مفصولة الرأس، مقطعة الأوصال ومبعثرة، وجدت الشرطة الجزائرية منتصف شباط/ فبراير 2020 بقايا جثة الشابة كنزة السادات بعد تقديم والديها المطلقين بلاغين منفصلين عن اختفاء كنزة.
التحقيقات أسفرت عن حدوث الجريمة في منزل والدها الذي قتلها وقطع جثتها في حمام المنزل ثم رماها في أكياس متفرقة في الغابة ومناطق بعيدة.
معلومات أخرى تداولها رواد مواقع التواصل الاجتماعي بأن والد كنزة كان سبق وأن قام بقتل شقيقها وخرج من السجن بعد فترة قصيرة، كون القانون الجزائري لا يعتبر قتل الوالد لأبنائه جرماً يستحق عقوبة الإعدام ولا ترقى لمستوى جرائم القتل.
مقتل الشابة كنزة السادات ترك جدلاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي في البلدان العربية، حيث شهدت القضية تضامناتٍ وإداناتٍ واسعة من قبل نشطاء حقوق الإنسان والناشطات النسويات.
الروائية الخليجية ليلى المطوع أدانت الحادثة وعلقت عليها في صفحتها على تويتر “… قتلها والدها المجرم، قطع جثتها ورماها في الغابة، والذي سبق وقتل ابنه وأفرج عنه قبل انتهاء محكوميته. مو كل عائلة حنونة على أطفالها، هناك بشر مجرمين حتى لو كان أحدهم فرد من العائلة..”
على الجهة الأخرى، رانيا زيلا، ناشطة جزائرية على وسائل التواصل، شاركت مواطن مجموعةً من تعليقات رواد مواقع التواصل التي قامت برصدها، والتي أيدت فعل الأب بقتله ابنته إذا ما كانت على خلفية قضية شرف.
أحد التعليقات لفتاةٍ تدعى رضوى رضوان تقول فيها “عادي إذا فعلت الفاحشة، أم أنكم صرتم تفكرون كل شيء وتختبئون وراء القانون الفاسد”.
شخصٌ آخر يسمى رباح بن، قال بأن هذا نتيجة طبيعية عندما تلعب الفتيات بما أسماه بشرف العائلة.
مواطن تابعت الكثير من التعليقات السلبية على مواقع التواصل، والتي لم تثرها بشاعة الجريمة بالقدر الذي أثار فيها بعض الشباب مبرراتٍ رأوا فيها بأن الضحية تستحق ما فُعِل بها، وأن والد كنزة قد قام بعملٍ يرونه نبيلاً من وجهة نظرهم.
على خلفية ذلك، شاركت فتياتٌ وشبابٌ نسويون مواطن الحديث والتعليق حول القضية وآرائهم عن أسباب ظاهرة العنف الأسري تجاه المرأة العربية في مجتمعاتٍ مختلفة.
بين فترةٍ وأخرى تظهر أخبار عن حوادث تعنيف أسري بحق نساء عربيات من بلدان مختلفة في العالم العربي، فيما تشير الدراسات إلى ارتفاع نسب العنف تجاه النساء في ظل غياب الدور الحكومي للحد من هذه الظاهرة، في الوقت الذي تسهل فيه التشريعات في غالب دول المنطقة حدوث جرائم أسرية مانحةً إياها عقوباتٍ مخففة.
37% من النساء العربيات تعرضن لعنفٍ جسديٍ أو جنسيٍ لمرةٍ واحدةٍ على الأقل في حياتهن حسب إحصائيةٍ للأمم المتحدة، رغم أن الرقم الواقعي أكبر من ذلك بكثير، لصعوبة الحصول على معلومات حقيقية وشاملة في مثل هكذا مواضيع في مجتمعاتٍ محافظة.
مواطن سبق وأن نشرت تقريراً يتحدث عن مستويات العنف ضد المرأة في المنطقة العربية.
أحاول أن أنسى كل شيءٍ أتعرض له وأهتم بدراستي على أمل أن أرتاح من هاد الوضع شي يوم.."
بسبب غياب القانون صرنا ببلد غابة
في إجابتها على سؤالٍ حول أسباب ظاهرة العنف الأسري تجاه المرأة، قالت ريتال، شابةٌ سورية، بأن أنواع العنف لا تقتصر فقط على العنف الجسدي، حيث أفادت بأنها هي تتعرض للتعنيف النفسي في أسرتها، واصفةً ذلك بأنه أشد وقعاً عليها من التعنيف الجسدي.
تقول ريتال “أنا حالياً عم أتعرض لتعنيف نفسي أكثر مما هو جسدي.. أحاول أيضاً أن أنسى كل شيءٍ أتعرض له وأهتم بدراستي على أمل أن أرتاح من هاد الوضع شي يوم..”،
فتياتٌ أخريات أفدن بأنهن يتعرضن لشتى أنواع التعنيف ولكنهن لا يفضلن الحديث عن ذلك خوفاً، تقول صابين “… لدي قصصٌ يشيب لها الرأس، ولكن أخاف الحديث عنها على السوشيال ميديا..”،
هديل محمد، شابةٌ جامعيةٌ سورية، تصف الوضع في سوريا بأنه لا يقتصر على العنف الأسري وإنما على العنف كظاهرة اجتماعية إجمالاً، وتقول “إذا بحكيك عن سوريا فبقلك مو بس قتل النساء والتعنيف، قتل وين ما كان لأطفال وشباب، القتل صار عادي وبطرق مجرمة وبشعة وبدم بارد..”،
تضيف هديل بأن السبب الذي تراه حول انتشار ظاهرة العنف في بلدها بأن السبب يرجع لغياب القانون، حيث تقول “بسبب غياب القانون صرنا ببلد غابة”.
في الكثير من دول المنطقة العربية والتي تستند معظم التشريعات القانونية فيها للشريعة الإسلامية، تستمر القوانين والسلطات القضائية في التستر على ذكور الأسرة وإعفائهم من نيل عقوباتٍ رادعة جراء تعنيف أو قتل أحد فتيات الأسرة، بدعوى أن الشريعة الإسلامية لا تقول بأن الأصل يؤخذ بفرعه، أي أن الوالد لا يعاقب لما يفعله بولده، وفي إطار ذلك له الحق في إعفاء بقية الذكور من العقوبة في حالة ارتكابهم للجرم بحق إناث العائلة.
في سلسلة نقاشاتٍ مع فتياتٍ وشبابٍ ناشطين في الحراك النسوي، تقول سابرينا لمواطن بأنه رغم الإصلاحات القانونية في المنطقة العربية إلا أنه لا يطبق، واصفةً إياه بأنه مجرد حبرٍ على ورق، مضيفةً بأن المرأة هي الأكثر تضرراً وتعرضاً للعنف بسبب العادات والتقاليد الاجتماعية.
أما نتالي من الأردن فتقول “لا يوجد قوانين رادعة تحمي المعنفات من المجرمين، المرجم بوطننا العربي قد يقضي استراحةً بسيطة بالسجن وقد لا يقضيها ثم يعود من جديد ليضرب بيدٍ من حديد ويكمل مسيرته الإجرامية على باقي إناث محمية ذكور العائلة”.
تظهر مؤشرات زيادة نسبة العنف الأسري تجاه المرأة في المجتمعات المحافظة والتي تحمل صورةً نمطية دونيةً للمرأة، وخصوصاً في مجتمعات كالمجتمعات العربية.
بسنت أشرف، فتاة مصرية، في حديثها لمواطن عن تعنيف المرأة تصفه بأنه عادة اجتماعية، فالمجتمع يعنف النساء قبل أن تفعل الأسرة ذلك، مشيرةً إلى أن التربية الذكورية التي يُنشَأ بها الذكور بفروق تربوية بين الذكور والإناث هي السبب الرئيسي لمثل هكذا ظاهرة.
“هي جملة واحدة، عادات وتقاليد جاهلة، اتربينا إن الولد اللي يقول كلمته وهو الصح هو اللي يتحكم، هو اللي يمشي رأيه، والمرأة أكثر تعرضاً للعنف الأسري بسبب إن أهلها شايفين إنهم عار واننا هنجوزها ونخلص منها…” هكذا تحدثت بسنت عن رؤيتها لأسباب ظاهرة التعنيف الأسري وعرضة المرأة لأن تكون الضحية الرئيسية في هذه الظاهرة.
وتضيف بسنت الحديث عن تجربتها الشخصية وأسرتها “لو قصة تتحكى فهتبقى أنا واخواتي، إحنا ثلاث بنات وبابا وماما الحمد لله ملهمش دعوة بجهل الناس، بس في الرايحة والجاية يقولوا لماما خلفي تاني يمكن تجيبي الولد.. “.
تقول بسنت أن معرفة كونها وأخواتها ثلاث فتياتٍ دون أخٍ ذكر أمرٌ يبعث الصدمة لمحيطها إذ تضطر والدتها لمواجهة الكثير من الأحاديث من قبيل “ايه دة عندك تلت بنات يا عينىي!.. ربنا يعينك عليهم.. إيه ده بنات بس فين الولاد؟!.. ياستي ما تحملي تاني عشان تجيبي الولد و ميتجوزش عليكي..”.
وتضيف بسنت أشرف “الحمدلله أن بابا و ماما مش بنفس التخلف ده، مع العلم اننا في اسكندرية، يعني المفروض إلى حدٍ ما مفيش عادات وتقاليد جاهلة زي كده، بس بردو مكناش بنخلص من الكلام…”.
وتختم بسنت أشرف بحديثها لمواطن “محدش بعينه مسؤول، هما اتولدوا- تقصد المجتمع- لقوا نفسهم ف سجن العادات و التقاليد فبالتالي كبروا على كده واعتقدوا إنهم صح ده مش هيتصلح غير بالتوعية و لازم نعمل توعية للأجيال الأصغر مننا عشان فكرهم ينضف لأن استحالة اللي اتولدوا حالياً و كبروا فكرهم يتغير”
Muwatin Media Network
Beyond Red Lines
United Kingdom – London
Contact us: contact@muwatin.net
Executive Director and Editor-in-Chief:
Mohammed Al Fazari
mkalfazari@muwatin.net
Muwatin Media Network
Beyond the Red Lines
United Kingdom – London
Contact us:
Executive Director and Editor-in-Chief:
Mohammed Al Fazari
All rights reserved to Muwatin Media Network ©
شبكة مواطن الإعلامية
ما بعد الخطوط الحمراء
المملكة المتحدة – لندن
للـتواصل معـنا: contact@muwatin.net
المدير التنفيذي ورئيس التحرير: د. محمد الفزاري mkalfazari@muwatin.net
لتصلك نشرتنا الشهرية إلى بريدك الإلكتروني
شبكة مواطن الإعلامية
ما بعد الخطوط الحمراء
المملكة المتحدة – لندن
للـتواصل معـنا: contact@muwatin.net
المدير التنفيذي ورئيس التحرير: د. محمد الفزاري mkalfazari@muwatin.net
جميع الحقوق محفوظة لشبكة مواطن الإعلامية©