حسب الشائع بين كتب التراث الإسلامي أن الخليفة عثمان بن عفان، شكل لجنة بقيادة زيد بن ثابت لجمع القرآن في مصحف، حتى يتسنى وضع حد للقراءات المختلفة التي كان على رأسها قراءتي، عبد الله بن مسعود وأبي بن كعب، وبعد انتهاء عمل اللجنة، أصبح هناك عدة نسخ أرسلت إلى الأمصار بأمر الخليفة.
يفترض أن ما تبقى من مصاحف الخليفة عثمان إلى اليوم، ثلاث نسخ؛ الأولى طوبي كابي سراي بتركيا، وأخرى بطشقند، والثالثة بالقاهرة.
فهل تتطابق الروايات الشفهية مع علم المخطوطات؟
يشكك د. محمد المسيح باحث وعالم المخطوطات المغربي في هذه النسخ الثلاث، ويستند في هذا التشكيك على أن مخطوطة المشهد الحسيني بالقاهرة، كتبت بالخط الكوفي وهو خط متأخر يعود بداية استخدامه إلى نهاية القرن الأول الهجري وبداية القرن الثاني الهجري، كما أن المخطوطة تحتوي على ثلاث قراءات:
- قراءة الشام (أبي بن كعب) في الآيات رقم (137) من سورة الأنعام ورقم (96) من سورة يونس.
- قراءة الكوفة (عبدالله بن مسعود) في الآيات رقم (122 – 114) من سورة المؤمنون.
- قراءة مكة(حفص) في الآية رقم (18) من سورة محمد.
أخيرًا يوجد بالمخطوطة علامات تعشير وزخرفة وهي قطعًا أمور حدثت بعد عهد الخليفة عثمان.
أما بالنسبة لمخطوطة طوبي كابي سراي فقد أكد الباحث وعالم المخطوطات التركي طيار آلتي قولاج أنها أيضًا لا تعود لعهد الخليفة عثمان. كما يضيف المسيح أن هذه المخطوطة بها ثلاث قراءات وهي: قراءة مصحف الشام، وقراءة مصحف البصرة، وقراءة مصحف المدينة، وذلك بحسب الفوارق التي قدمها السجستاني بين مصاحف الأمصار في كتاب المصاحف كما أن المصحف مكتوب بالخط الكوفي وعليه تنقيط أبي الأسود الدؤلي.
وتتطابق الملاحظات نفسها تقريبًا حول مخطوطة طشقند، إذ يذكر أستاذ الفلسفة الإسلامية د. يوسف زيدان أن الرق يعود فعلا لنفس نوعية رقوق القرن الأول ولكن النقوش المستخدمة لا تتطابق مع عهد الخليفة عثمان.
ليس هناك أي سند علمي لروايات مصاحف عثمان الثلاثة، قد لا تكون أكثر من تراث شفهي وخيال شعبي تدخل لدرجة وضع دماء الخليفة عثمان على مصحف المشهد الحسيني بالقاهرة. فهل توجد نسخ أقدم من هذه النسخ المنسوبة للخليفة عثمان؟
اكتشاف جديد يزلزل عالم المخطوطات الإسلامية:
في عام 1972 وأثناء ترميم الجامع الكبير في صنعاء بسبب هطول أمطار غزيرة، يكتشف مخبأ في السقف به كمية هائلة من الرقوق جمعها العمال في 20 زكيبة، وظلت هذه الرقوق مهملة بسبب الجهل بقيمتها العلمية، إلى أن تدخل القاضي إسماعيل الأكوع رئيس هيئة الآثار اليمنية وطلب من الحكومة الألمانية ترميم وصيانة هذه الرقوق، وبالفعل وافقت الحكومة الألمانية على طلب الأكوع وأجرت ترميمًا كلفتها حوالي 2.2 مليون مارك ألماني في عام 1979، وتم ترميم 15 ألف مخطوط من أصل 40 ألف مخطوط، وتعود بعض القصاصات إلى القرنين الأول والثاني الهجري. وبحسب المستشرق الألماني غرد روديغر بوين أنها كتبت بالخط الحجازي المائل الذي استخدم فعلا فترة صدر الإسلام.
بحسب د. المسيح تنقسم مخطوطات صنعاء إلى خمس مجموعات أساسية:
- المجموعة الأولى: مكتوبة بالخط الحجازي بها سورة الفاتحة.
- المجموعة الثانية: مكتوبة بالخط المائل ونسخت بأكثر من ناسخ.
- المجموعة الثالثة: مكتوبة الكوفي وبها زخرفة تعود إلى الوليد بن عبد الملك.
- المجموعة الرابعة: مكتوبة بالخط المائل والكوفي تمتاز بعدم ترتيب السور.
- المجموعة الخامسة: مكتوبة بالخط المائل لا تخضع لنفس ترتيب سور المصحف “الرسمي”.
يعتقد د. المسيح أن المجموعة الخامسة هي الأقدم بسبب غياب الزخارف عنها واختلاف قراءتها عن كل القراءات الأخرى، بينما تعارضه الرأي الباحثة التونسية أسماء هلالي حول قدم المخطوطة المعروفة بطرس صنعاء، إذ ترى الهلالي أنها مجرد نسخة تعليمية، يدوّن داخلها ملاحظات للدراسيين، بينما يرى المسيح أن اختلافات طرس صنعاء تعود إلى تغيير الحجاج بن يوسف لبعض الكلمات. بينما يعلق د. يوسف زيدان أن شكل الحرف بالمخطوطة مبكر جدًا مما يرفع احتماليه أن تنتمي إلى أواخر القرن الأول وقد تمتد إلى أواخر القرن الثاني هجريًا.
أين النسخة الأقدم من القرآن؟
حسب البروفسور ديفيد توماس أستاذ اللاهوت في جامعة برمنغهام: "أسفرت الاختبارات التي أُجريت على مخطوطة أوراق برمنغهام عن الاحتمال القوي بأن الحيوان الذي أُخذ منه كان على قيد الحياة خلال حياة النبي محمد أو بعد ذلك بوقت قصير. هذا يعني أن أجزاء القرآن المكتوبة على هذه الرقعة يمكن، بدرجة من الثقة، أن يرجع تاريخها إلى أقل من عقدين بعد وفاة النبي محمد".
يعتمد اعتقاد بروفيسور ديفيد توماس على استخدام الكربون المشع ويشكك د. المسيح في مدى دقة استخدام الكربون في التعامل مع تأريخ المخطوطات، إذ يدعي أن الكربون لا يمكنه تحديد زمن المخطوطة بدقة، كما أن الطريق المثلى لتحليل المخطوطات يأتي من رسم الأحرف والزخرفة وكل ما هو لغوي يخص عملية النسخ والتدوين.
يضيف المسيح أن نسخة مخطوطة “برمنغهام” بها قراءة ابن عامر التي تعود إلى عام 118 هجريا وألف المد التي تعود لأيام الحجاج أيضًا، يتهم المسيح ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بالتأثير في بعض الباحثين أمثال سوزان ورال وغيرها للخروج باستنتاج أن مخطوطة برمنغهام هي أقدم مخطوطات القرآن المكتشفة إلى الآن.
facilis quod et perspiciatis officia quam tempore quia. itaque id itaque provident repellendus vitae quis in architecto qui qui. ea qui ducimus sed laboriosam quo quam.