وسط أزمة انتشار كورونا، وتزايد الإصابات من الوافدين تحديداً، تعود التساؤلات مرة أخرى حول وضع العمال الوافدين بين الحكومة والكفيل في عُمان بعد إعلان آخر إحصائيات الإصابات في اليومين الماضيين، والتي شملت أكثر من 400 حالة للوافدين، إذ قال وزير الصحة العماني أحمد السعيدي: “العلاج المجاني أسيء فهمه، وأن الوافد الذي لديه كفيل سيتم تحمل علاجه من قبل كفيله وفق القانون”، وأضاف: هناك مع الأسف إهمال وتقصير من بعض الكفلاء ومن بعض الشركات.. أصيب عدة أشخاص من شركة واحدة… التقصي الوبائي وجدوا 70 شخص يعيشون في منزل واحد”.
وحسب مراقبين، فإن هذا يعد تقصيراً في تحمل المسؤولية من جهة الحكومة، والأفراد في الوقت نفسه مما أدى لترك العمالة الوافدة في بيئات لا تحميهم من انتشار الوباء بينهم، وتنصل من المسؤولية من بعض الكفلاء الذين تركوا العمال الوافدين بدون خيارات قد تنقذهم من الوباء، بل وإصرار البعض منهم بطرق غير قانونية على مزاولة الوافدين للأعمال الخفيفة كالخياطة والحلاقة وغيرها مما أدى في حالات كثيرة لإصابتهم وإصابة مخالطيهم بالوباء.
ونبهت منظمة العفو الدولية الجهات المسؤولة في عُمان في الشهور الأولى من انتشار الوباء من هذه القضية، حيث قالت ضمن بيان الائتلاف: “تعتمد سلطنة عُمان وبشكل كبير على العمالة المهاجرة ذات الدخول المتدنية، فإن الغالبية العظمى تأتي من جنوب شرق آسيا. وبرغم الإجراءات العديدة الجديرة بالثقة التي تم اتخذاها في السنوات الأخيرة نحو إصلاح العمل، فإن العمال المهاجرين ذوي الأجور المنخفضة لا يزالون عرضة لانتهاكات شديدة لحقوق الإنسان مما يجعلهم أكثر عرضة للإصابة ب كوفيد- 19، وتشمل هذه الانتهاكات إقامتهم في مساكن عمالية مكتظة، وصعوبة وصولهم إلى الرعاية الطبية والتأمين الصحي، كما أن مراكز احتجاز المهاجرين والسجون وُجدت في كثير من الأحيان مكتظة بالموقوفين في مساحات ضيقة، وتفتقر لأدنى المعايير الصحية والنظافة، وعلاوة على ذلك، فمن المحتمل أن يؤثر وقع كوفيد- 19 على الاقتصاد بشكل غير عادل ومتناسب على العمال المهاجرين عندما يتعلق الأمر بقضايا التوظيف مثل انخفاض الأجور وفقدان الوظائف”.
وقدمت منظمة العفو الدولية عدة توصيات للسلطنة لاجتناب التجاهل الإنساني لهذه الفئة الكبيرة والتي تشكّل الآن بؤرة لانتشار المرض تتلخص في عدة نقاط أساسية:
- التأكيد على وصول جميع العمال إلى مرافق الفحص وحصولهم على العلاج المناسب.
- تجنّب فرض عقوبة الاحتجاز على انتهاكات الحجر الصحي، والتأكد من خضوع العمال الذين تم احتجازهم في وقت سابق للفحص، وتجنّب الترحيل التعسفي للعمال.
- الاستفادة من مساهمات ودعم النقابات الوطنية والقطاعية، وضمان حصول العمال المهاجرين غير القادرين على العمل بسبب خضوعهم في الحجر الاحترازي، أو ممن تأكدت إصابتهم بكوفيد- 19، على أجورهم، وأن يحظوا بمستوى معيشي لائق، وألا يستغل أصحاب العمل هذا الوضع كغطاء للقيام بممارسات تعسفية كالخصومات غير العادلة أو عدم دفع الأجور أو الفصل التعسفي.
- تزويد الجمهور بالمعلومات اللازمة لضمان عدم تعرض العمال المهاجرين بما فيهم عاملات المنازل للتمييز أن الوصم فيما يتعلق بفيروس كوفيد- 19، وضمان حصول عاملات المنازل تحديدا، وبسبب وضعهم الأكثر عرضة للضرر، على تدابير الحماية المناسبة والرعاية الصحية بشكل منتظم، والحصول على إجازة مرضية مدفوعة الأجر في حالة عدم القدرة على العمل بسبب المرض.
وأشار مراقبون، بأن السلطنة التزمت بهذه التوصيات، إلا التوصيات المتعلقة بالأفراد ومسؤولياتهم اتجاه من يعملون لديهم، والمشكلة الكبرى لا تزال في البيئات المكتظة بالعمال، والتي تعتبر بؤراً أساسية لانتشار الوباء، وهذا ما نبه عليه وزير الصحة في المؤتمر الصحفي الأخير.
وشارك المواطنون برأيهم على تويتر، إذ قالت إحداهم: “العمالة الوافدة التي نطالبها بالالتزام بالحجر الصحي ليست لديها بيوت تبقى فيها، فقد جئنا بهم من قراهم، على (كفالة) وعدناهم بالجنة ثم تخلينا عنهم، حتى رواتب لم نعطهم، هم بشر مثلنا، أغلبهم على ملتنا بقائهم في الغرفة يعني موت مؤكد إن لم يكن بالفيروس، فسيكون بالجوع، رحماك ربي”، وقال آخر يبين استغلالا من نوع آخر وهو استغلال الوافدين لبعضهم البعض: ” يجب أن لا نغفل عن حقيقة مهمة وهي أنه في كثير من الأحيان، من يستغل هذه العمالة هم من أبناء جلدتهم. الكثير من الشركات والورش مالكها الحقيقي ومن يدير شؤونها ويجني أرباحها هم الوافدون أنفسهم، هم أقسى على بعضهم البعض من كفلائهم، الحل في سن التشريعات المنظمة للسكن وتطبيقها”.
أخيراً، ما هو دور الحكومة في حال تنصل الكفلاء من المسؤولية، وعدم حماية العامل من الإصابة بالوباء، وتعريضه في حالات كثيرة للإصابة من خلال مزاولة العمل بطريقة غير قانونية؟، وهل سيعاقب القانون المتنصلين عن المسؤولية، والذين عرضوا عمالهم للإصابة بالوباء في حين أن الوباء ينتشر بشكل مخيف بين هذه الفئة تحديداً؟.