رؤية لما يمكن أن يكون عليه المستقبل. تستقبل الزوار هذه العبارة التقديمية أعلى الموقع الرسمي للمدينة السعودية الأكثر كلفةً في العالم. المدينة الرأسمالية الأولى في العالم.
500 مليار دولار هو الرقم الذي رصده ولي العهد السعودي وحاكم الأمر الواقع في السعودية، محمد بن سلمان، لبناء مدينته المتوقع انتهاؤها قبل 2030. مدينةٌ كما يقول ولي العهد عنها تقع مركز العالم.
مدينةٌ مستقبلية يعيش فيها مليون إنسان وتمتد لـ 170 كيلو متراً على الساحل الغربي لمنطقة تبوك شمال غرب المملكة، خاليةٌ من السيارات والشوارع والتلوث، وتعتمد بشكلٍ أساسي على 100% من الطاقة النظيفة المتجددة في تغطية احتياجاتها من الطاقة، المياه، النقل والغذاء.
المدينة التي يصفها ولي العهد بمركز التجارة العالمي المستقبلي تقع في مركز حركة التجارة والملاحة العالمية بين الشرق والغرب وممر قناة السويس المصرية، ويمكن الوصول لها خلال ثماني ساعاتٍ كحدٍ أقصى على الأغلب من أي دولةٍ في العالم.
تأمين غذاءٍ يدوم لأجيال في المدينة بتحويلها لمنزلٍ ضوئيٍ للزراعة الرقمية التي ستؤمن الغذاء في حلولٍ ابتكارية مستدامة تتجاوز المشكلات البيئية للاحتباس الحراري وجودة الإنتاج، لتقوم بتصدير حلول الإنتاج الجديدة للمملكة والعالم.
ألواح الطاقة الشمسية ومزارع الرياح ستؤمن الطاقة الكاملة لكافة احتياجات المدينة، لتصبح المدينة الأكثر صداقةً مع البيئة. أما السكان فسيكون الآليون فيها أكثر من البشر كمدينة معرفية مستقبلية. أول ساكنيها الروبوت صوفي حصل على الجنسية السعودية بالفعل.
أنفاق الهايبرلوب ستؤمن وسيلة نقلٍ برية هي الأسرع في العالم، ما يحقق استغناءً عن السيارات في التنقل وسرعةً في الوصول لكافة الأماكن، كما أن المجمعات التي ستبنى على طول المدينة في محطاتٍ مختلفة ستحقق وصولاً لمختلف الخدمات في فترةٍ أقصاها خمس دقائق من المشي.
المدينة بعد الانتهاء منها في العام 2030 ستكون مهتمةً بالطاقة المتجددة، المياه، النقل، الترفيه والثقافة، التعليم، التكنولوجيا، الصناعة وجذب الاستثمارات، وتأمل الرؤية أن تحقق ما يقرب من مئة مليار دولارٍ أميركي سنوياً.
الأولوية للإنسان، شعارٌ أطلقه ولي العهد في مستهل الفيديو التقديمي لمشروع مدينة نيوم. متحدثاً عن الفجوة التي أحدثتها الثورة الصناعية بين الإنسان والبيئة والحضارة، مشيراً إلى أن الآلة كانت هي أولوية المدن الحديثة ما بعد الثورة الصناعية، فيما أهملت الإنسان في هذه المدن.
الشعار الذي أطلقه ولي العهد أصبح عنواناً للمشروع الذي يولي أهميته الأولى لمستوى الأمان البيئي والمعيشي للإنسان، فيما يقابله في الداخل السعودي ممارساتٌ وسياساتٌ قمعية للمعارضة والناشطين والناشطات الحقوقيات.
مدينةٌ مليونية بلا سيارات وبمعدل انبعاثاتٍ كربونيةٍ يساوي صفراً، تهتم بالبيئة المحيطة بسكان المدينة وتستثمر في المقام الأول في المعرفة.
جوزيف برادلي، المدير التنفيذي لشركة “CISCO” في تصريحٍ له لوكالة رويترز يقول بأن المدينة ليست مجرد مدينة ذكية وإنما هي أول مدينة معرفية في العالم يجري بناؤها بشكلٍ أساسي، الأمر الذي سيحتاج الوصول إلى بيانات 90% من السكان في المدينة.
وكأول مدينة من نوعها في العالم، تسعى المملكة العربية السعودية كنموذجٍ عالميٍ يحتذى به في التخطيط للمستقبل، إلا أن السؤال الأهم يبقى هو هل يمكن لها أن تحسن سمعة المملكة الاستبدادية في المحافل الدولية؟
على الضفة الأخرى من المدينة في خليج العقبة، شرم الشيخ، المدينة المصرية الأشهر سياحياً في مصر. حسب تقارير متابعاتٍ للمشروع، يوفر الموقع الجغرافي لمدينة نيوم على شاطئ خليج العقبة أفضليةً للمدينتين، نيوم وشرم الشيخ، كمدينتين سياحيتين تقعان في قارتين مختلفتين.
موقع مدينة نيوم في الغرب من المملكة العربية السعودية بمنطقة تبوك وبالقرب من مصر يعلق أمالاً كبيرة لدى القيادة السعودية بتحويلها لملتقى القارات الثلاث كما يقول ولي العهد، آسيا، إفريقيا وأوروبا، وخصوصًا عبر ربط الخليج بالبحر الأحمر عبر جسر الملك سلمان المزمع إنشاؤه لاحقاً.
500 مليار دولار أميركي هي الكلفة الضخمة لإنشاء المدينة الطموحة، والتي سرعان ما لاقت الكثير من الانتقادات حول جدوى المشروع وإنفاق مبلغٍ بهذا الحجم، كان أحدها الانتقاد الذي وجهه الصحفي السعودي جمال خاشقجي قبل أن يتم اغتياله لاحقاً على أيدي المخابرات السعودية في قنصلية بلاده في إسطنبول.
لتغطية هذه النفقات إلى جانب نفقات رؤية 2030 في السعودية أعلن الأمير السعودي عن طرح 1% من أسهم شركة أرامكو للاكتتاب، فيما أعلن مؤخراً في مقابلةٍ تلفزيونية عن تخطيطه لطرح واحد في المائة أخرى من الأسهم.
مواقع سعودية معارضة هي الأخرى قامت بتغطية أفلام استقصائية قصيرة تتحدث عن تعثر مشاريع الرؤية والمشاريع الضخمة السابقة التي أعلنت عنها السلطات السعودية، وأخرى تنتقد جدواها مع وجود مشاكل اقتصادية تلمس سفرة المواطن السعودي.
فبراير 2021، أعلنت الإدارة الأميركية الجديدة حزمة عقوباتٍ على الإدارة السعودية، متمثلةً في القوات الخاصة التابعة لولي العهد وشخصياتٍ مقربةٍ منه، فيما تحدث تقرير جهاز الاستخبارات الأميركية عن ارتباط الصندوق السيادي بعملية اغتيال الصحفي جمال خاشقجي.
الإشارة لدور الصندوق السيادي، الذي يمول مشاريع الرؤية ومشروع مدينة نيوم، في تقرير الاستخبارات الأميركية حول مقتل الصحفي خاشقجي أثارت قلق المستثمرين من إمكانية المخاطرة في استثمارتٍ قد تتعثر بسبب عقوباتٍ مستقبلية، أو قرارات السلطة الانفعالية.
الدخول في حربٍ مضى عليها سبع سنين من الاستنزاف للخزينة السعودية دون أفقٍ واضحٍ في اليمن ثم فرض الحصار على قطر والتراجع عنه دون تحقيقه لأهدافه بعد ثلاثة أعوام، نماذج للطريق المتبعة في اتخاذ القرارات في ملف السياسة الخارجية للسعودية، الأمر الذي يصفه مراقبون بالقرارات الانفعالية في إدارة بلادٍ بحجم المملكة وحجم آمالها وتطلعاتها الاقتصادية.
إلى جانب مخاوف المستثمرين، تشكك المعارضة السعودية في الخارج في قدرة السلطات السعودية على إنجاز مشروع مدينة نيوم ومشاريع الرؤية 2030 في المدة المحددة لها كما هو الحال عليه في مشاريع أخرى متعثرة منذ بداية العقد الماضي كمدينة الملك عبدالله، أما ولي العهد فقد أفاد في لقائه التلفزيوني الأخير بأن الرؤية السعودية حققت أكثر من التوقعات المطروحة لها سابقاً.
وبين الطموح والاستبداد، يبدو بأن المملكة العربية السعودية تتجه بسرعةٍ لتحقيق اقتصادٍ متنوعٍ وتنميةٍ مستدامة ولكنها في حاجةٍ أيضاً لضمانات اعتدال السياسة السعودية وتوازن قراراتها بين رعاية المصالح وتحقيق الطموحات.
Muwatin Media Network
Beyond Red Lines
United Kingdom – London
Muwatin Media Network
Beyond the Red Lines
United Kingdom – London
Contact us:
Executive Director and Editor-in-Chief:
Mohammed Al Fazari
All rights reserved to Muwatin Media Network ©
شبكة مواطن الإعلامية
ما بعد الخطوط الحمراء
المملكة المتحدة – لندن
للـتواصل معـنا: [email protected]
المدير التنفيذي ورئيس التحرير: د. محمد الفزاري [email protected]
لتصلك نشرتنا الشهرية إلى بريدك الإلكتروني
شبكة مواطن الإعلامية
ما بعد الخطوط الحمراء
المملكة المتحدة – لندن
للـتواصل معـنا: [email protected]
المدير التنفيذي ورئيس التحرير: د. محمد الفزاري [email protected]
جميع الحقوق محفوظة لشبكة مواطن الإعلامية©