كـ فتاة عربية ، وقبل أن تقدمي على الزواج، هل فكرت مسبقاً جيداً في قرارٍ كهذا؟ أم أنك كنت مسلوبة القرار فيه؟ هل فكرت في وضعك كامرأةٍ مطلقة؟ كامرأة تجوب المحاكم بحثاً عن خلاص؟ هل فكرت أيضاً قبل أن تنجبين بأنك ربما ستنجبين أنثى؟
القصص هنا لا تختلف أبداً عن حقيقة مجتمعاتنا التي نعرفها جميعاً، تلك الحقيقة التي سننكرها على الأخرين ونستنكرها، ولكننا بالتأكيد سنفعلها حين يتعلق الأمر بنا شخصياً.
سميحة الأسدي
هل سمعتم سابقاً عن سميحة الأسدي؟ الفتاة التي قتلت في قاعة المحكمة طعناً على يد شقيقها وأمام عيني العدالة؟ إليكم قصتها.
سميحة فتاةٌ تزوجت مبكراً وفق ما أراد أهلها لها، لتجد نفسها في أخر المطاف فتاةً شابةً مطلقة. وكفتاةٍ يمنية، فعودتها كمطلقة يبقيها عاراً على الأسرة، الشكوك تدور من حولها، فليس هنالك ما يضمن عفتها بعد أن فقدت عذريتها، وعيون الكثير تبحث عنها كبقية فريسةٍ يمكن لهم التسلية معها دون عواقب.
ماذا إذا فكرت سميحة بالزواج وفق رغبتها وباختيارها في المرة الثانية؟ هل ستستطيع فعل ذلك؟ وهل سيقبل أهلها والمجتمع الذكوري بذلك؟ هذا ما فعلته سمية.
أحبت سميحة شاباً أرادت الزواج منه، ولكن ما إن علمت أسرتها بأنها تحب هذا الشاب فهذا محرم، إن أسوأ ما يمكن أن تكون عليه أسرةٌ في مجتمعٍ كهذا هو أن تتزوج ابنتهم من رجلٍ تريده، وأعظم ما يرفع من شأنهم هو زواج ابنتهم من رجلٍ لا تعرفه.
رفضت أسرة سميحة الأسدي أن تزوجها بالرجل الذي أرادته، وهو ما اضطرها لرفع قضية عضدٍ تجاه والدها في المحكمة، وقضية العضد هو أن المرأة العربية كإنسان ناقص لا بد له من وليٍ يزوجه، وإذا كان الأب رافضاً تزويجها، فيمكن لها أن تختار القاضي ليكون وليها كإنسانٍ ناقص.
رغم كل ذلك، لم تصل سمية لغايتها في توكيل وليٍ أخر عليها ليزوجها، فقد قتلها اخيها طعناً في قاعة المحكمة، وبالطبع صدر بحقه الإعدام بعد ذلك وتنازل الأب بدوره عن دم ابنته ليخرج الأخ القاتل حراً طليقاً وسط احتفاءً من الأهل والأصدقاء برجلٍ غسل شرفه المعلق بحياة أخته وقراراتها.
تقول ندى الأهدل تعليقاً على المجتمع الذكوري وتعامله مع هذه الحادثة ” خذلوا الطفلة خديجة، وخذلوا سمية الأسدي، وخذلوا الطفلة مأب، وخذلوا كل الضحايا، ولكنهم لو وجودوا قاتلاً أو مجرماً يعلنون حملات تبرعات لإنقاذه وإخراجه من السجن.. شعوب تدعم القتلة وتخذل الضحايا الأبرياء، ماذا نطلق عليهم؟..”
شيخة العجمي
شيخة العجمي هي امرأةٌ كويتية تعمل ضابط أمن في مجلس الأمة الكويتي، لكن لأنها امرأةٌ في مجتمعٍ عربي، فعملها كان عيباً بالنسبة لأخيها الذي رأى في ذلك إهداراً لشرف العائلة الذي يوجب عليه حجر اخته في غرفتها حتى تموت.
سدد شقيق شيخة العجمي الأصغر ثلاث طعناتٍ لها طرحتها قتيلة، لكن كيف تعامل القانون الكويتي معه؟
محكمة الجنايات في الكويت قامت بتعديل التهمة من القتل للضرب، وبهذا فقد أًدرت بحقه حكماً يقضي بسجنه سنتين، الأمر الذي أثار سخط الكثير من النساء الكويتيات اللاتي تساءلن ” ماذا إذا كانت المرأة هي من ارتكب الجريمة؟ هل سيحكم عليها بالسجن عامين أم الإعدام لأنها امرأة؟”
الكاتب والسياسي اليمني علي البخيتي علق على الحكم في حسابه على تويتر بقوله ” … عدلت محكمة الجنايات التهمة من القتل للضرب وحكم عليه بالسجن سنتين.. نفس القضاء حكم على كويتي من فئة البدون بالسجن أربع سنوات لبيعه ألعاباً نارية.. قوانيننا داعشية وأرواح نسائنا رخيصة”
وأضاف مستنكراً ” شيخة العجمي تحرس مجلس الأمة الكويتي الذي أبيح دمها فيه عبر إقرار قوانين تمنح الأهل صلاحياتٍ واسعة حتى في قتل أبنائهم والتنازل عن القصاص، ما يضيع حق الضحايا، وأغلبهم بالطبع من النساء. المجتمع والدولة شركاء في دمها”
أروى الصانع
إذا ما كنت فتاةً عربيةً وفكرت بالزواج، فتذكري أروى الصانع، وإذا ما كنتي امرأةً وأماً تطلب الطلاق تذكري أروى الصانع، وإذا أردت أطفالك، أيضاً تذكري أروى الصانع.
أروى الصانع امرأةٌ يمنية وأم لطفلٍ من زوجٍ قطري تقيم في العاصمة القطرية الدوحة، بعد أن نالت طلاقها، قضت أروى أربع سنين من عمرها في قاعات المحاكم لأخذ حقها في حضانة طفلها، وهو ما حكمت به المحكمة بعد أربعة أعوامٍ من الطلاق.
أروى الصانع، خارج مبنى محكمة الأسرة في الدوحة تحتضن طفلها للمرة الأخيرة قبل أن يسكتها زوجها بطلقةٍ أخيرة سكنت رأسها أمام طفلها.
الناشطة النسوية القطرية عائشة القحطانية علقت على الحادثة قائلةً ” لا يوجد مجرم يقتل نفس على عتبة المحكمة وأمام الملأ إلا وقد أمن العقوبة”
أمام القانون
القوانين التقليدية في معظم البلدان العربية تمنح عقوباتٍ مخففة ومتهاونة مع المجرمين الذكور في حال كون الضحية أنثى، كما أن معظم قوانين الببلدان العربية المستندة للشريعة تمنح المرأة ديةً أقل من تلك التي تدفع لأهل الضحية إن كان ذكراً.
وتحت عنوان جرائم الشرف، زواج المغتصب وقوانين الولاية الشرعية، تهدر دماء النساء العربيات بتسهيلاتٍ قانونية تخفف من العقوبة إذا ما كان الجاني من أقاربهن أو تنازل ذويها عن دمها لصالح الجاني، فيما تتخلف المؤسسات الرسمية عن القيام بدورها في توفير الحماية للنساء.
دول العالم العربي موقعةٌ أيضاً على اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة، ولكنها رغم ذلك لا تترجم تعهداتها بخطواتٍ واقعية، حيث تمارس السلطات التمييز تجاه المرأة في شتى مجالات الحياة وتحرمها من أبسط الحقوق المتمثلة في حريتها في الحياة خارج السلطة الذكورية.
وللسخرية، المرأة العربية لوحدها، إن لم يكن لها أبٌ أو زوجٍ يتولى السلطة عليها، فإن ابنها هو من يتولى السلطة عليها شرعاً، ويمكنه أن ينال حكماً مخففاً إذا ما نال منها تحت عناوين جرائم الشرف أو التأديب.
أروى الصانع، شيخة العجمي، سمية الأسدي وغيرهن الكثير، كن نساءً كغيرهن من النساء اللاتي أردن العيش ولكن ذنبهن الوحيد أنهن نساءٌ عربيات.
شاركونا قصصكن/م على مواطن