بعد إعلان متاجر “OUA OMAN” عن افتتاحها أكبر متجرٍ للخمور في عمان، المفتي العماني، أحمد الخليلي، يرفض قرارات السلطة ويسخر منها ويعتبرها مخالفةً للشريعة، مشاركاً بذلك في موجة جدلٍ واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي ترفض سياسات السلطة في تحسين ظروف السياحة في عمان وتطبيع تجارة الخمور في البلد الخليجي.
تحت وسم “نطالب بإغلاق محلات الخمور فوراً” تداول عمانيون آراء المفتي العام للبلاد وفتواه التي نشرها على صفحته في تويتر، والتي تضمنت قوله: “ما أعظم ضرر الخمر، وما أشد فتنتها، فهي تفتك بمدمنيها مما يتولد منها من الأمراض أعظم مما تفتك الأمراض الأخرى، وتفتك بهم مما تحدثه من حوادث السير التي تهلك النفوس وتحطم القوى، وتجعل شريحةً من الناس عالةً على المجتمع، وتفتك بهم بما تسببه بينهم من فتن لا تبقي ولا تذر..”.
وأضاف المفتي العماني في نص فتواه المنشورة على صفحته الرسمية قوله عن الخمور بأنها “منشأ أنواع الفساد ومصدر ضروب الآثام” مؤكداً أنه سبق له المطالبة المستمرة بمنع الخمور في عمان وتجريمها قانوناً دون أن تستمع له السلطات، ساخراً من طبيعة تعاطي السلطة مع مطالباته بقوله أنه تفاجأ بخبر فتح متجر خمورٍ جديد بهذا الحجم، وقال الخليلي: “.. وقد ألححنا في المطالبة بمنعها براً وبحراً وجواً، وإذا بنا نفاجأ بفتح مخمرةٍ جديدةٍ ضخمة، فيا للعار والخسارة”.
جدلٌ على وسائل التواصل
إعلان متاجر “OUA OMAN” افتتاحها سلسلة المتاجر الكحولية الأضخم في عمان أثار ردود أفعالٍ متباينة أوساط العمانيين في موقع تويتر، بين مطالباتٍ بتحسين ظروف السياحة والحريات الشخصية في البلاد وأخرى تطالب بالالتزام بالقوانين الإسلامية في عمان بصفتها بلداً إسلامياً.
جمال النوفلي، مواطنٌ عمانيٌ ناشط على وسائل التواصل الاجتماعي، يقول مؤيداً لفتح المتاجر الكحولية وتحسين ظروف السياحة بأن هذه الخطوة تعتبر مهمةً في رفد اقتصاد البلد، حيث قال على صفحته في تويتر:”كمواطنٍ عماني، أدعم توجه الحكومة في توسعة انتشار منافذ بيع المشروبات الكحولية لرفد اقتصاد الدولة وجذب السياحة، الأمر الذي سيعود بالخير على المواطنين والبلاد، ولمنع ضرر الاحتكار والتعامل مع السوق السوداء..”.
وعلى عكس المعارضين لافتتاح متاجر بيع المشروبات الكحولية الجديدة، يضيف جمال النوفلي بأنه لا يجب أن يقف الأمر عند هذا الحد في محاولة إيجاد مصادر دخل ترفد الاقتصاد الوطني وتدعم قطاع السياحة، حيث قال بأنه يتمنى أيضاً أن يعود العمانيون لإنتاج مشروب النبيذ والتجارة به كما كان الحال عليه من قبل.
آخرون اعترضوا على فتح متاجر الكحول واصفين الأمر بأنه محرم في الشريعة الإسلامية مطالبين السلطات بإغلاق هذه المحلات وتحريمها في عمان، حيث تداولت آراء تصف الأمر بدعم السلطة للإثم والعدوان، مستندين بذلك على فتاوى ومطالبات رجال دينٍ عمانيين لمنع الخمور في عمان وحظرها بما في ذلك إغلاق المتاجر الجديدة لـ”OUA OMAN”.
خالد الراشدي، مواطنٌ عماني، وجه تهديداً لجمال الذي دعم انتشار وتطبيع بيع الكحول، متوعداً إياه في تغريدة أشار فيها لصفحة الادعاء العام العماني بأن الأجهزة الأمنية ستقمعه قائلاً: “عما قريب ستكون في ضيافة رجال الوطن ليعلموك الغيرة على الوطن، والحساب يوم الحساب”.
أما هلال الريامي، وهو رجل دينٍ عماني ينشط على موقع تويتر فقد اعترض على فتح هذه المتاجر لبيع المنتجات الكحولية قائلاً: “يريد بعض الناس أن تبنى الأوطان بالحرام، حتى كفار قريش قد علموا أن الغالي والنفيس لا يبنى إلا بالطيب، فعند بناء الكعبة وقف أبو وهب فقال يا معشر قريش لا تدخلوا في بنائها من كسبكم إلا طيبا، لا يدخل فيها مهر بغي، ولا بيع ربا، ولا مظلمة أحد من الناس”.
استغلال مشاعر المتدينين
المفتي العماني، أحمد الخليلي، قام بنشر فتواه مستنكراً منح السلطات التصاريح الرسمية لفتح هذه المحلات الكحولية، ليتم تداولها على شكلٍ واسع. ناشطون في الشأن العام، تحفظوا على نشر أسمائهم، في تعليقٍ على الموضوع لــ”مواطن” أفادوا بأن فتوى المفتي تأتي في وقتٍ يسعى فيه لتذكية حجم المعارضة لقرارات السلطة في مواضيع تمس الشأن الديني من جهةٍ ما. وأضافوا بأن دور المفتي والمؤسسة الدينية في البلاد أصبح يتضخم أكثر من ذي قبل.
أحد الناشطين العمانيين في حديثه مع “مواطن” يقول: “أصبح المفتي بشكلٍ عام أقوى من ذي قبل، وهو حالياً يعبر عن توجهات بعيدة عن التوجه الحكومي في قضايا مختلفة داخلياً وخارجياً، كان آخرها محاولة استغلال المشاعر الدينية في الاستقواء أمام السلطة”، مضيفاً أن هذا يظهر حجم التباينات بين المؤسسة الدينية والتوجهات الحكومية.
ويضيف في حديثه عن مناورات المفتي في وسائل التواصل الاجتماعي “الفارق الآن مع ضعف السلطة حالياً أن المفتي وجد هامشاً أكبر للتعبير عن آرائه وتوجهاته المتشددة، وبشكلٍ عام يمكننا القول بأن المفتي أصبح أقوى من قبل بكثير، وهذا حدث بسبب ضعف السلطات الآن على العكس منه من قبل”.
مشيراً في حديثه أيضاً بأن السلطات تتجنب وضع حدٍ له بشكلٍ يجعلها واقعةً في الحرج، باعتبار أن أي محاولات للتضييق عليه سيزيده جاذبية و يمنحه كرت المظلومية في عيون الجماهير المتدينة التي بدأت ترى بأن مناوراته شبه الصريحة مع السلطة هي قول كلمة حق ودون خوفٍ من الحاكم.