في الوقت الذي تُضيق فيه السلطات العمانية الخناق على وسائل التواصل الاجتماعي عقب حظرها لتطبيق كلوب هاوس في عمان، تزيد من رقابتها على المحتوى المتداول في بقية وسائل التواصل التي ينشط فيها العمانيون مثل تويتر.
غيث الشبلي، مواطن عماني اشتهر بإقامته لحلقات نقاشٍ حول مواضيع دينية واجتماعية على موقع تويتر في مساحاتٍ يسميها بمساحات غيث ويشارك فيها الكثير من متابعيه المؤيدين والرافضين لآرائه، الأمر الذي كان يثير الجدل بعد جلسات النقاش.
عقب مناقشته لموضوع الإلحاد في إحدى المساحات، واجه غيث حملة تحريضٍ ضده على تويتر تطالب السلطات بمعاقبته بتهمة الإساءة للذات الإلهية، حيث يجرم القانون العماني الإساءة للذات الإلهية ويسن عقوبةً بالسجن لا تقل عن ثلاث سنين ولا تزيد على عشر سنوات.
بعد حملة التحريض التي استمرت لأيام، طلبت السلطات العمانية حضور الشبلي لأحد مراكز الشرطة ليتم احتجازه لاحقاً دون معلوماتٍ أخرى عن وضعه وطبيعة التهم الموجهة إليه. المركز العماني لحقوق الإنسان أفاد بأن الاعتقال كان على خلفية حملة التحريض ضد آرائه التي يعبر عنها في مساحات النقاش التي يقيمها على تويتر.
حملة تحريض
في إحدى المساحات، تحدث غيث الشبلي عن كتاب أحمد الخليلي، مفتي عمان، مصرع الإلحاد، والذي سرعان ما كان الرد من زكريا المحرمي، طبيب عماني ناشط على موقع تويتر، الذي نشر لقطةً لأحد المساحات التي يتحدث فيها غيث الشبلي قائلاً ” يتميز البشر بالفضول والرغبة في اكتشاف المجهول لذلك نجد هذا التهافت على حضور المساحات الصوتية لاكتشاف ما يتداول فيها، ولأن الشخصيات المتهورة عادة لا تحترم العادات ولا تقدر الأوليات فهي الأسرع في إنشاء مثل هذه المساحات وقد يظن البعض أنهم سيؤثرون على عقائد الناس وهذا وهم”
وأشار المحرمي إلى أنّه رغم استقوائه والمعارضين لآراء غيث الشبلي التي وصفها بأنها تهدف لتغيير عقائد الناس، بالسلطة سيظهر أمثال غيث بمظهر الأبطال، إلا أنه اعتبر أن هنالك مبادئ للمجتمع يجب أن تردع الآخرين من تجاوزها، حيث قال ” الاستقواء بالسلطة ضد هؤلاء يظهرهم في صورة الأبطال المضطهدين بينما لم يتجه الناس إليهم إلا لانعدام البدائل التي تحترم مبادئ المجتمع وأعرافه وحين تتوفر هذه البدائل سينفض الناس تلقائيا عن مساحات العابثين وستكون مهجورة خاوية على عروشها مصداقا لقوله تعالى فأما الزبد فيذهب جفاء”.
ناشطون عمانيون اعتبروا تغريدة المحرمي تحريضاً لمطالبة السلطة والاستقواء بها في قمع الأصوات المخالفة وحرمانها من حقها في التعبير والنقد بما وصفه بأنه مقدس غير قابلٍ للنقد مستنداً إلى تقريرٍ لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة زعم بأنه يجرم نقد الأديان، في حين يستعرض التقرير الحالة القانونية للتمييز الديني في بعض البلدان وليس مقرراتٍ دولية.
ردود الأفعال
انقسمت ردود الأفعال العمانية على منصة تويتر بين مؤيد لاحتجاز غيث الشبلي ورافضٍ له بوصفه قمعاً لحرية التعبير من جهة ومن جهةٍ أخرى عدم مراعاةٍ للحالة التي يعيشها غيث الشبلي عقب وفاة زوجته بخطأ طبيٍ أثناء إجرائها لعملية جراحية في إحدى مستشفيات عمان.
محمد الهنائي، ناشط على وسائل التواصل، يقول “في رأيي أن من يدعو التضييق وخنق الحريات وبالأخص حرية التعبير هو نفس الذي يدعوا للفساد، لأنك لا تستطيع أن تحاربه أو تجتثه بدون حريات، وهنا تحديداً أقصد حرية في الصحافة والإذاعة والإعلام بشكل عام، لذلك دعوتك للتضييق هي دعم للفساد”.
#مساحات_غيث#الحريه_لغيث_الشبلي
— أسعد المقحوصي (@AsaadKhamisMQ) July 24, 2021
بعد هذا الغل الذي اخرجته قلوبهم والتشفي من غيث
تذكرت عبارتين من لقاء الاستاذ سعود @muladdah واقتبس منها
-(أنا لا يمكن أن احتكم إلى هذا الوعي الشعبي الذي لم يقرأ) ولم يفكر سوى من خلال عقل الآبائية ورجال الدين،،
أما أسعد المقحوصي فقد قال بأن ذات المتدينيين يمكنهم التعبير عن آرائهم والإساءة للمخالفين لهم، ولكن عندما يكون هنالك نقدٌ لذات الفكرة التي يعترفون هم بها كفعل من الله أو الرسول يبدأون بالتقوي بالسلطة والمطالبة بقمع من يخالفهم وتكميم أفواههم عن النقد.
أما الناشط على وسائل التواصل الإجتماعي، علوي المشهور، فقد قال بأن أي تضييقٍ على الحريات قد سيشمل جميع الأطراف التي تتنازع الجدل الفكري وأن إقحام الدولة في هذه الجدالات سيعود سلباً على الجميع في الحد من حريتهم وحقهم في التعبير والدفاع عن آرائهم. الدكتورة سهاد البوسعيدي ردت على علوي المشهور قائلةً بأن الحرية لا تبرر الإلحاد أو التعبير عنه، وخصوصاً إذا ما كان الملحد قد ولد مسلماً مطالبةً بتطبيق حد الردة فيهم بوصفها لهم بالمرتدين وأنه يجب اتخاذ عقوباتٍ مغلظة لمن تسول له نفسه بذلك حد قولها.
طالما لا علاقة لك بالجدل الحاصل ، لماذا تدافع في مثل هذا الأمر؟!
— د . السهاد البوسعيدي (@alsuhaad) July 23, 2021
وتبرر للإلحاد والملحد بالحرية.
انت مخطئ في هذا الجانب ، خصوصا ان كان هذا الملحد ولد مسلما من ابوين مسلمين وكان مقيما للصلاة والصوم، هنا يصبح #مرتد وتقع الكارثة.
ينبغي اتخاذ عقوبات مغلظة لمن تسول له نفسه بفعل ذلك https://t.co/iE2xqUb05t
الأخ الأكبر يراقبك
الواقعة التي حدثت مع غيث الشلبي ليست الأولى من نوعها التي تظهر حجم الرقابة السلطوية على المتنفس الوحيد للتعبير لدى العمانيين، وسائل التواصل الاجتماعي، والتي تحظر السلطات معظمها استمراراً في التضييق وإطباق الرقابة على مواطنيها.
فعقب حظر السلطات العمانية لتطبيق كلوب هاوس بعد أشهرٍ من انطلاقه ووسائل إعلام كانت “مواطن” من ضمنها، تفرض السلطات رقابةً على المحتوى المتداول على موقع تويتر، حيث تعتقل أشخاصاً وترهبهم على خلفية تعبيرهم عن آراء معارضة أو ناقدة على صفحاتهم.