” أنا أنام خائفاً، أخرج خائفاً، أتحرك بصعوبة وكأنني قاتل” كانت هذه أخر رسائل شوقي نعمان في حديثه لمواطن.
شوقي نعمان، طالبٌ يمني في السنة الأخيرة في كلية الإعلام، تلاحقه قوات الأمن التابعة لسلطات الأمر الواقع في صنعاء حسب ما نقله على صفحته في موقع فيسبوك وفي حديثه لمواطن بتمهمة الهرطقة والردة.
في منتصف ديسمبر كانون الأول 2020 تعرض الصحفي والطالب شوقي نعمان للاعتداء الجسدي ومحاولة الاختطاف بعد أن وصفه أمين كلية الإعلام بجامعة صنعاء الدكتور عبد الكريم الغرسي بالمرتد والكافر.
نعمان نشر على صفحته منشوراً يصف ما حدث له من اعتداءٍ بقوله ” أنت كافر زنديق وقد جمعت عليك الأدلة يا عديم التربية والكرامة، كان هذا عنوان ومبرر الاعتداء الجسدي واللفظي الذي حدث لي اليوم من أمين عام كلية الإعلام.. وعلى مرأى ومسمع عشرات الطلاب..”
هذا وتعرض شوقي نعمان للضرب على يد الدكتور الغرسي مبرراً اعتداءه بحماية الموروث الديني الذي ينتقده شوقي على صفحته في فيسبوك وإقامته الواجب الجهادي بحق من وصفه بالزنديق والمرتد.
يضيف شوقي لمواطن ” تم استدعاء سيارتي أمن مليئةً بالمسلحين لاختطافي إلى باب الكلية لولا نجاح بعض الرفاق والزملاء في تهريبي حينها…”
أحمد سيف حاشد، عضو البرلمان اليمني، أعلن تضامنه مع شوقي نعمان وكتب على صفحته إشارةً لمجموعةٍ من الانتهاكات التي مارستها سلطات الأمر الواقع في صنعاء ” الإهداء إلى الشاب الواعد شوقي نعمان وإلى جامعة تترك العلم وتدعم التطرف الذي يفتك بطلابها..من مذكراتي:
تعيش “السلطة” وجماعتها الدينية حالة تناقض وانفصام تام، وعدم تصالح فجٍ مع ذاتها، حيث تتزمّت في أخلاقها، وتُمارسُ عُقَدها على المجتمع، وتتشدّد حيالَ التفاصيل الصغيرة، فتقمع المرأة الّتي لا ترتدي حجابا، وتتعامل بصرامة حيال من ترتدي حزام الخصر، وتعتدي على إعلانات الكوافير الذي تعتبره انفلاتا سحيقا، وسقوطا أخلاقيا مريعا..”
شوقي نعمان أعلن لاحقاً تواصل رئيس الجامعة به وطمأنته وطلب زيارته في الجامعة في اليوم التالي، وهو ما قام به شوقي نعمان قبل أن يعرف أن مسلحين يبحثون عنه في الحرم الجامعي، ليتراجع عن اللقاء مع رئيس الجامعة خوفاً من اعتقاله.
وأضاف شوقي لمواطن أن أحد المسؤولين بالجامعة حذره قائلاً له ” سيؤذيك مستقبلاً يجب أن تأخذ حذرك”
الجدير ذكره أن سلطات الأمر الواقع قامت بالعديد من الإجراءات للفصل بين الجنسين في قطاع التعليم العالي، تحت مبررات الهوية الإيمانية واليمانية، ففي تعميمٍ سابق حصلت مواطن على نسخةٍ منه، منعت الجامعة من إجتماع الطلاب من الجنسين في استراحات الجامعة بالإضافة لمنع اجتماعهم في إعداد مشاريع التخرج، فيما قامت جامعاتٌ أخرى بإصدار تعاميم تحدد اللباس الشرعي للفتيات وتمنع ساتخدامهن للعطور أو الزينة.
يقول البرلماني سيف حاشد واصفاً هذه الإجراءات التي تفرضها سلطات الأمر الواقع “.. تتحول السلطة في أحد وجوهها إلى شرطة آداب حازمة حيال القضايا التي يتبناها تزمتها، مثل موقفها من حقوق المرأة، وحريّاتها، والاختلاط، والموضة، وملابس الشباب، وحلاقة رؤوسهم، وتضيف إلى ذلك ما هو فضفاض، مثل “الحرب الناعمة” التي تُدرج فيها كلَّ ما يروق لها، أو تريد قمعَه وتحريمَه وتجريمَه تحتَ ذلك العنوان غير المُنضبط…….. “
ويضيف سيف حاشد منتقداً تخلي السلطات عن مسؤولياتها الفعلية كسلطة تجاه المواطنين بقوله ” … بالمقابل تتخلَّى تلك “السلطة” وعلى نحوٍ صارخ، عن مسؤوليَّاتِها حيالَ مواطنيها فيما هو أهم، مثل التخلي عن مسؤولية دفع رواتب الموظفين، وعدم توفير الصِّحةِ لمواطنيها، والَّتخلِّي عن التزاماتِها حيالَ مُعظمِ الخدمات، ومنها التعليم فضلا عن الرُّقي به، بعد أن تكون قد أفسدت معظمه”
المنتمين للأقليات الدينية أيضاً يتعرضون للكثير من التضييق من قبل المجتمع والسلطات الحاكمة في مختلف مناطق الصراع، فيما يواجه أبناء الأقلية اليهودية الإضطهاد والتمييز أمام القانون بالإضافة لتاركي الإسلام الذين آمنوا بديانة أخرى.
هذا ويعاني الكثير من اليمنيين تحت سلطات الأمر الواقع والمناطق الخاضعة لحكومة هادي وبقية الأطراف للقمع تحت تهم انتقاد الموروث الديني المتطرف الذي تتبناه جماعاتٌ دينية تسيطر على مصير الشعب ومؤسساته شمالاً وجنوباً، محيلةً البلاد لمقاطعات ميليشياوية صغيرة تنتشر فيها ممارسات القمع والإنتهاكات الحقوقية التي سبق وانتهت بمقتل ناشطين تنويريين في عدن من قبل الجماعات المتطرفة.