت مايكل بَيْج، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “أظهرت السلطات الإماراتية مدى قسوتها بحرمانها علياء عبدالنور من قضاء أيامها الأخيرة مع أسرتها. تظهر هذه الحالة أن تسمية الإمارات العام الحالي “عام التسامح” مجرد دعاية أخرى تهدف إلى تلميع سياسات الدولة الغارقة في القمع.”
في نفس السياق قال موقع Middle East Eye البريطاني إن نشطاء معنيِّين بحقوق الإنسان اتهموا الحكومة البريطانية بمحاولات التغطية على الانتهاكات الحقوقية لحقوق الإنسان في الإمارات، من خلال إطلاق «جائزة للصحفي الشاب» في 13 ديسمبر 2019، إذ طلبت من المتقدمين الذين تستهدفهم الجائرة وهم الطلاب من عمر 16 إلى 18 عاما، كتابة مقال رأي عن مبادرة الإمارات «عام التسامح» وإن عليهم التفكير في “ما يمكن أن يتعلمه العالم من النموذج الإماراتي للتسامح”، وفي “كيف يمكن أن تعكس مبادرة عام التسامح قيم التنوع الموجودة في الإمارات بالفعل؟”. وأضاف أن من شروط الجائزة أن يلتزم المتقدمون بقوانين الإعلام في الإمارات، والتي تحظر نقد الحكومة الإماراتية أو الأسرة الحاكمة، أو نظامها الملكي، أو قراراتها السياسية، أو التشهير بالمسؤولين الحكوميين. لافتا إلى أن ذلك يعد تقييدا لحرية الرأي والتعبير، حسب رويترز.
وكان دستور الإمارات تضمن عدة مواد بشأن الحريات والحقوق والواجبات العامة وهي: “المادة 25 من الدستور تنص بأن جميع الأفراد سواء أمام القانون، ولا تمييز بين مواطني الاتحاد بسبب الأصل، أو الموطن، أو العقيدة الدينية، أو المركز الاجتماعي. كما تنص المادة 26 بحماية القانون للحرية الشخصية لكافة المواطنين، ولا يجوز القبض على أحد أو تفتيشه، أو حجزه، أو حبسه إلا وفق أحكام القانون، كما تنص على عدم تعريض أي إنسان للتعذيب، أو المعاملة المهينة بالكرامة.
وتنص المادة 28 على براءة المتهم حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية وعادلة، وللمتهم الحق في توكيل من يقوم بالدفاع عنه أثناء المحاكمة. يحظر الدستور إيذاء المتهم جسمانيا، أو معنويا”.
التجسس على هواتف آيفون خصومها
ذكرت “رويترز” أن “فريقا من ضباط المخابرات الأمريكية السابقين، الذين يعملون لحساب الإمارات المتحدة، اخترقوا أجهزة آيفون الخاصة بنشطاء ودبلوماسيين وزعماء أجانب من خصوم الإمارات وذلك بالاستعانة بأداة تجسس متطورة تسمى (كارما) وهي أداة قادرة على إتاحة الدخول عن بعد إلى أجهزة آيفون بمجرد تحميل الهواتف أو حسابات بريد إلكتروني على نظام استهداف آلي”. مشيرة إلى أنه تم مراقبة مئات الأهداف بدءا من عام 2016، وفي عام 2017، على سبيل المثال، استخدم الضباط السابقون (كارما) لاختراق هاتف آيفون يستخدمه أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وكذلك أجهزة يستخدمها محمد شيمشك النائب السابق لرئيس الوزراء في تركيا، ويوسف بن علوي بن عبدالله الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية في سلطنة عمان. ولم يتضح ما هي البيانات التي جرى الاستيلاء عليها من تلك الأجهزة.
ونقلت الوكالة عن مصادر قولهم أنه جرى استخدام (كارما) بواسطة وحدة للعمليات الإلكترونية في أبوظبي تضم مسؤولي أمن إماراتيين وضباطا سابقين بالمخابرات الأمريكية يعملون كمتعاقدين لصالح أجهزة المخابرات الإماراتية.
حقوق المرأة
وفقًا للتقرير العالمي للفجوة بين الجنسين لعام 2017 تصدرت المرأة الإماراتية عالميا في مؤشر احترام المرأة والحفاظ على كرامتها وتعزيز مكانتها. وعلى النقيض تواجه الإمارات عدة انتقادات بسبب بعض مواد القانون الاتحادي رقم 28 لسنة 2005 التي تعد تميّزا ضد المرأة كما يسمح قانون العقوبات بالعنف الأسري. كما تعد أنباء محاولة هروب ابنتي حاكم دبي وزوجته السادسة من أبرز الأحداث التي تم تداولها عالميا.
وقالت “منظمة هيومن راتس ووتش” خلال تقريرها الصادر عام 2019 إن القانون الاتحادي يشمل أحكاما تميز ضد المرأة منها “لكي تتزوج المرأة، على ولي أمرها أن يبرم عقد زواجها؛ للرجل الحق في تطليق زوجته من جانب واحد، في حين يتعين على المرأة أن تتقدم بطلب للحصول على أمر قضائي للحصول على الطلاق؛ يمكن للمرأة أن تفقد حقها في النفقة إذا رفضت على سبيل المثال إقامة علاقات جنسية مع زوجها دون عذر شرعي؛ وتلزم النساء بـ”إطاعة” أزواجهن. يمكن اعتبار المرأة عاصية، مع استثناءات قليلة، إذا قررت العمل دون موافقة زوجها”.
وأضافت خلال تقريرها الصادر عام 2019 أن المادة 53 من قانون العقوبات تسمح بـ”تأديب الزوج لزوجته وتأديب الآباء ومن في حكمهم للأولاد القصر” ما دام الاعتداء في حدود الشريعة الإسلامية. الاغتصاب الزوجي ليس جريمة. وفي 2010، أصدرت “المحكمة الاتحادية العليا” حكما، مستشهدة بقانون العقوبات، يسمح للأزواج بضرب زوجاتهم وإيقاع أشكال أخرى من العقوبة أو الإكراه عليهن، شريطة ألا يتركوا علامات جسدية.
الأميرة هيا والشيخة لطيفة والشيخة شمسة
حسب “BBC” أفادت تقاير بأن الشيخة لطيفة، ابنة حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، قد حاولت الهروب إلى الخارج في شهر مارس 2018 حتى تتمكن من العيش بحرية أكثر وقد رصد اليخت الذي يملكه، واسمه نوسترومو، وهو يبحر على بعد حوالي 80 كيلومترا من الساحل الهندي. فيما أخذتها القوات الإماراتية عنوة، وأجبرت على العودة إلى الإمارات.
ومن جهتها نفت الحكومة الإماراتية ما تداول بشأن محاولة الشيخة لطيفة الهروب، وقالت إن الأميرة لا تزال تعيش مع والديها في منزل الأسرة. كما نشرت صورة للشيخة لطيفة بصحبة ماري روبنسون، المفوضة السامية السابقة لحقوق الإنسان، ورئيسة جمهورية أيرلندا السابقة.
وأوضحت وزارة الخارجية الإماراتية أنها بعثت برسالة بشأن الشيخة لطيفة إلى مكتب الإجراءات الخاصة لمفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان. وأضافت في البيان: “يحزننا بشدة تكهنات وسائل الإعلام المستمرة” بشأن الشيخة لطيفة. وقالت إن أسرة الأميرة: “تحبها وتعشقها” وإنها تتطلع إلى الاحتفال بعيد ميلادها معها.
وحسب “روسيا اليوم” بعد مرور نحو عام على أنباء محاولة لطيفة أصدر حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في سبتمبر 2019، قرارا بتعيين ابنته الشيخة لطيفة، رئيسة لهيئة الثقافة والفنون بدبي، وقال ابن راشد في تغريدة على حسابه الرسمي في “تويتر”: “وجهنا اليوم بتعيين الشيخة لطيفة بنت محمد بن راشد رئيسة لهيئة الثقافة والفنون بدبي”، مضيفا: “نريد أن تكون دبي مركزا ثقافيا عالميا.. كما هي مركز اقتصادي عالمي.. كل التوفيق لها ولفريقها.. وأنتظر تصورا جديدا للهيئة خلال شهر”.
ولم تكن محاولة هروب الشخة لطيفة هي الأولى في تاريخ أسرة حاكم دبي فقد سبق وحاولت شقيقتها الكبرى الهروب. وبتاريخ 6 يوليو 2019 نقلت “BBC” عن صحيفة التايمز قولها إن الشيخة شمسة: “كانت فتاة ذات شكيمة تسعى لأن تحيا حياة ذات نسق غربي -وكان عمرها 19 عاما آنذاك-، وذات يوم استقلت سيارة من قصر والدها في منطقة ساري في انجلترا، وقادتها في محاولة للفرار عام 2000، وإثر العثور عليها، أُعيدت إلى دبي. وخلص تحقيق إلى أن فريق بحث عثر عليها في كامبريدج واختطفها وأقلها على الفور إلى دبي”.
وحسب تقرير نشرته رويترز في يوليو 2019 “تمكنت الأميرة هيا بنت الملك حسين عاهل الأردن الراحل الزوجة السادسة لحاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، من مغادرة الإمارات رفقة طفليها وقدمت طلبا للمحكمة العليا لإنجلترا ”بعدم التعرض“ الذي يحمي من المضايقة أو التهديدات. ولم يتضح بمن يتعلق الأمر. كما تقدمت بدعوى قضائية أمام محكمة في لندن طلب خلالها بـ ”الحماية من الزواج القسري“ يتعلق بأحد ولديها.
وتساءل الكاتب بن ماكينتاير في مقال له في صحيفة التايمز بعنوان “معركة المحكمة العليا ترفع الغطاء عن مملكة الشيخ السرية”، “كيف تدعو الإعلانات السياحية الناس للهرب من بلدانهم، من زحمة الحياة والعمل، لقضاء إجازتهم في دبي والاستمتاع بالأجواء الجميلة والمشمسة، في حين يبدو من الصعب جدا الهروب من دبي خصوصا بالنسبة للمرأة وأفراد الأسرة المالكة في دبي؟” مشيرا إلى أن هروب الأميرة هيا وولديها تأتي كثالث حالة هروب لنساء من الأسرة المالكة من قصور الشيخ محمد الفارهة والمحاطة بالسرية في دبي، بعد محاولتي هروب فاشلتين لكل من الشيخة شمسه والشيخة لطيفة ابنتَي الشيخ محمد.
وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن قضية الأميرة هيا سلطت الضوء على محنة النساء اللائي يحاولن الفرار من الإمارات، حيث يحرمهن القانون من حق اتخاذ قرارات بشأن الزواج.
وكانت البوابة الرسمية لحكومة الإمارات ذكرت أن الدستور الإماراتي كفل حقوق المرأة، وأقر مبدأ المساواة بينها وبين الرجل بما يتناسب وطبيعتها، ونصّ على حقها في التعليم، وشغل الوظائف، والحصول على المساعدات والمزايا الاجتماعية والصحية وشغل الوظائف الحكومية. مشيرة إلى أنه حتى عام 2018، شكلت نسبة المرأة في العمل الحكومي 66% من بينهن 30% في مستوى القيادة وتمثل نشبة المرأة 29.5% من التشكيل الوزاري، حيت تحتل تسعة مناصب وزارية و20% من عضوية المجس الوطني الاتحادي، وستصل هذه النسبة الى 50%.
العمالة المهاجرة
رغم تأكيد المسؤولين في الإمارات على التزامهم احترام حقوق العمالة، إلا أن المنظمات الدولية تصنف الإمارات بشكل سلبي في مؤشرات حقوق العمال ويواجه نظام الكفيل العديد من الانتقادات.
ذكرت البوابة الرسمية للحكومة الإماراتية في تقرير صادر في سبتمبر 2019 أن دولة الإمارات تواظب على تقييم كافة جوانب العمل في الدولة، ابتداءً من الاستقدام وعملية التوظيف حتى توفير السكن المناسب وذلك لضمان حقوق جميع العمالة الوافدة، ومعاملتهم باحترام ومساواة، وتمكينهم من الإبلاغ عن النزاعات العمالية وحوادث سوء المعاملة بكل سهولة وموثوقية. تمنع دولة الإمارات فرض رسوم توظيف على العمال والموظفين المحتملين، وتضع تدابير آمنة لحماية العمال من مكاتب التوظيف غير الأمينة، كما تحظر مصادرة جوازات سفر العمال، ولا تشترط على العمال الحصول على إذن من صاحب العمل لمغادرة الدولة.
وأشارت إلى أن وزارة الموارد البشرية والتوطين توفر للعمال قنوات عدة للإبلاغ وتقديم الشكاوى ذات العلاقة بالأجر سواء عن طريق الاتصال الهاتفي المجاني (80060)، أو عبر الموقع الإلكتروني للوزارة، أو من خلال خدمات التطبيقات الذكية، أو بالحضور إلى مكاتب الوزارة المنتشرة في كافة إمارات الدولة.
وبحسب التقرير العمالي 2015 بلغ متوسط الفترة الزمنية لفض المنازعات العمالية لدى المحاكم في الدولة في العام 2015 ( 27 يوما) بينما انخفض الى خمسة أيام فقط بعد إطلاق مبادرة تمثلت في تعيين قاض لدى مكتبي الوزارة في أبوظبي ودبي للنظر في القضايا العمالية.
وتابعت: من ضمن إجراءات حماية حقوق العمال العمل بنماذج العقود المعتمدة من وزارة العمل وفقاً للقرار الوزاري رقم 764 لعام 2015، حيث يتوجب على صاحب العمل التوقيع إلكترونيا على عرض العمل، وإرساله الى العامل في بلده إلكترونيا، أو لوكالة التوظيف المعنية، وذلك للاطلاع عليه من قبل العامل، وإبداء موافقته عليه. يكون عرض العمل باللغتين العربية والانجليزية بالإضافة الى لغة ثالثة يفهمها العامل ويرفق به ملحق متاح على موقع الوزارة الإلكتروني، ويحتوي تفصيلا شاملا لبنود قانون تنظيم علاقات العمل.
وفي السياق ذاته قالت “هيومن راتس ووتش” خلال تقريرها الصادر في عام 2019 عن الأوضاع في الإمارات، إن الإمارات قامت ببعض الإصلاحات لزيادة حماية عاملات وعمال المنازل. وفي سبتمبر 2017، وقع الرئيس على مشروع قانون بشأن العمال المنزليين يضمن حقوقهم لأول مرة، بما في ذلك يوم راحة أسبوعي، 30 يوما من الإجازة السنوية المدفوعة الأجر، الإجازة المرضية، و12 ساعة راحة في اليوم. في بعض الحالات، يسمح القانون بتفتيش مكاتب وكالات التوظيف وأماكن العمل والمساكن، ويحدد العقوبات على الانتهاكات الحقوقية . غير أن قانون العام 2017 لا يمنع أرباب العمل من فرض رسوم تسديد نفقات التوظيف ومطالبة العمال الذين ينهون عملهم دون إخلال بالعقود بتعويض أصحاب عملهم عن راتب شهر واحد ودفع ثمن تذاكر سفرهم. في يونيو/حزيران، حددت السلطات رسوم توظيف ثابتة جديدة تضمنت بعض الرواتب الثابتة لعاملات المنازل، لكن هذه الرواتب تميّز حسب الجنسية.
وأشارت في تقريرها الصادر عام 2019 إلى أن قانون العمل في الإمارات يستثني من حمايته عاملات وعمال المنازل الذين يواجهون مجموعة من التجاوزات، من الأجور غير المدفوعة، الاحتجاز في المنزل، أيام العمل التي تصل إلى 21 ساعة دون استراحة، والاعتداء الجسدي أو الجنسي من جانب أصحاب العمل. كما يواجهون عقبات قانونية وعملية بحثا عن الإنصاف. كما يواصل نظام الكفالة ربط العمال المهاجرين بأرباب عملهم. أما الذين يغادرون أصحاب العمل فيمكن أن يواجهوا عقوبة “الهروب”، التي تشمل الغرامات والسجن والترحيل.
وأفاد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان خلال تقرير أصدره في أكتوبر 2017 أن العمالة الأجنبية تمثل جزءًا كبيرًا من الطاقة العمالية في الإمارات العربية المتحدة، حيث تصل نسبة العمالة الوافدة مقابل العمالة الوطنية إلى 90%، والذين تجذبهم فرص العمل والمشاريع والأنشطة الاقتصادية والمهام الخدماتية والمنزلية.
وأضاف الأورومتوسطي أن الانتهاكات الحقوقية التي تواجهها العمالة المنزلية –أغلبها من النساء– خاصة فيما يتعلق بساعات العمل والتي قد تصل إلى 21 ساعة يوميًا، وعدم وجود فترات راحة أو إجازات، الأمر الذي يمكن اعتباره “عملًا قسريًا”، منوهًا إلى تعرضهن للأذى النفسي والبدني والجنسي دون محاسبة السلطات لأصحاب عملهن، إلى جانب مواجهتهن لمشاكل يومية كتقييد إقامتهن وعدم إعطائهن الأجور وحرمانهن من الطعام.
وأشار الأورومتوسطي إلى أنه وفي حال تقدم العامل أوعاملات المنازل الذين يتم استغلالهم وإساءة معاملتهم بشكوى إلى السلطات أو وكالات التوظيف، فإنهم يتعرضون غالبا لمزيد من الإيذاء أو حتى للسجن؛ لأن أصحاب العمل يقدمون ادعاءات كاذبة بالسرقة أو جرائم أخرى ضدهم. وفي حالات أخرى، يتم ترحيل العاملات المهاجرات لمجرد تمكنهن من زيارة وزارة العمل أو مركز الشرطة.
وقالت الباحثة القانونية في الأورومتوسطي ميرة بشارة بقولها: “إن أجواء الخوف والتهديد بالترحيل والمعاملة القاسية التي يتبعها النظام الحاكم في الإمارات مع العمالة الأجنبية، إضافة إلى نظام الكفالة الذي يمثل شكلًا من أشكال العبودية، دفعت العمال للتكتم على الانتهاكات الحقوقية التي يتعرضون لها وتجنب تقديم الشكاوى لجهات الاختصاص، خوفًا من العقوبات التي قد تطالهم في حال رفعوا أصواتهم مطالبين بحقوقهم”.
هجمات اليمن
قالت “هيومن رايتس ووتش” إنها وثقت نحو 90 هجوما يبدو غير قانوني للتحالف الذي تشارك فيه الإمارات بقيادة السعودية في اليمن، زاعمة أن بعضها جرائم حرب محتملة مشيرة إلى أن لدى أعضاء التحالف معلومات غير كافية عن دور قواتهم في الحملة العسكرية لتحديد المسؤولين عن الهجمات غير القانونية.
وتابعت المنظمة: “في مارس 2015، أفادت “وكالة أنباء الإمارات” أن الإمارات نشرت 30 طائرة للمشاركة في عمليات التحالف. في مارس 2017، بعد أن هاجمت طائرة مروحية قاربا يحمل مهاجرين ولاجئين صوماليين قبالة سواحل اليمن، وقتلت وأصابت العشرات، وقال أحد أفراد القوات المسلحة الإماراتية إن القوات الإماراتية تعمل في المنطقة، لكنه نفى أنها نفذت الهجوم”.
وأضافت أنه تم توثيق الانتهاكات الحقوقية التي ارتكبتها قوات تدعمها الإمارات، بما فيه استخدام القوة المفرطة أثناء الاعتقالات، واحتجاز أفراد عائلات المتهمين المطلوبين للضغط عليهم من أجل تسليم أنفسهم “طواعية”، والاحتجاز التعسفي للرجال والفتية، واحتجاز الأطفال مع البالغين، والإخفاء القسري للعشرات. تحدث معتقلون سابقون وأفراد عائلاتهم عن سوء معاملة أو تعذيب داخل منشآت تديرها الإمارات والقوات التي تدعمها. تعرض النشطاء اليمنيون الذين انتقدوا هذه الانتهاكات الحقوقية للتهديد والمضايقة والاعتقال والإخفاء.
وعلى النقيض تؤكد السلطات في الإمارات أن الهجمات تستهدف “الحوثيين والتنظيمات الإرهابية”. ومؤخرا أصدرت وزارة الخارجية في الإمارات بيانا في أغسطس 2019 قالت فيه: “إن التنظيمات الإرهابية بدأت مؤخرا زيادة وتيرة هجماتها ضد قوات التحالف والمدنيين، وهو ما أدى إلى تهديد مباشر لأمن هذه القوات مما استدعى استهداف الميليشيات الإرهابية بضربات جوية محددة، وفقا لقواعد الاشتباك المبنية على اتفاقية جنيف، وذلك في يومي 28و 29 من الشهر الجاري. وشدد البيان على أن عملية الاستهداف تمت بناء على معلومات استخبارية ميدانية مؤكدة تفيد باستهداف الميليشيات لقوات التحالف”. وفقا لـ “سكاي نيوز”.
وقالت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية “وام” خلال بيان أصدرته في عام 2019: ” أشادت جمعية الإمارات لحقوق الانسان بإعلان الأمم المتحدة دولة الإمارات العربية المتحدة كأكبر دولة مانحة للمساعدات للشعب اليمني الشقيق للعام 2019 وتصدرها المركز الأول عالميا في الاستجابة لخطة الأمم المتحدة الإنسانية في اليمن وذلك بحسب ما جاء في تقرير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية “أوتشا” الخاص بتقييم مستوى المساهمة في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية لليمن لعام 2019 حيث يعكس هذا التقرير المساعدات المقدمة لليمن من بداية عام 2019 إلى 2 يوليو 2019.”