برز مؤخرا في الوطن العربي تصاعد الخطاب النسوي ، ولأن عمان ليست بمنأى عن ذلك خاصة في ظل وجود مواقع التواصل الاجتماعي التي تسرع من انتقال المعلومة وبالضرورة يتبعها أشكال من الوعي؛ شاهدنا أثر هذا الخطاب بشكل جلي في مواقع التواصل الاجتماعي في عمان. في المقابل هناك صوت آخر يقابل الصوت الأول بدرجات متفاوتة وبحجج متنوعة. أهم تلك الحجج هي أن هذا الخطاب يخالف ويناقض الديني الإسلامي، والحجة الأخرى أن هذا الخطاب قد يصح في دولة أخرى تنتهك حقوق المرأة وليس في دولة مثل عمان خصصت يوما من كل عام – يوم المرأة العمانية ( 17 أكتوبر) – يحتفل فيه بالمرأة.. بوضعها السياسي في الدولة وبإنجازاتها. الحجة الأخيرة هي ما تهمنا في هذه المقاربة السريعة. هل يوم المرأة العمانية هو احتفالية للتأكيد على حقوق المرأة في عمان وتمكينها من حقوقها الناقصة أم أنه، بجانب اعتلائها المناصب العالية، وأعني المرأة العمانية، هو يوم أوجدته السلطة من أجل الدعاية السياسية ولتلميع صورتها في الداخل والخارج؟ هل وضع المرأة حقوقيا يختلف سلبا عن باقي دول الخليج والمنطقة العربية؟ ما تصنيف عمان من حيث حقوق المرأة في التصنيفات العالمية؟
في يوم المرأة العمانية لسنة 2019، نشرت “مواطن” تقريرا حول وضع المرأة في عمان بعنوان: “يوم المرأة العمانية.. حقوق مهدرة للمرأة العمانية“، ونقتبس منه هذه الفقرة: “صنفت عمان من الدول الأكثر تخلفا في تقرير الفجوة بين الجنسين العالمي 2018 الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي. إذ جاءت في المرتبة 139 من 149 دولة تضمنها التقرير على النحو التالي: المشاركة والفرصة الاقتصادية في المرتبة 137، التحصيل العلمي في المرتبة 83، الصحة والبقاء على قيد الحياة في المرتبة 49، التمكين السياسي في المرتبة 148. وحسب تقرير لـ” منظمة العفو الدولية” الصادر في فبراير 2019، فإن المرأة تعاني من التمييز في القانون وفي الواقع العملي، حيث تمنح حقوقا أقل من الرجل بموجب القانون فيما يتعلق بمسائل من قبيل الطلاق، وحضانة الأطفال، والميراث، ونقل جنسيتها لأطفالها. ولا يحظر القانون العنف بسبب النوع الاجتماعي أو الاغتصاب في إطار الزواج.
ومؤخرا نشر المركز العماني لحقوق الإنسان تقريرا حول حقوق المرأة في عمان وأهم ما جاء فيه:
“تعتبر قضية تعزيز حقوق المرأة في عمان والوطن العربي أحد التحديات التي تشهد تطورا بطيئا جدا مقارنة بغيرها من الحقوق العامة. المرأة في عمان ما زالت مكبلة بقيود عديدة مقارنة بالرجل، إذ إن الدولة التي تعتمد في تشريعاتها على الدين الإسلامي تعطي الرجل حقوقا تضعه في مكانة أعلى من المرأة.
- المادة 17 من النظام الأساسي تحظر التمييز القائم على أساس الجنس، إلا أن قوانين مثل الأحوال الشخصية والجزاء تتضمن مواد تعتبر انتهاكا لحقوق المرأة.
- رغم أن المادة 7 من قانون الأحوال الشخصية تشترط أن تكون سن الزواج بلوغ 18 عاما، تجيز المادة 10 من نفس القانون للقاضي تزويج القاصرات إن كان في ذلك مصلحتهن!
- الزوج يحق له الزواج من 4 نساء في الوقت نفسه حسب قانون الأحوال الشخصية، والمرأة من واجباتها تجاه زوجها تلبية رغباته!
- الاغتصاب الزوجي غير معرف ولا يعاقب عليه القانون العماني طالما أن من واجبات المرأة الامتثال لرغبات زوجها.
- المرأة لا يسمح لها بالعمل كقاضية.
- في المساكن الداخلية الخاصة بالمؤسسات التعليمية، تُقيَّد حركة الفتيات ولا يسمح لهن بالخروج أو الدخول إلا بتصريح من ولي الأمر.
- ولي الأمر حسب الأحوال الشخصية يجب أن يكون ذكرا.
- الفتاة غير محمية من العنف الأسري في عمان، وقانون الجزاء العماني في مادته 44، لا يُجرم أي عنف يقع على القُصّر طالما أن الفعل وقع بحسن نية.
- رغم توقيع عمان لاتفاقية السيداو في 2006، لا تزال تتحفظ على عدد من البنود مثل حق المرأة في تمرير جنسيتها لأبنائها إذا كانت متزوجة من غير عماني.
- زواج العمانية من غير عماني يشوبه الكثير من التعقيدات والعراقيل القانونية، في حين إن الرجل العماني يتمتع بميزات أفضل تسهل له ذلك.
- الطلاق يكون دائما من حق الرجل، ولا يحتاج الرجل معه إلى تقديم تفسيرات، في حين أن المرأة يجب أن تقدم ما يبرر لها طلب الطلاق مثل غياب الزوج لفترة زمنية معينة، وإلا فلن تُمنح هذا الحق.
- القانون والمُشرِّع في عمان لا يحترمان حقوق المرأة ويستمران في انتهاكها، متعللين دائما بأن بنود اتفاقية سيداو المُتحفَّظ عليها تخترق أحكام الشريعة الإسلامية ولا تضع في الاعتبار (خصوصية) المجتمع المسلم النابعة منها!”
لكيلا أكون مجحفا في الحكم، ولكيلا أكون غير موضوعي في إجابتي على التساؤلات التي طرحتها في البداية، أترك للقارئ الحكم..وبالتحديد المرأة. بيد أني سأشير إلى نقطة أراها من الأهمية أن تذكر كوجهة نظر على أقل تقدير: رغم أهمية التأكيد على حقوق المرأة إلا أن فصل الخطاب النسوي عن حقوق المرأة كمواطن قبل أن تكون امرأة قد لا يخدم القضية بالشكل الأمثل، وقد يكون تمييزا هو الآخر.. ضدها أو ضد الرجل. المرأة هي نصف المجتمع، هي نصف دولة المواطنة المنشودة، ولهذا لو وجه الخطاب النسوي للمطالبة بحق المرأة كمواطن قبل أن تكون امرأة لأصبح الخطاب أكثر نجاعة وتأثيرا.