مثلت فترة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب فترة تراجعٍ كبيرٍ في أداء ملف السياسة الخارجية الأميركية ، وخصوصاً في الشرق الأوسط، الأمر الذي جعله ينفذ اتفاقيات إبراهيم في تطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل في الأشهر القليلة الأخيرة التي يقود فيها حملته الإنتخابية.
إيران، ورغم العقوبات الإقتصادية القاسية التي خضعت لها، استطاعت الحفاظ على مكاسبها التي حققتها في العقد الأخير في محيطها الإقليمي، وبقيت الفاعل الحقيقي على الأرض، في ظل تراجعٍ للدور الأميركي الذي أداره ترامب وحلفاؤه بتهورٍ بالمعنى الحرفي، وخصوصاً في العراق واليمن، وهو الأمر الذي سيفرض على الإدارة الأميركية الجديدة التعامل مع ملفات المنطقة بطريقةٍ مختلفة. ربما خارطة مصالح جديدة.
تركة الراحل
ترك الرئيس ترامب لخلفه ميراثاً ثقيلاً متوزعاً بين الأزمات والبؤر المشتعلة وخطوط التماس المتوترة بين مختلف القوى الإقليمية الفاعلة في المنطقة، لذا نحن في حاجةٍ لأخذ نظرةٍ أقرب لما يحدث في ضفاف الصراع.
في العراق، انهارت خطوط تقاسم المصالح الإقليمية وتحولت التفاهمات الدولية بين الأطراف الفاعلة في الشأن العراقي إلى صراعاتٍ شبه خشنة ومحدودة ولكن تترقب فيها جميع الأطراف احتمالية نشوب مواجهةٍ شاملة قد يكون العراق المسرح الرئيسي فيها.
السفارة الأميركية في العراق خفضت من أعداد موظفيها واضطرت للإنتقال لإقليم كردستان بعد الضربات المستمرة التي تستهدف المنطقة الخضراء منذ اغتيال الأميركيين لقائد فيلق القدس قاسم سليماني والقيادي في الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس مطلع يناير 2020 وما تبعها من ردٍ إيرانيٍ محدود في استهداف القواعد الأميركية بضرباتٍ صاروخيةٍ انطلقت من الأراضي الإيرانية بعد حادثة الإغتيال بأيام.
الصراع في العراق لا ينطوي على التواجد العسكري الخارجي فقط، وإنما يتعداه إلى أبعد من ذلك، وهو الإستحواذ على صفقات الإعمار والتنمية في العراق. في العام 2018 دخلت ألمانيا في أزمةٍ مع الإدارة الأميركية في حينه، حين ضغطت الأخيرة على الحكومة العراقية للانسحاب من صفقةٍ متعلقةٍ بعقود الكهرباء، والتي كانت قد وقعت فيها تفاهماتٍ مع شركة سيمنس، لصالح شركة جنرال إلكتريك الأميركية.
الأتراك طرفٌ ثالثٌ بدأ يوسع من خارطة مصالحه في العراق مستهدفاً السوق العراقية وتوسيع تدخلاته العسكرية في شمال العراق متوغلاً لأكثر من ثلاثين كيلومتراً في الأراضي العراقية لدواعٍ أمنية حسب زعم الرئيس التركي.
سوريا هي الأخرى ليست ببعيدة عن الوضع العراقي، إيران والروس هم الطرف الأقوى على الأرض والذي استطاع حماية النظام السوري وخلق تواجدٍ عسكريٍ إيرانيٍ على الحدود مع إسرائيل. الأتراك يحتلون الشمال السوري لذات المزاعم الأمنية في الخوف من الأكراد رغم معارضة الولايات المتحدة لذلك أيضاً.
وعلى الجانب الجنوبي من شبه الجزيرة العربية، عمدت سياسات الرئيس ترامب لإيكال الأمر للحليف السعودي وإيقاف الجهود الدبلوماسية لعملية صنع السلام التي كانت قد بدأتها إدارة سلفه بقيادة وزير الخارجية جون كيري، حيث يقول السفير الأميركي الأسبق، جيرالد فايرستاين، بأن مبادرة توجيه اليمن التي كان يقودها ونائب وزير الدفاع المساعد للشرق الأوسط لم تلاقِ اهتمام إدارة الرئيس ترامب، فيما كان الهم الأكبر ضمان تدفق أموال صفقات الأسلحة.
والنتيجة، أصبح من الواضح جلياً أن الوضع خرج عن سيطرة الأميركيين، وإيران وحلفائها الحوثيون هم الطرف الأقوى في معادلة الحرب اليمنية وعلى طاولة المفاوضات أيضاً حتى اللحظة.
أمن الحلفاء والحاجة الأشد لتحالفهم
أعدت الولايات المتحدة نفسها على مدى عقدٍ كاملٍ مضى لإنهاء الحاجة الإستهلاكية للنفط الخليجي، حيث وأنه ظل يمثل عقبةً محرجةً لها في زعم دعم الديمقراطية ومناهضة الإستبداد السياسي حول العالم، وقد نجحت في ذلك منذ أن أصبحت تنتج ما يقارب العشرين مليون برميل من النفط الصخري لحاجتها اليومية من الطاقة المستهلكة في الولايات المتحدة.
لكن رغم ذلك، يبدو بأن هذا الإجراء لم يقلل من شأن العلاقة مع الخليجيين واستغناء واشنطن عن استهلاك النفط الخليجي، بل إن عوامل أخرى خارج حسابات واشنطن وبسبب مجموعةٍ من الأخطاء الفادحة التي ارتكبتها الإدارة السابقة في البيت الأبيض زادت من الحاجة الأميركية لنفط الخليج.
العلاقة مع الحلفاء في الخليج، وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية، أضحت أكثر أهميةً من ذي قبل، فأمام الطموحات الصينية في ابتلاع الأسواق العالمية وإقصاء الولايات المتحدة من على عرش أكبر اقتصاديات العالم، يبقى الخليجيون الصديق الأقرب لواشنطن في أكبر عملية تنافسٍ إقتصاديٍ مستقبلية.
للتوضيح أكثر، أصبحت الولايات المتحدة خارج أكبر الأسواق العالمية في المنطقة الأسيوية ودول المحيط الهادئ بعد خروج ترامب من اتفاقية التبادل الحر بينها وبين هذه الدول، والتي كان قد أبرمها الرئيس أوباما سابقاً، في الوقت الذي أعلنت الصين اتفاقاً أخر موازياً يقصي الولايات المتحدة منه في نوفمبر 2020.
عوامل سياسية إقليمية وأخرى إقتصادية عالمية تزيد من أهمية هذه العلاقة لدى واشنطن، والتي بالتأكيد ستحاول محافظتها على ذات التأثير التاريخي على الدول الخليجية وعلى رأسها السعودية. لكن كيف يمكن المحافظة على هذا التأُثير؟ هل تستمر واشنطن في استغلال فزاعة إيران للحفاظ على تأثيرها على العلاقة مع الخليج؟
استمرار التأثير
في حرب الخليج الثانية، أخرجت قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة الجيش العراقي من الكويت، ولكن لم تقم باجتياح العراق بعدها، وإنما أطبقت عليه حصاراً خانقاً لأكثر من عقدٍ من الزمن قبل أن تجتاحه العام 2003.
البعض علل ذلك بأن الولايات المتحدة وقوات التحالف التزمت بالقرار الأممي القاضي بإخراج القوات العراقية من الأراضي الكويتية فقط وإعادة السلطات الكويتية للكويت.
من وجهة نظرٍ أخرى، يُنظر إلى أن الإجتياح العراقي للكويت منح واشنطن فرصةً ذهبية لتوسيع حجم تأثيرها على أهم الدول المصدرة لموارد الطاقة في العالم، في الوقت التي لا تستطيع أن تقوم دول مجلس التعاون بحماية نفسها أمام التهديدات العراقية وطموحات صدام حسين التوسعية لعدة أسباب، أهمها الإنقسام الخليجي حول قرار توسيع حجم وقدرات قوات درع الجزيرة ومن سيكون المسيطر والمؤثر الفعلي عليها وكيف سينعكس ذلك على تأثير الدولة الأكبر في المجلس إذا ما تزعمت قوةً عسكريةً بهذا الحجم.
أبرز الرافضين في حينه للمقترح السعودي القاضي برفع قدرات قوات درع الجزيرة كانت سلطنة عمان والإمارات لأسبابٍ ومخاوف متعلقةٍ بحيادية القوى المشتركة لمجلس التعاون ومقراتها وقياداتها في ظل وجود تفاوتٍ كبيرٍ في التأثير السياسي والإقتصادي المحتمل.
الأميركيون هم الحل. الطرف الأقرب لأنظمتنا والأقوى لحماية موارد الطاقة ودول الخليج، وأيضاً الأكثر اهتماماً، كان هذا إجماع الرأي الخليجي في ذلك الوقت.
لذا بقاء التهديد العراقي أصبح ضماناً في المقابل لشرعنة التواجد العسكري لواشنطن في المنطقة، حتى اجتياح العراق واستغلال تهديدٍ جديد.
إذا ما أعطينا هذا التحليل احتمالاً، فمن مصلحة الإدارة الأميركية الجديدة تأجيل المعركة مع طهران الأن، على عكس الرغبات الإسرائيلية بالطبع، وهي ذات الرغبة التي تتشاركها مع واشنطن 2021 معظم دول الخليج إن لم نفترض جميعها.
الإمارات تعرف ما الذي يمكن أن تخلفه المواجهة المباشرة مع طهران على أراضيها، ولذا تحاول الحفاظ على علاقاتٍ مستقرة ومتوازنة من جهتها، وإن تحت الطاولة. الكويت، عُمان وقطر أيضاً ترى أهمية دعم الإستقرار على ضفتي الخليج للحفاظ على توازنٍ إقليمي يكبح جماح جيرانها، وخصوصاً بعد تطورات الأزمة الخليجية التي انتهت بمصالحةٍ هشة، بالإضافة لحجم الخسائر التي قد تلحق بها كدولٍ تقع على خط النار إذا ما وقعت مثل هذه المواجهة.
معطيات التعامل الخليجي مع أحداث التوترات الأميركية الإيرانية عقب اغتيال قائد فيلق القدس الإيراني وحوادث تفجيرات ناقلات النفط في الموانئ الإماراتية العام الماضي يؤكد معرفة الخليجيين لحجم خسائرهم في حربٍ كهذه، ولذا فالوصول لتفاهماتٍ شاملة ومنصفة ستكون أٌقل خسارة بالنسبة لخسارة الحرب. لكن ما هي هذه الحلول المنصفة؟ سنأتي عليها.
أمن إسرائيل
استطاعت إسرائيل استغلال تواجد الرئيس الأميركي ترامب في البيت الأبيض في الدفع نحو تطبيع العلاقات رسمياً مع دول الخليج وإحراز اعترافٍ أميركي بشرعية التوسع الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية.
طموحات نتنياهو في حقيقة الأمر كانت أبعد من ذلك. حاول نتانياهو جمع الخليجيين من حوله ونيل رعاية واشنطن لحربٍ وجودية شاملة مع إيران، وهو بالطبع ما لم تأتي به الرياح.
رغم أنه من المبكر القول أن إيران استطاعت خلق معادلة توازن القوى قبال القوة الأميركية، الإيرانيون خفضوا التزاماتهم في الإتفاق النووي كرد فعلٍ على الإنسحاب الأميركي، فيما وصلت نسبة تخصيب اليورانيوم لعشرين بالمائة حسب الإعلان الأخير للجهات الرسمية في نظام طهران، يتقدمون بنجاحٍ وجهودٍ مستمرة في تطوير أنظمتهم الصاروخية في إطار ما يسمى ببرنامج الدفاع الصاروخي، أصبحوا على الحدود مع الجولان، تمكنوا من إنشاء قواعد عسكرية ممتدة على الخارطة السورية، واستطاعوا تحويل جماعةٍ أقلية في اليمن لقوةٍ إقليميةٍ.
هذه العوامل وغيرها زاد من مخاوف تل أبيب التي أصبحت ترى أن الحرب في أٌقرب وقتٍ هي الحل الوحيد للتهديد الذي تمثله إيران وامتداداتها في المنطقة عليهم، لذا بقيت تستفز الإيرانيين في سوريا وتدفع الإدارة الأميركية السابقة للدخول في حربٍ شاملة بقي يحذر وزير الخارجية الإيرانية ترامب من التورط فيها حتى اللحظات الأخيرة لتسليم السلطة في البيت الأبيض.
ومع الإدارة الجديدة التي استمرت في التأكيد على عودتها للبرنامج النووي الإيراني، جهزت إسرائيل قائمة مطالبها الخاصة بأي مفاوضاتٍ إيرانية أميركيةٍ قادمة وشروها المسبقة للرغبة الأميركية في العودة لاتفاق ألية العمل المشتركة.
على رأس هذه الشروط كانت مطالب الحفاظ على الضغط الإقتصادي وعزل إيران من النظام المالي العالمي، شمل برنامج دفعها الصاروخي في الإتفاق السابق، منعها من امتلاك أو تطوير صواريخ تحمل رؤوساً نووية، دعم المعسكر الغربي في الشرق الأوسط وتوسعته بعد اتفاقات إبراهيم التي قادها سلف الرئيس بايدن، بالإضافة لإشراك إسرائيل في كافة مجريات المفاوضات مع الإيرانيين.
مطالب ذات سقفٍ عالٍ يأمل منها الإسرائيليون في وضع عقباتٍ أكبر أمام محاولة الإدارة الأميركية الجديدة للوصول لحلولٍ سلمية مع نظام الجمهورية الإسلامية. والسؤال هو هل تقبل إيران بذلك؟
في جعبة بايدن
خارطة مصالح جديدة
استمرار التأثير في العلاقة مع الخليج ( بقاء التهديد الإيراني، وتحقيق استقرارٍ أمني يمنع نشوب مواجهات شاملة على ضفتي الخليج ) مثالاً البقاء في محاصرة للعراق وعدم اجتياحه مباشرة لأكثر من عقدٍ من الزمن، لتوفير مبررٍ للتواجد الأميركي وزيادة حاجة الخليج لواشنطن.
إذا ما افترضنا مضي الإدارة الأميركية الجديدة كسابقاتها في استغلال صراعات المنطقة للحفاظ على تأثيرٍ أقوى لها في علاقاتها الإستراتيجية مع دول الخليج، والتي قد تعتبر الأكثر أهميةً في هذه اللحظة التاريخية في دخول واشنطن عصراً جديداً من الصراع مع ثاني أقوى إقتصاديات العالم، الصين، وخصوصاً مع تقدم الأخيرة عليها حتى اللحظة في كثيرٍ من النواحي التي استغلت فيها أخطاء إدارة الرئيس الأميركي السابق ترامب، فهذا يعني أنها لن تخاطر بدخول مواجهةٍ حاسمةٍ مع إيران أو امتدادتها في بقية دول الشرق الأوسط.
وسواءً كانت هذه رؤية الإدارة الأميركية لأهداف سياساتها القادمة في المنطقة أو كانت أهدافاً أخرى مخالفة، فهي لا تختلف في النتائج، إذ يبدو أن السياسة الأميركية في المنطقة ستتبع ذات الإستراتيجية التي تحقق هذه الأهداف.
يمكن أن نسمي هذه السياسات الجديدة بخارطة مصالح جديدة في الشرق الأوسط، تعيد تقسيم دوائر ومساحات النفوذ بين اللاعبين الإقليميين والدوليين في الشرق الأوسط.
اتفاقٌ شامل
قبيل الإنتخابات الأميركية ومطلع العام 2020، خرج السيناتور الأميركي بتصريحاتٍ تقول بأن مشاكل منطقة الخليج لا يمكن حلها باتفاقاتٍ جزئيةٍ حول الإتفاق النووي أو التواجد الأميركي والإيراني في العراق أو دور الأخير في اليمن.
قال مورفي بأن واشنطن في حاجةٍ لإتفاقٍ شامل مع طهران بتواصل مباشرٍ بين الطرفين وليس عبر قنوات خلفية تنقل وجهات النظر، معارضاً سياسات الرئيس ترامب أنذاك في الشأن الإيراني.
في خطابٍ له مؤخراً، أعلن الرئيس الأميركي بايدن بأن الحرب في اليمن يجب أن تنتهي، مضيفاً إيقافه إمداد المملكة العربية السعودية بالسلاح في حربها مع مشاركته في دعمها ي حقها في الدفاع عن نفسها أمام التهديدات الخارجية.
من جهةٍ أخرى، هل يمكن حقاً من وجهة نظرٍ واقعية صناعة إتفاقٍ شامل يعيد ترسيم خارطة المصالح بين المعسكرين الغربي والإيراني في المنطقة وفق معطيات الأحداث على الساحة؟
مناطق نفوذ
السفير الأميركي السابق في اليمن، جيرالد فايرستاين، والذي يقود مبارةً لعملية السلام في وزارة الدفاع الأميركية، تحدث عن تخلي الحوثيين عن إيران وتحسين علاقاتهم مع السعودية، والذي بالطبع وصفه بأنه سيكون ضمن اتفاقٍ وتفاهمات مشتركة شاملة مع الإدارة الأميركية الجديدة وإيران.
تخلي إيران عن جماعة أنصار الله وضمان الحركة مستقبلاً سياسياً أفضل وتحالفاتٍ جديدة تفرضها الواقعية الجيوسياسية، فيما تتراجع السعودية عن التوغل في الشأن العراقي الذي بدأت تنشط فيه مؤخراً بعد فتحها للحدود مع العراق واستثمارها في القطاع الزراعي العراقي، قد تبدو للوهلة الأولى رؤيةً متقدمة للأميركيين. هل يعيد هذا التقسيم فكرة الهلال الشيعي والهلال والسني؟ الجواب بالطبع لا، فالوضع أكثر تعقيداً من ذلك.
قد يكون من المقبول أو المطروح من وجهة النظر الأميركية إعادة ترسيم حدود المصالح الإقليمية وفق هذه الرؤية، ورغم أنها قد تكون رؤيةً حالمةً لا تراعي الإمتدادات الأيديولوجية، إلا أنها لا تزال محتملةً إذا ما تحسنت ظروف حلفاء واشنطن وظروف الملفات الأخرى.
لكن ماذا عن سوريا؟ إسرائيل؟ العراق؟ والأهم من كل ذلك، ماذا عن الإتفاق النووي والعقوبات الأميركية وعلاقتها بكل هذه الملفات؟
الاتفاق النووي
مجدداً، أكد الرئيس الأميركي أن الحل الوحيد للتعامل مع البرنامج النووي الإيراني وضمان سلميته ومنع النظام في طهران من امتلاك سلاحٍ نوويٍ هو البرنامج النووي.
وزير الخارجية الأميركي صرح بأنه لا مشكلة لدى بلاده في العودة للاتفاق النووي إذا ما عادت طهران وأوفت بالتزاماتها في الاتفاق، وهو الأمر الذي قابله الإيرانيون بالتساؤل لماذا عليهم العودة لإلتزاماتهم مع أنهم ليسوا من خرج الإتفاق وإنما الأميركان. من جهةٍ أخرى يطالب الإيرانيون برفع العقوبات الأميركية كاملةً كشرطٍ لوفائهم بالتزاماتهم في الإتفاق.
هذا يعني تدفق النفط الإيراني دون قيود للسوق العالمية وتدفق أموالها في الخارج لدعم استقرار السوق المحلية، ولكن على الطرف الآخر ترى إسرائيل أن هذا سيساهم في دعم نظام الأسد والتواجد الإيراني في سوريا وحزب الله في لبنان، ولذلك كان الحفاظ على القيود الإقتصادية أحد مطالبها مع الإدارة الأميركية في أي مفاوضاتٍ قادمة.
أحد العوائق الأخرى التي تقف في طريق العودة للاتفاق النووي وبحث ملفات المنطقة هو الاختلاف الإيراني الأميركي حول برنامج الدفاع الصاروخي الذي أعلن البيت الأبيض عن ضرورة بحث هذا الملف كإتفاقٍ ملحقٍ بالإتفاق النووي، فيما كان رد المرشد الإيراني الأعلى بأنه لن يحاور الأميركان حول هذا الملف، إذ قال ” سيقولون لنا أوقفوا برنامج تطوير الصواريخ، سنقول لهم لن نفعل”
المشهد من إسرائيل يوحي أنها تبحث عن حربٍ يتحمل تكلفتها أصدقائها الجدد وحليفها الأزلي، أصدقائها الجدد يلعبون بالنار مع علمهم حجم خسارتهم في مواجهةٍ كهذه.
المشهد من واشنطن، إدارة محرجة في علاقاتٍ سيئة ووضعٍ محرجٍ أمام التنين الصيني المتوسع على حسابها، وتحدياتٍ هي الأكبر في تاريخها في الشرق الأوسط، عالقةً بين مصالح الحلفاء والأعداء، والإتفاق النووي بنظرها هو الحل الوحيد لقمع مخاوفها ومخاوف حلفائها الإقليميين.
الإدارة الأميركية تبدو وكأنها بدأت بتفكيك الأزمات في المنطقة، بدءاً من الحرب اليمنية وأمن الحليف السعودي، حيث من المرتقب رفع جماعة أنصار الله الحوثيين من قائمة الجماعات الإرهابية عقب إيقافها لصفقات سلاحٍ مع السعودية وتعيين مبعوثٍ أميركيٍ خاصٍ باليمن وتأكيد بايدن على وجوب إنهاء الحرب، وتجديده وقوفه لجانب السعودية في تحقيق أمنها.
المشهد من طهران، يرون أن على الإدارة الأميركية أخذ زمام المبادرة، والمتحدثة بإسم البيت الأبيض تقول بأن الكرة في ملعب إيران للوفاء بالتزاماتها النووية.