المرأة هي رمز الأمومة والخصب والنماء وازدهار الحياة، ومصدر التقوى والمحبة، وإلهة الحب والحرب والجمال والتضحية في الحروب، وهي نجمة الصباح والمساء، وهي أفروديت وفينوس. وهي كمخلوق من بني الإنسان تمثل نصف المجتمع وهي التي تلد النصف الاخر. إلا أنها أهينت وازدريت مكانتها لدى أمم الأرض وأديانها، فحرمت من الميراث واعتبرت نجسة أثناء حيضها عند اليهود، وكل ما تلمسه يصبح نجسا. وحواء هي العين التي تنشق منها جداول الالام والشدائد. وكان من مبادئ الزرادشتية تفضيل زواج الرجل من أمه أو ابنته أو أخته. وفي المزدكية لا حرمة للنساء والأموال، بل العالم كله شريك فيهما، منزلتهما في ذلك منزلة الماء والنار والهواء والكلأ. وكانت الأساطير اليونانية قد اتخذت امرأة خيالية تسمى (باندورا)، واعتبروها ينبوع جميع الام الإنسان ومصائبه، وما هي إلا خلقا من الدرك الأسفل. وعند قدماء الهنود، كان الرجال يقامرون بالزوجات، فإذا ربحوا أخذوا زوجات غيرهم، وكان في شرائعهم: “أن الوباء والموت والجحيم والسم والأفاعي خير من المرأة، وأنها نجس ورجس، وقد وضعت لإغواء وفتنة الرجال، وكان من حكمهم على المرأة أنها لا تأكل اللحم ولا تتكلم ولا تضحك. أما عند العرب فقد كانت محل التشاؤم منذ ولادتها، “وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم، يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون”، وكانت بعض القبائل تئد البنات فور ولادتها، حتى جاء القران ونهى عن ذلك: “وإذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت”. ومع أن الإسلام ساوى بين الرجال والنساء في وجوب الإيمان والعمل الصالح: “فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض”، إلا أن نصوص القران والسنة قد خالفت ذلك التكريم وانحازت إلى عادات مجتمع العرب الجاهليين، وزادت عليها مسحة الدين.
المرأة والنصوص الدينية
ففي العهد القديم، تدور نظرة اليهود حول المرأة منذ البداية التي هي لحظة الخطيئة: “التي في الإثم ولدت، وفى الخطيئة حبلت بي أمي” (مزمور 51: 7)، وفي سفر الجامعة، الإصحاح 7: “درت أنا وقلبي لأعلم ولأبحث ولأطلب حكمة وعقلا، ولأعرف الشر أنه جهالة، والحماقة أنها جنون؛ فوجدت أمرا من الموت: المرأة التي هي شباك، وقلبها شراك، ويدها قيود”. فكانت المرأة عندهم مصدر الإثم، وسبب غواية ادم، وإخراجه من الجنة.فالمرأة سقط متاع، لا قيمة أو أهمية لها. ففي الوقت الذي يحصي بنو إسرائيل عدد ذكورهم، وعدد أبكار حيواناتهم، فإنهم لا يحصون أبدا نساءهم؛ أمهاتهم وأخواتهم وزوجاتهم وبناتهم. كما أنه في سبيل تحقيق مصالح الرجل وزيادة أمواله يمكن التضحية بجسدها، فلوط يعرض على الذين طرقوا بابه ابنتيه العذراوين، ليفعلوا بهما ما شاؤوا، حماية لضيوفه: “أسألكم ألا تفعلوا شرا يا إخوتي. ها أنا ذا لي ابنتان لم تعرفا رجلا، أخرجهما إليكم فافعلوا بهما كما يحسن في أعينكم” سفر التكوين 19/6.8). أما في المسيحية، فقد تعاطف معها المسيح حين قال في حقها: “من كان منكم بلا خطيئة فليرمها أولا بحجر” (يوحنا 8: 7). أما بولس الرسول فقد جعلها مسؤولة عن الخطيئة الأولى بإغوائها ادم.
المرأة في الإسلام
قالوا إن الإسلام كرم المرأة، وإن لها ما للرجل من حقوق، فرد لها ما سلب منها في الجاهلية، فمنع وأد البنات، وأقر حقها في الميراث، وأن تعامل معاملة كريمة، وأن يؤخذ رأيها عند زواجها، وحض على عتق الرقاب، وأن الإسلام لم ينكر حقها في التعليم وتولي المناصب في الدولة.
هي من ضلع أعوج
ذكر ابن العربي أن المرأة خلقت من ضلع يحتمل الحقيقة؛ فقد روي: أن ادم نام، فانتزع ضلع من أضلاعه اليسرى فخلقت منه حواء، فلما أفاق وجدها إلى جانبه، فلم ينفر واستأنس، لأنها جزء منه. فلذلك صارت الأضلاع اليسرى تنقص عن اليمنى واحدا. ولا ندري من أين جاءنا الراوي بنقص عدد الأضلاع اليسرى عن اليمنى بضلع، وعلم التشريح يثبت وجود أربعة وعشرين ضلعا، اثنا عشر ضلعا على الجهة اليمنى ومثلها في الجهة اليسرى من القفص الصدري، وتفصل بين هذه العظام عضلات وأوعية دموية، وظيفتها حماية القلب والرئتين! وفي الحديث: (إن المرأة خلقت من ضلع، لن تستقيم لك على طريقة، فإن استمتعت بها استمتعت بها وبها عوج، وإن ذهبت تقيمها كسرتها، وكسرها طلاقها).
المرأة ومتعة الرجل
إلا أن نصوص القران والسنة والسيرة النبوية تحدثت عن أمور أخرى لا صلة لها بتكريم المرأة.
أولا: فذكرت حقوق الرجل على المرأة، وإباحة الزواج بأربع، “فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع، فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم”، أي الإماء والجواري مما ملكت أيديكم. فقد أباح الإسلام للرجل أن يجامع أمته، سواء كان له زوجة أو عدة زوجات، أو لم يكن متزوجا، ويقال للأمة المتخذة للوطء -أي للجماع- (سرية)، من السر وهو النكاح، وقد فعل ذلك الأنبياء، فتسرى إبراهيم من هاجر فولدت له إسماعيل. وفعله الرسول والصحابة والصالحون والعلماء، وأجمع عليه العلماء كلهم، ولا يحل لأحد أن يحرمه أو أن يمنعه، ومن يحرم فعل ذلك فهو اثم مخالف لإجماع العلماء.
ثانيا: وجعل القران شهادة الرجل معادلة لشهادة امرأتين: “واستشهدوا شهيدين من رجالكم فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى”.
ثالثا: وإذا تزوجت الإماء وأتين بفاحشة الزنى؛ فعليهن من الحد نصف ما على الحرائر: “فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب”.
رابعا: وإذا وقع أعداء المسلمين من (الكفار) أسرى، فيكون حال الرجال بين القتل أو الفداء أو العفو عنهم أو استرقاقهم وجعلهم عبيدا. وأما النساء فإنهن يصرن إماء وملك يمين لصاحبهن وحده، وحرم أن يشترك معه أحد في جماعها حتى لو كان ابنه، والأطفال الذكور يصيرون عبيدا، ويقسم القائد والإمام هؤلاء بين المحاربين المجاهدين.
خامسا: إذا تملك المجاهد أمة، فإنه يجوز له أن يبيعها كما يبيع متاعا في السوق. أما في عهد الدولة الأموية والدولة العباسية، فحدث ولا حرج عن استقدام الجواري، وعددهن وأنواعهن، فكان منهن السراري للفراش، ومنهن للخدمة في القصور، ومنهن للإحاطة بالسلطان ومرافقة زوجات الخلفاء، فضلا عن القيان والمغنيات.
المرأة جائزة للرجل في الجنة
وعد الله المؤمنين بجنات النعيم وبشرهم في هذه الجنات بما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، وكانت الحور العين مما بشر الله به هؤلاء، والحور العين هن نساء أهل الجنة، اللاتي أنشأهن الله إنشاء فجعلهن أبكارا عربا أترابا لأصحاب اليمين، كما جاء الوصف في سورة الواقعة، وكواعب أترابا كما في سورة النبأ، وذلك للاستمتاع بهن في الجنة، والعرب: المتحببات إلى أزواجهن، وكونهن أبكارا يقتضي أنه لم ينكحهن قبلهم أحد، “لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان”. والكواعب جمع كاعبة، وهي الناهدة، يقال: كعبت الجارية، ونهدت، والمراد أنهن نساء كواعب، تكعبت أثداؤهن، أي صار ثدي الجارية كالكعب في صدرها. وفي الحديث الذي يرويه البخاري ومسلم عن أول زمرة تدخل الجنة أن لكل واحد منهم زوجتين، يرى مخ سوقهما من وراء اللحم من الحسن. وحوراء الجنة تشتاق إلى زوجها في الدنيا، وتحزن إذا ألمه سوء، جاء في معجم الطبراني الأوسط عن معاذ عن الرسول أنه قال: “لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا، إلا قالت زوجته من الحور العين لا تؤذيه قاتلك الله، فإنما هو دخيل عندك يوشك أن يفارقك إلينا”. وورد أن الشهيد يفوز باثنتين وسبعين من الحور العين في الجنة؛ حيث يقول الرسول: “للشهيد عند الله ست خصال، ومنها أنه يزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين”.
وروى مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن أدنى أهل الجنة منزلة رجل صرف الله وجهه عن النار قبل الجنة، ومثل له شجرة ذات ظل، فقال: أي رب، قدمني إلى هذه الشجرة أكون في ظلها، ثم يدخل بيته، فتدخل عليه زوجتاه من الحور العين، فتقولان: الحمد لله الذي أحياك لنا وأحيانا لك، قال: فيقول: ما أعطي أحد مثل ما أعطيت”. وهكذا صارت المرأة متاعا للرجل في الدنيا، ومتاعا وجزاء له في الاخرة، حوريتان على الأقل لكل مؤمن في الجنة، كل واحدة منهن لها سبعون وصيفة، وهذا بجانب زوجته التي كانت في الدنيا، والتي لها سبعون وصيفة، فكيف إذا كان للرجل أربع زوجات في الدنيا؟ حتى إذا أراد الرجل جماع زوجته في الجنة، يظل في حالة جماع سبعين سنة!! حتى إذا قارب الانتهاء من الجماع الذي مدته سبعون سنة، نادته حورية أخرى قائلة: يا عبد الله، أليس لنا فيك نصيب؟
المرأة جزاؤها النار إذا عصت زوجها
روى البخاري ومسلم عن ابن عباس، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: أريت النار فإذا أكثر أهلها النساء، يكفرن. قيل: أيكفرن بالله؟ قال: ” يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر، ثم رأت منك شيئا، قالت: ما رأيت منك خيرا قط”. وعن أبي سعيد الخدري، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في أضحى أو فطر إلى المصلى، فمر على النساء، فقال: يا معشر النساء تصدقن فإني أريتكن أكثر أهل النار. فقلن: وبم يا رسول الله؟ قال: تكثرن اللعن، وتكفرن العشير، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للب الرجل الحازم من إحداكن، قلن: وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟ قال: أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل؟ قلن: بلى، قال: فذلك من نقصان عقلها، أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم؟ قلن: بلى، قال: فذلك من نقصان دينها”. وهكذا كرم الله المرأة في الإسلام، جعلها مفعولا بها دائما، وليست كائنا فاعلا حرا يملك أمره.