الرق الحديث، أو العبودية الحديثة، أوصاف يستمر الناشطون الحقوقيون العرب والعالميين في استخدامها لوصف نظام الكفالة المطبق على العمالة في دول مجلس التعاون الخليجي.
نظام الكفالة هو نوعٌ من الأنظمة التي تقرها دول الخليج لتنظيم العلاقة بين المواطن أو الجهة المحلية المتعاقدة والعامل الأجنبي وحصوله على العمل والإقامة.
نظام الكفالة يلاقى دوماً انتقاد المنظمات الدولية، فيما تستمر الدول الخليجية في تطبيقه مع العمالة الوافدة منذ سبعة عقودٍ مضت، فيما تلاقي الحكومات ضغوطاً مستمرة لتغيير طبيعة أنظمتها في التعامل مع هذا النظام.
مؤخراً، أعلنت المملكة العربية السعودية إلغاء نظام الكفالة تحت ما أسمته بمبادرة تحسين العلاقة التعاقدية مستثنيةً منه مجموعةً من المهن كالسائق الخاص، الحارس، الراعي، العمالية المنزلية والبستاني.
دولة قطر هي الأخرى أعلنت سابقاً إلغائها هذا النظام وتحسين أوضاع العمالة الأجنبية، إلا أن الأمر لاقى انتقاد ناشطين حقوقيين في هيومن رايتس ووتش الذين وصفوا الإصلاحات القطرية بالشكلية والمتلاعبة.
سبعة عشر مليون عامل، إجمالي العمالة الأجنبية الوافدة في المملكة العربية السعودية والتي تعيش تحت أكثر أنظمة الكفالة تقييداً لحرية العامل وحقوقه، في حين يستطيع الكفيل المحلي سلب العامل جواز سفره ومنعه من السفر أو تقديم رواتب منصفه وظروف عمل إنسانية وأمنة.
حامد، مغتربٌ يمني، يتحدث لمواطن عن ظروف العمل التي يعيشها في السعودية بوصفها سيئة وغير أمنة حيث يعمل في قطاع تكرير الزيوت، مشيراً إلى أنه سبق وأن لقي الكثير من العمال مصرعهم في حوادث حريقٍ في هكذا معامل كالتي يعمل.
سلطنة عمان هي الأخرى سبق وأن ألغت شهادة عدم الممانعة للعمال، إلا أنها مازالت توصف بالخطوة البعيدة عن توفير ظروف عمل إنسانية في استمرار العمل بنظام الكفالة.
من جهةٍ أخرى، فالنظام السيء السمعة يوفر غطاءً للكثير من الانتهاكات الإنسانية التي يمارسها الكفيل بحق العامل الأجنبي أبرزها الإتجار بالبشر تحت غطاءٍ قانونيٍ يوفره له نظام الكفالة، في حين يعجز العمال عن الإنتقال لأعمالٍ أخرى إذا ما شعروا بتلقيهم أجوراً مجحفة أو حصولهم على فرصٍ أفضل، فيما يبقون مهددين بالترحيل هم وأسرهم في أية لحظةٍ وفق رغبة الكفيل.
محمد، عاملٌ أجنبي في السعودية، يتحدث لـ مواطن عن دفعه مبلغ عشرة ألاف ريالٍ سعودي لقاء الحصول على إقامة عملٍ في السعودية دفعها لكفيله، فيما اضطر للعمل ما يقارب ستة أشهر لسداد هذا المبلغ، كما أنه لا يستطيع تحمل تكلفة نقل كفالته لدى رب عملٍ أخر.
منع عقود العمل وتنافس العمالة على الحصول على إقامات العمل جعل منها مصدراً للتربح لدى بعض الكفلاء، الأمر الذي أغلق الباب في وجه الكثيرين من العمال الأجانب الذين اضطروا للعمل كمقيمين غير شرعيين يواجهون ظروف عملٍ سيئة ويتلقون أجوراً منخفضة دونما ضماناتٍ على سدادها كمقيمين مخالفين يتعرضون لخطر الترحيل في أي لحظة.
من جهةٍ أخرى يعرب الكثير من العمال المقيمين عن استبشارهم بمثل هكذا قرار في السعودية يحسن من طبيعة عملهم ويسمح لهم بالإنتقال في الأعمال والسفر في فترة الإقامة وفق الشروط المحددة، أملين أن لا تكون مجرد إصلاحاتٍ شكليةٍ.
على وسائل التواصل الإجتماعي نشر ناشطون كويتون وخليجيون حقوقيون مطالباتهم بإلغاء نظام الكفالة في بلدانهم والحذو حذو السعودية تحت وسم إلغاء نظام الكفالة، معتبرين بقاء دول الخليج تطبق هذا النظام أمراً مخزياً لهم.
من جهةٍ أخرى فإن الإصلاحات السعودية التي ستبدأ في التطبيق من منتصف شهر مارس أذار العام القادم تعتبر أكثر جديةً وجوهريةً من نظيرتها القطرية، فيما ستعود بالفائدة على السعودية وتمنع الاتجار بالبشر والتربح من استغلال كفالة الأجانب، فيما ستضمن توافد عمالةٍ ماهرة ومنتجة.