بدأت أزمة فيروس كوفيد 19 في السيطرة على التوجهات الإعلامية والصحية في جميع أنحاء العالم، كما ظهرت آثارها المدوية على الاقتصاد في عدة بلاد، وتزامنًا مع تعليق الدراسة والمواصلات والعديد من الأنشطة في سلطنة عُمان، دعى بعض المغردين للاستغناء عن رواتب شهري مارس وإبريل تضامنًا مع “الضرر المالي الذي سببه كورونا للسلطنة” الأمر الذي لاقي استنكارًا واسعًا من المسرحين ومحدودي الدخل، وطالبوا في نفس الوقت بأخذ التبرعات ممن وصفوهم بـ “أصحاب الملايين”
“الأسبوع الثاني من كل شهر هو عبارة عن بحثٍ آخر لمصدرٍ آخر للقمة العيش عند الكثير منا” كان هذا أحد الردود على تغريدة هلال السعدي أحد المغردين المقربين من الحكومة الذي دعى المواطنين للتبرع برواتبهم لمساعدة السلطنة في مواجهة أزمة كورونا، بعد أن أعلن تبرعه بشهرين من راتبه في تغريدة له على تويتر جاء فيها:”من الواجب الوطني إتجاه هذا الوطن الغالي اتنازل عن راتب الشهرين المقبلين للحكومة الرشيدة تضامناً للضرر المالي الناتج من مرض #كورونا ومتأكد تماما هذه وقفة العمانيون أجمع لمن تسمح ظروفهم المالية، كلنا فداء لهذا الوطن الغالي”، لاقت التغريدة تفاعلًا واسعًا ما بين قلة مؤيدة وكثرة مستنكرة ممن أوضحوا أن رواتبهم تكفي بالكاد احتياجاتهم وإن كانت الدولة بحاجة للتبرع فعليها تقليل رواتب وامتيازات “الوزراء وأعضاء مجلس الدولة والشورى” مثلما جاء في رد أحد المواطنين على هذه التغريدة إذ قال:” فيه حلول احسن وأكثر فاعلية: تقليل رواتب وامتيازات أعضاء مجلس الدولة والشورى، تقليل رواتب وامتيازات الوزراء وتقليل عددهم، فرض ضرائب على الشركات الخاصة، فرض ضرائب على تحويل الأموال للأجانب، استدعاء كل تجار البلد وحثهم على التبرع مع الإعلان التلفزيوني ليعلم الشعب ولاء التجار للبلد ام لمصالحهم”، وبعد هذا الهجوم على تلك المبادرة أوضح صاحب التغريدة الأولى في عدة تغريدات لاحقة أن هدفه من حث المواطنين على التبرع هو “تعبير عن وقفة المواطن البسيط مع الحكومة في وقت الأزمات” و”تشجيع لأصحاب الأموال والشركات العملاقة ممن نهلوا من مكرمات عُمان بأن يحذو حذو المواطنين البسطاء”.
حث الكثير من المغردين “أصحاب الأموال” على التبرع للدولة مذكرين إياهم أن أغلب ثرواتهم “تكونت من خيرات هذا الوطن”، إذ قال الأكاديمي السابق بجامعة السلطان قابوس، دكتور محمد الوردي، في تغريدة له عبر تويتر: “نتمنى من كبار رجال الأعمال أن يردوا الجميل للوطن بالوقوف معه في محنته الصحية والاقتصادية، علمًا بأن أغلب ثرواتكم تكوّنت من خيرات هذا الوطن من الوكالات الحصرية والمناقصات الدسمة وهبات الأراضي التجارية والصناعية، الوطن قدم لكم الكثير وينتظر منكم القليل، وأنتم أهل الجود والوفاء”.
استنكر الإعلامي السابق خالد الراشدي عدم مساهمة رجال الأعمال في دعم الحكومة مطالبًا إياهم بـ “ردة فعل سامية ولو على استحياء”، إذ قال في تغريدة له: “بعض رجال الأعمال (الهوامير) لو ينفق فقط ٥٪ من أمواله دعمًا للحكومة لتيسرت أحوالها !! أخذتم من أرضكم فوق حاجتكم وحينما تأزمت لم تسأل منكم لدعمها ؛ عجبا ألم تهتز مشاعركم نحوها وأنتم عليها في رخاء ؟ لا أريد إجابه فقط ردة فعل ساميه ولو على استحياء”.
اعتبرت المدونة سمية أن خطاب “استجداء” أصحاب الثروات وروؤس الأموال في عُمان هو خطاب “بائس وعقيم” لأن هؤلاء يجب أن تكون مساهمتهم “إلزامية” إذ قالت في تغريدة لها على تويتر: “خطاب استجداء مالكي الثروات وأصحاب رؤوس الأموال في عمان هو خطاب بائس وعقيم فهؤلاء ينبغي أن تكون مساهمتهم إلزامية وفق نظام حر وعادل للضريبة على الدخل والضريبة على الشركات. كيف تتوقع إن تُزال الحماية على أموالهم في ظل الشدة إن لم يحدث ذلك في ظل الرخاء؟”.
كانت إحدى التغريدات التي لاقت تفاعلًا واسعًا هي تغريدة أحد المواطنين التي حملت في طياتها عدة تساؤلات ومطالبات بالوفاء بوعد البعض بالمبايعة “على المنشط والمكره” إذ قال: “البعض: نبايعك على العسر واليسر، والمنشط والمكره… انزين تو وقته العسر والمكره…وينكم؟! وين ملياراتكم وملايينكم؟ وين مبادراتكم؟ وين تبرعاتكم؟ وين رد الجميل للوطن؟ وين المساهمة الإجتماعية؟!”.
الجدير بالذكر أن أزمة وباء كورونا تسببت في عدة خسائر اقتصادية للسلطنة آخرها كان انخفاض سعر برميل النفط العُماني ليصل إلى 24 دولار، في أكبر انخفاض له منذ عام 1991 عندما شنت القوات الأميركية غارات جوية على قوات العراق بعد غزو الكويت، مما ينذر بخسارة الدول المصدرة للنفط مبالغ طائلة إثر هذه الأزمة.