يبدو أن تفاقم أزمة التسريح كان له أثرًا كبيرًا على العائلات المدينة للبنوك بضمان وظيفتها، إذ أصبح رب الأسرة مهددًا بالحبس بين ليلة وضحاها لعدم قدرته على سداد أقساط القروض نتيجة فقدان وظيفته، وهناك من حُبس بالفعل. طال الحبس الرجال والنساء على حد سواء، ولم يكن هناك أي مخرج سوى اللجوء للخيريين وطلب المساعدة في سداد الديون من خلال مواقع التواصل.
“اكتمل المبلغ وتم الإفراج عن الحالة رقم 44 بفضل الله ثم بفضل الخيريين في هذا البلد”، بهذه الكلمات بدأ الناشط الاجتماعي، عبد الله العدوي، تغريدته الأخيرة من سلسلة تغريدات طالب من خلالها الخيريين بسداد مبلغ قيمته 3015 ريال عن إحدى السيدات التي حُبست لعدم قدرتها على سداد المبلغ، وكانت مهددة بالتسريح إن استمر غيابها عن مقر عملها شهرًا. وكانت ظروفها، وفقًا للعدوي، “يصعب شرحها في تغريدة”.
ليست هذه المرة الأولى التي يكون فيها العدوي سببًا في الإفراج عن أحد المسرحين أو المدينين، إذ تمكن، بحسب تغريدة سابقة، من جمع التبرعات للإفراج عن أم لثلاثة أطفال تراكمت عليها المديونيات وإيجار المنزل، إذ قال: ” أُم ل3 أطفال تراكمت عليها أقساط البنك وإيجارات البيت، صدر في حقها تعميم من قبل المؤجر، وتعميم آخر من البنك، تم إلقاء القبض عليها قبل شهر تقريبا وأُعطيت مهلة شهر لسداد المتأخرات وإلا ترجع الحبس، المبلغ المطلوب للإيجارات والتسوية مع البنك 2500 ريال”. وغيرها الكثير بإختلاف حالاتهم وظروفهم.
يتضامن أفراد الشعب مع بعضهم البعض لتفريج كربات المسرّحين والمدينين والباحثين عن عمل، في معظم الأحيان ينشر مغرّد موثوق لدى متابعيه، مثل الباحث الاجتماعي يوسف الزدجالي أو الناشط الاجتماعي عبدالله العدوي، صورة من ملف الحالة أو لقطة شاشة للمشكلة، ليتباري المتابعين بعدها في التبرع والرد ومشاركة المنشور ليراه من أراد المساعدة، تُسدد الأموال، ويُفرج عن الحالة في وقت قصير، قدّره أحد المتابعين بأقل من 24 ساعة لعشر حالات.
تفاقم الأزمة جعل الكثير من العمُانيين المسرّحين أو الباحثين عن عمل يطلبون المساعدة عندما وجدوا أن الحكومة لا تمتلك حلًا، وكان العمانيون – بحسب مراقبون- نعم النصير، إذ قاموا بالسداد عنهم وتحمل جزء من أعبائهم المادية. وظهر معدن الشعب في الشدائد بعد أن قصمت الأزمة شيوخًا ونساءًا معيلات لأطفال ورجالًا وفتيات وهددوا بالحبس لسبب أو لآخر. كل ذلك والحكومة – بحسب مراقبون- في وادٍ آخر.
سُرّح الموظفين وتزايدت أعداد الباحثين عن عمل، كل هذا والحكومة ممثلة في وزارة القوى العاملة يعتريها – بحسب مواطنون- صمت مطبق، الأمر الذي جعل بعض العمانيين المسرّحين يتظاهرون ويطالبون السلطان هيثم بن سعيد بحل الأزمة، إذ نشر أحد المغردين صورة للمتظاهرين قائلًا في تغريدته: “بعد أن تقطعت بهم السُبل وأغلقت دونهم الأبواب، وتلاشت الوعود وأنعدمت لهم الحلول بعد تسريحهم من عملهم، مواطنون يرفعون همومهم إلى سلطان البلاد، لعل الله أن يُحدث على يده أمراً”.
كما انتقد آخرون صمت وزارة القوى العاملة وأن هذا الصمت نتج عنه تمادي الشركات في التسريح، إذ قالت إحدى المغردات في تغريدة لها: “الصمت المطبق من وزارة القوى العاملة والجهات المعنية بالتوظيف عن قضية المسرحين من أعمالهم جعل من الشركات تتمادى، هؤلاء المسرحين مواطنون لهم حق الحصول على فرصة عمل، عليهم قروض ويطعمون أسر، تلاحقهم مشكلات بفقدهم لذلك العمل، فلماذا هذا الصمت ولمتى؟ #أوقفوا_تسريح_العمانيين”
الجدير بالذكر أن قوانين العمل في السلطنة بها الكثير من الثغرات، وهناك مطالبات بتغييرها، خاصة بعد تزايد أعداد المسرّحين يومًا بعد يوم، إذ قُدّر عدد المسرحين بـ 2200 شخص عام 2019 فقط معظهم يعمل في شركات البناء بحسب ما ذكرته وزارة القوى العاملة.