تبوأت عمان المركز الخامس عربيًا والـ46 عالميًا في مؤشر الأمن الغذائي لعام 2019 و الذي تنشره صحيفة الإيكونومست الاقتصادية، وجاءت كورونا لتكشف عن أزمة طاحنة في البصل الذي وصل سعر الكيلو منه في الآونة الأخيرة لـ 500 بيسة، الأمر الذي دعى رئيس الهيئة العامة لحماية المستهلك، سعيد الكعبي، للقول لصحيفة محلية أن هناك حاجة ملحة لتأمين الغذاء والدواء محليًا، وأن كورونا ستغير من مفاهيمنا. لكن السؤال الأكثر إلحاحًا هو لماذا لا تزرع عمان البصل وغيره من المنتجات الزراعية الهامة بدلًا من استيرادها من الخارج؟ إليك أهم 5 أسباب وفقًا لمراقبين:
- النفط: أدى الإنتاج الزراعي دورًا هامًا في اقتصاد عمان، وفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة “الفاو” قبل اكتشاف النفط، إذ تغيرت الأحوال بعد اكتشافه وأصبح الاقتصاد الوطني يعتمد اعتمادًا كبيرًا على تصدير النفط الخام، وبالتالي تراجعت مساهمة الزراعة في إجمالي الناتج المحلي لعُمان لتبلغ 7% فقط عام 2019 بمساهمة سجلت 536 مليونا و300 ألف ريال عماني، ورغم ذلك لا يغطي الانتاج المحلي من الغذاء سوى 36% فقط من الاحتياجات المحلية.
- ملوحة التربة في بعض الأماكن وقلة المياه: تقع عمان في المدار الجاف وشبه الجاف وتستهلك الزراعة حوالي 88% من المياه الجوفية فيما تذهب البقية المتبقية للصناعة والاستخدام المنزلي، كما تبلغ معدلات سقوط الأمطار في عمان 150 ملم في المتوسط وهي معدلات جيدة مقارنةً بدول الخليج الأخرى كما تمتلك عُمان حوالي 160 ألف بئر ماء يُسحب منها سنويًا 777 مليون متر مكعب، إلا أن معدلات البخر بسبب ارتفاع درجة الحرارة تبلغ تقريبًا 92% مما يشير إلى على تعاظم مشكلة المياه.
- ضعف التخطيط الزراعي الحكومي: تمتلك عُمان، وفقًا للاحصاءات، مليوني هكتار من الأراضي الصالحة للزارعة على امتداد السلطنة إلا أن ما يُزرع منها فعليًا تقريبًا النصف، ورغم شح المياه إلا أن زراعة الموز – شديد الاستهلاك للمياه- تنتشر بصورة واسعة في السلطنة. كما أن زراعة النخيل تحتل حوالي 52% من المساحة المزروعة، تليها الحشائش بنسبة 24%، ويرى العديد من المزارعين أن زراعة النخيل هكتار واحد منه تتكلف حوالي 10 آلاف لتر من المياه سنويًا تتكلف حوالي 5 آلاف ريال عُماني إلا أن العائد منها يُقدر بمئات الريالات. وحتى بعض الأراضي الصالحة للزراعة في الباطنة وزعتها الحكومة كمساكن الأمر الذي أدى لتقلص مساحتها ويدل على عدم وجود رؤية بعيدة المدى للزراعة.
- ضعف الدعم الحكومي للقطاع الزراعي: يُعد دعم عُمان للقطاع الزراعي في السلطنة ضئيلًا جدًا مقارنة بدول الخليج الأخرى، ووفقًا لبعض المزارعين، فإن الدعم الحكومي ثابت منذ عشرون عامًا رغم ما طرأ من ارتفاع للأسعار والأسمدة وغيرها من تكاليف الزارعة، كما يغيب التشجيع الكافي للأفراد والمؤسسات والحث على الزراعة مع تذليل العقبات أمام المزارع بهدف دعم الإنتاج المحلي للسلطنة.
- الاعتماد على الاستيراد: أظهرت أزمة كورونا مدى اعتماد السلطنة على الاستيراد حتى من اليمن التي تُعاني من ويلات الحرب، وإن توقف الاستيراد من إيران والإمارات المتحدة كمثال، يُمكن أن تواجه السلطنة خطرًا داهمًا في توفير احتياجاتها الغذائية والتي تعتمد على استيراد حوالي 64% منها من الدول المجاورة، دون محاولة إيجاد بدائل داخل السلطنة أو اعتماد الطرق الحديثة للزراعة رغم توافر المال والأيدي العاملة.
يُذكر أن عمان كانت تُدعى سابقًا مزون أي السحب الثقيلة المُبشرة بالمطر الغزير، لكنها الآن، وللأسباب المذكورة آنفًا، تراجع انتاجها الزراعي ولم يعد بالكفاءة السابقة، وظهرت الحاجة الملحة إلى تغيير أنواع المزروعات وأنماط الزارعة حتى يأمن الناس على غذائهم ولا يستيقظون يومًا وهم يعانون من أزمة في “البصل”.