في ضوء استمرار المؤسسة الدينية في عمان في توسعة نفوذها داخل السلطة، تستمر السلطات الأمنية في تجاهل التزامات بلادها الدولية التي انضمت إليها عمان مؤخراً والتوصيات الدولية المتعلقة بمسؤوليات النظام العماني تجاه هذه المعاهدات وإصرارها على المضي في الأسلوب القمعي ذاته لحريات التعبير والرأي والمعاملة اللاإنسانية للمواطنين العمانيين.
عطفاً على تغطية “مواطن” ومتابعتها لقضية معتقلي التعبير في وسائل التواصل الاجتماعي المعروفة بمعتقلي مساحات غيث، والتي سبق لـ”مواطن” تغطيتها في تغطياتٍ سابقة، تقدم “مواطن” قصةً عن تطوراتٍ جديدةٍ في قضية المعتقلين الأربعة في القضية.
جلسة المحاكمة
وفق مصادر خاصة لـ “مواطن”، حددت السلطات يوم الـ 26 من أكتوبر الجاري موعداً لمحاكمة المتهمين الأربعة بتهمٍ مختلفة وجهت إليهم كما أفادت مصادرنا في تغطيةٍ سابقة. أبرز هذه التهم كانت ما بين جنحةٍ وجناية، منها المساس بالذات الإلهية والمساس بالقيم الدينية والدعوة للتجمع بهدف الإساءة للدين الإسلامي، الأمر الذي وصفته مصادر لمواطن سابقاً بأنه يؤكد على يد السلطة الدينية الطولى في عمان.
هذا ويواجه المتهمون الذين تم اعتقالهم خطر وقوع أحكامٍ قضائيةٍ تقضي بسجنهم وفق التهم المنسوبة إليهم لفتراتٍ تتفاوت بين ثلاث وعشر سنوات. هذا وما يزال المتهمون الأربعة ممنوعين من الحديث أو التواصل مع وسائل الإعلام.
تزامنت حملة الاعتقالات مع صدور كتاب المفتي العماني أحمد الخليلي الذي حمل عنوان “مصارع الإلحاد” والذي تمت مناقشته في إحدى مساحات النقاش التي كان يقيمها غيث الشبلي على منصة تويتر، ليتبع ذلك سلسلة اعتقالاتٍ طالت العديد من الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي.
خلف قفص الاتهام
مريم النعيمية، وهي أحدى الفتيات النسويات اللاتي كن يشاركن في مساحات النقاش على تويتر، أفادت مصادر لمواطن بأنه تم اقتحام شقتها وتفتيشها دون توجيه أمرٍ قضائيٍ إليها ليتم اعتقالها قسراً وتودع في السجن بعد أسبوعين من احتجاز غيث الشبلي. هي الأخرى لم تستطع التواصل مع وسائل الإعلام.
غيث الشبلي، مريم النعيمية، عبدالله المقبالي، وعلي مرهون الغافري هم المتهمون الأربعة الذين سيواجهون المحكمة في الـ 26 من أكتوبر الجاري حسب مصادرنا، إذ سبق اعتقالهم ضمن حملتي اعتقالٍ أغسطس الماضي، تم إخفاؤهم على إثرها لما يقارب خمسة وأربعين يوماً، واجهوا فيها ظروف اعتقالٍ لاإنسانية قبل أن يتم الإفراج المشروط عنهم لاحقاً.
تفيد مصادر “مواطن” عن تعرض المتهمين الأربعة لظروف احتجازِ لا إنسانية ومهينة، ابتداءً من اعتقالهم تعسفياً وإخفائهم قسرياً ثم حبسهم انفرادياً والإفراج عنهم لاحقاً بضمانات وكفالةٍ مالية وسحب وثائقهم ومنعهم من السفر خارج البلاد وإبقائهم تحت رقابة السلطات الأمنية حتى موعد المحاكمة.
هذا ويمثّل غيث الشبلي أمام المحكمة المحامي عبدالخالق المعمري، فيما تترافع المحامية بسمة الكيومي عن بقية المتهمين الثلاثة، مريم النعيمية، عبدالله المقبالي وعلي مرهون الغافري.
هذا وقد سبق أن انضمت سلطنة عمان في العام الماضي لاتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة والعهد الدولي للحقوق الاجتماعية والاقتصادية، إلا أنها لم تقدم أي مبادرات أو تعديلاتٍ قانونية داخلية تتواكب والمسؤوليات المترتبة عليها جراء انضمامها لهذه الاتفاقيات الدولية.
حكومة المملكة المتحدة كانت قد أحاطت السلطة العمانية بمجموعة من التوصيات مطلع العام الحالي، طالبتها فيها بالالتزام بمسؤولياتها تجاه الاتفاقيات التي انضمت إليها مؤخراً وتحقيق تغييراتٍ تمس حياة المواطن العماني، فضلاً عن مطالبتها إياها بالانضمام للعهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية الذي ما زلت عمان خارجه.
على الجهة الأخرى، يبدو بأن استمرار تضييق السلطات على مساحات التعبير المحدودة، التي يحاول بعض العمانيين ممارستها على وسائل التواصل الاجتماعي ومواجهة من يمارسها بقسوة السلطة، تظهر حقيقة نوايا النظام في عمان تجاه مطالب والتزامات التغيير أمام الداخل والخارج حسب حقوقيين عمانيين.