- أخجل عندما تسألني ابنتي عن سر ارتداء اللاعبين تلك الشارات الملونة.
- الشذوذ الجنسي ظاهرة لا تناسب الإسلام، وضد الفطرة، وضد الإنسانية.
- أكبر عقوبة حدثت في التاريخ وذكرها القرآن (قوم لوط).
- يقولون إن هذه الظاهرة عادية ولا تتحدث عنها لكن هذا مرفوض، ظاهرة دعم الشذوذ أصبحت فجة.
- دورنا كإعلام وشيوخ وعلماء أن نتصدى لتلك الظاهرة.
خمسة تصريحات غاضبة ومناهضة للمثلية الجنسية، وجهها محمد أبوتريكة، لاعب منتخب مصر والأهلي السابق والمحلل الرياضي حاليا بقنوات “بي إن سبورت” القطرية، خلال مشاركته في الأستوديو التحليلي لمباراة تشيلسي ضد مانشستر يونايتد في ختام الجولة الثالثة عشرة للدوري الإنجليزي الممتاز (البريميرليج).
تصريحات أبو تريكة جاءت رافضة للجولات الرسمية التي يدعم فيها الدوري الإنجليزي حقوق المثليين في الفترة بين 27 نوفمبر/تشرين الثاني و2 ديسمبر/كانون من خلال ارتداء اللاعبين شعارات تدعم المثليين مثل ربطة ذراع ودبابيس وأربطة حذاء بألوان قوس قزح، قائلًا: “حدث لي موقف بالأمس وأنا أشاهد مباراة ليدز يونايتد وبرايتون، وكانت ابنتي تجلس بجواري، سألتني ما هذه الألوان؟”.
وأضاف أبوتريكة الحائز على جائزة بي بي سي كأفضل لاعب في أفريقيا عام 2008: “بما أن كرة القدم تُشاهد في كل منزل، فمن الطبيعي أن تشرح الأمر وتكون صادقا. صحيح الدوري الإنجليزي هو الأقوى عالميا من الناحية الفنية، إنما هناك ظواهر لا تناسب عقيدتنا وديننا، أكبر عقوبة حدثت في التاريخ وذكرها القرآن (قوم لوط)”.
داعيًا اللاعبين العرب والمسلمين في الدوري الإنجليزي بعدم المشاركة مع ما يحدث من تأييد ومُساندة ظاهرة المثلية الجنسية التي وصفها بـ”الأيديولوجية الخطيرة”، ومحذرًا من خطورة تسلل ظاهرة دعم المثليين إلى المجتمعات العربية والإسلامية، مشيرا إلى أن قطر بصدد تنظيم كأس العالم 2022، وهو ما يستدعي أن تحترم الفرق والدول المشاركة عادات وتقاليد الدول العربية والإسلامية.
موقف أبوتريكة وتصريحاته المفاجأة أثارت جدلا واسعا وردود أفعال متباينة في الأوساط الرياضية والحقوقية وعلى منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام العربية والعالمية؛ فصرح المتحدث الرسمي للدوري الإنجليزي: “نحن بصدق نختلف مع آراء النقاد، يلتزم الدوري الإنجليزي وأنديته بدعم مجتمع المثلية الجنسية، وإيضاح أن كرة القدم للجميع”.
وانتقدت هيئة مكافحة التمييز (FARE)، في الاتحاد الدولي لكرة القدم الفيفا تصريحات أبوتريكة عبر حسابها الرسمي على موقع تويتر: “من المخيب للآمال أن نرى الأسطورة المصرية محمد أبوتريكة يتجاهل حملة قوس قزح في الدوري الإنجليزي (دعم المثلية)، ويستخدم المواقف الدينية للقيام بذلك، لقد حصل على مساحة لإنكار حقوق ووجود مجتمع دون اعتراض من بي إن سبورت“.
وأدانت منظمة “kick it out” لمكافحة التمييز تصريحات أبوتريكة، وقال كريس باوروس أحد أعضائها في تصريحات صحفية: “نشعر بخيبة أمل شديدة وقلقون للغاية لأن بي إن سبورت قررت أنه من المناسب بث خطاب الكراهية هذا بالكامل عبر منصتها، ونحثهم على إصدار اعتذار لمجتمع المثليين، وبصفتها منبرًا قطريًا، فإن استعداد بي إن سبورت لتضخيم رهاب المثلية بهذه الطريقة يسلط مزيدًا من التركيز على سلامة أفراد مجتمع المثليين، واللاعبين الذين قد يسافرون إلى قطر من أجل المشاركة في كأس العالم 2022، إلى جانب حرية القطريين من ذلك المجتمع”.
على الجانب الآخر حظي أبوتريكة بدعم كبير من الجماهير العربية عبر منصات التواصل الاجتماعي، مطالبين بضمان حقه في التعبير عن رأيه بحرية كاملة، معتبرين أن خطابه لم يتضمن تحريضًا على الكراهية، أما إدارة شبكة قنوات “بي إن سبورت” فلم يصدر منها حتى كتابة هذه السطور أي تعليق رسمي على تصريحات محللها الفني سواء بالدعم أو الإدانة.
لكن شبكة “ذا أثلتيك” الإنجليزية نشرت تصريحات خاصة منسوبة للمتحدث الرسمي لقنوات “بي إن سبورت” القطرية أكد فيها أن اللقطات التي تحدث فيها أبوتريكة عن معارضة المثلية الجنسية تجري مراجعتها داخليا بواسطة الإدارة، وأضاف: “بصفتنا مجموعة إعلامية عالمية، فإننا نمثل وندعم الأشخاص والمصالح من كل خلفية ولغة وتراث ثقافي لثلاث وأربعين دولة متنوعة بشكل كبير، مثلما نظهر كل يوم”.
بقدر ما تسببت تصريحات أبو تريكة في حالة من الجدل الواسع حول قضية المثلية الجنسية “الشذوذ الجنسي” كما وصفها اللاعب المصري؛ بقدر ما طرحت من العديد من الأسئلة الجوهرية حول مفهوم وماهية الحرية، وحقوق الإنسان، والديمقراطية، والهوية، والتعددية، وغيرها من الأفكار والرؤى والممارسات المعبرة عن بنية المجتمعات المعاصرة.
“أي حرية بتكون محدودة، وهذه الحدود تتشكل من القيم والمبادئ والأديان وعلاقات القوى المهيمنة في المجتمع، وهذا ينطبق على كل أنواع الحريات بلا استثناء وفي كل أنحاء العالم شرقا وغربًا، وانتصار وهيمنة نوع محدد من القيم أو الحرية، بالضرورة معناه تبديل قيم بقيم ومبادئ بأخرى، مما يعني حدوث صراع” يقول د. أحمد عبدربه الباحث الزائر ومدرس العلوم السياسية المقارنة بجامعة دنفر في الولايات المتحدة.
مشيرًا إلى أن هذا الصراع يمر بثلاث مراحل:
- مرحلة الحماية: بمعنى المجاهدة لمنع تعرض أعضاء مجتمع معين للاضطهاد.
- مرحلة التطبيع: بمعنى عدم الاكتفاء بحماية هذا المجتمع من الاضطهاد ولكن تقبل أطرافه بشكل طبيعي داخل المجتمع الأكبر.
- مرحلة الانتصار: بمعنى أن يتحول أعضاء هذا المجتمع من جماعة مضطهدة غير فاعلة إلى فاعلين ومؤثرين لفرض قيمهم كجزء من القيم المهيمنة في المجتمع.
وأضاف: “هذه المراحل تنطبق على كثير من الحريات مثل حريات المرأة، وحريات أصحاب البشرة السمراء، والحريات السياسية، الحريات الدينية ..الخ؛ وبالتالي لا يمكن النظر لأي خطاب له علاقة بانتقاد المثلية الجنسية؛ بوصفه تعبيرًا عن رهاب (هوموفوبيا) فقط، لكن هو أيضًا تعبير عن محاولة حماية قيم، أو ثقافة، أو هوية محددة. كذلك علينا إدراك أن العالم متغير، وطبيعة وثقافة الأجيال متغيرة، كل جيل يتبنى قيم متغيرة -وفي الأغلب الأعم- أكثر تقدمية/مرونة من قيم الأجيال الأكبر وهذا الكلام لا ينطبق على المثلية فقط لكن ينطبق على كل أنواع صراعات الحرية بمختلف مضامينها”.
موضحًا أنه من الضروري التفرقة بين أمرين وهما “الحق في الحرية، والحق في فرض نظام اجتماعي معين يعكس قيم هذه الحرية” بمعنى قد ترى بعض المجتمعات أن المثلية الجنسية حرية شخصية، ويجب حماية المثليين من التمييز والاضطهاد، لكن في الوقت نفسه تكون هذه المجتمعات ضد زواج المثليين والتطبيع مع فكرة استئجار الأرحام أو شراء/التبرع بالسائل المنوي والتبني …الخ، مشيرًا إلى أن “هذا الطرح لا يعد تناقضًا، بقدر ما يعبر عن درجة ما في مرحلة صراع القيم بين مرحلة الحماية من ناحية ومرحلتي التطبيع والانتصار من ناحية ثانية”.
في هذا السياق يرى الكاتب والباحث في علم النفس المقيم في لندن شادي لويس أن تصريحات أبوتريكة تضمنت بوضوح تحريضًا ضد المثليين عبر خطاب ديني يطالب بعقابهم بوصفهم تهديدًا للمجتمع، مشيرًا إلى أن “تصريحات أبو تريكة تتضمن العديد من الإشكاليات غير المفهومة بالنسبة لي، بداية من رغبته في فرض معاييره الأخلاقية على الدوري الإنجليزي، مرورًا بخطاب تحريضي واضح ضد المثليين؛ وصولًا لتشديده على مدى خطورة المثلية الجنسية على المجتمعات العربية، بينما الواقع عكس ذلك تمامًا”.
ويكمل لويس: “المجتمعات العربية مفرطة في تدينها وديكتاتوريتها؛ ففي المسافة الواقع بين كل مسجد وآخر يوجد زاوية للصلاة، وكذلك بين كل كنيسة وأخرى، فضلًا عن السطوة الأمنية ورجال المباحث المنتشرين في كل مكان، بما لا يسمح بوجود أي مساحة من الاختلاف، وفي ظل معاناة المثليين في المجتمعات العربية من تمييز واضطهاد على المستوى المجتمعي والقانوني والديني، يأتي خطاب أبو تريكة بمزيد من التحريض تجاههم”.
اقرأ أيضا: حقوق مجتمع الميم
وحول أصداء تصريحات أبو تريكة في الإعلام والمجتمع الإنجليزي يشير لويس إلى أن هناك تشريعات قانونية تحمي الاختلاف، وتجرم أي تمييز لفظي أو معنوي أو مؤسسي تجاه أي فرد بسبب جنسه أو لونه أو دينه “لذلك تعامل مجتمع كرة القدم، والمؤسسات المعنية بالحريات في إنجلترا مع تصريحات أبوتريكة بوصفها شكلًا من أشكال التهديد المجتمعي، لا يعبر عن موقفه الفردي، ولكن بقدر ما يعبر أيضًا عن المنصة الإعلامية القطرية التي أطلق منها تصريحاته، وهو ما ربطته وسائل الإعلام الغربية باستضافة قطر لكأس العالم”.
يعد محمد أبوتريكة أحد أبرز لاعبي كرة القدم في تاريخ مصر ويحظى بجماهيرية كبيرة في العالم العربي، ويقيم حاليا في قطر، وحصد الكثير من الألقاب مع ناديه الأهلي ومنتخب بلاده، قبل أن يعتزل في 2013، كما عرف بمواقفه السياسية لرابطة الألتراس من مشجعي النادي الأهلي، ولحقوق الشعب الفلسطيني، وقد أدرجت السلطات المصرية اسم أبوتريكة على “قائمة الإرهاب” عام 2017، بدعوى دعمه لجماعة الإخوان المسلمين.