مع وقائع الإعصار الذي ضرب السواحل العمانية الشمالية والمحافظات الشمالية الشرقية، والذي تضررت منه محافظتا شمال وجنوب الباطنة، ازدادت المخاوف من وقع الإعصار الذي دمر منازل ومنشآت وأحدث شللٍ شبه تامٍ في التنقل وأعاد جدولة رحلات الطيران وأثر بشكلٍ مباشر في إمدادات النفط والغاز خلال الأيام الماضية. الإعصار الذي فاقت سرعة الرياح فيه مئةً وثلاثين كيلومتراً في الساعة قبل أن يتحول لعاصفةٍ مداريةٍ في اليوم التالي، خلّف خسائر مادية فادحة في المنازل والمنشآت، وخسائر بشرية قدرت بسبع وفيات وآخرين مفقودين، فيما يستمر حصر وتقدير الخسائر المادية في البنى التحتية وممتلكات المتضررين.
السلطات العمانية أعلنت تأهبها المسبق قبل وصول الاعصار واتخاذ بعض التدابير لمواجهته، فيما قامت القوات الجوية وعناصر الدفاع المدني بتنفيذ عمليات إنقاذٍ واسعة باستخدام الطائرات العمودية ونقل المتضررين لأماكن استقبالٍ آمنة. مواطنون ومؤسسات مجتمع مدني عمانية كان لهم دورٌ كالعادة في تقديم المساعدات والإغاثة، فيما ترصد مواطن في هذه القصة عن التضامن الاجتماعي الذي يواجه العمانيون به الكوارث البيئية والأزمات في البلاد.
تقديم المساعدات
على وسائل التواصل الاجتماعي، تظهر مبادراتٌ ذاتيةٌ يتعاون فيها العمانيون لتقديم المساعدة للمحتاجين، وهو الأمر ذاته الذي ظهر في تضافر جهود المواطنين العمانيين في مواجهة أضرار إعصار شاهين وتقديم المساعدة كالعادة في مواجهة أعاصير وكوارث طبيعية مرت بها عمان سابقاً. في يونيو 2007، ضرب الإعصار جونو من الدرجة الأولى برياحٍ وصلت سرعتها مائتين وستين كيلو متراً في الساعة السواحل العمانية والعاصمة مسقط، فيما طلبت السلطات من المواطنين في المناطق الساحلية على بحر العرب النزوح، وأعلنت فتح مراكز تلقي المساعدات والتبرعات من المواطنين بعد الإعصار.
أعلنت السلطات عن تلقي التبرعات لمساعدة المتضررين وخصصت معرض عمان الدولي في العاصمة مسقط كمركزٍ لتلقي المساعدات وتوزيعها على المناطق المتضررة لتقوم السلطات بتوزيعها لاحقاً للمناطق المتضررة والتي لا يمكن وصول وسائل النقل البرية إليها إلا بالطائرات العمودية، ليشهد مركز جمع المساعدات إقبالاً واسعاً من قبل المواطنين لتقديم المساعدات المختلفة. مواطنون عمانيون أطلقوا حملة مساندةٍ ودعمٍ للضحايا على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر حجم ووسائل المساعدات التي تقدمها المؤسسات الرسمية ومؤسسات المجتمع المدني والقطاع الخاص بالتعاون مع المواطنين وسبل المشاركة فيها والبحث عن المفقودين تحت وسم “ما لنا غير بعض”.
متطوعون يقدمون المساعدة
يمثل العمل التطوعي في تقديم يد العون وإغاثة المتضررين من الكوارث الطبيعية واحداً من أكثر المجالات إقبالاً من الشباب العماني، حيث شهدت حملات الإغاثة في إعصار غونو 2007 تطوع المئات من الشباب العمانيين وأفراد الكشافة العمانية لتقديم يد العون في المناطق المتضررة على مدى أسابيع تلت الإعصار.
منظمات مجتمعٍ مدني عمانية فتحت الباب أمام تسجيل المتطوعين لتقديم المساعدة في المناطق المتضررة، والتي كانت من ضمنها جمعية دار العطاء التي أعلنت عن تلقيها المساعدات النقدية وتسجيل المتطوعين لتقديم يد العون في عدة مجالات تشكل نقل وإعداد المؤن الإغاثية للمتضررين. على وسائل التواصل الاجتماعي، شارك عمانيون مقاطع فيديو توثق جزءاً من نشاط الشباب المتطوعين في تنظيف الشوارع وإزالة مخلفات الإعصار وتقديم المساعدات للمواطنين المتضررين وفد بعضهم من ولايات ومدنٍ عمانية أخرى.
عوائق أمام جهود التكافل الاجتماعي
مؤخراً ومع تداعيات إعصار شاهين، رغم التفاعل الواسع على وسائل التواصل الاجتماعي مازال نشاط الإغاثة مستمراً بتقديم مساعدات من مؤسسات القطاعين العام والخاص، ومبادراتٍ اجتماعية ذاتية يرى بعضهم بأنها ليست كافية أو منظمة أمام الحاجة التي تفرضها تداعيات الكارثة.
الكاتب العماني، بدر العبري، في مقالٍ له حول التعاون الاجتماعي في مواجهة الكوارث رأى بأن الجهود الشعبية تمثل ملحمةً إنسانية في تجاوز الكوارث إلا أنها تحتاج لتنظيمها مستقبلاً بشكلٍ أكثر جدوى، إذ يقول: “ضرورة التّسهيل الأكبر في التّشجيع على إنشاء جمعيّات أهليّة وخيريّة تعنى بالشّأن المجتمعيّ والوطنيّ، والأصل لكلّ إنسان ومواطن نشاط اجتماعيّ وتطوعيّ يلتحق به من صغره وحتّى آخر لحظة من حياته، فكثرة الجمعيّات الخيريّة والأهليّة والتّطوعيّة تساهم بشكل كبير في تنوع الخدمات المجتمعيّة، وتنقل بالمجتمع من مجتمع يتكلّم كثيرا إلى مجتمع يعمل أكثر، وفعله يسبق قوله، وحراكه قبل نقده”.