عقد “مواطن كافيه” ندوة حوارية تحت عنوان “الشباب والسياسة: بين التضييق وفقدان الأمل”، بمشاركة أستاذ علم النفس الاجتماعي والسياسي د. بشار البغلي، والناشطة السياسية فجر الخليفة، والكاتب في السياسة والاقتصاد علوي المشهور، وبإدارة الكاتب في مواطن محمد هشام، وذلك في تاريخ 18 سبتمبر 2021 عبر مساحة تويتر الصوتية Twitter Spaces.
وناقش المشاركون دور فئة الشباب في الساحة السياسية في الوطن العربي انطلاقاً مما ينتشر بين الفترة والأخرى في الرأي العام حول وجود ظاهرة لـ “عزوف” الشباب عن العمل السياسي المنظم.
من جانبها أشارت الناشطة السياسية الكويتية فجر الخليفة أن الشباب هم من أشعلوا أكبر وأهم حدث سياسي عربي في العصر الحديث وهي ثورات الربيع العربي، ما يدل على عدم وجود ظاهرة عزوف عن العمل السياسي، بل تصف الخليفة الحالة بأنها “إفراط” في السياسة نتيجة لطبيعة الحكم الشمولي المتبع في أغلب الدول العربية والتضييق الممارس ضد النشاط السياسي المستقبل بشكل عام، واستمثلت بتجربة بعض الأحزاب السياسية العربية التي تعاني من جمود وشللية في العمل مع تحولها تدريجياً إلى أن تكون أداة في يد السلطة الحاكمة ما يدفع الشباب إلى الابتعاد عن هذا النوع من الأحزاب السياسية.
كما وصفت الخليفة بنية العمل السياسي في الوطن العربي بأنها “ذكورية” حيث إن الناشطات السياسيات تتعرضن إلى تضييق سياسي من شكل خاص عبر أساليب الضغط الاجتماعي والأسري واستغلال الأجهزة الأمنية لهذه الضغوطات لكبح نشاط النساء وانخراطهن في العمل السياسي.
العمل السياسي في الوطن العربي "ذكوري" والناشطات السياسيات تتعرضن لتضييق سياسي عبر الضغوطات الاجتماعية والأسرية والأمنية مجتمعة.
وتحدث الكاتب السياسي والاقتصادي العماني علوي المشهور حول العيوب الكامنة في البنى السياسية في دول الخليج التي لا توفر مساحة للعمل السياسي بشكل عام، ناهيك عن خلق هامش للشباب. وانتقد المشهور تعامل دول الخليج مع إنشاء التنظيمات السياسية كأعمال مجرمة، سيما أن فئة الشباب اليوم تتوق إلى أفق أوسع في العمل السياسي. إلا أن المشهور يرى أن الحركات السياسية الشبابية التي ظهرت على المشهد منذ الربيع العربي تفتقد إلى القدرة على التنظيم اللازم بما يمكنها من تحقيق التغيير السياسي، وأوضح أنها “قادرة على الاحتجاج ولكن غير قادرة على البناء، حيث البناء بحاجة لبنى اجتماعية وسياسية قادرة على إيجاد صيغ ونظريات للحكم وبرامج سياسية”.
علوي المشهور | @alwi_999: "دول #الخليج لا توفر المساحة المناسبة للعمل السياسي المنظم، وهي لا زالت تتعامل مع فكرة إنشاء التنظيمات السياسية كأعمال مجرمة" pic.twitter.com/s6QbEblDm9
— مواطن (@MuwatinNet) February 23, 2022
كما حذر المشهور من خطورة ما أسماه “انغلاق الأفق السياسي” الذي يغلق الفرص والإمكانات أمام الجماعات السياسية المختلفة في تحقيق التغيير السياسي من خلال آليات النظام السياسي نفسه ما يؤدي بدوره إلى لجوئها إلى أساليب العنف والتطرف، وهو ما يحصل اليوم في العديد من الدول العربية، على حد تعبيره.
ودعا المشهور إلى “مد جسور التواصل مع الآخرين للعمل على أرضية مشتركة تكفل حق الجميع في المشاركة السياسية” حيث يكون التنافس بينها على أساس البرامج السياسية وليس على أسس قبلية أو طائفية أو دينية.
فيما أشار أستاذ علم النفس السياسي الاجتماعي د. بشار البغلي إلى أن الأنظمة السياسية ما زالت تحاول السيطرة على المعلومة والفكر عبر الرقابة على الإعلام والتي باتت غير مجدية في ظل تطور وسائل الاتصال والإعلام. كما شدد على أهمية وجود حرية الرأي والتعبير والفكر على تشكيل وعي سياسي قادر على بناء دولة المواطنة.
د. بشار البغلي | @critical_ideas: "الأنظمة السياسية #العربية بسياساتها السلبية، توصل رسالة إلى #الشباب، مفادها بأنه ليس من حقهم أن يفكروا أو يناقشوا أو ينتقدوا، وإذا تجرؤوا على ذلك فسيعاقبون" pic.twitter.com/JhNQv2BwHX
— مواطن (@MuwatinNet) March 18, 2022
وفيما يخص السؤال حول دور وسائل التواصل الاجتماعي في التأثير في الوعي السياسي لدى فئة الشباب أوضح البغلي أن المتابع للموضوعات والحوارات المطروحة في وسائل التواصل الاجتماعي اليوم سيرى أن ليس لديها سقف سياسي معين، وعلى الأنظمة أن تستوعب أنها في العام 2021 وعليها تغيير عقليتها إذ لا تستطيع الاستمرار في محاولة التحكم في المعلومة والرقابة على الأفكار في ظل هذا الانفتاح الرقمي.
بينما رأى كل من الخليفة والمشهور أن هناك عيوبًا وسلبيات في وسائل التواصل الاجتماعي وتأثيرها في الشأن السياسي لا بد من الانتباه لها. فأشار المشهور إلى أن المنصات الإلكترونية كمنصات خاصة مملوكة لشركات عابرة للقارات قد تعمل بين الحين والآخر على دفع المستخدمين نحو تلقي نوع معين من المحتوى بهدف التأثير في وعيهم، وعلى الإنسان أن يكون واعيًا وناقدًا لمثل هذا المحتوى، وأضاف: “هذه الشركات العابرة للقارات بدأت تمثل سلطة لدرجة أنها ممكن تعزل الرئيس الأمريكي من منصاتها، فإذا كانت قادرة على عزل رئيس أقوى دولة في العالم فما بالك بالمواطن العادي في أي مكان؟”.
وسائل التواصل الاجتماعي منصات مملوكة لشركات عابرة للقارات التي باتت تمثل سلطة قائمة بذاتها وهي المسيطر الفعلي على المحتوى المنشور في هذه المنصات. فهل يمكن التعويل عليها كبديل للعمل السياسي على الأرض؟
ومن جانبها شددت الخليفة أن بدايات وسائل التواصل الاجتماعي كانت إيجابية وكانت تمثل مساحات حرة خارجة سيطرة السلطة، ولكن “مع توالي السنوات امتدت سلطات الدولة إلى هذه المنصات وشرعت قوانين خاصة تستهدف الحد من الحريات في هذه الوسائل… وهي ليست بديلًا عن العمل السياسي على الأرض، هي مجرد وسيط أو وسيلة للتحشيد ولا تغني عن العمل الفعلي على الأرض.”