” أقرب الجماعات الإسلامية إلى الحق وأحرصها على تطبيقه أهل السنة وهم أهل الحديث، وجماعة أنصار السنة، ثم الإخوان المسلمون ، وبالجملة فكل فرقة من هؤلاء فيها خطأ وصواب، فعليك بالتعاون معها فيما عندها من الصواب واجتناب ما وقعت فيه من أخطاء مع التناصح والتعاون على البر والتقوى” فتوى الشيخ ابن باز تسعينيات القرن الماضي بحق جماعة الإخوان المسلمين بعد توجيه سؤالٍ له حول أي الجماعات الإسلامية أقرب للحق.
أثارت فتوى لهيئة العلماء في السعودية ومفتيها عبد العزيز ال الشيخ الجدل بشأن جماعة الإخوان المسلمين وأيديولوجيات الإسلام السياسي مؤخراً، حيث أفتى ال الشيخ بضلال جماعة الإخوان وانحرافها، وقد نشرت هيئة الإفتاء السعودية فتوى ال الشيخ التي قال فيها ” جماعة الإخوان؛ لا تمت للإسلام بصلة و ضالة، استباحوا الدماء ، انتهكوا الأعراض ، نهبوا الأموال ، أفسدوا في الأمر”
هذا وقد وصفت هيئة العلماء الجماعة بالإرهابية والمنازعة لولاة الأمر، حيث جاء في بيانها ” هذه الجماعة منحرفة، قائمة على منازعة ولاة الأمر والخروج على الحكام، ولم يظهر منها عناية بالعقيدة الإسلامية، ولا بعلوم الكتاب والسنة، وإنما غايتها الوصول إلى الحكم”
الجماعة على لائحة الإرهاب
في أذار/ مارس 2014، أعلنت المملكة عن قائمةٍ سعودية خاصة بالجماعات الإرهابية، صنفت فيها جماعة الإخوان والقاعدة والنصرة كجماعاتٍ إرهابيةٍ إلى جانب جماعة الحوثيين في اليمن.
اللائحة السعودية للإرهاب وتصنيف جماعة الإخوان المسلمين كمنظمة إرهابية لقي ترحيباً مصرياً وإماراتياً، فيما أعلنت الإدارة الأميركية نيسان / إبريل 2019 دراسة الرئيس ترامب قراراً يقضي بإدراج جماعة الإخوان المسلمين على لائحة الإرهاب.
هذا وكان قد صدر مرسومٌ ملكي يقضي يمعاقبة أي سعوديٍ أدين بالمشاركة في صراعاتٍ ومعارك خارج السعودية أو الإنظمام إلى هذه الجماعات بالحبس لمدةٍ أقلها خمسة أعوامٍ وأقصاها عشرون عاماً، فيما منحت السعوديين المشاركين في القتال مع هذه الجماعات للعودة للسعودية في مدة أقصاها خمسة عشر يوماً.
الأردن كذلك أعلنت تموز/ يونيو 2020 جماعة الإخوان المسلمين في الأردن منحلةً وفاقدةً لشخصيتها الإعتبارية والقانونية، كما حظرت أنشطتها في المملكة الأردنية.
لماذا في هذا التوقيت؟
رغم أن الرياض سبق ووضعت جماعة الإخوان على لائحة الإرهاب السعودية، إلا أن إصدار فتوى هيئة العلماء ومفتي السعودية في هذا التوقيت له أهدافه حسب مراقبين.
بيان الفتوى أصدر قبل أيامٍ من عقد قمة العشرين في الرياض 21 نوفمبر تشرين الثاني، بصورةٍ أصبحت فيه تهمة الإرهاب لصيقةً أكثر بجماعات الإسلام السياسي عموماً والإخوان المسلمين على وجه الخصوص، فيما يرى تقريرٌ لدويتشه فيله بأن الأمر متعلقٌ بتحسين الصورة السعودية خارجياً، وخصوصاً مع اقتراب موعد القمة.
الفتوى تتزامن كذلك مع الحراك الأوروبي الدائر مع أزمة الإسلام السياسي عقب هجمات فرنسا والنمسا مؤخراً، وتوتر العلاقات الأوروبية مع النظام التركي الراعي لجماعة الإخوان في المنطقة.
تحالفاتٌ جديدة
من جهةٍ أخرى فإن تزامن الفتوى مع أزمة الإسلام السياسي في أوروبا، يعتبر رسالةً سعودية لأوروبا بشأن جديتها في التعاون لمكافحة خطر الإسلام السياسي المحتضن للجماعات الإرهابية.
كما أنها رسالة للمجتمع الدولي والأوروبيين بشأن رجال الدين المعتقلين في السعودية على خلفية انتمائهم لجماعات كالإخوان المسلمين، والتي أصبحت أوروبا تستشعر خطرها، فيما أقر مجلس الوزراء النمساوي مشروع قرارٍ يقضي استحداث جريمةٍ تحت مسمى الإسلام السياسي بصفته موفراً لبيئةٍ خصبةٍ للإرهاب حسب تصريح رئيس الوزراء النمساوي.
الممثل الأعلى للسياسة الخارجية في الإتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، صرّح أن علاقات الإتحاد مع تركيا تتجه لنقطة تحول، فيما وصف الرئيس الفرنسي في مقابلةٍ له على الجزيرة السياسة التركية بالأطماع الإمبريالية.
الخارجية الألمانية صرحت مؤخراً من وجوب إيقاف العبث التركي شرق المتوسط، فيما يقابلها خطابٌ بنفس الحدة في تركيا، الأمر الذي اعتبره مراقبون فرصةً جديدةً لتعميق العلاقات السعودية الأوروبية أمام العدو المشترك والتغييرات السعودية الحالية.