قانون زجر الإعتداء، هو قانونٌ قدمته الحكومة التونسية للمناقشة في البرلمان أملةً تحقيق حمايةٍ أكبر للقوات الحاملة للسلاح، ما أثار الجدل في أوساط الشعب والمكونات التونسية.
منظمات المجتمع المدني في أكثر من بيان رفضت إقرار مثل هذا القانون في تونس ووصفته بالإنقلاب على مبادئ وأهداف الثورة، في حين نظم عشراتٌ من الناشطين و الناشطات التونسيات وقفةً إحتجاجيةً أمام البرلمان التونسي قمعت من قبل رجال الأمن.
القانون المعروض للنقاش يظهر في نسخته الأخيرة بعد تعديل صيغته، كان قد تم عرضه على البرلمان منذ العام 2015م على خلفية الإعتداء الذي طال القوات المسلحة في نفس العام.
منظماتٌ حقوقية محلية اعتبرت القانون مخالفاً للدستور ويحد من حريات المواطنين، بالإضافة إلى أن اعتبار إقراره بداية تحولٍ للدولة البوليصية، فيما طالبت منظماتٌ دولية البرلمان التونسي برفض مشروع القانون الجديد بصفته مقدمةً لشرعنة الإنتهاكات الحقوقية إذا ما أقدمت عليها القوات الأمنية والمسلحة.
منظمة العفو الدولية في بيان لها يوم الإثنين الماضي، طالبت أعضاء البرلمان التونسي برفض القانون الذي سيساهم في تعزيز السلطة العسكرية والأمنية وإفلاتها من العقاب حال ارتكابها جناياتٍ بحق المواطنين بدعوى الحفاظ على الأمن.
الجدير بالذكر أن تونس حققت العام الحالي المرتبة الأولى عربياً على مؤشر الديمقراطية العالمي كأكثر دولةٍ عربيةٍ ديمقراطية، والمرتبة الخامسة والخمسين من أصل مائةٍ وستةٍ وسبعين على المستوى العالمي، نظراً للتجربة الديمقراطية الناجحة التي يعيشها الشعب التونسي بعد ثورة الربيع العربي.
ناشطون تونسيون رأوا بأن هذه الخطوة انقلابٌ على الديمقراطية التونسية وانتقام من ثورة الشباب التونسي، حيث صرحت رئيسة جمعية النساء الديموقراطيات، يسرى فرواس، في مؤتمرٍ صحفيٍ لها، بأن هذا القانون يمثل انتقاماً من عشر سنواتٍ واعتبرته انتحالاً للدستور حد تعبيرها.
“مواطن” تابعت أراء التونسيين على مواقع التواصل الإجتماعي، والذي غلب عليها طابع التخوف من مثل هكذا قانون، حيث تداول التونسيون بعض مقاطع الفيديو المنسوبة لتعذيب المحققين للمواطنين أثناء التحقيقات حسب ادعاءاتهم، متسائلين حول ما يمكن أن يؤول الأمر إليه في حال الموافقة على هذا القانون وتوفير الحماية للأمن والقوات المسلحة من تحمل المسؤولية تجاه أية إنتهاكاتٍ قد يرتكبونها.
وفي نفس الشأن انتشرت تعليقات التونسيين الساخرة من القانون بحجة أن المواطنين هم من يطلبون الحماية من القوات المسلحة وليس القوات المسلحة والأمن هم من يحتاجون للحماية من المواطنين، وخصوصاً مع قمع حركة الإحتجاج الأخيرة أمام البرلمان.
فيما دعا تونسيون أخرون لتخيل المشهد إذا ما منح هؤلاء المسلحون الحصانة القانونية التي تحميهم من طائلة المسائلة والعقاب والمقارنة بين ما ستكون عليه تونس بالدول الشمولية القمعية الأخرى في المنطقة، حيث وتداولوا صوراً لحالات قمعٍ وممارسة عنفٍ تجاه متظاهرين بصورٍ وحشية من قبل رجال الأمن.
منظماتٌ حقوقية واتحاداتٌ شبابية دعت لاحتجاجاتٍ متفرقة يوم الخميس الثامن من أكتوبر للإعتراض على القانون، فيما اعتبروا أن طرح مثل هذا القانون يعني وجود قوىً رجعية في المؤسسة الرسمية تحاول إجهاض التجربة الديمقراطية التونسية وفرض الدولة البوليسية كبديل.
وتحت وسومٍ مختلفة كــ #ما_يتعداش عبر التونسيون عن رفضهم للقانون في إنتظار تصويت البرلمان التونسي بشأنه، في حين تنتظر تونس هذه اللحظة التي قد تكون نقطة تحولٍ في مستقبلها ومستقبل الحقوق والحريات.