رُفعت السرية مؤخرًا عن تقرير يتعلق بعمان يعود لعام 1994 المحفوظ لدى الأرشيف الوطني البريطاني تحت رقم FCO 160/338/21، وقد أفرج عن التقرير في 29 من سبتمبر لعام 2019. إذ أرسل سفير بريطانيا لدى مسقط في ذلك الوقت ريتشارد جون سوثيرلاند، تقريره السنوي في الأول من يناير لعام 1995 لمجلس الوزراء التابع لبلاده. شمل التقرير الجانب الاقتصادي، والوضع الداخلي، والسياسة الخارجة والعلاقات الثنائية. “مواطن” ترجمت إلى العربية الجزء المتعلق بالشأن المحلي الذي ناقش الفترة العصيبة التي مرت بعمان اقتصاديا إذ انخفض فيها سعر برميل النفط لأقل من 12 دولار، وكانت النفقات أكثر من أرباح النفط، إلى أن قررت الحكومة تخفيض النفقات بشكل أضر بالطبقتين الفقيرة والمتوسطة بشكل فادح. كما يتطرق التقرير إلى اعتقالات سنة 1994وأسبابها، وكذلك تحدث حول تطورات مجلس الشورى وموقف السلطة منه.
ترجمة: الزهراء عزازي
الجزء المترجم من التقرير:
3. [….]أخبرني ]السلطان[ في منتصف شهر ديسمبر أنه عازم على أن تكون الخطة الخمسية القادمة (1996 – 2000) متوازنة خلال هذه الفترة على افتراض حذر بوصول سعر برميل النفط لـ 15 دولار. وقد أوضح هذا الأمر للوزراء، الأمر الذي أثار ارتياحًا كبيرًا لدى المسؤولين عن الاقتصاد، وأوضح الأمر أيضًا لمجلس الشورى الجديد في حفل افتتاحه في 26 ديسمبر.
4. لكنني لست متأكدًا من مدى تركيز السلطان حتى الآن على الحجم أو التداعيات السياسية للتخفيضات التي يجب على الدولة الالتزام بها لموازنة الميزانية. إذ ستكون أسر الطبقة الفقيرة والمتوسطة والتي ازدادت تطلعاتهم بسبب النمو السريع في الثمانينيات هم الأكثر تضررًا من تخفيض النفقات.
5. كان اعتقال النشطاء الإسلاميين أهم حدث سياسي داخلي خلال العام، والذي بدأ في نهاية مايو. وقُبض، بحلول شهر سبتمبر، على ما يقرب من 365 شخصًا ووُجّهت لهم اتهامات، والآن أصدرت المحاكم الخاصة أحكامًا على معظمهم. كما تم استجواب عدد غير معروف من الأشخاص الآخرين ولكن لم يتم توجيه تهم إليهم. نمت هذه الحركة في الداخل بعد أن وحدتها المخاوف المتزايدة بشأن الفساد وسوء الإدارة الاقتصادية وانعدام الانفتاح/ الصراحة لدى الحكومة. لم تكن حركة عنيفة ولم تُشكّل أي تهديد مباشر للنظام الحالي. قلة من المتورطين كانوا من الطائفة الإباضية السائدة ولم يكن بينهم أحد من المنتمين إلى الأقلية الشيعية. وكان جميعهم تقريبًا من السنة، وكان أكثرهم من ظفار. ولكن كانت صدمة كبرى للمؤسسة أن بعضهم كان من كبار أعضاء الخدمة المدنية والقوات المسلحة والشرطة الموثوق بهم والذين ما كان ينبغي لهم أن يعملوا بشكل هادف في معارضة سرية للحكومة. كانت بعض الأحكام قاسية، حتى بالمعايير المحلية. كانت شرعية العملية القضائية وتعامل الصحافة مع الأمر أخرق/ غير ملائم ولا يزال رجل الشارع لا يعرف الحقائق الكاملة للموضوع.
6. كان رد فعل السلطان هو تشديد قبضته على الأمن الداخلي، وفي خطابه الرئيسي باليوم الوطني في نوفمبر، أدان استخدام الإسلام كغطاء للتطرف السياسي. تابع ذكر هذا الموضوع في القمة الإسلامية والقمة الخاصة بدول مجلس التعاون الخليجي في ديسمبر. وانتقد قلة من العمانيين، الذين هم على استعداد في انتقادنا، السلطان لإلقائه اللوم على الأصولية الإسلامية وتجاهل المشكلة الحقيقية؛ ألا وهي أسلوب الإدارة وضعف الحكومة.
7. كان السلطان حذرًا في منح مجلس الشورى الجديد، الذي افتتحه نهاية ديسمبر، مزيدًا من الصلاحيات. أعضاء المجلس الأخير أصغر سنا وأفضل تعليما من سلفه. ولأول مرة كانت هناك امرأتان عضوتان. لكن حق الترشح لا يزال مقصورًا على حوالي 15000 رجل (وامرأة، في العاصمة) من سكان عُمان الأصليين البالغ عددهم 1.5 مليون نسمة. يتم التحكم في إجراءات المجلس من قبل رئيسه المعاد تعيينه، وهو شخصية حذرة مخلصة تمامًا للسلطان، وتقتصر مهامه على مناقشة قضايا التنمية الاقتصادية وأداء دولة الرفاهة. سيتمثل اختبار المجلس الجديد في إرادته للمطالبة بدور في القرارات المتعلقة بالاقتصاد وتأديته باقتدار. بالنسبة للحكومة، يكمن الخطر في أنه بدون هذا الدور يمكن أن يصبح المجلس محورًا للنقد والمعارضة.